الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَجَّانًا. وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إِبْقَاؤُهَا مَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي، أَمْ لَهُ قَلْعُهَا بِغَيْرِ رِضَاهُ وَيَغْرُمُ مَا نَقَصَ بِالْقَلْعِ كَالْعَارِيَةِ؟ وَجْهَانِ مَحْكِيَّانِ فِي «النِّهَايَةِ» وَ «الْبَسِيطِ» فِي كِتَابِ «الرَّهْنِ» . أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
فِي بَيَانِ الْحَالِ الَّذِي تَنْدَرِجُ فِيهِ الثَّمَرَةُ فِي بَيْعِ الشَّجَرَةِ
النَّخْلُ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ. وَمُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنَ الذُّكُورِ، اسْتِصْلَاحُ الْإِنَاثِ بِهَا. وَالَّذِي يَبْدُو فِيهَا أَوَّلًا أَكِمَّةٌ صِغَارٌ، ثُمَّ تَكْبُرُ وَتَطُولُ حَتَّى تَصِيرَ كَآذَانِ الْحُمُرِ. فَإِذَا كَبِرَتْ شُقِّقَتْ فَظَهَرَتِ الْعَنَاقِيدُ فِي أَوْسَاطِهَا، فَيُذَرُّ فِيهَا طَلْعُ الذُّكُورِ لِيَكُونَ رُطَبُهَا أَجْوَدَ. وَالتَّشْقِيقُ وَذْرُّ الطَّلْعِ فِيهَا يُسَمَّى: التَّأْبِيرُ، وَيُسَمَّى: التَّلْقِيحُ. ثُمَّ الْأَكْثَرُونَ يُسَمُّونَ الْكِمَامَ الْخَارِجَ كُلَّهُ: طَلْعًا. وَالْإِمَامُ خَصَّ اسْمَ الطَّلْعِ بِمَا يَظْهَرُ مِنَ النَّوْرِ عَلَى الْعُنْقُودِ عِنْدَ تَشَقُّقِ الْكِمَامِ. ثُمَّ الْمُتَعَهِّدُونَ لِلنَّخْلِ لَا يُؤَبِّرُونَ جَمِيعَ الْكِمَامِ، بَلْ يَكْتَفُونَ بِتَأْبِيرِ الْبَعْضِ، وَيَتَشَقَّقُ الْبَاقِي بِنَفْسِهِ، وَتَنْبَثُّ رِيحُ الذُّكُورِ إِلَيْهِ. وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ فِي الْحَائِطِ شَيْءٌ، وَتَتَشَقَّقُ الْأَكِمَّةُ بِنَفْسِهَا، إِلَّا أَنَّ رُطَبَهُ لَا يَجِيءُ جَيِّدًا. وَكَذَا الْخَارِجُ مِنَ الذُّكُورِ يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ، وَلَا يُشَقَّقُ غَالِبًا. فَإِذَا بَاعَ نَخْلَةً عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ، فَإِنْ شُرِطَتْ لِأَحَدِهِمَا اتُّبِعَ الشَّرْطُ. وَإِنْ أَطْلَقَا، فَإِنْ كَانَتْ شُقِّقَتْ أَوْ تَشَقَّقَتْ بِنَفْسِهَا، فَهِيَ لِلْبَائِعِ، وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي. وَإِنْ بَاعَ الذُّكُورَ مِنَ النَّخْلِ بَعْدَ تَشَقُّقِ طَلْعِهَا، فَالطَّلْعُ لِلْبَائِعِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: لِلْمُشْتَرِي. وَالثَّانِي: لِلْبَائِعِ.
فَرْعٌ
مَا عَدَا النَّخْلَ مِنَ الشَّجَرِ، أَقْسَامٌ.
أَحَدُهَا: مَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْوَرَقُ، كَشَجَرِ الْفِرْصَادِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ. قَالَ فِي «الْبَيَانِ» : وَشَجَرُ الْحِنَّاءِ وَنَحْوُهُ، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ كَالْفِرْصَادِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقْطَعَ بِأَنَّهُ إِذَا ظَهَرَ وَرَقُهُ، كَانَ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَا ثَمَرَ لَهَا سِوَى الْوَرَقِ، بِخِلَافِ الْفِرْصَادِ، فَإِنَّ لَهُ ثَمَرَةً مَأْكُولَةً.
الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْوَرْدُ، وَهُوَ ضَرْبَانِ.
أَحَدُهُمَا: يَخْرُجُ فِي كِمَامٍ ثُمَّ يَتَفَتَّحُ كَالْوَرْدِ الْأَحْمَرِ. فَإِذَا بِيعَ أَصْلُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ وَتَفَتُّحِهِ، فَهُوَ لِلْبَائِعِ كَطَلْعِ النَّخْلِ الْمُتَشَقِّقِ إِنْ بِيعَ قَبْلَ تَفَتُّحِهِ، فَلِلْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ. وَالضَّرْبُ الثَّانِي: يَخْرُجُ وَرْدُهُ ظَاهِرًا كَالْيَاسَمِينِ. فَإِنْ خَرَجَ وَرْدُهُ، فَلِلْبَائِعِ، وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا يُقْصَدُ مِنْهُ الثَّمَرَةُ، وَهُوَ نَوْعَانِ.
مَا تَخْرُجُ ثَمَرَتُهُ بَارِزَةً بِلَا قِشْرٍ وَلَا كِمَامٍ، كَالتِّينِ، وَالْعِنَبِ، فَهُوَ كَالْيَاسَمِينِ. وَالثَّانِي: مَا تَخْرُجُ بِهِمَا، وَهُوَ ضَرْبَانِ.
أَحَدُهُمَا: مَا تَخْرُجُ ثَمَرَتُهُ فِي نَوْرٍ، ثُمَّ يَتَنَاثَرُ نَوْرُهُ فَتَبْرُزُ الثَّمَرَةُ بِلَا حَائِلٍ، كَالْمِشْمِشِ، وَالتُّفَّاحِ، وَالْكُمَّثْرَى وَشَبَهِهَا. فَإِنْ بَاعَ الْأَصْلَ قَبْلَ انْعِقَادِ الثَّمَرَةِ، انْعَقَدَتْ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ النَّوْرُ قَدْ خَرَجَ. وَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ الِانْعِقَادِ [وَتَنَاثُرِ النَّوْرِ فَلِلْبَائِعِ. وَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ الِانْعِقَادِ] وَقَبْلَ تَنَاثُرِ النَّوْرِ، فَوَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا وَهُوَ نَصُّهُ: أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي. وَالثَّانِي: لِلْبَائِعِ
[الضَّرْبُ] الثَّانِي: مَا يَبْقَى لَهُ حَائِلٌ عَلَى الثَّمَرَةِ الْمَقْصُودَةِ، وَهُوَ صِنْفَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَهُ قِشْرٌ وَاحِدٌ كَالرُّمَّانِ. فَإِذَا بِيعَ أَصْلُهُ وَقَدْ ظَهَرَ الرُّمَّانُ، فَهُوَ لِلْبَائِعِ، وَإِلَّا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي.
وَالثَّانِي: مَا لَهُ قِشْرَانِ، كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَالْرَانِجِ. فَإِنْ بَاعَهَا قَبْلَ خُرُوجِهَا، فَالَّذِي يَخْرُجُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ. وَلَا يُعْتَبَرُ مَعَ ذَلِكَ تَشَقُّقُ الْقِشْرِ الْأَعْلَى عَلَى الْأَصَحِّ. ثُمَّ مِنْ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ، مَا تَخْرُجُ ثَمَرَتُهُ فِي قِشْرٍ بِغَيْرِ نَوْرٍ، كَالْجَوْزِ وَالْفُسْتُقِ. وَمِنْهَا: مَا تَخْرُجُ فِي نَوْرٍ، ثُمَّ يَتَنَاثَرُ نَوْرُهُ، كَالرُّمَّانِ، وَاللَّوْزِ. وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حُكْمِهِمَا هُوَ فِيمَا إِذَا بِيعَ الْأَصْلُ بَعْدَ تَنَاثُرِ النَّوْرِ. فَإِنْ بِيعَ قَبْلَهُ عَادَ فِيهِ الْكَلَامُ السَّابِقُ.
فَرْعٌ
الْقُطْنُ نَوْعَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَهُ سَاقٌ يَبْقَى سِنِينَ يُثْمِرُ كُلَّ سَنَةٍ، وَهُوَ قُطْنُ الْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْبَصْرَةِ، فَهُوَ كَالنَّخْلِ، إِنْ بِيعَ أَصْلُهُ قَبْلَ تَشَقُّقِ الْجَوْزَقِ، فَالثَّمَرُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ.
وَالثَّانِي: مَا لَا يَبْقَى أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، فَهُوَ كَالزَّرْعِ، إِنْ بَاعَهُ قَبْلَ خُرُوجَ الْجُوزَقِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَكَامُلِ الْقُطْنِ، وَجَبَ شَرْطُ الْقَطْعِ. ثُمَّ إِنْ لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى خَرَجَ الْجَوْزَقُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِهِ. قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : وَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ تَكَامُلِ الْقُطْنِ، فَإِنْ تَشَقَّقَ الْجُوزَقُ، صَحَّ الْبَيْعُ مُطْلَقًا، وَدَخَلَ الْقُطْنُ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ، لَا تَدْخُلُ ; لِأَنَّ الشَّجَرَةَ مَقْصُودَةٌ لِثِمَارِ جَمِيعِ الْأَعْوَامِ، وَلَا مَقْصُودَ هُنَا سِوَى الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ. وَإِنْ لَمْ يَتَشَقَّقْ، لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ عَلَى الْأَصَحِّ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَسْتُورٌ بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ، بِخِلَافِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ فِي الْقِشْرِ الْأَسْفَلِ.
فَرْعٌ
لَا يُشْتَرَطُ لِبَقَاءِ الثَّمَرَةِ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ التَّأْبِيرُ فِي كُلِّ كِمَامٍ وَعُنْقُودٍ، بَلْ إِذَا بَاعَ نَخْلَةً أَبَّرَ بَعْضَهَا، فَالْكُلُّ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ بَاعَ نَخَلَاتٍ أَبَّرَ بَعْضَهَا فَقَطْ، فَلَهُ حَالَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِي بُسْتَانٍ وَاحِدٍ، فَيُنْظَرُ، إِنِ اتَّحَدَ النَّوْعُ وَالصَّفْقَةُ، فَجَمِيعُ الثِّمَارِ لِلْبَائِعِ. وَإِنْ أُفْرِدَ بِالْبَيْعِ غَيْرُ الْمُؤَبَّرِ، فَالْأَصَحُّ أَنَّ الثَّمَرَةَ لِلْمُشْتَرِي، وَالثَّانِي لِلْبَائِعِ اكْتِفَاءً بِوَقْتِ التَّأْبِيرِ عَنْهُ. وَإِنِ اخْتَلَفَ النَّوْعُ، فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْجَمِيعَ لِلْبَائِعِ. وَقَالَ ابْنُ خَيْرَانَ: غَيْرُ الْمُؤَبَّرِ لِلْمُشْتَرِي، وَالْمُؤَبَّرُ لِلْبَائِعِ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ فِي بُسْتَانَيْنِ، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يَتَفَرَّدُ كُلُّ بُسْتَانٍ بِحُكْمِهِ. وَقِيلَ: هُمَا كَالْبُسْتَانِ الْوَاحِدِ، سَوَاءٌ تَبَاعَدَ الْبُسْتَانَانِ أَوْ تَلَاصَقَا.
فَرْعٌ
بَاعَ نَخْلَةً وَبَقِيَتِ الثَّمَرَةُ لَهُ، ثُمَّ خَرَجَ طَلْعٌ آخَرُ مِنْ تِلْكَ النَّخْلَةِ، أَوْ مِنْ أُخْرَى حَيْثُ يَقْتَضِي الْحَالُ اشْتِرَاكَهُمَا، فَوَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الطَّلْعُ الْجَدِيدُ لِلْبَائِعِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: لِلْمُشْتَرِي، لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِهِ.
فَرْعٌ
جَمَعَ فِي صَفْقَةٍ ذُكُورَ النَّخْلِ وَإِنَاثَهَا، لَهُ حُكْمُ الْجَمْعِ بَيْنَ نَوْعَيْنِ مِنَ الْإِنَاثِ.