الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بحكم النشأة في البيئة اليهودية، وقد كان في يهود العرب جميع هذه الأنواع، وقد ثبت أن التاجر اليهودي الكبير والشاعر المشهور كعب بن الأشرف الذي يعرف بالنضري كان من قبيلة (طيءْ) تزوج أبوه في بني النضير، فنشأ كعب بن الأشرف يهودياً متحمساً.
قال ابن هشام: كان رجلاً من طيئْ، ثم أحد بني نبهان، وكانت أمه من بني النضير، وكان بعض من لا يعيش له ولد من العرب ينذر، إذا ولد له ابن وعاش هودُوه، فكان في المدينة عدد من العرب الذين دخلوا في اليهودية عن هذا الطريق.
روى الإمام أبو داود السجستاني (1) بسنده عن ابن عباس قال: كانت المرأة تكون مقلاتاً فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهودهُ، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا: لا ندع أبناءنا، فأنزل الله تعالى:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (2).
* * *
الأوس والخزرج:
تنتمي بطون الأوس والخزرج - سكان المدينة العرب - إلى القبائل الأزدية اليمنية، وكانت موجات هذه الهجرة من اليمن إلى يثرب متفرقة فيأوقات مختلفة، وكانت لعوامل متعددة؛ منها اضطراب أحوال اليمن وغزو الأحباش، وإهمال أمر الإرواء بخراب سد (مأرب)، وعلى هذا فالأوس والخزرج أحدث عهداً في المدينة من اليهود.
وقد سكنت بطون الأوس في المنطقة الجنوبية والشرقية، وهي منطقة العوالي من يثرب، بينما سكنت بطون الخزرج المنطقة الوسطى الشمالية، وهي سافلة المدينة، وليس وراءهم شيء في الغرب إلى خلاء حرة الوبرة.
(1) أبو داود (3/ 59) كتاب الجهاد - باب في الأسير يكره على الإسلام.
(مقلاتا) المقلاة، هي التي لا يعيش لها ولد.
(2)
البقرة: 256.
وكان من جملة بطون الخزرج أربعة أبطن، وهم: مالك، وعدي، ومازن، ودينار، كلها من بني النجار المعروف بـ (تيم اللات)، وقد سكنت بطون بني النجار في المنطقة الوسطى التي حول مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد سكن الأوس المناطق الزراعية الغنية في المدينة، وجاوروا أهم قبائل اليهود وجموعهم، واستوطن الخزرج مناطق أقل خصباً، وقد جاورهم قبيلة يهودية كبيرة واحدة، وهي القينقاع.
ليس من السهل الحصول الآن على إحصاء دقيق عن عدد رجال الأوس والخزرج، ولكن الباحث المتتبع للحوادث يستطيع تحديد قوتهم الحربية م المعارك التي خاضوها بعد الهجرة، فقد بلغ عدد محاربيهم في يوم فتح مكة أربعة آلاف مقاتل.
وكان العرب في وقت الهجرة النبوية أصحاب الكلمة العليا في يثرب، وبيدهم كان توجيه الأمور بها، ولم يستطع اليهود مقابل ذلك أن يجمعوا كلمتهم، ويقفوا صفاً واحداً في وجه خصومهم، فتفرقت بطونهم، ودخل بعضها في محالفات مع الأوس، ودخل بعضها في محالفات مع الخزرج، وكانوا في القتال أقسى على بني جنسهم من العرب، واستحكم عداء بين بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة، جعل بني قينقاع يتركون أرضهم وزرعهم، ويقتصرون على الصياغة.
ووقعت كذلك بين الأوس والخزرج حروب كثيرة، أولاها حرب (سمير) وآخرها حرب (بُعاث) قبل الهجرة بخمس سنوات، وقد عمل اليهود على الدس بين الأوس والخزرج، وتشجيع عوامل الفرقة، وإذكاء روح التحاسد، حتى يشغلوهم بأنفسهم عنهم، وقد أدرك العرب منهم ذلك فلقبوهم بـ (الثعالب).
* * *