المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحالة الاقتصادية والحضارية: - الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية - جـ ١

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَةُ النَّاشِر

- ‌مقدمةالأساس في السنة وفقهها

- ‌أولاً: تعريف بهذا الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌ضخامة المكتبة الحديثية:

- ‌منهج تأليف هذا الكتاب

- ‌أقسام الكتاب

- ‌ثانياً: تعريف بأصول هذا الكتاب ومصنفيها

- ‌1 - الإمام البخاري وصحيحه

- ‌الجامع الصحيح

- ‌الحامل له على تأليف الصحيح:

- ‌منهج البخاري في جمع الصحيح:

- ‌براعة البخاري في النقد:

- ‌شروط البخاري في التصحيح في القمة:

- ‌2 - الإمام مسلم وصحيحه

- ‌صحيح الإمام مسلم

- ‌سماحة الإمام في البحث:

- ‌منهج مسلم في صحيحه:

- ‌خصائص صحيح مسلم:

- ‌3 - الإمام أبو داود وسننه

- ‌4 - الإمام الترمذي وسننه

- ‌5 - الإمام النسائي وسننه

- ‌6 - ابن ماجه وسننه

- ‌7 - الدارمي وسننه

- ‌شيوخه:

- ‌من روى عنه:

- ‌ثناء الأئمة عليه:

- ‌مرتبة هذه السنن عند المحدثين:

- ‌8 - الإمام مالك وموطؤه

- ‌9 - الإمام أحمد ومسنده

- ‌10 - 11 - 12 - معاجم الطبراني الثلاثة

- ‌13 - ابن حبان وصحيحه

- ‌14 - ابن خزيمة وصحيحه

- ‌15 - أبو يعلي ومسنده

- ‌16 - أبو بكر البزار ومسنده

- ‌17 - الحاكم ومستدركه

- ‌18 - رزين وابن الأثير وابن الديبع الشيبانيوالأصول الستة

- ‌19 - نور الدين الهيثمي ومجمع الزوائد

- ‌20 - محمد بن محمد بن سليمان المغربيوكتابه جمع الفوائد

- ‌المقدمة

- ‌تصحيح مفاهيم حول السيرة:

- ‌(1)حاجة البشرية إلى الدين

- ‌(2)محمد الرسول الأكمل صلى الله عليه وسلم

- ‌(3)شرط التاريخية

- ‌(4)شرط الكمال المطلق

- ‌(5)شرط الشمولية

- ‌(6)واقعية السيرة المحمدية

- ‌(7)عالمية السيرة المحمدية

- ‌(8)حقية الرسالة المحمدية وأياديها على البشرية

- ‌الباب الأولمنسيرته صلى الله عليه وسلموهومن البدء حتى النبوة الشريفة

- ‌هذه المرحلة في سطور

- ‌فَصْلٌ: في فضل النَّسَبِ وفي فضل الجيل

- ‌نسب الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌اصطفاء نبينا من خير بني آدم ومن خير الأجيال

- ‌تزكية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وللصحابة

- ‌فائدة:

- ‌[هاجر] جدة رسولنا - عليهما الصلاة والسلام

- ‌تعليق حول صدق إبراهيم عليه السلام

- ‌قصة إسماعيل الذبيح عليه السلام وبناء البيت

- ‌فائدة في التعريف بالقبائل العربية

- ‌فصل: في بعض البشارات بنبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌بشارات في الكتب السابقة:

- ‌تعليق:

- ‌في قصة بحيرا شاهد على أنه عليه الصلاة والسلام مبشر به:

- ‌فائدة حول موضوع الكشف للأولياء:

- ‌فصل: في الميلاد

- ‌متى ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌فائدة:

- ‌ولد يتيماً صلى الله عليه وسلم:

- ‌تعليق حول الحكمة من هذا اليتم وذاك الفقر:

- ‌فصل: في أسمائه صلى الله عليه وسلم

- ‌تعليق:

- ‌ما جاء عن رضاعه وتنشئته في البادية:

- ‌فائدة حول تنشئته صلى الله عليه وسلم في البادية:

- ‌فصل: في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم وتكرار هذه الحادثة

- ‌فوائد حول حادثة شق الصدر:

- ‌فصل: في رعيه صلى الله عليه وسلم الغنم والحكمة من ذلك

- ‌فوائد:

- ‌فصل: في عصمته صلى الله عليه وسلم مما يشينه حتى قبل البعثة

- ‌بناء البيت وعصمته من كشف العورة:

- ‌عصمته من فعل الجاهلية:

- ‌تعليق:

- ‌فصل: في حضوره صلى الله عليه وسلم حلف الفضول

- ‌فوائد حول حادث حلف الفضول:

- ‌فصل: في الإجارة عند خديجة ثم زواجه صلى الله عليه وسلم منها

- ‌تعليق حول الروايات السابقة:

- ‌فصل: في رجاحة عقله صلى الله عليه سلم وتلقيبه بالأمين قبل البعثة

- ‌فائدة حول تحكيمه صلى الله عليه وسلم في وضع الحجر الأسود:

- ‌بركته ومحبة الناس له وثقتهم به:

- ‌فصل: في مقدمات بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌تطلعات إلى دين جديد صحيح:

- ‌نقل حول ما وصل إليه العرب من سوء الأحوال وحاجتهم إلى الدين الجديد:

- ‌الفترة التي بين عيسى ونبينا - عليهما الصلاة والسلام

- ‌إرهاصات بنبوته صلى الله عليه وسلم:

- ‌فائدة:

- ‌خاتمة الباب

- ‌الباب الثانيمنالبعثة حتى الاستقرار في المدينة

- ‌هذه المرحلة في سطور

- ‌من ملامح هذه المرحلة

- ‌فصل: في بدء الوحي وفترته واستئنافه

- ‌السر في الخلوة:

- ‌حياته قبل النبوة:

- ‌المراحل الأولى للوحي:

- ‌فصل: في ظاهرة الوحي

- ‌أقسام الوحي:

- ‌حفظ أمر السماء بعد النبوة:

- ‌القرآنمعجزة الرسول صلى الله عليه وسلم الخالدة

- ‌متى وكيف نزل القرآن:

- ‌فصل: في الدعوة السرية

- ‌بداية الدعوة في سريتها وفرديتها:

- ‌فصل: في الدعوة الجهرية

- ‌أصناف خصوم الدعوة الجهرية:

- ‌فصل ووصل

- ‌فصل: في هجرتي الحبشة

- ‌دروس من الهجرة إلى الحبشة:

- ‌فصل: في إسلام عمر وحمزة

- ‌دروس من إسلام عمر وحمزة:

- ‌فصل: في حصار الشِّعْب

- ‌درس من الحصار:

- ‌جزاء المقاطعة:

- ‌فصل: في انشقاق القمر

- ‌فصل: الإيذاء مستمر والدعوة مستمرة

- ‌فصل: عام الحزن والشدّة

- ‌فصل: في رحلة الطائف

- ‌فصل: في تبليغ الجن

- ‌الفرج بعد الشدة:

- ‌فصل: في تكسير بعض الأصنام

- ‌فصل: في الإسراء والمعراج

- ‌زمن الإسراء والمعراج:

- ‌الإيمان بالإسراء والمعراج:

- ‌الإسراء بالروح وبالجسد:

- ‌فصل: في بداية دخول الإسلام المدينة المنورةوفي بيعتي العقبة

- ‌فصل: في الهجرة إلى المدينة المنورة

- ‌مقدمة:

- ‌الهجرة من دار الحرب إلى دار السلام:

- ‌فوائد من فتح الباري:

- ‌تعليق:

- ‌فوائد من كتاب الهجرة للدكتور محمد أبو فارس:

- ‌تأملات في العهد المكي وتصويبات

- ‌الباب الثالثمِنالاستقرار في المدينة حتى الوفاة

- ‌هذه المرحلة في سطور

- ‌من ملامح هذه المرحلة

- ‌السنة الأولى للهجرة

- ‌أحادث السنة الأولى في سطور

- ‌فصل: المدينة عند الهجرة

- ‌ اليهود

- ‌الأوس والخزرج:

- ‌الوضع الطبيعي:

- ‌الحالة الدينية والمكانة الاجتماعية:

- ‌الحالة الاقتصادية والحضارية:

- ‌فصل: التأريخ بالهجرة

- ‌ للبداءة بالمحرم سببان:

- ‌فصل: في حسن الاستقبال وقوة الإقبال

- ‌فصل: المسجد أولاً

- ‌فصل: المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

- ‌أهداف المؤاخاة:

- ‌فصل: في الترتيبات الدستورية

- ‌دروس من الصحيفة:

- ‌فصل: في البيعة

- ‌فصل: في الإذن بالقتال وبدء الحركة القتالية

- ‌فصل: في أمور متفرقةحدثت في السنة الأولى

- ‌1 - إسلام عبد الله بن سلام:

- ‌2 - خروج وباء المدينة منها:

- ‌3 - دخوله عليه الصلاة والسلام بعائشة:

- ‌4 - تشريع الأذان وإكمال الصلاة:

- ‌5 - حراسة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌تقويم الموقف في نهاية السنة الأولى

- ‌السنة الثانية للهجرة

- ‌هذه السنة في سطور

- ‌1 - في تحالفات هذا العام:

- ‌2 - في الحركة العسكرية:

- ‌فصل: في سرية عبد الله بن جحش

- ‌دروس من هذه السرية:

- ‌الحكمة في السرايا:

- ‌فصل: في تحويل القبلة

- ‌دروس في تحويل القبلة:

- ‌عدد غزواته صلى الله عليه وسلم:

- ‌فصل: في غزوة بدر

- ‌تمهيد:

- ‌1 - مقدمات الغزوة

- ‌2 - صور ومشاهد

- ‌عوامل النصر

- ‌3 - الأنفال

- ‌فوائد:

- ‌4 - فضل أهل بدر

- ‌5 - الأسارى

- ‌6 - آيات بدرية

- ‌7 - من فقه غزوة بدر

- ‌8 - في أعقاب بدر

- ‌من نعم الله على المسلمين في غزوة بدر:

- ‌فصل: في إجراء يهود بني قينُقاعٍ

- ‌تقويم الموقف في نهاية السنة الثانية للهجرة

الفصل: ‌الحالة الاقتصادية والحضارية:

فيها شيء من الاحتقار، وقد تجلت هذه النظرة في الكلمة التي قالها أبو جهل وهو عقير، قد قتله ابنا عفراء وهما من الأنصار، وقد أدركه عبد الله بن مسعود وبه رمق (لو غير أكار قتلني).

* * *

‌الحالة الاقتصادية والحضارية:

كانت مدينة يثرب بطبيعتها منطقة زراعية، وكان أكثر اعتماد أهلها على الزراعة والبساتين، وكان من أهم حاصلاتها التمر والعنب، فكانت فيها جنات النخيل والأعناب، وجنات معروشات وغير معروشات، وزروع ونخيل صنوان وغير صنوان، ومن الزروع الحبوب والبقول، وكان التمر وخاصة أيام الجدب، وتخلف الأمطار، يسد كثيراً من حاجة السكان الغذائية، وكان كعملة يتبادل بها أهلها عند الحاجة، وكانت النخيل مصدر خيرات كثيرة في حياتهم، فكانوا يستخدمونه في الغذاء والبناء، والصناعة، والوقود، وعلف الدواب، ولتمر المدينة أنواع كثيرة وتفاصيل دقيقة تصعب الإحاطة بها، لأهل المدينة تجارب وطرق في تنمية حاصل النخيل وتحسينه استفادوها من طول المراس، منها تأبير النخل.

هذا لا ينفي وجود حركة تجارية في المدينة، ولكنها لم تكن في القوة والانتشار بمكانة الحركة التجارية في مكة، إذ كان اعتماد أبناء الوادي (مكة) وهو غير ذي زرع ومياه وفيرة - على التجارة ورحلة الشتاء والصيف.

وكانت في المدينة بعض الصناعات يمارس أكثرها اليهود، ولعلهم جلبوها من اليمن، فلم يزالوا فيه إلى أن غادروه في الزمن الأخير، حاذقين في الصناعات، وكان عامة بني قينقاع صاغة، وكانوا أغنى طوائف اليهود في مدينة يثرب، وكانت بيوتهم تحتوي على الأموال الطائلة، والحلي الكثيرة من الفضة والذهب، مع أن عددهم كان غير كثير.

وقد منحت طبيعة يثرب، وهي بركانية التربة، أراضيها خصباً زائداً، وهي ذات وديان كثيرة، تفيض بمياه السيول، فتروي أرضها وتسقي النخل والزروع، اشتهر منها

ص: 381

وادي العقيق الذي كان متنزه المدينة، وكان يتدفق بالماء، ويزهو بالبساتين، وكانت الأرض صالحة لحفر الآبار، وقد كثرت في البساتين، ومنها ما هو مسور ويسميه أهل المدينة (الحائط) واشتهرت آبار كثيرة بعذوبة الماء ووفرته، وكانت لهم شراج (1)، وكانوا يحولون الماء بالمساحي (2) إلى حدائقهم.

وكان من الحبوب الرئيسية الشعير، ثم القمح، وتكثر الخضراوات والبقول، وكانت لهم طرق في المزارعة والمؤاجرة والمزابنة، والمحاقلة، والمعاومة، منها ما أقره الإسلام ومنها ما منعه أو أصلحه.

وكانت العملة في مكة والمدينة واحدة، وكانت المدينة تعتمد على المكاييل وتحتاج إليها أكثر من مكة، لاعتماد أهلها على الحبوب والثمار، وكانت الأكيال المستعملة في المدينة هي المد والصاع والفرق والعرق والوسق، أما الأوزان المستعملة فهي الدرهم والمثقال والدانق والقيراط والنواة والرطل والقنطار والأوقية.

ولم تكن المدينة - على خصبها - مكتفية غذائياً، فكان أهلها يستوردون بعض المواد الغذائية من الخارج، وكانوا يجلبون دقيق الحوار والسمن والعسل، من الشام.

قد جاء في حديث رواه الترمذي عن قتادة بن النعمان رضي الله عنه: " كان الناس إنما طعامهم بالمدينة، التمر والشعير، وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة (3) من الشام من الدرمك (4)، ابتاع الرجل منها فخص بها نفسه، وأما العيال فإنما طعامهم التمر والشعير، والقصة تلقي ضوءاً على الحالة الغذائية في المدينة - التي لم تحدث بعد الهجرة فجأة - وعلى المستويات المختلفة في المعيشة.

وكان اليهود - كما عرف من طبيعتهم وتاريخهم في كل بلد - أكثر غنى من العرب، وكان

(1) الشراج: جمع شَرْج، وهو سيل الماء من الهضاب ونحوها إلى السهل.

(2)

المساحي: هي المجارف، وهي على أشكال.

(3)

(شافطة): قافلة الحيرة.

(4)

(الدرمك): الدقيق الأبيض.

ص: 382

العرب بطبيعتهم العربية البدوية، لا يفكرون في المستقبل كثيراً، فيوفرون له المال، وكانوا أهل ضيافة وكرم، يضطرون إلى الاستدانة من اليهود، وكثيراً ما تكون هذه الاستدانة بالربا والرهن.

وكان لأهل المدينة ثروة من الإبل والبقر والأغنام، ويستخدمون الإبل في إرواء الأراضي ويسمونها بـ (الإبل النواضح) وكانت لهم مراعي اشتهرت منها:(زُغابة) و (الغابة)، يحتطب منها الناس، ويرعون فيها ماشيتهم وكانت لهم خيل يستخدمونها في الحروب وإن كانت قليلة بانلسبة إلى مكة، وكان بنو سُليم مشهورين باقتناء الخيل، يجلبونها من الخارج.

وكانت في المدينة عدة أسواق، أهمها (سوق بني قينقاع) مركز بيع الحلي والمصوغات الذهبية، وكانت سوق البزازين، وتوجد في المدينة المنسوجات القطنية والحريرية، والنمارق الملونة والستور المرسومة، وكان عطارون يبيعون أنواع العطور والمسك، وكان يوجد من يتجر في العنبر والزنبق، وكانت أنواع من البيع منها ما أقره الإسلام ومنها ما منعه، من النجش والاحتكار، وتلقي الرُّكبان خارج المدينة، وبيع المصراة، البيع بالنسيئة، وبيع الحاضر للبادي، وبيع المجازفة، وبيع المزابنة، والمخاطرة (1). وكان من الأوس والخزرج من يتعامل بالربا، وإن كان ذلك نادراً بالنسبة إلى اليهود - يعني فيما بينهم.

وقد توسعت الحياة في المدينة بعض التوسع، ورقت بحكم طبيعة أهلها، فكانت البيوت ذات طبقات، وكانت لبعض البيوت حدائق، وكانوا يستعذبون الماء، وقد يأتون به من بعيد، وكانت توجد كراسي، وكانت تستعمل أقداح من زجاج وأقداح من الحجارة، وسُرج منوعة، وكانوا يستخدمون المكاتل والقفف في أعمال المنزل والزراعة، وكان للأغنياء شيء كثير من الأثاث لبيوتهم، خصوصاً اليهود، وكانت أنواع من الحلي كالأساور، والدمالج،

(1) سيأتي شرح هذه البيوع في القسم الرابع من الكتاب بإذن الله تعالى.

ص: 383

والخلاخيل، والأقرطة، والخواتم والعقود من الذهب أو من جزع ظفارٍ (1)، وكان الغزل والنسيج فاشيين في النساء، فكانت الخياطة الدباغة وعمل بناء البيوت، وضرب الطوب والنحت، من الصناعات التي عرفت في المدينة قبل الهجرة.

الوضع المعقد الذي واجهه الرسول صلى الله عليه وسلم في مدينة يثرب:

وهكذا لم ينتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون من مدينة - منكة - إلى قرية - يثرب - بل انتقل من مدينة إلى مدينة، وإن كانت هي الأخرى تختلف عن الأولى في مظاهر كثيرة للحياة، وكانت أصغر منها نسبياً، ولكن الحياة فيها كانت أكثر تعقيداً، والقضايا التي سيواجهها الرسول أكثر تنوعاً، لوجود ديانات وبيئات وثقافات مختلفة، لا يتغلب عليها ولا يصهر المدينة كلها في بوتقة عقيدة واحدة، ودعوة واحدة إلا الرسول المؤيد من الله، الذي أعطاه الله الحكمة وفصل الخطاب، وقوة الجمع بين الأنماط البشرية الكثيرة، والقوى المتصارعة، والأهواء المتعاكسة، وألقى عليه محبة منه، وصدق الله العظيم:

{هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (2).

* * *

(1) ظفار: إقليم في غربي عمان على شاطئ البحر العربي.

(2)

الأنفال: 62، 63.

ص: 384