الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السماوات السبع إلى سدرة المنتهى إلى حيث شاء الله بعد الإسراء به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، حال كون العروج الذي جزمت به مثل الذي رواه أهل الحديث والتفسير والسير. وقد استغنى الناظم بذكر المعراج عن الإسراء لشهرة إطلاق أحد الاسمين على ما يعم مدلوليهما، وهو سيره صلى الله عليه وسلم ليلاً إلى أمكنة مخصوصة على وجه خارق للعادة. والحق أنه كان يقظة روحاً وجسداً خلافاً لمن قصره على المنام، والإسراء ثابت بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، فمن أنكره كفر، وأما المعراج فثابت بالأحاديث المشهورة من المسجد الأقصى إلى السماوات السبع، ومنها إلى الجنة، ثم إلى المستوى أو العرش وبخير الواحد، لذا لا يكفر منكره بل يفسق. والتحقيق أنه لم يصل إلى العرش.
الإسراء بالروح وبالجسد:
وقال الدكتور البوطي:
كان الإسراء والمعراج بكل من الروح والجسد معاً. على ذلك اتفق جمهور المسلمين من المتقدمين والمتأخرين. قال النووي في شرح مسلم ما نصه:
والحق الذي عليه أكثر الناس ومعظم السلف وعامة المتأخرين من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين أنه أُسري بجسده صلى الله عليه وسلم، والآثار تدل عليه لمن طالعها وبحث عنها، ولا يعدل عن ظاهرها إلا بدليل ولا استحالة في حملها عليه فيحتاج إلى تأويل.
ويقول ابن حجر في شرحه على البخاري: إن الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسده وروحه، وإلى هذا ذهب الجمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة، ولا ينبغي العدول عن ذلك إذ ليس في العقل ما يحيله حتى يحتاج إلى تأويل.
ومن الأدلة التي لا تقبل الاحتمال على أن الإسراء والمعراج كانا بالجسد والروح، ما ذكرنا من استعظام مشركي قريش لذلك، وتعجبهم للخبر وسرعة تكذيبهم له. إذ لو كانت المسألة مسألة رؤيا وكان إخباره إياها لذلك على هذا الوجه، لما استدعى الأمر منهم أي
تعجب أو استعظام أو استنكار، لأن المرئيات في النوم لا حدود لها، بل ويجوز مثل هذه الرؤيا حينئذ على المسلم والكافر، ولو كان الأمر كذلك لما سألوه أيضاً عن صفات بيت المقدس وأبوابه وسواريه بقصد الإلزام والتحدي.
أما كيف تمت هذه المعجزة وكيف يتصورها العقل فكما تتم كل معجزة غيرها من معجزات الكون والحياة! .. لقد قلنا آنفاً أن كل مظاهر هاذ الكون ليست في حقيقتها إلا معجزات، فكما تتصورها العقول في سهولة ويسر يمكن لها أن تتصور هذه أيضاً في سهولة ويسر. وقال الدكتور البوطي:
احذر وأنت تبحث عن قصة الإسراء والمعراج أن تركن إلى مايسمى بـ (معراج ابن عباس) فهو كتاب ملفق من مجموعة أحاديث باطلة لا أصل لها ولا سند. أهز
قلت: وبعضها صحيح، إلا أن التمييز عسير على غير أهل العلم.
وسنسرد هنا الروايات دون توقف؛ لأن الحادثة وما جرى فيها من أمر الغيب الذي يجب الإيمان به والتسليم. ومما يضيء لنا فهم بعض النصوص أن نعرف أن هناك اتجاهاً يقول: إن حادثة الإسراء قد تكررت وأن حادثة المعراج قد تكررت، وهناك اتجاه يقول: إنه دق كان بين يدي المعراج رؤيا مهدت له ووطأت، وبذلك يجمع بين النصوص.
ولقد كان الإسراء على البراق، أما المعراج فهناك قولان فيه فبعضهم ذهب أنه كان على البراق، وبعضهم ذهب إلى أنه نصب شيء فكان العروج عليه.
146 -
روى ابن حبان عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيتُ ليلة أُسري بي رجالاً تُقرضُ شفاههم بمقاريض من النار، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: الخطباء من أمتك الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون"
146 - ابن حبان: موارد الظمآن (39) رقم 25. وأخرجه البيهقي وهو صحيح.
147 -
* روى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما كان ليلة أُسري بي وأصبحتُ بمكة فَظِعْتُ بأمري، وعرفتُ أن الناس مُكذبيِّ، فقعدتُ معتزلاً حزيناً"، فمر به عدو الله أبو جهلٍ، فجاء حتى جلس إليه فقال له كالمستهزئ: هل كان من شيءٍ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم" قال: وما هو؟ قال: "إنه أُسري بي الليلة" قال: إلى أين؟ قال: "إلى بيت المقدس" قال: ثم أصبحت بين ظاهرنينا؟ قال: "نعم" فلم ر أنه يُكذبه، مخافة أن يجحده الحديث إذا دعا قومه إليه، قال: أرأيت إن دعوت قومك أتُحدثهم ما حدثتني؟ قال: "نعم" قال: هيا معشر بني كعب بن لؤي حتى قال: فانتقضت إليه المجالس وجاءوا حتى جلسوا إليهما قال: حدث قومك بما حدثتني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إني أُسري بي الليلة" قالوا: إلى أين؟ قال: "إلى بيت المقدس" قالوا: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: "نعم" قال: فمن بين مصفقٍ ومن بين واضعٍ يده على رأسه متعجباً للكذب - زعم - قالوا: وهل تستطيع أن تنعت لنا المسجد؟ وفي القوم من قد سافر إلى ذلك البلد ورأى المسجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فذهبتُ أنعت فما زلت انعت حتى التبس عليَّ بعض النعت قال: فجيء بالمسجد وأنا أنظر حتى وُضِعَ دون دار عقاب أو عقيل فنعتهُ، وأنا أنظرُ إليه قال: وكان مع هذا نعتٌ لم أحفظهُ" قال: فقال القوم: أما النعت فوالله لقد أصاب.
148 -
* روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليلة
147 - أحمد في مسنده (1/ 309) والبزار: كشف الأستار (1/ 46)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 65) وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح.
فظعت بأمري: أي: اشتد علي رهبته.
148 -
البخاري (6/ 476) 60 - كتاب أحاديث الأنبياء - 48 - باب: قول الله تعالى: (اذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها).
ومسلم (1/ 154)، 1 - كتاب الإيمان - 74 - باب: الإسراء برسول الله إلى السماوات وفرض الصلاة.
والترمذي (5/ 300) 40 - كتاب التفسير - 18 - باب: ومن سورة بني إسرائيل.
مُضطربُ: رجل مضطرب الخلقة، يجوز أن يريد به: أنه غير متناسب الخلقة، وأن أعضاءه متباينة، لكنه قال في حديث آخر في صفة موسى عليه السلام:"إنه ضربٌ من الرجال" والضرب: الرفيق، فيجوز على هذا أن =
أُسري به لقيتُ موسى، قال: فنعتهُ فإذا رجلٌ - حسبتهُ قال: مُضطربٌ - رَجِلُ الرأس، كأنه من رجال شنوءةَ، قال: ولقيتُ عيسى، فنعته النبي صلى الله عليه وسلم، ربعةً أحمرُ كأنما خرج من ديماسٍ - يعني: الحمام - ورأيت إبراهيم، وأنا أشبهُ ولده به، قال: وأتيتُ بإناءين أحدهما لبنن والآخر فيه خمرٌ، فقيل لي: خُذ أيهما شئت، فأخذتُ اللبن فشربته، فقيل لي: هُديت الفطرة - أو أصبت الفطرة - أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمكت".
وفي رواية نحوه، وفيه:"فإذا موسى، ضربٌ من الرجال، كأنه من رجال شنوءةَ".
في رواية لمسلم (1) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد رأيتني في الحجر، وقريش تسألني عن مسراي؟ فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكُربتُ كُربة ما كُربت مثلها قط، قال: فرفعه الله لي، أنظر إليه، ما يسألوني عن شيء إلا انبأتهم به، وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء، فإذا موسى قائم يصلي، فإذا رجل ضربٌ جعدٌ كأنه من رجال شنوءة، وإذا عيسى بن مريم قائم يصلي، أقربُ الناس به شبهاً عروة بن مسعودٍ الثقفي، وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يُصلي، أشبه الناس به: صاحبُكم - يعني نفسه فحانت لصلاة فأممتُهُم، فلما فرغت من الصلاة قال قائل: يا محمدُ هذا مالك صاحب النار، فسلم عليه، فالتفت إليه، فبدأني بالسلام".
= يكون قوله: "مضطرب" أنه مُفتعل من الضرب، أي: أنه مستدق، والله أعلم. ديماس: الديماسُ في اللغة الظلمة، ويسمى الكن ديماساً، والسرب ديماساً، وقد جاء في بعض طرق الحديث مفسراً بالحمام، ولم أره في اللغة، وقال الجوهري في كتاب (الصحاح) في تفسير الحديث: إنه أراد به: الكن، وكذلك قال الهروي: أراد به الكِن أو الشرب. الفطرة: الخلقة، والفطرة. الإسلام. غوت: الغيُّ: الضلال، وهو ضد الرشاد.
(1)
مسلم (1/ 156) 1 - كتاب الإيمان - 76 - باب: ذكر المسيح بن مريم والمسيح الدجال.
149 -
* روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتيتُ على موسى ليلة أُسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يُصلي في قبره".
150 -
* روى عبد الله بن أحمد عن أبي بن كعب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: طفُرج سقفُ بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل عليه السلام ففرج صدري ثم غسله من ماء زمزم، ثم جاء بطستٍ من ذهب ممتلئٍ حكمة وإيماناً فأفرغها في صدري ثم أطبقه ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء فلما جاء السماء الدنيا فافتتح، قال: من هذا؟ قال: جبيل، قال: هل معك أحد: قال: نعم، معي محمدٌ: قال أُرسل إليه، قال: نعم فافتح، فلما علونا السماء الدنيا إذا رجلٌ عن يمينه أسودة، وعن يسارة أسودة، وإذا نظر قبل يمينه تبسمن وإذا نظر قبل يساره بكى، قال: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح، قال: قلتُ لجبريل عليه السلام: م هذا؟ قال هذا آدم وهذه الأسودةُ عن يمينه وشماله نسمُ بنيه فأهل اليمين هم أهل الجنة والأسودةُ التي عن شماله أهل النار فإذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى، قال: ثم عرج بي جبريل حتى جاء السماء الثانية فقال لخازنها: افتح، فقال له خازنُها مثل ما قال خازن سماء الدنيا ففتح له".
151 -
* روى الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما أُسري بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يتحدثُ الناس بذل، فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه وسعوا بذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنهُ
149 - مسلم (4/ 1845) 43 - كتاب الفضائل - 42 - باب من فضائل موسى عليه السلام.
والنسائي (2/ 215)، كتاب قيام الليل، باب: ذكر صلاة نبي الله موسى عليه السلام.
الكثيب: الرمل المرتفع المستطيل المحدودب.
150 -
المسند (5/ 142). مجمع الزوائد (1/ 66) وقال: رواه عبد الله من زياداته على أبيه ورجاله رجال الصحيح.
أسودة: جمع قلة لسواد وهو الشخص لأنه يرى من بعيد أسود.
151 -
المستدرك (3/ 62) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
أُسري به الليلة إلى بيت المقدس وقال: أو قال ذلك قالوا: نعم. قال لئن كان قال ذلك لقد صدق. قالوا: أو تُصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت لمقدس وجاء قبل أن يُصبح؟ قال. نعم إني لأصدقه فيما هو أبعدُ من ذلك أصدقهُ بخبر السماء في غدوةٍ أو روحةٍ فلذلك سُمي أبو بكر الصديق.
152 -
* روى الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقيتُ إبراهيم ليلة أُسري بي، فقال: يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم: أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر".
153 -
* روى مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى، وهي في السماء السادسة، إليها ينتهي ما يُعرجُ به من الأرض فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيُقبض منها - قال {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} (1) قال: فراشٌ من ذهبٍ، قال: فأُعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً: أُعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغُفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئاً المقحماتُ.
وفي رواية الترمذي (2) قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى، قال: انتهى إليها ما يعرجُ من الأرض وما ينزلُ من فوقٍ، فأعطاه الله عندها ثلاثاً، لم يعطهن نبياً كان قبله: فُرضت عليه الصلاة خمساً، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغفر لأمته المقحمات
152 - الترمذي (5/ 510) 49 - كتاب الدعوات - باب: 59. وحسنه وهو كما قال (م).
قيعان: جمع قاع، وهو المكان المستوي الواسع فيوطاءٍ من الأرض يعلوهُ ماء السماء فيمسكه ويستوي نباته، ويجمع القاعُ: قيعة، وقيعاناً. غراسها: الغراس: مصدر غرست الشجرة غرساً وغراساً: إذا نصبتها في الأرض.
153 -
مسلم (1/ 157) 1 - كتاب الإيمان (76) - باب في ذكر سدرة المنتهى. والنسائي (1/ 222).
فراش من ذهب: الفراش: هذا الحيوان الذي يرمي نفسه في النار وضوء السراج. المقحمات: هي الذنوب التي تقحم صاحبها في النار، أي: تلقيه فيها.
(1)
النجم: 16.
(2)
الترمذي (5/ 292) 48 - كتاب تفسير القرن - 54 - باب: ومن سورة النجم قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
ما لم يشركوا بالله شيئاً. قال ابن مسعود: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} قال: السدرة في السماء السادسة، قال سفيان: فراشُ من ذهبٍ، وأشار سفيان بيده فأرعدها.
وفي رواية "إليها ينتهي علمُ الخلق، لا علم لهم بما فوق ذلك".
جاء في هذه الرواية أن سدرة المنتهى في السماء السادسة، وهذا خلاف المشهور.
قال الحافظ ابن حجر:
وقال القرطبي في (المفهم): ظاهر حديث أنس أنها في السابعة لقوله بعد ذكر السماء السابعة "ثم ذهب بي إلى السدرة" وفي حديث ابن مسعود أنها في السادسة، وهذا تعارض لا شك فيه، وحديث أنس هو قول الأكثر، وهو الذي يقتضيه وصفها بأنها التي ينتهي إليها علم كل نبي مرسل وكل ملك مقرب على ما قال كعب، قال: وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله أو من أعلمه، وبهذا جزم إسماعيل بن أحمد، وقال غيره: إليها منتهى أرواح الشهداء، قال: ويترجح حديث أنس بأنه مرفوع، وحديث ابن مسعود موقوف، كذا قال.
154 -
* روى البزار والطبراني عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينا أنا قاعد إذ جاء جبريل عليه السلام، فوكر بين كتفي فقُمتُ إلى شجرة فيه كوكري الطير فقعد في أحدهما وقعدت في الآخر، فسمت وارتفعتْ حتى سدت الخافقين وأنا أقلب طرفي ولو شئت أن أمس السماء لمستُ، فالتفت إلى جبريل كأنه حلسُ لاطئ فعرفت فضل علمه بالله عليَّ وفُتح باب من أبواب السماء ورأيت النور الأعظم، وإذا دون الحجاب رفرفة الدُّر والياقوت فأوحي إلي ما شاء أن يُوحى".
155 -
* روى البخار يعن قتادة بن دعامة: عن أنس عن مالك بن صعصعة: أن نبي
154 - البزار: كشف الأستار (1/ 47).
مجمع لزوائد (1/ 75) وقال: رواء البزار والطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح.
لاطئ: لطأ بالشيء لطئاً: لزرق. الحلس: ما ولي ظهراً لدابة والقتب والسرج، وما يبسط في البيت من حصيرة ونحوه، ويقال هو حلس بيته: لا يبرحه.
155 -
البخاري (7/ 201) 63 - كتاب مناقب الأنصار - 42 - باب المعراج.
الله صلى الله عليه وسلم حدثه عن ليلة أُسري، قال: "بينما أنا في الحطيم - وربما قال: في الحِجر - مُضطجعاً - إذ أتاني آتٍ فقد - فقال: وسمعته يقول: فشق - ما بين هذه إلى هذه، فقلت للجارود، وهو إلى جنبي: ما يعني به؟ قال: من ثغرة نحره إلى شعرته، وسمعته يقول: من قصه إلى شعرته، فاستخرج قلبي، ثم أُتيتُ بطستٍ من ذهب مملوءةٍ إيماناً، فغُسل قلبي، ثم حُشي، ثم أعيد، ثم أتيتُ بدابةٍ، دون البغل وفوق الحمار أبيض، فقال له الجارود: هو البراق يا أبا حمزة؟ فقال أنس: نعم يضع خطوهُ عند أقصى طرفه، فحملتُ عليه، فانطلق بين جبريل حتى أتى السماء الدنيا، فاستفتح، فقيل: منْ هذا؟ قال: جبريلُ، قيل: ومَنْ معك؟ قال: محمدٌ، قيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به، فنعم المجيءُ جاء، ففتح، فلما خلصتُ، فإذا فيها آدمُ، فقال: هذا أبوك آدم، فسلم عليه، فسلمتُ عليه، فرد السلام، وقال: مرحباً بالابن الصالح، والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قال: ومن معك؟ قال: محمدٌ، قيل وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به، فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصتُ، فإذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة، قال: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت، فرداً، ثم قالا: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح، قيل من هذا؟ قال: جبريلُ، قيل: ومَنْ
= إذ أتاني آت: هو جبريل عليه السلام. ثغرة النحر: الثغرة: النقرة التي بين الترقوتين. القص: رأس الصدر، وقيل: وسطه.
قال الحافظ في الفتح: قوله "إيماناً" زاد في بدء الخلق "وحكمة" وهما بالنصب على التمييز، قال النووي: معناه أن الطست كان فيها شيء يحصل به زيادة كمال الإيمان وكمال الحكمة وهذا الملء يحتمل أن يكون على حقيقته، وتجسيد المعاني جائز كما جاء أن سورة البقرة تجيء يوم القيامة كأنها ظلة، والموت في صورة كبش، وكذلك وزن الأعمال وغير ذلك من أحوال الغيب. وقال البيضاوي: لعل ذلك من باب التمثيل، إذ تمثيل المعاني قد وقع كثيراً، كما مثلت له الجنة والنار في عرض الحائط، وعائدته كشف المعنوي بالمحسوس. وقال ابن أبي حمرة: فيه أن الحكمة ليس بعد الإيمان أجل منها، ولذلك قرنت معه، ويؤيده قوله تعالى:(ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيرا) وأصح ما قيل في الحكمة أنها وضع الشيء في محله، أو الفهم في كتاب الله، فعلى التفسير الثاني قد توجد الحكمة دون الإيمان وقد لا توجد، وعلى الأول فقد يتلازمان لأن الإيمان يدل على الحكمة. أهـ.
معكَ؟ قال: محمدٌ، قيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به، فنِعْمَ المجيء جاء، فلما خلصتُ، إذا يوسفُ (1)، قال: هذا يوسفُ فسلم عليه، فسلمتُ عليه، فردٌ، ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل ومن معك؟ قال: محمدٌ، قيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصتُ، فإذا إدريسُ، قال: هذا إدريسُ فسلم عليه، فسلمتُ عليه، فردَّ، ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي، حتى أتى السماء الخامسة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمدٌ، قيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم قيل: مرحباً به، فنعم المجيء جاء، فلما خلصتُ، فإذا هارونُ، قال: هذا هارون فسلم عليه، فسلمتُ عليه، فردَّ، ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد حتى أتى السماء السادسة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريلُ، قيل: ومن معك؟ قال: محمدٌ، قيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم قيل: مرحباً به، فنعم المجيء جاء، فلما خلصتُ، فإذا موسى، قال: هذا موسى فسلم عليه، فسلمتُ عليه، فرد، ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، فلما تجاوزت بكى، قيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي، لأن غُلاماً بُعِثَ بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي، ثم صعد بي إلى السماء السابعة، فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: جبريلُ، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بُعِثَ إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً
(1) قال الحافظ في الفتح: قوله "فلما خلصت إذا يوسف" زاد مسلم في رواية ثابت عن أنس: "فإذا هو قد أُعطى شطر الحسن" وفي حديث أبي سعيد عند البيهقي وأبي هريرة عند ابن عائذ والطبراني: "فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله، قد فضل الناس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب" وهذا ظاهره أن يوسف عليه السلام كان أحسن من جميع الناس، لكن روى الترمذي من حديث أنس: ما بعث الله نبياً إلا حسن الوجه حسن الصوت وكان نبيكم أحسنهم وجهاً وأحسنهم صوتاً، فعلى هذا يحمل حديث المعراج على أن المراد غير النبي صلى الله عليه وسلم، ويؤيده قول من قال: إن المتكلم لا يدخل في عموم خطابه، وأما حديث الباب فقد حمله ابن المنير على أن المراد: أن يوسف أعطي شطر الحسن الذي أوتيه نبينا صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
به، ونعم المجيء جاء، فلما خلصتُ، فإذا إبراهيمُ، قال: هذا أبوك، فسلم عليه، فسلمتُ عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم رُفعتُ إلى سدرة المنتهى فإذا نبقُها مثل قِلال هَجَرَ، وإذا ورقُها مثل آذان الفيلة، قال: هذه سدرة المنتهى، فإذا أربعة أنهارٍ: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فقلتُ: ما هذان يا جبريل؟ قال: أما الباطنان، فنهران في الجنة، وأما الظاهران، فالنيل والفرات (1)، ثم رُفع إلى البيت المعمورُ، ثم أتيتُ بإناء من خمر وإناء من لبن، وإناء من عسل، فأخذتُ اللبن، فقال: هي الفطرة التي أنت عليها وأمتكَ، قال: ثم فُرضت عليّ الصلاة، خمسين صلاة كل يوم، فرجعتُ فمررت على موسى، فقال: بم أُمرت؟ قلت: أمرتُ بخمسين صلاة كل يومٍ، قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني والله قد جربتُ الناس قبلك، وعالجتُ بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجعتُ فوضع عني عشراً، فرجعتُ إلى موسى، فقال مثله، فرجعتُ، فوضع عني عشراً، فرجعت إلى موسى، فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشراً، فرجعت إلى موسى، فقال مثله، فرجعت فأمرتُ بعشر صلواتٍ كل يومٍ، فرجعتُ فقال مثله، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يومٍ، قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلواتٍ كل يومٍ، وإني قدْ جربت الناس قبلكن وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف لأمتك، قال: سألت ربي حتى استحييتُ، ولكن أرضى وأُسلمُ، فلما جاوزتُ، نادى منادٍ: أمضيتُ فريضتي، وخففتُ عن عبادي".
= نبقها مثل قلال هجر: النبق: معروف، راد: ثمرة سدرة المنتهى، و"القلال" جمع قُلة، وهي الحُبَّ يسع مرادة من الماء، ونُسبت إلى "هجر" لأنها تعرف بها. سدرة المنتهى: السدر: شجر النبق، وأما سدرة المنتهى، فهي شجرة في أقصى الجنة، إليها ينتهي علم الأولين والآخرين.
(1)
قال القرطبي "وقيل إنما أطلق على هذه الأنهار أنها من الجنة تشبيهاً لها بأنهار الجنة لما فها من شدة العزوبة والحسن والبركة.
وفي رواية (1): بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان"، وفيه: "ثُم غُسِلَ البطنُ بماء زمزم، ثم مُليء حكمة وإيماناً" وفيه:"فرفع لي البيتُ المعمورُ، فسألتُ جبريل؟ فقال: هذا البيت المعمور، يُصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم" وفي آخره "وخففتُ عن عبادي، وأجزي بالحسنة عشراً".
وفي أخرى (2): "بينا أنا عند البيت، بين النائم واليقظان، إذ سمعت قائلاً يقول: أحد الثلاثة، بين الرجلين، فأتيتُ، فانطلق بي، فأتيت بطست من ذهب، فيها من ماء زمزم، فشُرح صدري إلى كذا وكذا - يعني إلى أسفل بطنه".
وفي أخرى (3): " فأُتيت بطستٍ من ذهب ممتلئ حكمة وإيماناً، فشق من النحر إلى مراق البطن، فغُسل بماء زمزم".
وأخرجه النسائي (4) ينحوه بمعناه وأخصر منه، وهذا أتم وأطول.
وأخرجه الترمذي (5) إلى قوله: "فغسله بماء زمزم، ثم أعيد مكانه، ثم حُشي إيماناً وحكمة"، قال الترمذي: وفي الحديث قصة طويلة، ولم يذكرها.
قال الحافظ في الفتح: وقد استنكر بعضهم وقوع شق الصدر ليلة الإسراء وقال: إنما كان ذلك وهو صغير في بني سعد، ولا إنكار في ذلك، فقد تواردت الروايات به، وثبت شق الصدر أيضاً عند البعثة كما أخرجه أبو نعيم في (الدلائل) ولكل منهما حكمة فالأول وقع فيه من الزيادة كما عند مسلم من حديث أنس "فأخرج علقة فقال: هذا حظ الشيطان
(1) للبخاري (6/ 302) 59 - كتاب بدء الخلق - 6 - باب: ذكر الملائكة.
(2)
لمسلم (1/ 150) 1 - كتاب الإيمان - 74 - باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
(3)
لمسلم (1/ 151) 1 - كتاب الإيمان - 74 - باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات.
(4)
النسائي (1/ 217) كتاب الصلاة، باب فرض الصلاة.
(5)
الترمذي (5/ 442) 48 - كتاب التفسير - 83 - باب: ومن سورة ألم نشرح، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
منك" وكان هذا في زمن الطفولة فنشأ على أكمل الأحوال من العصمة من الشيطان، ثم وقع شق الصدر عند البعث زيادة في إكرامه؛ ليتلقى ما يوحى إليه بقلب قوي في أكمل الأحوال من التطهير، ثم وقع شق الصدر عند إرادة العروج إلى السماء؛ ليتأهب للمناجاة، ويحتمل أن تكون الحكمة في هذا الغسل؛ لتقع المبالغة في الإسباغ بحصول المرة الثالثة كما تقرر في شرعه صلى الله عليه وسلم. ويحتمل أن تكون الحكمة في انفراج سقف بيته الإشارة إلى ما سيقع من شق صدره وأنه سيلتئم بغير معالجة يتضرر بها، وجميع ما ورد من شق الصدر واستخراج القلب وغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة مما يجب التسليم له دون التعرض لصرفه عن حقيقته، لصلاحية القدرة فلا يستحيل شيء من ذلك، قال القرطبي في (المفهم): لا يلتفت لإنكار الشق ليلة الإسراء لأن رواته ثقات مشاهير.
ثم قال: وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم: أن للسماء أبواباً حقيقة وحفظة موكلين بها، وفيه إثبات الاستئذان، وأنه ينبغي لمن يستأذن أن يقول: أنا فلان، ولا يقتصر على (أنا) لأنه ينافي مطلوب الاستفهام، وأن المار يسلم على القاعد وإن كان المار أفضل من القاعد، وفيه استحباب تلقي أهل الفضل بالبشر والترحيب والثناء والدعاء، وجواز مدح الإنسان المأمون عليه الافتتان في وجهه، وفيه جواز الاستناد إلى القبلة بالظهر وغيره مأخوذ من استناد إبراهيم إلى البيت المعمور وهو كالكعبة في أنه قبلة من كل جهة، وفيه جواز نسخ الحكم قبل وقوع الفعل، وقد سبق البحث فيه في أول الصلاة، وفيه فضل السير بالليل على السر بالنهار لما وقع من الإسراء بالليل، ولذلك كانت أكثر عبادته صلى الله عليه وسلم بالليل، وكان أكثر سفره صلى الله عليه وسلم بالليل، وقال صلى الله عليه وسلم "عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى باللي" وفيه أن التجربة أقوى في تحصيل المطلوب من المعرفة الكثيرة، يستفاد ذلك من قول موسى عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم أنه عالج الناس قبله وجربهم، ويستفاد منه تحكيم العادة، والتنبيه بالأعلى على الأدنى لأن من سلف من الأمم كانوا أقوى أبداناً من هذه الأمة، وقد قال موسى في كلامه إنه عالجهم على أقل من ذلك فما وافقوه، أشار إلى ذلك ابن أبي جمرة قال: ويستفاد منه أن مقام الخلة مقام الرضا والتسليم، ومقام التكليم مقام الإدلال والانبساط، ومن ثم استبد موسى بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بطلب التخفيف دون إبراهيم عليه
السلام، مع أن للنبي صلى الله عليه وسلم من الاختصاص بإبراهيم أزيد مما له من موسى لمقام الأبوة ورفعة المنزلة والاتباع في الملة، وقال غيره: الحكمة في ذلك ما أشار إليه موسى عليه السلام في نفس الحديث من سبقه إلى معالجة قومه في هذه العبادة بعينها وأنهم خالفوه وعصوه، وفيه أن الجنة والنار قد خلقنا، لقوله في بعض طرقه التي بينتها "عرضت على الجنة والنار" وفيه استحباب الإكثار من سؤال الله تعالى وتكثير الشفاعة عنده، لما وقع منه في إجابته مشورة موسى في سؤال التخفيف، وفيه فضيلة الاستحياء، وبذل النصيحة لمن يحتاج إليها وإن لم يستشر الناصح في ذلك. أهـ.
156 -
* روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أبو ذر يحدث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: "فُرج سقفُ بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل عليه السلام، ففرج صدري، ثم غسله من ماء زمزم، ثم جاء بطستٍ من ذهب ممتلئ حكمةً وإيماناً، فأفرغها في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي، فعرج بي إلى السماء، فلما جئنا السماء الدنيا قال جبريل عليه السلام لخازن السماء الدنيا: افتح، قال: من هذا؟ قال: هذا جبريل، قال: هل معك أحدٌ؟ قال: نعم، معي محمد صلى الله عليه وسلم، قال: فأُرسل إليه؟ قال: نعم، ففتح، قال، فلما علوْنا السماء الدنيا فإذا رجلٌ عن يمينه أسودة، وعن يساره أسودةٌ، قال: فإذا نظر قِبَلَ يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى، قال: فقال: مرحباً بالنبي الصالح، والابن الصالح، قال: قلتُ: يا جبريلُ من هذا، قال: هذا آدمُ عليه السلام وهذه الأسودةُ عن يمينه وعن شماله نسمُ بنيه، فأهلُ اليمين أهلُ الجنة، والأسودةُ التي عن شماله أهلُ النار، فإذا نظر قِبَلَ يمينه ضحكَ، وإذا نظر
156 - مسلم (1/ 148) 1 - كتاب الإيمان - 74 - باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات.
والبخاري (1/ 458). 8 - كتاب الصلاة - 1 - باب: كيف فرضت الصلوات في الإسراء؟
الأسوِدة: جمع سواد، والسواد: الشخص، إنساناً كان أو غيره، أراد: وحوله أشخاص، نسم بنيه: النسم جمع نسمة، وهي كل شيء فيه روح، وقيل:(النسمة) النفس والروح.
ظهرتُ لمستوى: أي: علوت وارتفعت، وصرتُ على ظهره، والمستوى: المكان المستوي، صريف الأقلام: الصريف: الصوت، ومنه: صريف البكرة، وصريف ناب البعير، الجنابذ: القصور.
قِبَلَ شماله بكى، قال: ثم عرج بي جبريلٌ، حتى أتى السماء الثانية، فقال لخازنها: افتحْ، قال: فقال له خازنُها مثلَ ما قال خازنُ السماء الدنيا، ففتح". فقال أنس بن مالك: فذكر أنه وجد في السماوات آدم وإدريس وعيسى وموسى وإبراهيم صلوات الله عليهم أجمعين.
ولم يثبتْ كيف منازلهم، غير أنه ذكر أنه قد وجد آدم عليه السلام في السماء الدنيا، وإبراهيم في السماء السادسة - قال:"فلما مر جبريل ورسول الله بإدريس صلوات الله وسلامه عليه، قال: مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح، قال: ثم مر، فقلتُ: من هذا؟ قال: هذا إدريسُ، قال: ثم مررتُ بموسى عليه السلام، فقال: مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح، قال: قلتُ: من هذا؟ قال: هذا موسى، ثم مررت بعيسى، فقال: مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح، قال: قلتُ من هذا؟ قال: هذا عيسى بن مريم، قال: ثم مررت بإبراهيم عليه السلام، فقال: مرحباً بالنبي الصالح، والابن الصالح، قال: قلتُ: من هذا؟ قال إبراهيمُ".
قال ابن شهاب: وأخبرني ابن حزم، أن ابن عباس وأبا حبة الأنصاري كانا يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثم عرج بي حتى ظهرتُ لمستوى أسمعُ فيه صريف الأقلام".
قال ابن حزم وأنس بن مالك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ففرض الله على أمتي خمسين صلاة، قال: فرجعت بذلك، حتى أمُرُّ بموسى، فقال موسى عليه السلام: ماذا فرض ربك على أمتك؟ قال: قلت: فرض عليهم خمسين صلاة، قال لي موسى عليه السلام: فراجع ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، قال: فراجعت ربي، فوضع شطرها، قال: فرجعتُ إلى موسى فأخبرته، قال: راجع ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، قال: فراجعتُ ربي، فقال: هي خمس، وهي خمسون لا يبدل القول لدي، قال: فرجعتُ إلى موسى، فقال: راجع ربك، فقلتُ: قد استحييت من ربي، قال: ثم انطلق بي جبريل حتى
نأتي سدرة المنتهى، فغشيها ألوان، لا أدري ما هي؟ قال: ثم أدخلتُ الجنة، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، وإذا تُرابها المسك".
157 -
* روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (1). قال: رأى جبريل عليه السلام.
158 -
* روى البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} (2)، وفي قوله تعالى:{مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} (3)، وفي قله تعالى:{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} (4).
قال فيها كلها: رأى جبريل عليه السلام، له ستمائة جناح - زاد في قوله تعالى:{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} أي: جبريل في صورته. كذا عند مسلم.
وعند البخاري في قوله تعالى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا
157 - مسلم (1/ 158) 1 - كتب الإيمان - 88 - باب: معنى قول الله عز وجل: (ولقد رآه نزلة أخرى).
158 -
البخاري (6/ 313) 59 - كتاب بدء الخلق - 7 - باب: إذا قال أحدكم "آمين" والملائكة في السماء.
ومسلم (1/ 158) 1 - كتاب الإيمان - 76 - باب: في ذكر سدرة المنتهى.
قاب قوسين: قاب الشيء: قدره، والمعنى: فكان قُرب جبريل من محمد صلى الله عليه وسلم قدر قوسين عربيتين، وقيل: قاب القوس: صدرها، حيث يشد عليه السير.
قال الحافظ في الفتح: و (القاب): ما بين القبضة والسية من القوس، قال الواحدي: هذا قول جمهور المفسرين: أن المراد: القوس التي يرمي بها، قال: وقيل: المرد بها: الذراع، لأنه يقاس بها الشيء، قلت:(القائل ابن حجر): وينبغي أن يكون هذا القول هو الراجح، فقد أخرج ابن مردويه بإسناد صحيح عن ابن عباس قال:(القاب: القدر، والقوسان: الذراعان) ويؤيده أنه لو كان المراد به القوس التي يرمي بها لم يمثل بذلك ليحتاج إلى التثنية، فكان يقال مثلاً: قاب رمح، ونحو ذلك. وقد قيل: إنه على القلب، والمراد: فكان قاب قوس، لأن القاب: ما بين المقبض إلى السية، ولكل قوس قابان بالنسبة إلى خالفته، وقوله:(أو أنثى): أي: أقرب. قال الزجاج: خاطب الله العرب بما ألفوا، والمعنى: فيما تقدرون أنتم عليه، والله تعالى عالم بالأشياء على ما هي عليه، لا تردد عنده، وقيل:"أو" بمعنى "بل" والتقدير: بل هو أقرب من القدر المذكور.
(1)
النجم: 13.
(2)
النجم: 9.
(3)
النجم: 11.
(4)
النجم: 18.
أَوْحَى} (1) قال: رأى جبريل له ستمائة جناحٍ.
وفي رواية الترمذي (2) قال: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في حُلةٍ من رفرفٍ قد ملأ ما بين السماء والأرض.
وللبخاري (3) في قوله: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} قال: رفرفاً أخضر سد أفق السماء.
159 -
* روى أحمد والطبراني عن ابن عباس قال: سأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام أن يراه في صورته، قال: ادع ربك عز وجل، فطلع عليه سوادٌ من قبل المشرق. قال فجعل يرتفع وينتشر فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم صُعِقَ فأتاهُ فنعشه ومسح البُزاق عن شدقيه.
160 -
* روى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} ، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (4) قال: رآه بفؤاده، مرتين، وفي روايةٍ قال: رآه بقلبه، ولقد رآه نزلة أخرى.
وفي رواية الترمذي (5) قال: رأى محمد ربهُ، قلتُ: أليس الله يقول: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} (6). قال: ويحك، ذاك إذا تجلى بنوره الذي هو نورهُ، مرتين.
وفي أخرى له (7): {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ
(1) النجم: 9، 10.
(2)
الترمذي: (5/ 396) 48 - كتاب تفسر القرآن 54 - باب: ومن سورة النجم. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
البخاري: (6/ 312) 59 - كتاب بدء الخلق - 7 - باب: إذا قالت الملائكة آمين والملائكة في السماء.
159 -
أحمد في مسنده (1/ 322)، والطبراني (11/ 52)، قال الهيثمي (8/ 257): رواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات.
160 -
مسلم (1/ 158) 1 - كتاب الإيمان - 77 - باب معنى قول الله عز وجل: (ولقد رآه نزلة أخرى) وهل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء.
(4)
النجم: 11 - 14.
(5)
الترمذي: (5/ 295) 48 - كتاب تفسير القرآن - 54 - باب: ومن سورة النجم. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
(6)
الأنعام: 103.
(7)
الترمذي في الموضع السابق.
مَا أَوْحَى} {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} قال ابن عباس: قد رآه النبي صلى الله عليه وسلم.
وله في أخرى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} قال: رآه بقلبه.
161 -
روى مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عُرِضَ علي الأنبياء، فإذا موسى ضرب من الرجال كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى بن مريم، فإذا أقرب من رأيت به شبهاً: عروةُ بن مسعودٍ، ورأيتُ إبراهيم عليه السلام، فإذا أقربُ من رأيتُ به شبهاً صاحبُكم - يعني نفسه - ورأيتُ جبريل عليه السلام، فإذا أقربُ من رأيتُ به شبهاً: دحيةُ بن خليفة".
162 -
* روى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: قال مجاهد: أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما وذكروا له الدجال مكتوب بين عينيه كافر، أو ك ف ر - قال: لم أسمعه ولكنه قال: "أما إبراهيم، فانظروا إلى صاحبكم، وأما موسى: فجعد آدم، على جملٍ أحمر مخطومٍ بخُلبةٍ، كأني أنظر إليه انحدر في الوادي".
وفي رواية (1) قال: "ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري به فقال: موسى آدم طوال، كأنه من رجال شنوءة، وقال: عيسى جعدٌ مربوعٌ، وذكر مالكاً خازن النار، وذكر الدجال".
زاد في رواية: "ورأيتُ عيسى بن مريم مربوع الخَلْقِ، إلى الحمرة والبياض، سبط الرأس، ورأيتُ مالكاً خازن النار، والدجال في آياتٍ أراهُن الله إياه:{فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ} (2).
161 - مسلم (1/ 153) 1 - كتاب الإيمان - 74 - باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات.
والترمذي (5/ 604) 50 - كتاب المناقب 212 - باب: في صفة النبي صلى الله عليه وسلم.
162 -
البخاري (6/ 388)(60) - كتاب الأنبياء (8) - باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلاً).
خلبة: الخلب: الليف، واحدته خُلبة طوال: رجل طوال: مثل طويل.
(1)
لمسلم (1/ 153) 1 - كتاب الإيمان - 74 - باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
(2)
السجدة: 23.
163 -
* روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} (1).قال: هي رؤيا عين، أُريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري به إلى بيت المقدس، {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} هي شجرة الزقوم.
قال الحافظ:
واختلف السلف هل رأى ربه في تلك الليلة أم لا؟ على قولين مشهورين، وأنكرت ذلك عائشة رضي الله عنها وطائفة، وأثبتها ابن عباس وطائفة.
164 -
* روى مسلم عن ابن عباس قال: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (2) قال: رآه بفؤاده مرتين.
165 -
* روى البخاري عن مسروق قال: قلتُ لعائشة رضي الله عنها: يا أمتاهُ، هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟ فقالت: لقد قف شعري مما قلت، أين أنت من ثلاثٍ من حدثكهن فقد كذب: من حدثك أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه، فقد كذب، ثم قرأت {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (3){وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} (4). ومن حدثك أنه يعلم ما في غدٍ فقد كذب، ثم قرأت:{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} (5). ومن حدثك أنه كتم فقد كذب، ثم
163 - البخاري (7/ 203) 62 - كتاب مناقب الأنصار - 42 - باب المعراج.
الترمذي (5/ 302) 48 - كتاب تفسير القرآن - 18 - باب: ومن سورة بني إسرائيل إلا فتنة للناس: الفتنة: " الاختبار والابتلاء، وقيل: أراد به الافتتان في الدين. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلما أُسري به. وحدث الناس بما رأى من العجائب. صدقه بعض الناس وكذبه بعضهم، فافتتنوا بها.
(1)
الإسراء: 60.
164 -
مسلم (1/ 158) 1 - كتاب الإيمان - 77 - باب معنى قول الله عز وجل: (ولقد رآه نزلة أخرى) وهل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء.
قف له شعري: إذا سمع الإنسان أمراً عظيماً هائلاً قام شعر رأسه وبدنه، فيقول: قد قف شعري لذلك.
(2)
النجم: 11، 13.
165 -
البخاري (8/ 606) 65 - كتاب التفسير، باب:1.
(3)
الأنعام: 103.
(4)
الشورى: 51.
(5)
لقمان: 34.
قرأت: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (1) الآية. ولكن رأى جبريل عليه السلام في صورته مرتين.
166 -
* روى الترمذي عن الشعبي رحمه الله قال: لقي ابن عباس كعباً بعرفة، فسأله عن شيء، فكبر، حتى جاوبته الجبالُ، فقال ابن عباس: إنا بنو هاشم، فقال كعب: إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمدٍ وموسى، فكلم موسى مرتين، ورآه محمد مرتين، قال مسروق: فدخلت على عائشة رضي الله عنها، فقلتُ: هل رأى محمد ربهُ؟ فقالت: لقدْ تكلمت بشيء قفَّ له شعري، قلت: رويداً، ثم قرأت:{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} (2) فقالت: أين يُذهبُ بك؟ إنما هو جبريل، من أخبرك أن محمداً رأى ربه، أو كتم شيئاً مما أُمر به، أو يعلمُ الخمس التي قال الله:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} (3) فقد أعظم الفرية، ولكنه رأى جبريل، لم يره في صورته إلا مرتين: مرة عند سدرة المنتهى، ومرة في جيادٍ له ستمائة جناح، قد سد الأفق.
167 -
* روى مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لما كذبتني قريش قمت في الحِجْرِ، فجلا الله لي بيت المقدس، فطفقتُ أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه".
وزاد البخاري في رواية قال: "لما كذبني قريش حين أُسري بي إلى بيت المقدس
…
" وذكر الحديث.
قال ابن حجر: قال الشيخ ابن أبي جمرة:
الحكمة في الإسراء إلى بيت المقدس قبل العروج إلى السماء إرادة إظهار الحق لمعاندة من
(1) المائدة: 67.
166 -
الترمذي (5/ 394) 48 - كتاب تفسير القرآن - 54 - باب: ومن سورة النجم. وسنده فيه ضعيف، لكن له طرق وألفاظ أخرى نحوه عند الشيخين. الفِرية: الكذب. جيادُ: موضع بمكة.
(2)
النجم: 18.
167 -
مسلم (1/ 156) 1 - كتاب الإيمان - 75 - باب: ذكر المسيح بن مريم والمسيح الدجال.
والبخاري (7/ 196) 63 - كتاب مناقب الأنصار - 41 - باب: حديث الإسراء.
(3)
لقمان: 34.
يريد إخماده؛ لأنه لو عرج به من مكة إلى السماء لم يجد لمعاندة الأعداء سبيلاً إلى البيان والإيضاح، فلما ذكر أنه أسري به إلى بيت المقدس سألوه عن تعريفات جزئيات من بيت المقدس كانوا رأوها وعلموا أنه لم يكن رآها قبل ذلك، فلما أخبرهم بها حصل التحقيق بصدقه فيما ذكر من الإسراء إلى بيت المقدس في ليلة، وإذا صح خبره في ذلك لزم تصديقه في بقية ما ذكره، فكان ذلك زيادة في إيمان المؤمن وزيادة في شقاء الجاحد والمعاند. انتهى ملخصاً.
أقول: ومن ههنا عدّ من المعجزات التي تقوم بها لحجة على الخلق، ولولا ذلك لكانت من الغيوب التي يجب الإيمان بها فقط، ولكن بإظهاره عليه الصلاة والسلام معاني ما كانت لتكون لولا وقوع الخارق قامت الحجة على الناس بأنها معجزة وأن عليهم أن يسلموا لصاحبها بالرسالة، وأن يسلموا له بما نقله من أمرها.
* * *