الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ:
لَوْ بَاعَ صَاعَ حِنْطَةٍ بِصَاعِ حِنْطَةٍ، وَفِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا زُوَانٌ، أَوْ عُقَدُ التِّبْنِ، أَوْ مَدَرٌ، أَوْ حَبَّاتُ شَعِيرٍ، لَمْ يَجُزْ. وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَنْعَ، بِأَنْ يَكُونَ الْخَلِيطُ قَدْرًا لَوْ مُيِّزَ ظَهَرَ عَلَى الْمِكْيَالِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَظْهَرُ، لَمْ يَضُرَّ، وَلَوْ كَانَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا دُقَاقُ تِبْنٍ، أَوْ قَلِيلُ تُرَابٍ، لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِي تَضَاعِيفِ الْحِنْطَةِ، وَلَا يَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ مُوَزُونًا بِجِنْسِهِ وَفِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا قَلِيلُ تُرَابٍ، لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ. وَلَوْ بَاعَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ وَفِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا حَبَّاتٌ مِنَ الْآخَرِ يَسِيرَةٌ ; صَحَّ، وَإِنْ كَثُرَ لَمْ يَصِحَّ، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يُضْبَطُ ذَلِكَ بِالتَّأْثِيرِ فِي الْكَيْلِ، وَلَا بِالتَّمَوُّلِ، بَلْ ضَبْطُ الْكَثِيرِ أَنْ يَكُونَ الشَّعِيرُ الْمَخَالِطُ لِلْحِنْطَةِ قَدْرًا يُقْصَدُ تَمْيِيزُهُ لِيُسْتَعْمَلَ شَعِيرًا، وَكَذَا بِالْعَكْسِ.
فَرْعٌ:
لَوْ بَاعَ دَارًا بِذَهَبٍ، فَظَهَرَ فِيهَا مَعْدِنُ ذَهَبٍ، أَوْ بَاعَ دَارًا فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ بِدَارٍ فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ، وَقُلْنَا: الْمَاءُ رِبَوِيٌّ، صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ، وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ، كَبَيْعِ دَارٍ مُوِّهَتْ بِذَهَبٍ تَمْوِيهًا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِذَهَبٍ.
فَصْلٌ
فِي الْحَالِ الَّذِي تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ، الرِّبَوِيُّ ضَرْبَانِ. مَا يَتَغَيَّرُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَمَا لَا يَتَغَيَّرُ.
فَالْمُتَغَيِّرُ، تُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِي بَيْعِ الْجِنْسِ مِنْهُ بِالْجِنْسِ فِي أَكْمَلِ أَحْوَالِهِ. فَمِنْهُ: الْفَوَاكِهُ، فَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ حَالَ الْجَفَافِ خَاصَّةً، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الرُّطَبِ بِتَمْرٍ وَلَا رُطَبٍ، وَلَا بَيْعُ الْعِنَبِ بِعِنَبٍ وَلَا زَبِيبٍ، وَكَذَا كُلُّ ثَمَرَةٍ لَهَا حَالُ جَفَافٍ، كَالتِّينِ، وَالْمِشْمِشِ، وَالْخَوْخِ، وَالْبِطِّيخِ وَالْكُمِّثْرَى اللَّذَيْنِ يُفَلَّقَانِ، وَالْإِجَّاصِ، وَالرُّمَّانِ الْحَامِضِ، لَا يُبَاعُ رُطَبُهَا بِرُطَبِهَا وَلَا بِيَابِسِهَا. وَحُكِيَ وَجْهٌ فِي الْمِشْمِشِ وَالْخَوْخِ، وَمَا لَا يَعُمُّ تَجْفِيفُهُ عُمُومَ تَجْفِيفِ الرُّطَبِ: أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا بَعْضِهَا بِبَعْضٍ فِي حَالِ الرُّطُوبَةِ؛ لِأَنَّهَا أَكْمَلُ أَحْوَالِهَا. وَهَذَا الْوَجْهُ شَاذٌّ. وَيَجُوزُ بَيْعُ الْجَدِيدِ بِالْعَتِيقِ، إِلَّا أَنْ تَبْقَى فِي الْجَدِيدِ نَدَاوَةٌ بِحَيْثُ يَظْهَرُ أَثَرُ زَوَالِهَا فِي الْمِكْيَالِ. وَأَمَّا مَا لَيْسَ لَهُ حَالُ جَفَافٍ، كَالْعِنَبِ الَّذِي لَا يَتَزَبَّبُ، وَالرُّطَبِ الَّذِي لَا يَتَتَمَّرُ، وَالْبِطِّيخِ وَالْكُمِّثْرَى اللَّذَيْنِ لَا يُفَلَّقَانِ، وَالرُّمَّانِ الْحُلْوِ، وَالْبَاذِنْجَانِ، وَالْقَرْعِ، وَالْبُقُولِ، فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَجَوَّزَ الْمُزَنِيُّ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ رضي الله عنهم. وَيُسْتَثْنَى مِنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، صُورَةُ الْعَرَايَا، وَسَتَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَرْعٌ:
يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ بَعْدَ التَّنْقِيَةِ مِنَ الْقِشْرِ وَالتِّبْنِ، مَا دَامَتْ عَلَى هَيْأَتِهَا بَعْدَ تَنَاهِي جَفَافِهَا. فَإِذَا بَطَلَتْ تِلْكَ الْهَيْئَةُ خَرَجَتْ عَنِ الْكَمَالِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِشَيْءٍ مِمَّا يُتَّخَذُ مِنْهَا مِنَ الْمَطْعُومَاتِ، كَالدَّقِيقِ، وَالسَّوِيقِ، وَالْخُبْزِ، وَالنَّشَا، وَلَا بِمَا فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا يُتَّخَذُ مِنَ الْحِنْطَةِ، كَالْمَصْلِ فَفِيهِ الدَّقِيقُ، وَالْفَالُوذَجِ فَفِيهِ النَّشَا. وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأَشْيَاءِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، لِخُرُوجِهَا عَنْ حَالِ الْكَمَالِ. هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَالْمَشْهُورُ. وَحُكِيَ قَوْلٌ: أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِالدَّقِيقِ كَيْلًا، وَجَعَلَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ هَذَا الْقَوْلَ، فِي أَنَّ الْحِنْطَةَ وَالدَّقِيقَ جِنْسَانِ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِمَا. وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مُنْفَرِدًا بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ. وَحَكَى الْبُوَيْطِيُّ وَالْمُزَنِيُّ قَوْلًا: أَنَّهُ يَجُوزُ
بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ، كَالدُّهْنِ بِالدُّهْنِ. وَحُكِيَ قَوْلٌ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْخُبْزِ الْجَافِّ الْمَدْقُوقِ بِمِثْلِهِ كَيْلًا. وَقَوْلٌ: أَنَّ الْحِنْطَةَ مَعَ السَّوِيقِ جِنْسَانِ. وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ شَاذَّةٌ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ الْمَقْلِيَّةِ وَلَا الْمَبْلُولَةِ بِمِثْلِهَا وَلَا بِغَيْرِهَا. وَإِنْ جُفِّفَتِ الْمَبْلُولَةُ، لَمْ يَجُزْ أَيْضًا؛ لِتَفَاوُتِ جَفَافِهَا، وَالْحِنْطَةُ الَّتِي فُرِكَتْ وَأُخْرِجَتْ مِنَ السَّنَابِلِ وَلَمْ يَتِمَّ جَفَافُهَا، كَالْمَبْلُولَةِ. وَالنُّخَالَةُ لَيْسَتْ رِبَوِيَّةً، وَكَذَا الْحِنْطَةُ الْمُسَوَّسَةُ الَّتِي لَمْ يَبْقَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ اللُّبِّ، فَيَجُوزُ بَيْعُهَا بِالْحِنْطَةِ وَبَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا.
فَرْعٌ:
السِّمْسِمُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْحُبُوبِ الَّتِي تُتَّخَذُ مِنْهَا الْأَدْهَانُ حَالَ كَمَالِهَا مَا دَامَتْ عَلَى هَيْأَتِهَا كَالْأَقْوَاتِ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ طَحِينِهَا بِطَحِينِهَا، كَالدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ. وَأَمَّا دُهْنُهَا الْمُسْتَخْرَجُ، فَكَامِلٌ، فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَمَاثِلًا عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ لِمَا يُطْرَحُ فِيهِ مِنْ مِلْحٍ وَنَحْوِهِ.
فَرْعٌ:
قَدْ يَكُونُ لِلشَّيْءِ حَالَتَا كَمَالٍ، كَالزَّبِيبِ وَالْخَلِّ كَامِلَانِ، وَأَصْلُهُمَا الْعِنَبُ. وَكَذَا الْعَصِيرُ، كَامِلٌ عَلَى الْأَصَحِّ، فَيَجُوزُ بَيْعُ عَصِيرِ الْعِنَبِ بِعَصِيرِ الْعِنَبِ، وَعَصِيرِ الرُّطَبِ بِعَصِيرِ الرَّطَبِ. وَالْمِعْيَارُ فِيهِ وَفِي الدُّهْنِ الْكَيْلُ. وَيَجُوزُ بَيْعُ الْكُسْبِ بِالْكُسْبِ وَزْنًا إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَلْطٌ. فَإِنْ كَانَ، لَمْ يَجُزْ.
فَرْعٌ:
الْأَدْهَانُ الْمُطَيِّبَةُ، كَدُهْنِ الْوَرْدِ، وَالْبَنَفْسَجِ، وَالنَّيْلُوفَرِ، كُلُّهَا مُسْتَخْرَجَةٌ مِنَ السِّمْسِمِ. فَإِذَا قُلْنَا: يَجْرِي فِيهَا الرِّبَا، جَازَ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَإِنْ رَبَّى السِّمْسِمَ فِيهَا ثُمَّ اسْتَخْرَجَ دُهْنَهُ. وَإِنِ اسْتَخْرَجَ الدُّهْنَ ثُمَّ طُرِحَتْ أَوْرَاقُهَا فِيهِ، لَمْ يَجُزْ.
فَرْعٌ:
عَصِيرُ الرُّمَّانِ وَالتُّفَّاحِ وَسَائِرِ الثِّمَارِ، كَعَصِيرِ الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ، وَكَذَا عَصِيرُ قَصَبِ السُّكَّرِ. وَيَجُوزُ بَيْعُ خَلِّ الرُّطَبِ، بِخَلِّ الرُّطَبِ، وَخَلِّ الْعِنَبِ، بِخَلِّ الْعِنَبِ كَيْلًا. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ خَلِّ الزَّبِيبِ بِمِثْلِهِ، وَلَا خَلِّ التَّمْرِ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا مَاءً، فَيَمْتَنِعُ الْعِلْمُ بِالْمُمَاثَلَةِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ خَلِّ الْعِنَبِ بِخَلِّ الزَّبِيبِ، وَلَا خَلِّ الرُّطَبِ بِخَلِّ التَّمْرِ؛ لِأَنَّ فِي أَحَدِهِمَا مَاءً. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ خَلِّ الزَّبِيبِ بِخَلِّ التَّمْرِ إِذَا قُلْنَا: الْمَاءُ رِبَوِيٌّ.
قُلْتُ: فَإِنْ قُلْنَا: الْمَاءُ غَيْرُ رِبَوِيٍّ، فَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ جَوَازُهُ، وَبِهِ صَرَّحَ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ، فِيمَنْ جَمَعَ بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْخَلَّيْنِ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ، بِخِلَافِ الْمَاءَيْنِ. وَمِمَّنْ ذَكَرَ هَذَا الطَّرِيقَ - الْبَغَوِيُّ فِي كِتَابِهِ «التَّعْلِيقُ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ» . وَهَذَا الطَّرِيقُ هُوَ الصَّوَابُ، وَلَعَلَّ الْأَصْحَابَ اقْتَصَرُوا عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُ مُخْتَلِفَيِ الْحُكْمِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَجُوزُ بَيْعُ خَلِّ الزَّبِيبِ بِخَلِّ الرُّطَبِ، وَخَلِّ التَّمْرِ بِخَلِّ الْعِنَبِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، وَالْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الْخَلَّيْنِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ، تَفْرِيعًا عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّهُمَا جِنْسَانِ.
فَرْعٌ:
اللَّبَنُ كَامِلٌ، فَيُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، سَوَاءٌ فِيهِ الْحَلِيبُ، وَالْحَامِضُ، وَالرَّائِبُ الْخَاثِرُ، مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلِيًّا بِالنَّارِ، فَيُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ كَيْلًا. وَلَا مُبَالَاةَ بِكَوْنِ مَا يَحْوِيهِ الْمِكْيَالُ مِنَ الْخَاثِرِ أَكْثَرَ وَزْنًا؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْكَيْلِ، كَالْحِنْطَةِ الصُّلْبَةِ بِالرَّخْوَةِ. وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يَقْتَضِي جَوَازَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ جَمِيعًا. وَيَجُوزُ بَيْعُ السَّمْنِ بِالسَّمْنِ كَيْلًا إِنْ كَانَ ذَائِبًا، وَوَزْنًا إِنْ كَانَ جَامِدًا، قَالَهُ فِي «التَّهْذِيبِ» ، وَهُوَ تَوَسُّطٌ بَيْنَ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا الْعِرَاقِيُّونَ. الْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ يُوزَنُ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: يُكَالُ. وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَخِيضِ بِالْمَخِيضِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا مَاءٌ. وَمَالَ الْمُتَوَلِّي إِلَى الْمَنْعِ. وَالْمَذْهَبُ: الْجَوَازُ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأَقِطِ بِالْأَقِطِ، وَلَا الْمَصْلِ بِالْمَصْلِ، وَلَا الْجُبْنِ بِالْجُبْنِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الزُّبْدِ بِالزُّبْدِ، وَلَا بِالسَّمْنِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بِمَا اتُّخِذَ مِنْهُ، كَالسَّمْنِ وَالْمَخِيضِ وَغَيْرِهِمَا.
فَرْعٌ:
الرِّبَوِيُّ الْمَعْرُوضُ عَلَى النَّارِ، ضَرْبَانِ.
أَحَدُهُمَا: الْمَعْرُوضُ لِلْعَقْدِ وَالطَّبْخِ، كَالدِّبْسِ وَاللَّحْمِ الْمَشْوِيِّ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الدِّبْسِ بِالدِّبْسِ، وَالسُّكَّرِ بِالسُّكَّرِ، وَالْفَانِيذِ بِالْفَانِيذِ، وَاللِّبَأِ بِاللِّبَأِ، عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْجَمِيعِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ قَصَبِ السُّكَّرِ بِقَصَبِ السُّكَّرِ، وَلَا بِالسُّكَّرِ، كَالرُّطَبِ بِالرُّطَبِ، وَبِالتَّمْرِ. أَمَّا اللَّحْمُ، إِذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ، فَإِنْ كَانَا طَرِيَّيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، لَمْ يَجُزْ عَلَى الصَّحِيحِ. وَإِنْ كَانَا مُقَدَّدَيْنِ، جَازَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمَا، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا مِنَ الْمِلْحِ مَا يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَتَنَاهَى جَفَافُهُ، بِخِلَافِ
التَّمْرِ، فَإِنَّهُ يُبَاعُ الْجَدِيدُ مِنْهُ بِالْعَتِيقِ وَبِالْجَدِيدِ؛ لِأَنَّهُ مَكِيلٌ، وَأَثَرُ الرُّطُوبَةِ الْبَاقِيَةِ، لَا تَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ، وَاللَّحْمُ مَوْزُونٌ، فَيَظْهَرُ أَثَرُ الرُّطُوبَةِ فِي الْوَزْنِ. هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنِ اللَّحْمُ مَطْبُوخًا وَلَا مَشْوِيًّا. فَأَمَّا الْمَطْبُوخُ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا بِمِثْلِهِمَا وَلَا بِالنَّيِّءِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: الْمَعْرُوضُ لِلتَّمْيِيزِ وَالتَّصْفِيَةِ، فَهُوَ كَامِلٌ، فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، كَالسَّمْنِ. وَفِي الْعَسَلِ الْمُصَفَّى بِالنَّارِ، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ كَامِلٌ كَالْمُصَفَّى بِالشَّمْسِ، وَمِعْيَارُهُ مِعْيَارُ السَّمْنِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الشَّهْدِ بِالشَّهْدِ، وَلَا بِالْعَسَلِ. وَيَجُوزُ بَيْعُ الشَّمْعِ بِالْعَسَلِ وَبِالشَّهْدِ؛ لِأَنَّ الشَّمْعَ لَيْسَ رِبَوِيًّا.
فَرْعٌ:
التَّمْرُ إِذَا نُزِعَ نَوَاهُ، بَطَلَ كَمَالُهُ؛ لِأَنَّهُ يُسْرِعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ. فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَنْزُوعِ النَّوَى بِمِثْلِهِ، وَلَا بِغَيْرِ مَنْزُوعِهِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ فِيهِمَا. وَقِيلَ: يَجُوزُ بِمِثْلِهِ فَقَطْ. وَمُفَلَّقُ الْمِشْمِشِ، وَالْخَوْخِ، وَنَحْوِهِمَا، لَا يَبْطُلُ كَمَالُهُ بِنَزْعِ النَّوَى عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَا يَبْطُلُ كَمَالُ اللَّحْمِ بِنَزْعِ عَظْمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ صَلَاحُهُ بِبَقَائِهِ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ نَزْعُ الْعَظْمِ فِي جَوَازِ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: الِاشْتِرَاطُ. وَالثَّانِي: يُسَامَحُ بِهِ. فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ بَيْعُ لَحْمِ الْفَخِذِ بِالْجَنْبِ، وَلَا يَضُرُّ تَفَاوُتُ الْعِظَامِ، كَمَا لَا يَضُرُّ تَفَاوُتُ النَّوَى.