الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَوْ بَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ، فَوَقَفُوا بَعْدَهُ، قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» :[الْمَذْهَبُ] : أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ وَقَفُوا عَلَى يَقِينِ الْفَوَاتِ، وَهَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّ عَامَّةَ الْأَصْحَابِ قَالُوا: لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الْعَاشِرِ وَهُمْ بِمَكَّةَ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنَ الْوُقُوفِ بِاللَّيْلِ، وَقَفُوا مِنَ الْغَدِ، وَحُسِبَ لَهُمْ كَمَا لَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ الْغُرُوبِ الْيَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ نُصَّ عَلَى أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ مِنَ الْغَدِ الْعِيدَ. فَإِذَا لَمْ يُحْكَمْ بِالْفَوَاتِ لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ لَيْلَةَ الْعَاشِرِ، لَزِمَ مِثْلُهُ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ. هَذَا إِذَا شَهِدَ وَاحِدٌ أَوْ عَدَدٌ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ، فَيَلْزَمُ الشُّهُودَ الْوُقُوفُ فِي التَّاسِعِ عِنْدَهُمْ وَإِنْ كَانَ النَّاسُ يَقِفُونَ بَعْدَهُمْ. أَمَّا إِذَا غَلِطُوا فَوَقَفُوا فِي الْحَادِيَ عَشَرَ فَلَا يُجْزِئُهُمْ بِحَالٍ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَغْلَطُوا بِالتَّقْدِيمِ، فَيَقِفُوا فِي الثَّامِنِ، فَإِنْ بَانَ الْحَالُ قَبْلَ فَوَاتِ وَقْتِ الْوُقُوفِ، لَزِمَهُمُ الْوُقُوفُ فِي وَقْتِهِ. وَإِنْ بَانَ بَعْدَهُ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا قَضَاءَ. وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: وُجُوبُ الْقَضَاءِ. وَلَوْ غَلِطُوا فِي الْمَكَانِ، فَوَقَفُوا فِي غَيْرِ عَرَفَةَ، لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُمْ بِحَالٍ.
قُلْتُ: وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْوُقُوفِ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ، بِحَيْثُ لَا تُجَاوِزَانِ رَأْسَهُ، وَلَا يُفَرِّطُ فِي الْجَهْرِ فِي الدُّعَاءِ، فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَأَنْ يَقِفَ مُتَطَهِّرًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَصْلٌ
فِي الْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ
الْمُزْدَلِفَةُ، مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ، وَوَادِي مُحَسِّرٍ. وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُمْ يُفِيضُونَ
مِنْ عَرَفَةَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، فَيَأْتُونَ مُزْدَلِفَةَ، فَيَجْمَعُونَ الصَّلَاتَيْنِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَبِيتُوا بِهَا، وَهَذَا الْمَبِيتُ لَيْسَ بِرُكْنٍ. قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا: هُوَ رُكْنٌ. وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ. ثُمَّ الْمَبِيتُ نُسُكٌ. فَإِنْ دَفَعَ بَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ لِعُذْرٍ، أَوْ لِغَيْرِهِ، أَوْ دَفَعَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَعَادَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَإِنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ مِنْ أَصْلِهِ، أَوْ دَفَعَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَلَمْ يَعُدْ، أَرَاقَ دَمًا. وَهَلْ هُوَ وَاجِبٌ، أَمْ مُسْتَحَبٌّ؟ فِيهِ طُرُقٌ. أَصَحُّهَا: عَلَى قَوْلَيْنِ كَالْإِفَاضَةِ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ.
وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْإِيجَابِ. وَالثَّالِثُ: بِالِاسْتِحْبَابِ.
قُلْتُ: لَوْ لَمْ يَحْضُرْ مُزْدَلِفَةَ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ، وَحَضَرَهَا سَاعَةً فِي النِّصْفِ الثَّانِي، حَصَلَ الْمَبِيتُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي «الْأُمِّ» ، وَفِي قَوْلٍ ضَعِيفٍ نَصَّ عَلَيْهِ فِي «الْإِمْلَاءِ» وَالْقَدِيمِ: يَحْصُلُ بِسَاعَةٍ بَيْنَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ. وَفِي قَوْلٍ: يُشْتَرَطُ مُعْظَمُ اللَّيْلِ. وَالْأَظْهَرُ: وُجُوبُ الدَّمِ بِتَرْكِ الْمَبِيتِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ النِّسَاءِ وَالضَّعَفَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ إِلَى مِنًى. وَأَمَّا غَيْرُهُمْ، فَيَمْكُثُونَ حَتَّى يُصَلُّوا الصُّبْحَ بِهَا، وَيُغَلِّسُونَ بِالصُّبْحِ. وَالتَّغْلِيسُ هُنَا، أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا مِنْ بَاقِي الْأَيَّامِ.
فَرْعٌ
يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذُوا حَصَى الْجِمَارِ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ. وَلَوْ أَخَذُوا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ جَازَ، لَكِنْ يُكْرَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَالْحُشِّ وَالْمُرْمَى. وَقَدْ قُدِّرَ الْمَأْخُوذُ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: سَبْعُونَ حَصَاةً لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ وَالتَّشْرِيقِ، قَالَهُ فِي الْمِفْتَاحِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ