الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضَّعِيفِ: أَنَّهُ لَيْسَ بِقَبْضٍ، فَلَا يُجْعَلُ قَابِضًا لِشَيْءٍ مِنَ الْعَبْدِ، وَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْيَدِ بِأَرْشِهَا الْمُقَدَّرِ، وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ. وَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ الْخِيَارُ. الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا، فَيَقْطَعُ يَدَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، إِنْ شَاءَ فَسَخَ وَتَبِعَ الْبَائِعُ الْجَانِيَ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَغَرَمَ الْجَانِي. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا يَغْرُمُهُ إِذَا قَبَضَ الْعَبْدَ. أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا، لِجَوَازِ مَوْتِ الْعَبْدِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَانْفِسَاخِ الْبَيْعِ. ثُمَّ الْغَرَامَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، هَلْ هِيَ نِصْفُ الْقِيمَةِ، أَوْ مَا نَقَصَ مِنَ الْقِيمَةِ بِالْقَطْعِ؟ قَوْلَانِ جَارِيَانِ فِي جِرَاحِ الْعَبِيدِ مُطْلَقًا. وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَجْنِيَ الْبَائِعُ، فَيَقْطَعُ يَدَ الْعَبْدِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَظْهَرِ: إِنَّ جِنَايَتَهُ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ، فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، إِنْ شَاءَ فَسَخَ وَاسْتَرَدَّ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. وَإِنْ قُلْنَا: كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ، فَلَهُ الْخِيَارُ أَيْضًا، إِنْ فَسَخَ فَذَاكَ، وَإِنْ أَجَازَ رَجَعَ بِالْأَرْشِ عَلَى الْبَائِعِ. وَفِي قَدْرِهِ الْقَوْلَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي الْأَجْنَبِيِّ.
فَصْلٌ
إِذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ، فَتَلَفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ، انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيهِ، وَفِي الْبَاقِي قَوْلَا التَّفْرِيقِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَنْفَسِخُ، وَأَجَازَ، فَبِكَمْ يُجِيزُ؟ فِيهِ خِلَافٌ قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَلَوِ احْتَرَقَ سَقْفُ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ تَلَفَ بَعْضُ أَبْنِيَتِهَا، فَوَجْهِانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَالتَّعَيُّبِ، كَسُقُوطِ يَدِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ.
وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ كَتَلَفِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ، فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهِ. وَفِي الْبَاقِي الْقَوْلَانِ ; لِأَنَّ السَّقْفَ يُمْكِنُ بَيْعُهُ مُنْفَصِلًا، بِخِلَافِ يَدِ الْعَبْدِ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ إِذَا احْتَرَقَ.
مِنَ الدَّارِ مَا يُفَوِّتَ الْغَرَضَ الْمَطْلُوبَ مِنْهَا، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا طَرَفٌ، انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ، وَجُعِلَ فَوَاتُ الْبَعْضِ فِي ذَلِكَ، كَفَوَاتِ الْكُلِّ.
الْحُكْمُ الثَّانِي لِلْقَبْضِ: التَّسَلُّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، عَقَارًا كَانَ أَوْ مَنْقُولًا، لَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ، وَلَا دُونَ إِذْنِهِ، لَا قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ، وَلَا بَعْدَهُ. وَفِي الْإِعْتَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: يَصِحُّ، وَيَصِيرُ قَبْضًا، سَوَاءٌ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ، أَمْ لَا. وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ. وَالثَّالِثُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ، بِأَنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا أَوْ حَالًّا [وَقَدْ] أَدَّاهُ الْمُشْتَرِي، صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ وَقَفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ. قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : إِنْ قُلْنَا: الْوَقْفُ يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبُولِ، فَهُوَ كَالْبَيْعِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَالْإِعْتَاقِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي «الْحَاوِي» ، وَقَالَ: يَصِيرُ قَابِضًا، حَتَّى لَوْ لَمْ يَرْفَعِ الْبَائِعُ يَدَهُ عَنْهُ، صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ. وَكَذَا قَالَ فِي إِبَاحَةِ الطَّعَامِ لِلْمَسَاكِينِ إِذَا كَانَ قَدِ اشْتَرَاهُ جُزَافًا.
وَالْكِتَابَةُ كَالْبَيْعِ عَلَى الْأَصَحِّ، إِذْ لَيْسَ لَهَا قُوَّةُ الْعِتْقِ وَغَلَبَتُهُ، وَالِاسْتِيلَادُ كَالْعِتْقِ. وَفِي الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ: لَا يَصِحَّانِ. وَإِذَا صَحَّحْنَاهُمَا، فَنَفْسُ الْعَقْدِ لَيْسَ بِقَبْضٍ، بَلْ يَقْبِضُهُ الْمُشْتَرِي مِنَ الْبَائِعِ، ثُمَّ يُسَلِّمُهُ لِلْمُتَّهِبِ وَالْمُرْتَهِنِ. فَلَوْ أَذِنَ لِلْمُتَّهِبِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي قَبْضِهِ، قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : يَكْفِي، وَيَتِمُّ بِهِ الْبَيْعُ وَالرَّهْنُ وَالْهِبَةُ بَعْدَهُ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يَكْفِي ذَلِكَ لِلْبَيْعِ وَمَا بَعْدَهُ، وَلَكِنْ يُنْظَرُ، إِنْ قَصَدَ قَبْضَهُ لِلْمُشْتَرِي، صَحَّ قَبْضُ الْبَيْعِ، وَلَا بُدَّ مِنِ اسْتِئْنَافِ قَبْضٍ لِلْهِبَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ. وَإِنْ قَصَدَ قَبْضَهُ لِنَفْسِهِ، لَمْ يَحْصُلِ الْقَبْضُ لِلْبَيْعِ، وَلَا لِلْهِبَةِ ; لِأَنَّ قَبْضَهَا، يَجِبُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ تَمَامِ الْبَيْعِ. .
وَالْإِقْرَاضُ وَالتَّصَدُّقُ كَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ، فَفِيهِمَا الْخِلَافُ. وَلَا تَصِحُّ إِجَارَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَيَصِحُّ التَّزْوِيجُ عَلَى أَصَحِّ الْأَوْجُهِ، وَلَا يَصِحُّ فِي الثَّانِي. وَفِي الثَّالِثِ: إِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ،
لَمْ يَصِحَّ، وَإِلَّا صَحَّ. وَطَرَّدَ هَذَا الْوَجْهَ فِي الْإِجَارَةِ. وَإِذَا صَحَّحْنَا التَّزْوِيجَ، فَوَطِئَ الزَّوْجُ، لَمْ يَكُنْ قَبْضًا.
فَرْعٌ
كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، لَا يَجُوزُ جَعْلُهُ أُجْرَةً وَلَا عِوَضًا فِي صُلْحٍ وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ وَلَا التَّوْلِيَةُ وَالْإِشْرَاكُ. وَفِي التَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ.
فَرْعٌ
جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا فِي تَصَرُّفِهِ مَعَ غَيْرِ الْبَائِعِ. أَمَّا إِذَا بَاعَهُ لِلْبَائِعِ، فَوَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ كَغَيْرِهِ. وَالثَّانِي: يَصِحُّ، وَهُمَا فِيمَا إِذَا بَاعَهُ بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ، أَوْ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نَقْصٍ، أَوْ تَفَاوُتِ صِفَةٍ، وَإِلَّا فَهُوَ إِقَالَةٌ بِصِيغَةِ الْبَيْعِ، قَالَهُ فِي «التَّتِمَّةِ» . وَلَوْ رَهَنَهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ، فَطَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ كَغَيْرِهِ. فَإِنْ جَوَّزْنَا، فَأُذِنَ لَهُ فِي الْقَبْضِ، فَقَبَضَ، ملَكَ فِي صُورَةِ الْهِبَةِ، وَثَبَتَ الرَّهْنُ. وَلَا يَزُولُ ضَمَانُ الْبَيْعِ فِي صُورَةِ الرَّهْنِ، بَلْ إِنْ تَلَفَ انْفَسَخَ الْبَيْعُ. وَلَوْ رَهَنَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، فَقَدْ سَبَقَ حُكْمُهُ.
فَرْعٌ
لِابْنِ سُرَيْجٍ.
بَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ، وَقَبَضَ الثَّوْبَ، وَلَمْ يُسَلِّمِ الْعَبْدَ، فَلَهُ بَيْعُ الثَّوْبِ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ بَيْعُ الْعَبْدِ. فَلَوْ بَاعَ الثَّوْبَ وَهَلَكَ الْعَبْدُ، بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ، وَلَا يَبْطُلُ فِي الثَّوْبِ، وَيَغْرُمُ قِيمَتَهُ لِبَائِعِهِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هَلَاكُ الْعَبْدِ.