الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
فِي أَحْكَامِ الطَّوَافِ
لِلطَّوَافِ بِأَنْوَاعِهِ وَظَائِفُ وَاجِبَةٌ، وَأُخْرَى مَسْنُونَةٌ. فَالْوَاجِبُ: ثَمَانِيَةٌ مُخْتَلَفٌ فِي بَعْضِهَا.
الْأَوَّلُ: الطَّهَارَةُ عَنِ الْحَدَثِ، وَالنَّجَسِ، وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ، كَمَا فِي الصَّلَاةِ. فَلَوْ طَافَ مُحْدِثًا، أَوْ عَارِيًا، أَوْ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ يَطَأُ فِي مَطَافِهِ النَّجَاسَةَ. وَلَمْ أَرَ لِلْأَئِمَّةِ تَشْبِيهَ مَكَانِ الطَّوَافِ بِالطَّرِيقِ فِي حَقِّ الْمُتَنَفِّلِ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا، وَهُوَ تَشْبِيهٌ لَا بَأْسَ بِهِ. وَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهِ عَمْدًا، لَزِمَهُ الْوُضُوءُ. وَهَلْ يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ طَوَافِهِ، أَمْ يَسْتَأْنِفُ؟ قَوْلَانِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَهُ الْبِنَاءُ.
وَالثَّانِي: يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ. فَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ، فَإِنْ قُلْنَا: يَبْنِي الْعَامِدُ، فَهَذَا أَوْلَى وَإِلَّا فَقَوْلَانِ، أَوْ وَجْهَانِ. الْأَصَحُّ: الْبِنَاءُ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَطُلِ الْفَصْلُ. فَإِنْ طَالَ فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَحَيْثُ لَا نُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ، نَسْتَحِبُّهُ.
الْوَاجِبُ الثَّانِي: التَّرْتِيبُ، وَهُوَ أَنْ يَبْتَدِئَ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، فَيُحَاذِيَهُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَيَمُرَّ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَالْبَيْتُ عَلَى يَسَارِهِ. فَلَوْ جَعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَمِينِهِ وَمَرَّ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ. فَلَوْ لَمْ يَجْعَلْهُ عَلَى يَمِينِهِ وَلَا عَلَى يَسَارِهِ، بَلِ اسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهِهِ مُعْتَرِضًا، أَوْ جَعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَمِينِهِ، وَمَشَى قَهْقَرَى نَحْوَ الْبَابِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِعِبَارَةِ الْأَكْثَرِينَ. وَالْقِيَاسُ جَرَيَانُ هَذَا الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ مَرَّ مُعْتَرِضًا مُسْتَدْبِرًا.
قُلْتُ: الصَّوَابُ: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الطَّوَافُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، فَإِنَّهُ مُنَابِذٌ لِمَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَلَوِ ابْتَدَأَ مِنْ غَيْرِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، فَيَكُونَ مِنْهُ ابْتِدَاءُ الطَّوَافِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَمُرَّ فِي الِابْتِدَاءِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ عَلَى جَمِيعِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، فَلَا يُقَدِّمُ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ. فَلَوْ حَاذَاهُ بِبَعْضِ بَدَنِهِ، وَكَانَ بَعْضُهُ مُجَاوِزًا إِلَى جَانِبِ الْبَابِ، فَقَوْلَانِ.
الْجَدِيدُ: أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الطَّوْفَةِ. وَالْقَدِيمُ: يُعْتَدُّ بِهَا. وَجَعَلَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ هَذَا الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَا، بَلْ هُمَا قَوْلَانِ مَنْصُوصَانِ، حَكَاهُمَا الْأَصْحَابُ. وَلَوْ حَاذَى بِجَمِيعِ الْبَدَنِ بَعْضَ الْحَجَرِ دُونَ بَعْضِهِ، أَجْزَأَهُ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ. كَمَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ فِي الصَّلَاةِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ بَعْضَ الْكَعْبَةِ.
الْوَاجِبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ خَارِجًا بِجَمِيعِ بَدَنِهِ عَنْ جَمِيعِ الْبَيْتِ. فَلَوْ مَشَى عَلَى الشَّاذَرْوَانِ، لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ فَإِنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْبَيْتِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَدُورَ فِي طَوَافِهِ حَوْلَ الْحِجْرِ وَهُوَ الْمَحُوطُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ بِجِدَارٍ قَصِيرٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الرُّكْنَيْنِ فَتْحَةٌ. وَكَلَامُ كَثِيرٍ مِنَ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي كَوْنَ جَمِيعِهِ مِنَ الْبَيْتِ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» . لَكِنَّ الصَّحِيحَ: أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلِ الَّذِي هُوَ مِنَ الْبَيْتِ قَدْرُ سِتِّ أَذْرُعٍ تَتَّصِلُ بِالْبَيْتِ. وَقِيلَ: سِتُّ أَذْرُعٍ، أَوْ سَبْعٌ. وَلَفْظُ «الْمُخْتَصَرِ» مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا. فَلَوْ دَخَلَ إِحْدَى الْفَتْحَتَيْنِ، وَخَرَجَ مِنَ الْأُخْرَى، لَمْ يُحْسَبْ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا مَا بَعْدَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْفَتْحَةِ الَّتِي دَخَلَ مِنْهَا بِلَا خِلَافٍ. وَلَوْ لَمْ يَدْخُلِ الْفَتْحَةَ، وَخَلَّفَ الْقَدْرَ الَّذِي مِنَ الْبَيْتِ، ثُمَّ اقْتَحَمَ الْجِدَارَ، وَقَطَعَ الْحَجَرَ عَلَى السَّمْتِ، صَحَّ طَوَافُهُ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الطَّوَافُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحِجْرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَنْصُوصِ،
وَبِهِ قَطَعَ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا. وَدَلِيلُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَافَ خَارِجَ الْحِجْرِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَلَوْ كَانَ يَطُوفُ وَيَمَسُّ الْجِدَارَ بِيَدِهِ فِي مُوَازَاةِ الشَّاذَرْوَانِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَيْتِ، فَفِي صِحَّةِ طَوَافِهِ وَجْهَانِ. الصَّحِيحُ بِاتِّفَاقِ فِرَقِ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ بَعْضَ بَدَنِهِ فِي الْبَيْتِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ يَضَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ أَحْيَانًا عَلَى الشَّاذَرْوَانِ، وَيَقْفِزُ بِالْأُخْرَى.
الْوَاجِبُ الرَّابِعُ: أَنْ يَقَعَ الطَّوَافُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَلَا بَأْسَ بِالْحَائِلِ فِيهِ بَيْنَ الطَّائِفِ وَالْبَيْتِ، كَالسِّقَايَةِ وَالسَّوَارِي. وَيَجُوزُ فِي أُخْرَيَاتِ الْمَسْجِدِ وَأَرْوِقَتِهِ، وَعِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ مِنْ دَاخِلِهِ، وَيَجُوزُ عَلَى سُطُوحِهِ إِذَا كَانَ الْبَيْتُ أَرْفَعَ بِنَاءً كَمَا هُوَ الْيَوْمَ. فَإِنْ جَعَلَ سَقْفَ الْمَسْجِدِ أَعْلَى، فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْعُدَّةِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الطَّوَافُ عَلَى سَطْحِهِ. وَلَوْ صَحَّ قَوْلُهُ، لَزِمَ أَنْ يُقَالَ: لَوِ انْهَدَمَتِ الْكَعْبَةُ - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - لَمْ يَصِحَّ الطَّوَافُ حَوْلَ عَرْصَتِهَا، وَهُوَ بَعِيدٌ.
فَرْعٌ
لَوْ وُسِّعَ الْمَسْجِدُ اتَّسَعَ الْمَطَافُ، وَقَدْ جَعَلَتْهُ الْعَبَّاسِيَّةُ أَوْسَعَ مِمَّا كَانَ فِي عَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قُلْتُ: أَوَّلُ مَنْ وَسَّعَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه اشْتَرَى دُورًا وَزَادَهَا فِيهِ، وَاتَّخَذَ لِلْمَسْجِدِ جِدَارًا قَصِيرًا دُونَ الْقَامَةِ. وَكَانَ عُمَرُ أَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ الْجِدَارَ لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، ثُمَّ وَسَّعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه كَذَلِكَ وَاتَّخَذَ لَهُ الْأَرْوِقَةَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَهَا ثُمَّ وَسَّعَهُ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي خِلَافَتِهِ، ثُمَّ وَسَّعَهُ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ الْمَنْصُورُ، ثُمَّ الْمَهْدِيُّ. وَعَلَيْهِ اسْتَقَرَّ بِنَاؤُهُ إِلَى وَقْتِنَا هَذَا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الْوَاجِبُ الْخَامِسُ: الْعَدَدُ. وَهُوَ أَنْ يَطُوفَ سَبْعًا. الْوَاجِبُ السَّادِسُ: مُخْتَلَفٌ فِيهِ. وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا فَرَغَ مِنَ الطَّوَافِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. وَهَلْ هُمَا وَاجِبَتَانِ، أَمْ سُنَّةٌ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: سُنَّةٌ، هَذَا إِذَا كَانَ الطَّوَافُ فَرْضًا. فَإِنْ كَانَ سُنَّةً، فَطَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ.
وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ سُنَّةٌ. وَقِيلَ: تَجِبُ الصَّلَاةُ فِي الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ قَطْعًا. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْفَاتِحَةِ: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) وَفِي الثَّانِيَةِ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) : وَأَنْ يُصَلِّيَهَا خَلْفَ الْمَقَامِ. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَفِي الْحِجْرِ وَإِلَّا فَفِي الْمَسْجِدِ، وَإِلَّا فَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ مِنَ الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ. وَيَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ لَيْلًا، وَيُسِرُّ نَهَارًا. وَإِذَا قُلْنَا: هُمَا سُنَّةٌ فَصَلَّى فَرِيضَةً بَعْدَ الطَّوَافِ أَجْزَأَهُ عَنْهَا، كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ، وَحَكَاهُ الْإِمَامُ عَنِ الصَّيْدَلَانِيِّ، لَكِنَّهُ اسْتَبْعَدَهُ.
وَتَمْتَازُ هَذِهِ الصَّلَاةُ عَنْ غَيْرِهَا، بِجَرَيَانِ النِّيَابَةِ فِيهَا إِذِ الْأَجِيرُ يُؤَدِّيهَا عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ.
قُلْتُ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي صَلَاةِ الْأَجِيرِ هَذِهِ، فَقِيلَ: تَقَعُ عَنْهُ. وَقِيلَ: تَقَعُ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَهُوَ الْأَشْهَرُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
رَكْعَتَا الطَّوَافِ وَإِنْ أَوْجَبْنَاهُمَا، فَلَيْسَتَا بِشَرْطٍ فِي صِحَّتِهِ، وَلَا رُكْنًا مِنْهُ، بَلْ يَصِحُّ بِدُونِهِمَا. وَفِي تَعْلِيلِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَصْحَابِ، مَا يَقْتَضِي اشْتِرَاطَهُمَا.
قُلْتُ: الصَّوَابُ: أَنَّهُمَا لَيْسَتَا شَرْطًا وَلَا رُكْنًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَلَا تَفُوتُ هَذِهِ الصَّلَاةُ مَا دَامَ حَيًّا، وَلَا يُجْبَرُ تَأْخِيرُهَا، وَلَا تَرْكُهَا بِدَمٍ، لَكِنْ حَكَى صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه: أَنَّهُ إِذَا أَخَّرَ، تُسْتَحَبُّ لَهُ إِرَاقَةُ دَمٍ. وَقَالَ الْإِمَامُ: لَوْ مَاتَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، لَمْ يَمْتَنِعْ جَبْرُهَا بِالدَّمِ.
قُلْتُ: وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَطُوفَ طَوَافَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، اسْتُحِبَّ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِيبَ كُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْهِ. فَلَوْ طَافَ طَوَافَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بِلَا صَلَاةٍ، ثُمَّ صَلَّى لِكُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْهِ جَازَ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الْوَاجِبُ السَّابِعُ: مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَهُوَ النِّيَّةُ. وَفِي وُجُوبِهَا فِي الطَّوَافِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْحَجِّ تَشْمَلُهُ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَصْرِفَهُ إِلَى غَرَضٍ آخَرَ مِنْ طَلَبِ غَرِيمٍ وَنَحْوِهِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ. وَلَوْ نَامَ فِي الطَّوَافِ أَوْ بَعْضِهِ عَلَى هَيْئَةٍ لَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ. قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا يُقَرِّبُ مِنْ صَرْفِ الطَّوَافِ إِلَى طَلَبِ الْغَرِيمِ. ثُمَّ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ بِوُقُوعِهِ مَوْقِعَهُ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: صِحَّةُ طَوَافِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
لَوْ حَمَلَ رَجُلٌ مُحْرِمًا مِنْ صَبِيٍّ، أَوْ مَرِيضٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا، وَطَافَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْحَامِلُ حَلَالًا، أَوْ قَدْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ، حُسِبَ الطَّوَافُ لِلْمَحْمُولِ بِشَرْطِهِ، وَإِلَّا فَإِنْ قَصَدَ الطَّوَافِ عَنِ الْمَحْمُولِ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا: يَقَعُ لِلْمَحْمُولِ فَقَطْ تَخْرِيجًا عَلَى قَوْلِنَا: يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَصْرِفَهُ إِلَى غَرَضٍ آخَرَ. وَالثَّانِي: يَقَعُ
عَنِ الْحَامِلِ فَقَطْ تَخْرِيجًا عَلَى قَوْلِنَا: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الطَّوَافَ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَحْسُوبًا لَهُ، فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا حَمَلَ مُحْرِمَيْنِ وَطَافَ بِهِمَا وَهُوَ حَلَالٌ، أَوْ مُحْرِمٌ قَدْ طَافَ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ غَيْرُ مَحْسُوبٍ لِلْحَامِلِ، فَيَكُونُ الْمَحْمُولَانِ كَرَاكِبَيْ دَابَّةٍ.
وَالثَّالِثُ: يَقَعُ عَنْهُمَا جَمِيعًا. وَلَوْ قَصَدَ الطَّوَافَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَعَ عَنْهُ، وَلَا يُحْسَبُ عَنِ الْمَحْمُولِ، قَالَهُ الْإِمَامُ، وَحُكِيَ اتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ. قَالَ: وَكَذَا لَوْ قَصَدَ الطَّوَافَ لِنَفْسِهِ وَلِلْمَحْمُولِ. وَحَكَى صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» وَجْهَيْنِ فِي حُصُولِهِ لِلْمَحْمُولِ، مَعَ الْحَامِلِ. وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مِنَ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَصَدَ نَفْسَهُ أَوْ كِلَيْهِمَا. وَسَوَاءٌ فِي الصَّبِيِّ الْمَحْمُولِ حَمَلَهُ وَلِيُّهُ الَّذِي أَحْرَمَ عَنْهُ أَوْ غَيْرُهُ.
قُلْتُ: لَوْ طَافَ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مُحْرِمٌ بِعُمْرَةٍ أَجْزَأَهُ عَنِ الْحَجِّ، كَمَا لَوْ طَافَ عَنْ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ طَوَافٌ، ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الْوَاجِبُ الثَّامِنُ: مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَهُوَ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الطَّوْفَاتِ السَّبْعِ، وَفِيهَا قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: أَنَّهَا سُنَّةٌ، فَلَا تَبْطُلُ بِالتَّفْرِيقِ الْكَثِيرِ. وَالثَّانِي: وَاجِبَةٌ، فَتَبْطُلُ بِالتَّفْرِيقِ الْكَثِيرِ بِلَا عُذْرٍ. فَإِنَّ فَرَّقَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا بِعُذْرٍ، فَهُوَ كَمَا قُلْنَا فِي الْوُضُوءِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالْكَثِيرُ مَا يُغَلِّبُ عَلَى الظَّنِّ تَرْكَهُ الطَّوَافَ. وَلَوْ أُقِيمَتِ الْمَكْتُوبَةُ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ، فَالتَّفْرِيقُ بِهَا تَفْرِيقٌ بِعُذْرٍ. وَقَطْعُ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوِ الرَّوَاتِبِ مَكْرُوهٌ، إِذْ لَا يَحْسُنُ تَرْكُ فَرْضِ الْعَيْنِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ.
أَمَّا سُنَنُ الطَّوَافِ، فَخَمْسٌ.
الْأُولَى: أَنْ يَطُوفَ مَاشِيًا، وَلَا يَرْكَبَ إِلَّا لِعُذْرِ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ كَانَ مِمَّنْ يَحْتَاجُ إِلَى ظُهُورِهِ لِيُسْتَفْتَى. وَلَوْ طَافَ رَاكِبًا بِلَا عُذْرٍ جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ، كَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَفِي الْقَلْبِ مِنْ إِدْخَالِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهَا الْمَسْجِدَ شَيْءٌ. فَإِنْ أَمْكَنَ الِاسْتِيثَاقُ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَإِدْخَالُهَا مَكْرُوهٌ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ بِيَدِهِ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ، وَيُقَبِّلَهُ وَيَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَيْهِ. فَإِنْ مَنَعَتْهُ الزَّحْمَةُ مِنَ التَّقْبِيلِ، اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْتِلَامِ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ، اقْتَصَرَ عَلَى الْإِشَارَةِ بِالْيَدِ، وَلَا يُشْتَرَطُ بِالْفَمِ إِلَّا التَّقْبِيلُ. وَلَا يُقَبِّلُ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ، وَلَا يَسْتَلِمُهُمَا. وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ، وَلَا يُقَبِّلُهُ. وَيُسْتَحَبُّ، أَنْ يُقَبِّلَ الْيَدَ بَعْدَ اسْتِلَامِ الْيَمَانِيِّ، وَبَعْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى اسْتِلَامِهِ لِلزَّحْمَةِ.
وَذَكَرَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَسْتَلِمَ ثُمَّ يُقَبِّلَ الْيَدَ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَبِّلَ الْيَدَ، ثُمَّ يَسْتَلِمَ. وَالْمَذْهَبُ: الْقَطْعُ بِتَقْدِيمِ الِاسْتِلَامِ، ثُمَّ تَقْبِيلُهَا، وَبِهَذَا قَطَعَ الْجُمْهُورُ. وَلَوْ لَمْ يَسْتَلِمْ بِيَدِهِ، فَوَضَعَ عَلَيْهِ خَشَبَةً، ثُمَّ قَبَّلَ طَرَفَهَا جَازَ.
قُلْتُ: الِاسْتِلَامُ بِالْخَشَبَةِ وَنَحْوِهَا، مُسْتَحَبٌّ إِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِاسْتِلَامِ بِالْيَدِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَيُسْتَحَبُّ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ، وَاسْتِلَامُهُ، وَاسْتِلَامُ الْيَمَانِيِّ عِنْدَ مُحَاذَاتِهِمَا فِي كُلِّ طَوْفَةٍ، وَهُوَ فِي الْأَوْتَارِ آكَدُ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ.
قُلْتُ: وَلَا يُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ اسْتِلَامٌ، وَلَا تَقْبِيلٌ إِلَّا عِنْدَ خُلُوِّ الْمَطَافِ فِي اللَّيْلِ أَوْ غَيْرِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الثَّالِثَةُ: الدُّعَاءُ، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ: بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ إِيمَانًا بِكَ، وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِكَ، وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ، وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. وَيَقُولُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ: اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. وَيَدْعُو فِي جَمِيعِ طَوَافِهِ بِمَا شَاءَ. وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الطَّوَافِ أَفْضَلُ مِنَ الدُّعَاءِ غَيْرِ الْمَأْثُورِ. وَأَمَّا الْمَأْثُورُ، فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا عَلَى الصَّحِيحِ. وَعَلَى الثَّانِي: أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْهُ.
الرَّابِعَةُ: الرَّمَلُ - بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ - وَهُوَ الْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَى دُونَ الْوُثُوبِ وَالْعَدْوِ. وَيُقَالُ لَهُ: الْخَبَبُ. وَغَلِطَ الْأَئِمَّةُ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ دُونَ الْخَبَبِ.
وَيُسَنُّ الرَّمَلُ فِي الطَّوْفَاتِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ. وَيُسَنُّ الْمَشْيُ عَلَى الْهَيْنَةِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ. ثُمَّ هَلْ يَسْتَوْعِبُ الْبَيْتَ بِالرَّمَلِ؟ قَوْلَانِ. الْمَشْهُورُ: يَسْتَوْعِبُ.
وَالثَّانِي: لَا يُرْمَلُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ. وَلَا خِلَافَ أَنَّ الرَّمَلَ لَا يُسَنُّ فِي كُلِّ طَوَافٍ، بَلْ فِيمَا يُسَنُّ فِيهِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: إِنَّمَا يُسَنُّ فِي طَوَافٍ يَسْتَعْقِبُ السَّعْيَ. وَالثَّانِي: يُسَنُّ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ. فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ: لَا رَمَلَ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ. وَيَرْمُلُ مَنْ قَدِمَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا لِوُقُوعِ طَوَافِهِ مُجْزِئًا عَنِ الْقُدُومِ وَاسْتِعْقَابِهِ السَّعْيَ. وَيَرْمُلُ أَيْضًا الْحَاجُّ الْأُفُقِيُّ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ إِلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ، وَإِنْ دَخَلَهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ، فَهَلْ يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ؟ يُنْظَرُ إِنْ كَانَ لَا يَسْعَى عَقِبَهُ، فَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي: يَرْمُلُ. وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا يَرْمُلُ، وَإِنَّمَا يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ.
وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَقِبَهُ، يَرْمُلُ فِيهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَإِذَا رَمَلَ فِيهِ، وَسَعَى بَعْدَهُ، فَلَا يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ إِنْ لَمْ يُرِدِ السَّعْيَ عَقِبَهُ، وَكَذَا إِنْ أَرَادَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَإِذَا طَافَ لِلْقُدُومِ، وَسَعَى بَعْدَهُ وَلَمْ يَرْمُلْ، فَهَلْ يَقْضِيهِ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ؟ وَجْهَانِ. وَيُقَالُ قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا.
وَلَوْ طَافَ وَرَمَلَ وَلَمْ يَسْعَ، قَالَ الْأَكْثَرُونَ: يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ هُنَا، لِبَقَاءِ السَّعْيِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ فَرَّعُوا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يَعْتَبِرُ السَّعْيَ. وَهَلْ يَرْمُلُ الْمَكِّيُّ الْمُنْشِئُ حَجَّهُ مِنْ مَكَّةَ؟ إِنْ قُلْنَا بِالْقَوْلِ الثَّانِي فَلَا إِذْ لَا قُدُومَ فِي حَقِّهِ وَإِلَّا فَنَعَمْ، لِاسْتِعْقَابِهِ السَّعْيَ.
فَرْعٌ
لَوْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي الطَّوْفَاتِ الثَّلَاثِ لَمْ يَقْضِهِ فِي الْأَرْبَعِ الْأَخِيرَةِ؛ لَأَنَّ هَيْئَتَهَا السَّكِينَةُ، فَلَا يُغَيِّرُ.
فَرْعٌ
الْقُرْبُ مِنَ الْبَيْتِ مُسْتَحَبٌّ لِلطَّائِفِ، وَلَا يُنْظَرُ إِلَى كَثْرَةِ الْخُطَى لَوْ تَبَاعَدَ. فَلَوْ تَعَذَّرَ الرَّمَلُ مَعَ الْقُرْبِ لِلزَّحْمَةِ، فَإِنْ كَانَ يَرْجُو فُرْجَةً، وَقَفَ لِيَرْمُلَ فِيهَا، وَإِلَّا فَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الرَّمَلِ مَعَ الْبُعْدِ عَنِ الْبَيْتِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَ فَضِيلَةٌ تَتَعَلَّقُ بِمَوْضِعِ الْعِبَادَةِ، وَالرَّمَلَ فَضِيلَةٌ تَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ، وَالْمُتَعَلِّقُ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى بِالْمُحَافَظَةِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّلَاةَ بِالْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْتِ، أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ فِي الْمَسْجِدِ. وَلَوْ كَانَ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ نِسَاءٌ، وَلَمْ يَأْمَنْ مُلَامَسَتَهُنَّ لَوْ تَبَاعَدَ، فَالْقُرْبُ بِلَا رَمَلٍ أَوْلَى مِنَ الْبُعْدِ مَعَ الرَّمَلِ حَذَرًا مِنِ انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بِالْقُرْبِ أَيْضًا نِسَاءٌ، وَتَعَذَّرَ الرَّمَلُ فِي جَمِيعِ الْمَطَافِ، لِخَوْفِ الْمُلَامَسَةِ، فَتَرْكُ الرَّمَلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْلَى. وَمَتَى تَعَذَّرَ الرَّمَلُ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَتَحَرَّكَ فِي مَشْيِهِ، وَيَرَى مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ الرَّمَلُ لِرَمَلَ. وَإِنْ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا، قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: يَرْمُلُ بِهِ الْحَامِلُ وَيُحَرِّكُ الدَّابَّةَ. وَقِيلَ: الْقَوْلَانِ فِي الْمَحْمُولِ الْبَالِغِ. وَيَرْمُلُ حَامِلُ الصَّبِيِّ قَطْعًا.
فَرْعٌ
لِيَكُنْ مِنْ دُعَائِهِ فِي الرَّمَلِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا.