المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب حكم المبيع قبل القبض وبعده وصفة القبض - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٣

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ قَوْلَانِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مَوَانِعِ إِتْمَامِ الْحَجِّ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْهَدْيِ

- ‌كِتَابُ الضَّحَايَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْعَقِيقَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ النَّذْرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌بَابُ مَا يَصِحُّ بِهِ الْبَيْعُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْبُيُوعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ خِيَارِ النَّقِيصَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَصِفَةُ الْقَبْضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ بَابِ [

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ [وَتَحَالُفِهِمَا]

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: ‌باب حكم المبيع قبل القبض وبعده وصفة القبض

‌بَابُ حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَصِفَةُ الْقَبْضِ

.

لِلْقَبْضِ حُكْمَانِ. أَحَدُهُمَا: انْتِقَالُ الضَّمَانِ إِلَى الْمُشْتَرِي. فَالْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ تَلَفَ انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ. فَلَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ مِنْ ضَمَانِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَهَلْ يَبْرَأُ حَتَّى لَوْ تَلَفَ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَلَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا يَبْرَأُ، وَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُ الْعَقْدِ. ثُمَّ إِذَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ، كَانَ الْمَبِيعُ هَالِكًا عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ. حَتَّى لَوْ كَانَ عَبْدًا، كَانَتْ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ عَلَى الْبَائِعِ.

وَهَلْ نَقُولُ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إِلَيْهِ قُبَيْلَ الْهَلَاكِ، أَمْ يَرْتَفِعُ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ؟ وَجْهَانِ خَرَّجَهُمَا ابْنُ سُرَيْجٍ. أَصَحُّهُمَا وَهُوَ اخْتِيَارُهُ وَاخْتِيَارُ ابْنِ الْحَدَّادِ: لَا يَرْتَفِعُ مِنْ أَصْلِهِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَفِي الزَّوَائِدِ الْحَادِثَةِ بِيَدِ الْبَائِعِ مِنَ الْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ وَالْبَيْضِ وَالْكَسْبِ وَغَيْرِهَا هَذَانِ الْوَجْهَانِ، وَذَكَرْنَا نَظِيرَهُمَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَطَرَّدَهُمَا جَمَاعَةٌ فِي الْإِقَالَةِ إِذَا جَعَلْنَاهَا فَسْخًا، وَخَرَّجُوا عَلَيْهِمَا الزَّوَائِدَ. وَالْأَصَحُّ فِي الْجَمِيعِ: أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي، وَتَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْبَائِعِ. وَلَوْ هَلَكَتْ وَالْأَصْلُ بَاقٍ بِحَالِهِ، فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي. وَفِي مَعْنَى الزَّوَائِدِ، الرِّكَازُ الَّذِي يَجِدُهُ الْعَبْدُ وَمَا وُهِبَ لَهُ فَقَبَضَهُ وَقَبِلَهُ، وَمَا أُوصِي لَه [بِهِ] فَقَبِلَهُ، هَذَا حُكْمُ التَّلَفِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ.

أَمَّا إِذَا تَلَفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ. الْأَوَّلُ: أَنْ يُتْلِفَهُ الْمُشْتَرِي، فَهُوَ قَبْضٌ مِنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مِلْكَهُ، فَصَارَ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَالِكُ الْمَغْصُوبَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، يَبْرَأُ الْغَاصِبُ وَيَصِيرُ الْمَالِكُ مُسْتَرِدًّا بِالْإِتْلَافِ. وَفِي وَجْهٍ: إِتْلَافُهُ لَيْسَ بِقَبْضٍ، لَكِنْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ

ص: 501

لِلْبَائِعِ، وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ، وَيَكُونُ التَّلَفُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ. هَذَا عِنْدَ الْعِلْمِ. أَمَّا إِذَا كَانَ جَاهِلًا، بِأَنْ قَدَّمَ الْبَائِعُ الطَّعَامَ الْمَبِيعَ إِلَى الْمُشْتَرِي فَأَكَلَهُ، فَهَلْ يُجْعَلُ قَبْضًا؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إِذَا قَدَّمَ الْغَاصِبُ الطَّعَامَ الْمَغْصُوبَ إِلَى الْمَالِكِ فَأَكَلَهُ جَاهِلًا، هَلْ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ؟ فَإِنْ لَمْ نَجْعَلْهُ قَابِضًا، فَهُوَ كَإِتْلَافِ الْبَائِعِ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يُتْلِفَهُ أَجْنَبِيُّ، فَطَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: عَلَى قَوْلَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ. وَأَظْهَرُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ، بَلْ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، إِنْ شَاءَ فَسَخَ وَاسْتَرَدَّ الثَّمَنَ، وَيَغَرُمُ الْأَجْنَبِيُّ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ وَغَرَمَ الْأَجْنَبِيُّ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْقَوْلِ الثَّانِي، قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ. وَإِذَا قُلْنَا بِهِ فَهَلْ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْقِيمَةِ لِأَخْذِ الثَّمَنِ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: نَعَمْ. كَمَا يَحْبِسُ الْمُرْتَهِنُ قِيمَةَ الْمَرْهُونِ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا، كَالْمُشْتَرِي إِذَا أَتْلَفَ الْمَبِيعَ، لَا يَغَرُمُ الْقِيمَةَ لِيَحْبِسَهَا الْبَائِعُ. وَعَلَى الْأَوَّلِ، لَوْ تَلَفَتِ الْقِيمَةُ فِي يَدِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، هَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ لِأَنَّهَا بَدَلُ الْمَبِيعِ؟ وَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا: لَا.

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُتْلِفَهُ الْبَائِعُ، فَطَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: عَلَى قَوْلَيْنِ. أَظْهَرُهُمَا: يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ كَالْآفَةِ. وَالثَّانِي: لَا، بَلْ إِنْ شَاءَ فَسَخَ وَسَقَطَ الثَّمَنُ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ وَغَرَمَ الْبَائِعُ الْقِيمَةَ وَأَدَّى لَهُ الثَّمَنَ. وَقَدْ يَقَعُ ذَلِكَ فِي أَقْوَالِ التَّقَاصِّ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ. فَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِالِانْفِسَاخِ، عَادَ الْخِلَافُ فِي حَبْسِ الْقِيمَةِ. وَقِيلَ: لَا حَبْسَ هُنَا قَطْعًا، لِتَعَدِّيهِ بِإِتْلَافِ الْعَيْنِ.

فَرْعٌ

بَاعَ شِقْصًا مِنْ عَبْدٍ وَأَعْتَقَ بَاقِيَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ مُوسِرٌ، عَتَقَ كُلُّهُ، وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ، وَسَقَطَ الثَّمَنُ إِنْ جَعَلْنَا إِتْلَافَ الْبَائِعِ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ.

ص: 502

فَرْعٌ

لَوِ اسْتَعْمَلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ إِنْ جَعَلْنَا إِتْلَافَهُ كَالْآفَةِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ.

فَرْعٌ

إِتْلَافُ الْأَعْجَمِيِّ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ بِأَمْرِ الْبَائِعِ أَوِ الْمُشْتَرِي، كَإِتْلَافِهِمَا. وَإِتْلَافُ الْمُمَيَّزِ بِأَمْرِهِمَا، كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ. وَذَكَرَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، أَنَّ إِذْنَ الْمُشْتَرِي لِلْأَجْنَبِيِّ فِي الْإِتْلَافِ يَلْغُو، وَإِذَا أَتْلَفَ، فَلَهُ الْخِيَارُ. وَأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ الْبَائِعُ فِي الْأَكْلِ وَالْإِحْرَاقِ، فَفَعَلَ، كَانَ التَّلَفُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لِلْغَاصِبِ فَفَعَلَ، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ ; لِأَنَّ الْمِلْكَ هُنَاكَ مُسْتَقِرٌّ. وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: أَنَّ إِتْلَافَ عَبْدِ الْبَائِعِ، كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ. وَكَذَا إِتْلَافُ عَبْدِ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إِذْنِهِ. فَإِنْ أَجَازَ جُعِلَ قَابِضًا، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ بِنَفْسِهِ. وَإِنْ فَسَخَ، اتَّبَعَ الْبَائِعُ الْجَانِيَ. وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَلَفًا، فَاعْتَلَفَهُ حِمَارُ الْمُشْتَرِي بِالنَّهَارِ، يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ. وَإِنِ اعْتَلَفَهُ بِاللَّيْلِ لَمْ يَنْفَسِخْ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، فَإِنْ أَجَازَ، فَهُوَ قَابِضٌ، وَإِلَّا، طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ مَا أَتْلَفَ حِمَارُهُ. وَأَطْلَقَ الْقَوْلَ بِأَنَّ إِتْلَافَ بَهِيمَةِ الْبَائِعِ، كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ. فَقِيلَ لَهُ: فَهَلَّا فَرَّقْتَ فِيهَا أَيْضًا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ؟ فَقَالَ: هَذَا مَوْضِعُ فِكْرٍ.

فَرْعٌ

لَوْ صَالَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي يَدِ الْبَائِعِ، فَقَتَلَهُ دَفْعًا، قَالَ الْقَاضِي: يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ لِغَرَضِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: لَا يَسْتَقِرُّ.

ص: 503

قُلْتُ: قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ أَصَحُّ. وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُهُ الْأَجْنَبِيُّ، وَلَا الْمُحْرِمُ لَوْ كَانَ صَيْدًا. وَكَذَا لَوْ صَالَ الْمَغْصُوبُ عَلَى مَالِكِهِ فَقَتَلَهُ دَفْعًا، لَمْ يَبْرَأِ الْغَاصِبُ، سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ مَلَكَهُ، أَمْ لَا. وَفِي الْعَالِمِ وَجْهٌ شَاذٌّ، وَسَيَأْتِي إِيضَاحُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْغَصْبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

لَوْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْبَائِعِ، فَلِلْبَائِعِ الِاسْتِرْدَادُ إِذَا ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، فَإِنْ أَتْلَفَهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَقَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، لِاسْتِقْرَارِ الْعَقْدِ بِالْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فِيهِ. وَالثَّانِي: يُجْعَلُ مُسْتَرَدًّا بِالْإِتْلَافِ، كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَابِضٌ بِالْإِتْلَافِ. وَعَلَى هَذَا، فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ أَوْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي. قَالَ الْإِمَامُ: الظَّاهِرُ الثَّانِي.

فَرْعٌ

وُقُوعُ الدُّرَّةِ فِي الْبَحْرِ قَبْلَ الْقَبْضِ، كَالتَّلَفِ، فَيَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ. وَكَذَا انْفِلَاتُ الصَّيْدِ الْمُتَوَحِّشِ وَالطَّيْرِ، قَالَهُ فِي «التَّتِمَّةِ» : وَلَوْ غَرَّقَ الْمَاءُ الْأَرْضَ الْمُشْتَرَاةَ، أَوْ وَقَعَ عَلَيْهَا صُخُورٌ عَظِيمَةٌ مِنْ جَبَلٍ، أَوْ رَكِبَهَا رَمْلٌ، فَهَلْ هُوَ كَالتَّلَفِ أَوْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ؟ وَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا الثَّانِي.

ص: 504

فَرْعٌ

لَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ ضَاعَ فِي انْتِهَابِ الْعَسْكَرِ، لَمْ يَنْفَسِخِ الْبَيْعُ، لِبَقَاءِ الْمَالِيَّةِ وَرَجَاءِ الْعَوْدِ. وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ: يَنْفَسِخُ كَالتَّلَفِ. وَلَوْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ، فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْخِيَارُ. فَإِنْ أَجَازَ، لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ، وَإِنْ سَلَّمَهُ، قَالَ الْقَفَّالُ: لَيْسَ لَهُ الِاسْتِرْدَادِ، لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْفَسْخِ. وَإِنْ أَجَازَ ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ، فَلَهُ ذَلِكَ، كَمَا لَوِ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فَأَجَازَ ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ كُلَّ سَاعَةٍ. وَحُكِيَ عَنِ الْقَفَّالِ مِثْلُهُ فِيمَا إِذَا أَتْلَفَ الْأَجْنَبِيُّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَأَجَازَ الْمُشْتَرِي لِيَتْبَعَ الْأَجْنَبِيَّ، ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ، قَالَ الْقَاضِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمَكَّنَ مِنَ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِمَا فِي ذِمَّةِ الْأَجْنَبِيِّ، فَأَشْبَهَ الْحَوَالَةَ.

فَرْعٌ

لَوْ جَحَدَ الْبَائِعُ الْعَيْنَ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ، لِلتَّعَذُّرِ.

فَرْعٌ

مَنْقُولٌ مِنْ فَتَاوَى الْقَاضِي.

بَاعَ عَبْدَهُ رَجُلًا، ثُمَّ بَاعَهُ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إِلَيْهِ، وَعَجَزَ عَنِ انْتِزَاعِهِ مِنْهُ وَتَسْلِيمِهِ إِلَى الْأَوَّلِ، فَهَذَا جِنَايَةٌ مِنْهُ عَلَى الْمَبِيعِ، فَهُوَ كَالْجِنَايَةِ الْحِسِّيَّةِ، فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي، بَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ وَبَيْنَ أَنْ يُجِيزَ وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ مِنَ الْبَائِعِ. وَلَوْ طَالَبَ الْبَائِعَ بِالتَّسْلِيمِ، وَزَعَمَ قُدْرَتَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْبَائِعُ: أَنَا عَاجِزٌ عَنْهُ، حَلَفَ. فَإِنْ نَكَلَ،

ص: 505