المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فوائد من فتح الباري: - الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية - جـ ١

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَةُ النَّاشِر

- ‌مقدمةالأساس في السنة وفقهها

- ‌أولاً: تعريف بهذا الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌ضخامة المكتبة الحديثية:

- ‌منهج تأليف هذا الكتاب

- ‌أقسام الكتاب

- ‌ثانياً: تعريف بأصول هذا الكتاب ومصنفيها

- ‌1 - الإمام البخاري وصحيحه

- ‌الجامع الصحيح

- ‌الحامل له على تأليف الصحيح:

- ‌منهج البخاري في جمع الصحيح:

- ‌براعة البخاري في النقد:

- ‌شروط البخاري في التصحيح في القمة:

- ‌2 - الإمام مسلم وصحيحه

- ‌صحيح الإمام مسلم

- ‌سماحة الإمام في البحث:

- ‌منهج مسلم في صحيحه:

- ‌خصائص صحيح مسلم:

- ‌3 - الإمام أبو داود وسننه

- ‌4 - الإمام الترمذي وسننه

- ‌5 - الإمام النسائي وسننه

- ‌6 - ابن ماجه وسننه

- ‌7 - الدارمي وسننه

- ‌شيوخه:

- ‌من روى عنه:

- ‌ثناء الأئمة عليه:

- ‌مرتبة هذه السنن عند المحدثين:

- ‌8 - الإمام مالك وموطؤه

- ‌9 - الإمام أحمد ومسنده

- ‌10 - 11 - 12 - معاجم الطبراني الثلاثة

- ‌13 - ابن حبان وصحيحه

- ‌14 - ابن خزيمة وصحيحه

- ‌15 - أبو يعلي ومسنده

- ‌16 - أبو بكر البزار ومسنده

- ‌17 - الحاكم ومستدركه

- ‌18 - رزين وابن الأثير وابن الديبع الشيبانيوالأصول الستة

- ‌19 - نور الدين الهيثمي ومجمع الزوائد

- ‌20 - محمد بن محمد بن سليمان المغربيوكتابه جمع الفوائد

- ‌المقدمة

- ‌تصحيح مفاهيم حول السيرة:

- ‌(1)حاجة البشرية إلى الدين

- ‌(2)محمد الرسول الأكمل صلى الله عليه وسلم

- ‌(3)شرط التاريخية

- ‌(4)شرط الكمال المطلق

- ‌(5)شرط الشمولية

- ‌(6)واقعية السيرة المحمدية

- ‌(7)عالمية السيرة المحمدية

- ‌(8)حقية الرسالة المحمدية وأياديها على البشرية

- ‌الباب الأولمنسيرته صلى الله عليه وسلموهومن البدء حتى النبوة الشريفة

- ‌هذه المرحلة في سطور

- ‌فَصْلٌ: في فضل النَّسَبِ وفي فضل الجيل

- ‌نسب الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌اصطفاء نبينا من خير بني آدم ومن خير الأجيال

- ‌تزكية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وللصحابة

- ‌فائدة:

- ‌[هاجر] جدة رسولنا - عليهما الصلاة والسلام

- ‌تعليق حول صدق إبراهيم عليه السلام

- ‌قصة إسماعيل الذبيح عليه السلام وبناء البيت

- ‌فائدة في التعريف بالقبائل العربية

- ‌فصل: في بعض البشارات بنبينا صلى الله عليه وسلم

- ‌بشارات في الكتب السابقة:

- ‌تعليق:

- ‌في قصة بحيرا شاهد على أنه عليه الصلاة والسلام مبشر به:

- ‌فائدة حول موضوع الكشف للأولياء:

- ‌فصل: في الميلاد

- ‌متى ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌فائدة:

- ‌ولد يتيماً صلى الله عليه وسلم:

- ‌تعليق حول الحكمة من هذا اليتم وذاك الفقر:

- ‌فصل: في أسمائه صلى الله عليه وسلم

- ‌تعليق:

- ‌ما جاء عن رضاعه وتنشئته في البادية:

- ‌فائدة حول تنشئته صلى الله عليه وسلم في البادية:

- ‌فصل: في شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم وتكرار هذه الحادثة

- ‌فوائد حول حادثة شق الصدر:

- ‌فصل: في رعيه صلى الله عليه وسلم الغنم والحكمة من ذلك

- ‌فوائد:

- ‌فصل: في عصمته صلى الله عليه وسلم مما يشينه حتى قبل البعثة

- ‌بناء البيت وعصمته من كشف العورة:

- ‌عصمته من فعل الجاهلية:

- ‌تعليق:

- ‌فصل: في حضوره صلى الله عليه وسلم حلف الفضول

- ‌فوائد حول حادث حلف الفضول:

- ‌فصل: في الإجارة عند خديجة ثم زواجه صلى الله عليه وسلم منها

- ‌تعليق حول الروايات السابقة:

- ‌فصل: في رجاحة عقله صلى الله عليه سلم وتلقيبه بالأمين قبل البعثة

- ‌فائدة حول تحكيمه صلى الله عليه وسلم في وضع الحجر الأسود:

- ‌بركته ومحبة الناس له وثقتهم به:

- ‌فصل: في مقدمات بعثته صلى الله عليه وسلم

- ‌تطلعات إلى دين جديد صحيح:

- ‌نقل حول ما وصل إليه العرب من سوء الأحوال وحاجتهم إلى الدين الجديد:

- ‌الفترة التي بين عيسى ونبينا - عليهما الصلاة والسلام

- ‌إرهاصات بنبوته صلى الله عليه وسلم:

- ‌فائدة:

- ‌خاتمة الباب

- ‌الباب الثانيمنالبعثة حتى الاستقرار في المدينة

- ‌هذه المرحلة في سطور

- ‌من ملامح هذه المرحلة

- ‌فصل: في بدء الوحي وفترته واستئنافه

- ‌السر في الخلوة:

- ‌حياته قبل النبوة:

- ‌المراحل الأولى للوحي:

- ‌فصل: في ظاهرة الوحي

- ‌أقسام الوحي:

- ‌حفظ أمر السماء بعد النبوة:

- ‌القرآنمعجزة الرسول صلى الله عليه وسلم الخالدة

- ‌متى وكيف نزل القرآن:

- ‌فصل: في الدعوة السرية

- ‌بداية الدعوة في سريتها وفرديتها:

- ‌فصل: في الدعوة الجهرية

- ‌أصناف خصوم الدعوة الجهرية:

- ‌فصل ووصل

- ‌فصل: في هجرتي الحبشة

- ‌دروس من الهجرة إلى الحبشة:

- ‌فصل: في إسلام عمر وحمزة

- ‌دروس من إسلام عمر وحمزة:

- ‌فصل: في حصار الشِّعْب

- ‌درس من الحصار:

- ‌جزاء المقاطعة:

- ‌فصل: في انشقاق القمر

- ‌فصل: الإيذاء مستمر والدعوة مستمرة

- ‌فصل: عام الحزن والشدّة

- ‌فصل: في رحلة الطائف

- ‌فصل: في تبليغ الجن

- ‌الفرج بعد الشدة:

- ‌فصل: في تكسير بعض الأصنام

- ‌فصل: في الإسراء والمعراج

- ‌زمن الإسراء والمعراج:

- ‌الإيمان بالإسراء والمعراج:

- ‌الإسراء بالروح وبالجسد:

- ‌فصل: في بداية دخول الإسلام المدينة المنورةوفي بيعتي العقبة

- ‌فصل: في الهجرة إلى المدينة المنورة

- ‌مقدمة:

- ‌الهجرة من دار الحرب إلى دار السلام:

- ‌فوائد من فتح الباري:

- ‌تعليق:

- ‌فوائد من كتاب الهجرة للدكتور محمد أبو فارس:

- ‌تأملات في العهد المكي وتصويبات

- ‌الباب الثالثمِنالاستقرار في المدينة حتى الوفاة

- ‌هذه المرحلة في سطور

- ‌من ملامح هذه المرحلة

- ‌السنة الأولى للهجرة

- ‌أحادث السنة الأولى في سطور

- ‌فصل: المدينة عند الهجرة

- ‌ اليهود

- ‌الأوس والخزرج:

- ‌الوضع الطبيعي:

- ‌الحالة الدينية والمكانة الاجتماعية:

- ‌الحالة الاقتصادية والحضارية:

- ‌فصل: التأريخ بالهجرة

- ‌ للبداءة بالمحرم سببان:

- ‌فصل: في حسن الاستقبال وقوة الإقبال

- ‌فصل: المسجد أولاً

- ‌فصل: المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

- ‌أهداف المؤاخاة:

- ‌فصل: في الترتيبات الدستورية

- ‌دروس من الصحيفة:

- ‌فصل: في البيعة

- ‌فصل: في الإذن بالقتال وبدء الحركة القتالية

- ‌فصل: في أمور متفرقةحدثت في السنة الأولى

- ‌1 - إسلام عبد الله بن سلام:

- ‌2 - خروج وباء المدينة منها:

- ‌3 - دخوله عليه الصلاة والسلام بعائشة:

- ‌4 - تشريع الأذان وإكمال الصلاة:

- ‌5 - حراسة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌تقويم الموقف في نهاية السنة الأولى

- ‌السنة الثانية للهجرة

- ‌هذه السنة في سطور

- ‌1 - في تحالفات هذا العام:

- ‌2 - في الحركة العسكرية:

- ‌فصل: في سرية عبد الله بن جحش

- ‌دروس من هذه السرية:

- ‌الحكمة في السرايا:

- ‌فصل: في تحويل القبلة

- ‌دروس في تحويل القبلة:

- ‌عدد غزواته صلى الله عليه وسلم:

- ‌فصل: في غزوة بدر

- ‌تمهيد:

- ‌1 - مقدمات الغزوة

- ‌2 - صور ومشاهد

- ‌عوامل النصر

- ‌3 - الأنفال

- ‌فوائد:

- ‌4 - فضل أهل بدر

- ‌5 - الأسارى

- ‌6 - آيات بدرية

- ‌7 - من فقه غزوة بدر

- ‌8 - في أعقاب بدر

- ‌من نعم الله على المسلمين في غزوة بدر:

- ‌فصل: في إجراء يهود بني قينُقاعٍ

- ‌تقويم الموقف في نهاية السنة الثانية للهجرة

الفصل: ‌فوائد من فتح الباري:

‌فوائد من فتح الباري:

1 -

عن ابن شهاب قال: كان بين ليلة العقبة - يعني الأخيرة - وبين مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر أو قريب منها. قلت: هي ذو الحجة والمحرم وصفر، لكن كان مضى من ذي الحجة عشرة أيام، ودخل المدينة بعد أن استهل ربيع الأول فمهما كان الواقع أنه اليوم الذي دخل فيه من الشهر يعرف منه القدر على التحرير، فقد يكون ثلاثة سواء وقد ينقص وقد يزيد، لأن أقل ما قيل إنه دخل في اليوم الأول منه، وأكثر ما قيل إنه دخل الثاني عشر منه.

2 -

بمناسبة قول ابن الدُّغنة عن أبي بكر (لا يخرج مثله) قال ابن حجر: أي: من وطنه باختياره على نية الإقامة في غيره مع ما فيه من النفع المتعدي لأهل بلده، (ولا يُخرج) أي: ولا يخرجه أحد بغير اختياره للمعنى المذكور، واستنبط بعض المالكية من هذا أن من كانت فيه منفعة متعدية لا يمكن من الانتقال عن البلد إلى غيره بغير ضرورة راجحة.

3 -

بمناسبة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لعامر بن فهيرة أن يكتب عقد أمان لسراقة. قال ابن حجر:

قوله: فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أدم وفي رواية بن إسحاق: (فكتب لي كتاباً في عظم - أو ورقة أو خرقة - ثم ألقاه إلي، فأخذته فجعلته في كنانتي ثم رجعت) وفي رواية موسى بن عقبة نحوه وعندهما (رجعت فسئلت فلم ذكر شيئاً مما كان، حتى إذا فرغ من حنين بعد فتح مكة خرجت لألقاه ومعي الكتاب، فلقيته بالجعرانة حتى دنوت منه فرفعت يدي بالكتاب فقلت: يا رسول الله هذا كتابك، فقال: يوم وفاء وبر، أدن، فأسلمت) وفي رواية صالح بن كيسان نحوه، وفي رواية الحسن عن سراقة قال:(فبلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي، فأتيته فقلت: أحب أن توادع قومي، فإن أسلم قومنك (أي: قريش) أسلموا وإلا أمنت منهم، ففعل ذلك، قال: ففيهم نزلت: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} (1) الآية) أهـ.

(1) النساء: 90.

ص: 345

انظر إلى الوفاء كيف أن العقد لسراقة سرى على قومه بطلبه، مع العلم أن قومه لم يكونوا يقاتلون المسلمين ولولا ذاك ما سرى ذلك العقد إليهم.

4 -

بمناسبة لحديث عن نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتداء في قباء، قال ابن حجر:

وهو في التحقيق أول مسجد صلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه بأصحابه جماعة ظاهراً، وأول مسجد بني لجماعة المسلمين عامة.

5 -

وبمناسبة خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قباء إلى المدينة قال ابن حجر عند قوله:

(ثم ركب راحلته) وقع عند ابن إسحاق وابن عائذ أنه ركب من قباء يوم الجمعة فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فقالوا: يا رسو لالله هلم إلى العَدّد والعُدّدْ والقوة، أنزل بين أظهرنا. وعند أبي الأسود عن عروة نحوه وزاد: وصاروا يتنازعون زمام ناقته. وسمى ممن سأله النزول عندهم: عتبان بن مالك في بني سالم، وفروة بن عمرو في بني بياضة، وسعد بن عبادة والمنذر بن عمرو وغيرهما في بني ساعدة، وأبا سليط وغيره في بني عدي، يقول لكل منهم:"دعوها فإنها مأمورة" وعند الحاكم من طريق إسحاق بن أبي طلحة عن أنس: (جاءت الأنصار فقالوا إلينا يا رسول الله، فقال: "دعوا الناقة فإنها مأمورة"، فبركت على باب أبي أيوب) قوله: (حتى بركت عند مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة) في حديث البراء عن أبي بكر (فتنازعه القوم أيهم ينزل عليه فقال: إني أنزل على أخوال عبد المطلب أكرمهم بذلك) وعند ابن عائذ عن الوليد بن مسلم وعند سعيد بن منصور كلاهما عن عطاف بن خالد: "أنها استناخت به أولاً فجاءه ناس فقالوا: المنزل يا رسول الله، فقال: "دعوها"، فانبعثت حتى استناخت عند موضع المنبر من المسجد، ثم تحلحلت فنزل عنها، فأتاه أبو أيوب، فقال: إن منزلي أقرب المنازل فأذن لي أن أنقل رحلك، قال: "نعم"، فنقل وأناخ الناقة في منزله. وذكر ابن سعد أن أبا أيوب لما نقل رحل النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزله قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المرء مع رحله" وأنا أسعد بن زرارة جاء فأخذ ناقته فكانت عنده، قال: وهذا أثبت، وذكر أيضاً أن مدة إقامته عند أبي أيوب كانت سبعة أشهر.

ص: 346

202 -

* روى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: جاء أبو بكر رضي الله عنه إلى أبي في منزله، فاشترى منه رحْلاً، فقال لعازبٍ: ابعث ابنك يحمله معي، قال فحملته معي، وخرج أبي ينتقد ثمنه، فقال له أبي: يا أبا بكرٍ حدثني كيف صنعتما ليلة سريت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، أسرينا ليلتنا ومن الغد، حتى قام قائمٌ الظهيرة، وخلا الطريق لا يمر فيه أحد، فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليه الشمس، فنزلنا عندها وسويت للنبي صلى الله عليه وسلم مكاناً بيدي ينامُ عليه وبسطتُ عليه فروةٌ، وقلت له: نم يا رسول الله، وأنا أنفض لك ما حولك، فنم، وخرجت أنفضُ ما حوله، فإذا أنا براعٍ مقبلٍ بغنمه إلى الصخرة، يريدُ منها الذي أردنا، فقلتُ: لمن أنت يا غلام؟ فقال: لرجل من أهل المدينة، فقلت: أفي غنمك لبن؟ قال: نعم، قلتُ: أفتحلبُ لي؟ قال: نعم، فأخذ شاة، فقلتُ: انفض الضرع من التراب والشعر والقذي - قال: فرأيت البراء يضربُ إحدى يديه على الأخرى ينفضُ - فحلب في قعبٍ كثبة من لبنٍ، قال: ومعي إداوةً حملتها للنبي صلى الله عليه وسلم يرتوي منها ويشربُ ويتوضأ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فكرهتُ أن أوقظه فوافقته حتى استيقظ - فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفلهُ، فقلت: يا رسول الله اشرب: فشربَ حتى رضيتُ، ثم قال:"ألم يأن للرحيل؟ " قلت: بلى، قال: فارتحلنا بعدها مالت الشمسُ، وأتبعنا سُراقة بن مالك، فقلت: أُتينا يا رسول الله، فقال:"لا تحزن، إن الله معنا" فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتطمت به فرسه إلى بطنها: فقال: إني أراكما قد دعوتما عليِّ، فادعوا لي، فالله لكما أنْ أرد عنكما الطلب، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنجا، فجعل لا يلقى أحداً إلا قال: كفيتكم ما هنا، فلا يلقى أحداً إلا رده قال: ووفى لنا

202 - البخاري (6/ 672) 61 - كتاب المناقب (25) باب علامات النبوة في الإسلام.

ومسلم (4/ 2301) 53 - كتاب الزهد والرقائق - 19 - باب: في حديث الهجرة.

الرحل: سرج البعير - وهو الكور - وقد يراد به القتب والحداجة. قائم الظهيرة: أشد الحر وسط النهار، وقائمها: وقت استواء الشمس في وسط السماء (أنفض لك ما حولك) أي أحرسك وأطوف هل أرى أحداً يطلبك.

قصب: قدح ضخم غليظ. كثبة: الكثبة: القليل من اللبن. ألم يأن: ألم يقرب ويجيء وقت الرواح. الجلد. الأرض الغليظة الصلبة. أتينا: المراد: أنهم لحقونا وأدركونا. فارتطمت: ارتطمت في الوحل: إذا مشيت فيه ولم تكد تتخلص، وارتطم الرجل في أمره: إذا سدت عليه مذاهبه.

ص: 347

203 -

* روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهو مُردفٌ أبا بكر، وأبو بكر شيخ يُعرفُ، ونبي الله صلى الله عليه وسلم شابٌ لا يعرفُ، فيلقى الرجل أبا بكر، فيقول: يا أبا بكر، من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرجل يهديني السبيل فيحسبُ الحاسبُ: أنه إنما يعني الطريق، وإنما يعني به سبل الخير، فالتفت أبو بكر، فإذا هو بفارسي قد لحقهم، فقال: يا رسول الله، هذا فارس قد لحق بنا، فالتفت نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"اللهم اصرعهُ"، فصرعته فرسه، ثم قامت تحمحِمُ، فقال: يا نبي الله، مُرني بما شئت، قال:"فقف مكانك، لا تتركن أحداً يلحق بنا"، فكان أول النهار جاهداً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان آخر النهار مسلحة له، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم جانب الحرة، ثم بعث إلى الأنصار، فجاؤوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فسلموا عليهما، وقالوا: اركبا آمنين مطاعين، فركب نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكرٍ، وحفوا دونهما بالسلاح، فقيل في المدينة: جاء نبي الله، جاء نبي الله، فأشرفوا ينظرون، ويقولون: جاء نبي الله فأقبل يسيرُ حتى نزل جانب دار أبي أيوب فإنه ليحدث أهله، إذ سمع به عبد الله بن سلام - وهو في نخل لأهله يخترفُ لهم - فعُجِل أنْ يضع الذي يخترفُ لهم فيها، فجاء وهي معه، فسمع من نبي الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى أهله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أيُّ بيوت أهلنا أقربُ؟ " فقال أبو أيوب: أنا يا نبي الله، هذه داري، وهذا بابي، قال:"فانطلق فهيئ لنا مقيلاً"، قال: قوما على بركة الله، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء عبد الله بن سلام، فقال: أشهد أنك رسول الله، وأنك جئت بالحق، وقد علمت يهودُ أني سيدهم وابن سيدهم، وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعهم، فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمتُ، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمتُ قالوا في ما ليس فيِّ، فأرسل

203 - البخاري (7/ 349) 63 - كتاب مناقب الأنصار - 45 - باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.

(وأبو بكر شيخ يعرف ورسول الله صلى الله عليه وسلم شاب لا يعرف): لعل الراوي أنسا يعني أن أبا بكر حسب مظهره يبد أنه أسن من النبي صلى الله عليه وسلم والمعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أسن من أبي بكر بنحو سنتين، وهذا ما ذكره ابن حجر في الفتح قال: يريد أن أبا بكر قد شاب.

جاهداً: الجاهد: المبالغ الباذل غاية ما يقدر عليه. مسلحة: المسلحة: قوم ذ سلح، والمسلحة أيضاً: كالثغر والمرقب وهو الموضع الذي يقيم فيه قوم يحفظون من وراءهم من العدو، لئلا يهجموا عليهم، ويدخلوا إليهم، وهو بالأعجمية: اليرك. الاختراف: اجتناء الثمر من الشجر.

ص: 348

رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبلوا فدخلوا عليه فقال:"يا معشر اليهود، ويلكم، اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمُون أني رسول الله حقاً، وأني جئتكم بحق، فأسلموا"، قالوا: ما نعلمه - قالها ثلاث مرارٍ - قال: "فأيُّ رجلٍ فيكم ابنُ سلام؟ " قالوا: ذاك سيدنا وابن سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا، قال:"أفرأيتم إن أسلم؟ " قالوا: حاشى لله، ما كان ليُسلم - قالها ثلاث مرارٍ، وردوا عليه - فاقل:"يا ابن سلام، اخرُج عليهم" فخرج عليهم، فقال: يا معشر اليهود، اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون أنه رسول الله وأنه جاء بحق، قالوا: كذبت، فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

204 -

* روى البزار عن قيس بن النعمان قال: لما انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكرٍ يستخفيان نزلا بأبي معبد فقال: والله ما لنا شاةً وإن شاءنا لحواملُ فما بقي لنا لبنٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسبه - "فما تلك الشاة؟ " فأتى بها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة عليها ثم حلب عُساً، فسقاه ثم شربوا، فقال: أنت الذي تزعُم قريش أنك صابئ، قال:"إنهم ليقولون" قال أشهدُ أن ما جئت به حق، ثم قال: أتبعك قال: "لا حتى تسمع أنا قد ظهرنا" فاتبعهُ بعدُ.

205 -

* روى الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الغار مُهاجراً ومعه أبو بكر وعامر بين فهيرة مردفه أبو بكر وخلفه عبد الله ابن أريقط الليثي، فسلك بهما أسفل من مكة ثم مضى بهما حتى هبط بهما على الساحل أسفل من عسفان، ثم استجار بهما على أسفل أمجٍ، ثم عارض الطريق بعد أن أجاز قديداً ثم سلك بهما الحجاز، ثم أجاز بهما ثنية المرار، ثم سلك بهما الحفياء، ثم أجاز بهما مدلجة لقف ثم استبطن بهما مدلجة صحاح، ثم سلك بهما مذحج، ثم بطن مذحج من ذي الغصنِ

204 - البزار: كشف الأستار (2/ 301) وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 58) وقال رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.

عُسا: القدح الكبير.

205 -

الحاكم (3/ 8) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي.

ذي الغصن: وادٍ من حرة بني سليم.

السنيه: في الجبل كالعقبة فيه وقيل هو الطريق العالي فيه.

ص: 349

ثم يبطْنِ ذي كشدٍ، ثم أخذ الجباحِب ثم سلك ذي سلمٍ من بطن أعلى مدلجةٍ، ثم أخذ القاحة ثم هبط العرج، ثم سلك ثنية الغائر عن يمين ركوبةٍ ثم هبط بطن ريمٍ، فقدم قُباء على بني عمرو بن عوفٍ.

فائدة: عبد الله هو دليل الرحلة وكان مشركاً من بني ليث من كنانة وقد استأجره أبو بكر وفي ذلك ما يدل على أنه إذا لم يوجد مسلم لمهمة لابد منها فبالإمكان الاستفادة من الكافر الثقة.

يلاحظ أن الدليل سار بهم في طريق راعى فيه كل مقتضيات الأمن وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلماً في ذلك مما يدل على أن أخذ الاحتياط الأمني جزء من السنة النبوية.

206 -

* روى الحاكم عن محمد بن سيرين قال: ذكر رجالٌ على عهد عمر رضي الله عنه فكأنهم فضلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما قال: فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فقال: والله لليلة من أبي بكرٍ خيرٌ من آل عمر وليوم من أبي بكر خير من آل عمر، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر فجعل يمشي ساعة بين يديه وساعة خلفه حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"يا أبا بكرٍ مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي" فقال: يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك، فقال:"يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أنْ يكون بك دوني" قال: نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من ملمةٍ إلا أن تكون بي دُونك، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ لك الغار، فدخل واستبرأه حتى إذا كان في أعلاه ذكر أنه لم يستبرئ الجحَرَة فقال: مكانك يا رسول الله حتى أستبر الجِحَرَة، فدخل واستبرأ ثم قال: انزل يا رسول الله، فنزل فقال عمر: والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر.

207 -

* روى الحاكم عن عروة بن الزبير أنه سمع الزبير يذكر أنه لقي الركب من المسلمين

206 - المستدرك (3/ 6) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين لولا إرساله فيه ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

ملمة: نازلة شديدة من شدائد الدهر. استبرئ: استبرأ الشيء: تقصى بحثه، الجِحرة: بكسر الجيم جمع جِحر.

207 -

المستدرك (3/ 11) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

ص: 350

كانوا تجاراً بالشام قافلين من مكة عارضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكرٍ بثيابٍ بيضٍ حين سمعوا بخروجهم فلما سمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يؤذيهم خرُّ الظهيرة فانقلبوا يوماً بعدما أطالوا انتظاره فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود أطُما من آطامِهم لينظر إليه، فبصُر برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معشر العرب هذا صاحبكم الذي تنتظرون فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بظهرِ الحرةِ.

208 -

* روى الطبراني عن ابن إسحق قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء على كلثوم بن هِرمِ أخي بني عمرو بن عوفٍ يقال: بل نزل على سعد بن خيثمة فأقام في بني عمرو بن عغوفٍ يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسس مسجدهم وخرج من بني عمرو بن عوف، فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلى الجمعة في المسجد الذي يبطن الوادي قال ابن إسحاق: ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي أيوب، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء مسجده في تلك السَنة.

209 -

* روى الطبراني عن الشموس بنت النعمان قالت نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قَدِمَ ونزل وأسس هذا المسجد مسجد قباء فرأيته يأخذ الحجر أو الصخرة حتى يهصره الحجرُ، وأنظر إلى بياض التراب على بطنه أو سُرته فيأتي الرجلُ من أصحابه ويقول بأبي وأمي يا رسول الله أعطني أكفِك فيقول:"لا، خُذ مثله" حتى أسسه، ويقول:"إن جبري لعليه السلام هو يؤم الكعبة" قال فكان يقال إنه أقوم مسجد قِبلةً.

210 -

* روى الطبراني عن عاصم بن عدي قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي

قافلين: راجعين - القافل الراع من سفره. أوفى. أشرف واطلع. مبيضين: بكسر الياء أي هم ذو ثياب بيض.

آطامهم: الأطم: البناء المرتفع.

208 -

المعجم الكبير (6/ 30) ومجمع الزائد (6/ 62)، قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات.

209 -

المعجم الكبير (24/ 218) وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 61) وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات. يهصره: أي يميله.

210 -

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 62)، رواه الطبراني ورجاله ثقات.

ص: 351

عشرة ليلة خلت من ربيع الأول فأقام بالمدينة عشر سنين.

211 -

* روى الحاكم عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: شهدتُ يوم دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة فلم أر يوماً أحسن ولا أضوء منه.

212 -

* روى الحاكم عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى قدم المدينة وخرج الناس حتى دخلنا في الطريق وصاح النساء والخدام والغلمان جاء رسول الله الله أكبر جاء محمدٌ جاء رسول الله، فلما أصبح انطلق فنزل حيث أُمِرَ.

هذا لحديث أصل في جواز الهتاف الذي اعتاده أبناء الحركة الإسلامية في المناسبات.

213 -

* روى أبو داود عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة لعبت الحبشة لقدومه، فرحاً بذلك، لعبُوا بحِرابهم".

214 -

* روى الحاكم عن عكرمة قال لما خرج صهيبُ مهاجراً تبعه أهلُ مكة فنثل كنانته فأخرج منها أربعين سهماً فقال: لا تصلون إلي حتى أصنع ف كل رجل منكم سهماً ثم أصيرُ بعد إلى السيف فتعلمون أني رجل وقد خلفتُ بمكة قينتين فهما لكم. قال (وحدُثَنَا) حماد بن سلمة عن ثابت عن أُنسِ نحوه ونزلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} الآية فلما رآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "أبا يحيى ربح البيع" قال: وتلا عليه الآية.

215 -

* روى الحاكم عن سعيد بن المسيب عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أُريت دار هجرتكم سبخة بين ظهراني حرة فإما أن تكونُ هجرا أو تكون يثرب" قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، وخرج معه

211 - المستدرك (3/ 12) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

212 -

الحاكم (3/ 12) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

213 -

أبو داود (4/ 281) كتاب الأدب، باب في النهي عن الغناء، وإسناده صحيح. فنثل: نثل الشيء نثلا: استخرجه.

214 -

المستدرك (3/ 298) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي.

215 -

المستدرك (3/ 400) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

ص: 352

أبو بكر رضي الله عنه وكنتُ قد هممتُ بالخروج معه فصدني فتيانُ من قريشٍ فجعلتُ ليلتي تلك أقوم ولا أقعد فقالوا: قد شغله الله عنكم ببطنه ولم أكن شاكياً فقاموا فلحقني منهم ناس بعد ما سرت بريداً ليردوني فقلت لهم: هل لكم أن أعطيكم أواقي من ذهب وتُخلون سبيلي وتفون لي فتبعتهم إلى مكة فقلتُ لهم: احفروا تحت أسكفةِ الباب فإن تحتها الأواق واذهبوا إلى فلانة فخذوا الحلتين وخرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يتحول منها يعني قباء فلما رآني قال: "يا أبا يحيى ربح البيعُ" ثلاثاً فقلتُ: يا رسول الله ما سبقني إليك أحد وما أخبرك إلا جبريل عليه السلام.

216 -

* روى الحاكم عن صهيب، قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالهجرة وهو يأكل تمراً فأقبلتُ آكل من التمر وبعيني رمدٌ فقال: "أتأكل التمر وبك رمدٌ" فقلتُ إنما آكل على شقي الصحيح ليس به رمدٌ قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

217 -

* روى البخاري ومسلم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، أنها حملت بعبد الله ابن الزبير بمكة، قالت: فخرجت وأنا متم، فأتيت المدينة، فنزلت بقباء فولدته بقباء، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعه في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها، ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حنكه بالتمرة، ثم دعا له، وبرك عليه، وكان أول مولودٍ ولد في الإسلام".

وفي رواية: ففرحوا به فرحاً شديداً لأنهم قيل لهم: إن اليهود سحرتكم فلا يولد لكم.

218 -

* روى مالك عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة

216 - المستدرك (3/ 299) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

217 -

والبخاري (7/ 248) 62 - كتاب امناقب الأنصار - 45 - باب: هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة. متمُّ: أتممت الحامل: دنا وقت ولادتها، وأتمت أيام حملها فهي متم.

مسلم (3/ 1691) 38 - كتاب الآداب - 5 - باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته، وحمله إلى صالح يحنكه.

218 -

الموطأ (2/ 890) 45 - كتاب الجامع (المدينة) 4 - باب ما جاء في وباء المدينة.

والبخاري (4/ 99) 29 - كتاب فضائل المدينة، باب 17.

ومسلم (2/ 1003) 15 - كتاب الحج - 86 - باب: الترغيب في سكنى المدينة، والصبر على لأوائها.

وعاك: وعك فلان أصابه ألم من شدة التعب، ووعك المرض فلاناً آذاه وأوجعه. أقلع: أٌلع الشيء: انجلى وانكشف. العقيرة: الصوت رفع عقيرته: رفع صوته من الألم.

ص: 353

وُعِكَ أبو بكرٍ وبلالً، قالت: فدخلتُ عليهما، فقلتُ: يا أبتِ، كيف تجدُكَ؟ ويا بلالُ، كيف تجدك؟ قالت: فكان أبو بكر إذا أخذته الحمي يقول:

كل امرئ مصبحٌ في أهلهِ

والموتُ أدنى من شراك نعلهِ

وكان بلال إذا أقلع عنه، يرفع عقيرته فيقول:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلةً

بوادٍ، وحولي إذخر وجليلُ؟

وهل أردن يوماً مياه مجنةٍ

وهل يبدون لي شامةً وطفيلُ؟

قالت عائشة: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال:"اللهم حبب إلينا المدينة كحُبنا مكة أو أشد، وصححها، وبارك لنا في صاعها ومُدها، وانقل حُماها فاجعلها بالجحفة".

وفي رواية نحوه، وزاد بعد بيتي بلالٍ من قوله: اللهم الغنُ شيبة بن ربيعة، وعُتبة ابن ربيعة، وأمية بن خلف، كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء. ثم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم حبب إلينا المدينة

".

وذكر باقي الدعاء. قالت: وقدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله، قالت: وكان بُطحانُ يجري نجلاً، تعني ماء آجنا".

وأخرج الموطأ عقيب هذا الحديث عن يحيى بن سعيد أن عائشة قالت: وكان عامرُ ابن فهيرة يقول:

لقد رأيتُ الموت قبل ذوقهِ

إن الجبان حتفه من فوقهِ

219 -

* روى النسائي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا من المهاجرين، لأنهم هجروا المشركين، وكان من الأنصار مهاجرون، لأن المدينة كانت دار شركٍ، فجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبةِ

219 - النسائي (7/ 144) كتاب البيعة - باب تفسير الهجرة. وإسناده صحيح.

ص: 354

220 -

* روى البزارُ عن حذيفة قال: خبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الهجرة والنصرة فاخترتُ الهجرة.

وكان حذيفة بن اليمان من عبس وفد مع أبيه إلى المدينة قبل الهجرة النبوية.

221 -

* روى الحاكم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أتعلم أول زُمرة تدخل الجنة من أمتي" قال: الله ورسوله أعلم فقال: "المهاجرون يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة ويستفتحون فيقول لهم الخزنة أو قد حوسبتم فيقولون بأي شيء نُحاسب وإنما كانت أسيافنا على عواتقنا في سبيل الله حتى متنا على ذلك قال: فيُفتح لهم فيقيلون فيه أربعين عاما ًقبل أن يدخلها الناسُ".

وبقيت الهجرة مستمرة إلى المدينة المنورة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى فتح مكة عندئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية" لكن بقيت الهجرة مشروعة حيث وجدت أسبابها: من خوف فتنة في دار الكفر أو البدعة إلى وجوب تجمع في دار الإسلام لصالح جهاد أو قوة للإسلام والمسلمين، ومن تأمل هذه المعاني عرف كيف يحمل النصوص اللاحقة على محاملها الصحيحة.

222 -

* روى الطبراني في الأوسط عن ابن عباس: كان قدومنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس من الهجرة خرجنا متواصلين مع قريش عام الأحزاب وأنا مع أخي الفضل ومعنا غلامُنا أبو رافع حتى انتهينا إلى العرْج ثم أخذنا في طريق حتى خرجنا على بني عمرو بن عوف فدخلنا المدينة فوجدناها صلى الله عليه وسلم في الخندق وأنا يومئذ ابن ثمان سنين وأخي في ثلاث عشرة

220 - البزار "كشف الأستار"(3/ 265) وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 65) وقال: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير علي بن زيد وهو حسن الحديث.

221 -

المستدرك (2/ 70) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

222 -

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 64): رواه الطبراني في الأوسط من طريق عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري عن سليمان بن داود بن الحصين وكلاهما لم يوثق ولم يضعف، وبقية رجاله ثقات.

ص: 355

223 -

* روى النسائي - عن يعلي بن أمية: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي أمية يوم الفتح فقلت: يا رسول الله بايع أبي على الهجرة فقال: "أبايعه على الجهاد وقد انقطعت الهجرة".

224 -

* روى النسائي عن عمر، قال: لا هجرة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

225 -

* روى النسائي عن ابن عمرو بن العاص: قال رجلٌ يا رسول الله أيُّ الهجرة أفضل؟ قال: "أن تهجر ما كره ربك" وقال: "الهجرة هجرتان هجرة الحاضر وهجرة البادي فأما البادي فيُجيبُإذا دُعي ويطيع إذا أُمر وأما الحاضر فهو أعظمهما بلية وأعظمهما أجرا".

أما الأحاديث التي تدل على عدم انقطاع الهجرة إذا وجدت أسبابها فمنها:

226 -

* روى النسائي عن عبد الله بن السعدي: قلت يا رسول الله يزعمون أن الهجرة قد انقطعت قال: "لا تنقطعُ الهجرة ما قوتل الكفار".

227 -

* روى أبو داود عن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا تنقطعُ الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها".

قال ابن حجر: وروى الإسماعيلي عن ابن عمر رضي الله عنهما بلفظ: (انقطعت الهجرة بعد الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار). أي ما دام في الدنيا دار كفر، فالهجرة واجبة منها على من أسلم وخشي أن يفتن عن دينه، ومفهومه أنه لو قدر أن لا يبقى في الدينا دار كفر أن الهجرة تنقطع لانقطاع موجبها، والله أعلم

223 - النسائي (7/ 141) كتاب البيعة، باب - البيعة على الجهاد وسنده حسن.

224 -

النسائي (7/ 146) كتاب البيعة، باب - في ذكر الاختلاف في انقطاع الهجرة وسنده حسن.

225 -

النسائي (7/ 144) كتب البيعة، باب - في هجرة البادي وسنده حسن.

226 -

النسائي (7/ 146) كتاب البيعة، باب - في ذكر الاختلاف في انقطاع الهجرة وسنده حسن.

227 -

أبو داود (3/ 3) كتاب الجهاد، باب - ما جاء في الهجرة وسكنى البدو، وسنده صالح.

ص: 356