الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهداف المؤاخاة:
قال ابن حجر في الفتح: قال ابن عبد البر: كانت المؤاخاة مرتين: مرة بين المهاجرين خاصة وذلك بمكة، ومرة بين المهاجرين والأنصار، فهي المقصودة هنا.
وقال السهيلي: آخى بين أصحابه ليذهب عنهم وحشة الغربة ويتأنسوا من مفارقة الأهل والعشيرة ويشد بعضهم أزر بعض، فلما عز الإسلام واجتمع اشمل وذهبت الوحشة أبطل المواريث وجعل المؤمنين كلهم إخوة وأنزل {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} يعني في التوادد وشمول الدعوة.
وأنكر ابن تيمية في "كتاب الرد على ابن المطهر الرافضي" المؤاخاة بين المهاجرين وخصوصاً مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم لعلي قال: لأن المؤاخاة شرعت لإرفاق بعضهم بعضاً ولتأليف قلوب بعضهم على بعض فلا معنى لمؤاخاة النبي لأحد منهم ولا لمؤاخاة مهاجري لمهاجري، وهذا رد للنص بالقياس وإغفال عن حكمة المؤاخاة، لأن بعض المهاجرين كان أقوى من بعض بالمال والعشيرة والقوى، فآخى بين الأعلى والأدنى ليرتفق الأدنى بالأعلى ويستعين الأعلى بالأدنى وبهذا تظهر مؤاخاته صلى الله عليه وسلم لعلي، لأنه هو الذي كان يقوم به من عهد الصبا من قبل البعثة واستمر، وكذا مؤاخاة حمزة وزيد بن حارثة لأن زيداً مولاهم، فقد ثبت أختها وهما من المهاجرين، وسيأتي في عمرة القضاء قول زيد بن حارثة: إن بنت حمزة بنت أخي، وأخرج الحاكم وابن عبد البر بسند حسن عن أبي الشعثاء عن ابن عباس:"آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين الزبير وابن مسعود" وهما من المهاجرين. قلت: وأخرجه الضياء في المختارة من المعجم الكبير للطبراني، وابن تيمية يصرح بأن أحاديث المختارة أصح وأقوى من أحاديث المستدرك، وقصة المؤاخاة الأولى أخرجها الحاكم من طريق جميع بن عمير عن ابن عمر:"آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي بكر وعمر، وبين طلحة والزبير، وبين عبد الرحمن بن عوف وعثمان - وذكر جماعة قال - فقال علي: يا رسول الله إنك آخيت بين أصحابك فمن أخى؟ قال "أنا أخوك" وإذا انضم هذا إلى ما تقدم تقوى به.
وحول المؤاخاة قال الدكتور مصطفى السباعي: في مؤاخاة الرسول بين المهاجرين والأنصار أقوى مظهر من مظاهر عدالة الإسلام الإنسانية الأخلاقية النباءة، فالمهاجرون قوم تركوا في سبيل الله أموالهم وأراضيهم، فجاؤوا المدينة لا يملكون من حطام الدنيا شيئاً، والأنصار قوم أغنياء بزروعهم وأموالهم وصناعتهم. فليحمل الأخ أخاه، وليقتسم معه سراء الحياة وضراءها، ولينزله في بيته ما دام فيه متسع لهما، وليعطه نصف ماله ما دام غنياً عنه، موفراً له، فأية عدالة اجتماعية في الدنيا تعدل ههذ الأخوة؟
إن الذين ينكرون أن يكون في الإسلام عدالة اجتماعية، قوم لا يريدون أن يبهر نور الإسلام أبصار الناس ويستولي على قلوبهم، أو قوم جامدون يكرهون كل لفظ جديد ولو أحبه الناس وكان في الإسلام مدلوله، وإلا فكيف تنكر العدالة الاجتماعية في الإسلام وفي تاريخه هذه المؤاخاة الفذة في التاريخ. وهي التي عقدها صاحب الشريعة محمد صلى الله عليه وسلم بنفسه، وطبقها بإشرافه.
* * *