الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ
أَفْضَلُ الْبِقَاعِ مِنْ أَطْرَافِ الْحِلِّ لِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ: الْجِعْرَانَةُ، ثُمَّ التَّنْعِيمُ، ثُمَّ الْحُدَيْبِيَةُ.
قُلْتُ: هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. وَأَمَّا قَوْلُ صَاحِبِ التَّنْبِيهِ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، فَغَلَطٌ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
بَابٌ
بَيَانُ وُجُوهِ الْإِحْرَامِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا
اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ إِفْرَادِ الْحَجِّ عَنِ الْعُمْرَةِ، وَالتَّمَتُّعِ، وَالْقِرَانِ. وَأَفْضَلُهَا: الْإِفْرَادُ، ثُمَّ التَّمَتُّعُ، ثُمَّ الْقِرَانُ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَالْمَنْصُوصُ فِي عَامَّةِ كُتُبِهِ. وَفِي قَوْلٍ: التَّمَتُّعُ أَفْضَلُ، ثُمَّ الْإِفْرَادُ. وَحُكِيَ قَوْلٌ: أَنَّ الْأَفْضَلَ: الْإِفْرَادُ، ثُمَّ الْقِرَانُ، ثُمَّ التَّمَتُّعُ. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ: أَفْضَلُهَا: الْقِرَانُ. فَأَمَّا الْإِفْرَادُ، فَمِنْ صُوَرِهِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ وَيَفْرَغَ مِنْهُ، ثُمَّ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ. وَسَيَأْتِي بَاقِي صُوَرِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي شُرُوطِ التَّمَتُّعَ. ثُمَّ تَفْضِيلُ الْإِفْرَادِ عَلَى التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، شَرْطُهُ أَنْ يَعْتَمِرَ تِلْكَ السَّنَةَ. فَلَوْ أَخَّرَ الْعُمْرَةَ عَنْ سَنَتِهِ، فَكُلُّ [وَاحِدٍ] مِنَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ أَفْضَلُ مِنْهُ، لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعُمْرَةِ عَنْ سَنَةِ الْحَجِّ مَكْرُوهٌ.
وَأَمَّا الْقِرَانُ، فَصُورَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا. فَتَنْدَرِجَ أَفْعَالُ الْعُمْرَةِ فِي أَعْمَالِ الْحَجِّ، وَيَتَّحِدَ الْمِيقَاتُ وَالْفِعْلُ. وَلَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَدْخَلَ
عَلَيْهَا الْحَجَّ نُظِرَ إِنْ أَدْخَلَهُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَغَا إِدْخَالُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ إِحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ. وَإِنْ أَدْخَلَهُ فِي أَشْهُرِهِ نُظِرَ إِنْ كَانَ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَفِي صِحَّةِ إِدْخَالِهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ، وَحَكَاهُ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ: لَا يَصِحُّ الْإِدْخَالُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى صِحَّةِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ. وَالثَّانِي: يَصِحُّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَصِيرُ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ وَقْتَ إِدْخَالِهِ، وَهُوَ وَقْتٌ صَالِحٌ لِلْحَجِّ.
قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي أَصَحُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَإِنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا فِي أَشْهُرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَعَ فِي طَوَافِهَا، صَحَّ وَصَارَ قَارِنًا، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ إِدْخَالُهُ. وَفِي عِلَّةِ عَدَمِ الصِّحَّةِ، أَرْبَعَةُ مَعَانٍ.
أَحَدُهَا: لِأَنَّهُ اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ. وَالثَّانِي: لِأَنَّهُ أَتَى بِفَرْضٍ مِنْ فُرُوضِهَا. وَالثَّالِثُ: لِأَنَّهُ أَتَى بِمُعْظَمِ أَفْعَالِهَا. وَالرَّابِعُ: لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي التَّحَلُّلِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ فِي «عُيُونِ الْمَسَائِلِ» . وَحَيْثُ جَوَّزْنَا الْإِدْخَالَ عَلَيْهَا، فَذَاكَ إِذَا كَانَتْ عُمْرَةً صَحِيحَةً. فَإِنْ أَفْسَدَهَا، ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ، فَفِيهِ خِلَافٌ سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. أَمَّا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي وَقْتِهِ، ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ، فَقَوْلَانِ. الْقَدِيمُ: أَنَّهُ يَصِحُّ، وَيَصِيرُ قَارِنًا. وَالْجَدِيدُ: لَا يَصِحُّ. فَإِذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، فَإِلَى مَتَى يَجُوزُ الْإِدْخَالُ؟ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ مُفَرَّعَةٍ عَلَى الْمَعَانِي السَّابِقَةِ. أَحَدُهَا: يَجُوزُ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ. وَقَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : هَذَا أَصَحُّهَا.
وَالثَّانِي: يَجُوزُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي السَّعْيِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ فُرُوضِ الْحَجِّ، قَالَهُ الْخُضَرِيُّ. وَالثَّالِثُ: يَجُوزُ وَإِنِ اشْتَغَلَ بِفَرْضٍ مَا لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ كَانَ سَعَى، فَعَلَيْهِ إِعَادَةُ السَّعْيِ لِيَقَعَ عَنِ النُّسُكَيْنِ جَمِيعًا، كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ. وَالرَّابِعُ: يَجُوزُ، وَإِنْ وَقَفَ مَا لَمْ يَشْتَغِلْ