الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جزاء المقاطعة:
118 -
* روى مسلم عن مسروق بن الأجدع رحمه الله قال: كنا عند عبد الله جلوساً - وهو مُضطجع بيننا - فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن، إن قاصا عند أبواب كندة يقص، ويزعم: أن آية الدخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار، ويأخذ المؤمنين منها كهيئة الزكام، فقال عبد الله وجلس وهو غضبان: يا أيها الناس، اتقوا الله، من علم منكم شيئاً فليقل بما يعلم، ومن لا يعلم فليقل: الله أعلم، فإنه أعلم لأحدكم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم، فإن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم:{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} (1) إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى من الناس إدباراً قال: "اللهم سبعٌ كسبع يوسف".
وفي راية للبخاري (2): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى قريشاً استعصوا عليه، فقال:"اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف" فأخذتهم السنة حتى حصت كل شيء. حتى أكلوا الجلود والميتة، وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان، فأتاه أبو سفيان، فقال: أي محمد، إن قومك قد هلكوا، فادع الله أن يكشف عنهم فدعا، ثم قال:"تعودوا بعد هذا" ثم قرأ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} حتى بلغ {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} (3). قال عبد الله: أفيكشف عنهم العذاب يوم القيامة؟ قال: والبطشة الكبرى يوم بدرٍ.
وفي رواية للبخاري (4) قال: قال عبد الله: إنما كان هذا، لأن قريشاً لما استعصوا على
118 - مسلم (4/ 2155) 50 - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم - 7 - باب الدخان.
سبع كسبع: أراد بالسبع: سبع سنين التي كانت في زمن النبي يوسف عليه السلام المجدبة التي ذكرها الله تعالى في القرآن. حصت: حلفت واستأصلت. قحط: لقحط: احتباس المطر. الجهد: بفتح الجيم - المشقة. لمضر: أي: أتأمرني أن أستسقي الله لمضر، مع ما هم عليه من المعصية والإشراك به؟!. الرفاهية. الدعة وسعة العيش.
(1)
ص: 86.
(2)
البخاري (8/ 573) 65 - كتاب التفسير (44) سورة الدخان - 5 - باب (ثم تولوا عنه).
(3)
الدخان: 15.
(4)
البخاري (8/ 571) 65 - كتاب التفسير - 2 - باب: يغشي الناس هذا عذاب أليم.
النبي صلى الله عليه وسلم، دعا عليهم بسنين كسني يوسف فأصابهم قحط وجهدٌ، حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظرُ إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهدِ، فأنزل الله عز وجل:{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: يا رسول الله، استسق الله لِمُضَر، فإنها قد هلكت، قال:"لمُضر؟ إنك لجريء"، فاستقى لهم، فسقوا، فنزلت {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} فلما أصابهم الرفاهيةُ، عادُوا إلى حالهم، حين أصابتهم الرفاهية، فأنزل الله عز وجل، {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} قال: يعني يوم بدر.
وفي رواية للبخاري (1): فقيل له: إن كشفنا عنهم، عادوا، فدعا ربه فكشف عنهم، فعادوا، فانتقم الله منهم يوم بدر، فذلك قوله:{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} إلى قوله: {إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} .
وفي رواية الترمذي (2) مثل الرواية الأولى إلى قوله: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} فهل يكشف عذاب الآخرة؟ قد مضى البطشة واللزامُ والدخانُ، وقال أحدهم: القمر، وقال الآخر: الروم واللزام يعني: يوم بدرٍ.
وروى مسلم (3) عن عبد الله قال: خمس قد مضين: الدخان، واللزام، والروم، والبطشة، والقمر.
* * *
(1) البخاري (8/ 572) 65 - كتاب التفسير (44) سورة الدخان، باب:2.
(2)
الترمذي (5/ 279) 48 - كتاب تفسير القرآن - 46 - باب: ومن سورة الدخان. وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
مسلم (4/ 2157) 50 - كتاب المنافقين وأحكامهم - 7 - باب الدخان.