المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فَرْعٌ قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : تَشَقُّقُ بَعْضِ جَوْزِ الْقُطْنِ، كَتَشَقُّقِ كُلِّهِ. - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٣

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ قَوْلَانِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مَوَانِعِ إِتْمَامِ الْحَجِّ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْهَدْيِ

- ‌كِتَابُ الضَّحَايَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْعَقِيقَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ النَّذْرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌بَابُ مَا يَصِحُّ بِهِ الْبَيْعُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْبُيُوعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ خِيَارِ النَّقِيصَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَصِفَةُ الْقَبْضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ بَابِ [

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ [وَتَحَالُفِهِمَا]

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: فَرْعٌ قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : تَشَقُّقُ بَعْضِ جَوْزِ الْقُطْنِ، كَتَشَقُّقِ كُلِّهِ.

فَرْعٌ

قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : تَشَقُّقُ بَعْضِ جَوْزِ الْقُطْنِ، كَتَشَقُّقِ كُلِّهِ. وَمَا تَشَقَّقَ مِنَ الْوَرْدِ، لِلْبَائِعِ، وَمَا لَمْ يَتَشَقَّقْ، لِلْمُشَتَّرِي وَإِنْ كَانَا عَلَى شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا، بِخِلَافِ النَّخْلِ ; لِأَنَّ الْوَرْدَ يُجْنَى فِي الْحَالِ، فَلَا يُخَافُ اخْتِلَاطُهُ. قَالَ: وَلَوْ ظَهَرَ بَعْضُ التِّينِ وَالْعِنَبِ، فَالظَّاهِرُ لِلْبَائِعِ، وَغَيْرُهُ لِلْمُشْتَرِي، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَظَرٌ.

‌فَصْلٌ

إِذَا بَاعَ الشَّجَرَةَ، وَبَقِيَتِ الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ فِي الْحَالِ، لَزِمَهُ. وَإِنْ أَطْلَقَ، فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي تَكْلِيفُهُ الْقَطْعَ فِي الْحَالِ، بَلْ لَهُ الْإِبْقَاءُ إِلَى أَوَانِ الْجِدَادِ وَقِطَافِ الْعِنَبِ. فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الْجِدَادِ، لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ أَخْذِهَا عَلَى التَّدْرِيجِ، وَلَا أَنْ يُؤَخِّرَهَا إِلَى نِهَايَةِ النُّضْجِ. وَلَوْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ مِنْ نَوْعٍ يُعْتَادُ قَطْعُهُ قَبْلَ النُّضْجِ، كُلِّفَ الْقَطْعَ عَلَى الْعَادَةِ. وَلَوْ تَعَذَّرَ السَّقْيُ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ وَعَظُمَ ضَرَرُ النَّخْلِ بِبَقَاءِ الثَّمَرَةِ، فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِبْقَاءُ. وَلَوْ أَصَابَ الثِّمَارَ آفَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهَا فَائِدَةٌ، فَهَلْ لَهُ الْإِبْقَاءُ؟ قَوْلَانِ. وَسَقْيُ الثِّمَارِ عِنْدَ الْحَاجَةِ عَلَى الْبَائِعِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي تَمْكِينُهُ مِنْ دُخُولِ الْبُسْتَانِ لِلسَّقْيِ. فَإِنْ لَمْ يَأْتَمِنْهُ، نَصَّبَ الْحَاكِمُ أَمِينًا لِلسَّقْيِ، وَمُؤْنَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ. وَإِذَا كَانَ السَّقْيُ يَنْفَعُ الثِّمَارَ وَالْأَشْجَارَ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ السَّقْيُ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ. وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِهِمَا، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا السَّقْيُ إِلَّا بِرِضَا الْآخَرِ، وَإِنْ أَضَرَّ بِالثِّمَارِ وَنَفَعَ الْأَشْجَارَ، فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي السَّقْيَ، فَمَنَعَهُ الْبَائِعُ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَهُ السَّقْيُ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ إِنْ سَامَحَ أَحَدُهُمَا بِحَقِّهِ [أُقِرَّ] ،

ص: 554

وَإِلَّا فُسِخَ الْبَيْعُ، وَإِنْ أَضَرَّ بِالشَّجَرِ وَنَفَعَ الثِّمَارِ، فَتَنَازَعَا، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ، الْأَصَحُّ: يُفْسَخُ إِنْ لَمْ يُسَامِحْ. وَالثَّانِي: لِلْبَائِعِ السَّقْيُ. هَذَا نَقْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ الْإِمَامُ: فِي الصُّورَتَيْنِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: يُجَابُ الْمُشْتَرِي. وَالثَّانِي: الْبَائِعُ. وَالثَّالِثُ: يَتَسَاوَيَانِ. وَلَوْ كَانَ السَّقْيُ يَضُرُّ بِوَاحِدٍ، وَتَرْكُهُ يَمْنَعُ حُصُولَ زِيَادَةٍ لِلْآخَرِ، فَفِي إِلْحَاقِهِ بِتَقَابُلِ الضَّرَرِ احْتِمَالَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ. وَلَوْ لَمْ يَسْقِ الْبَائِعُ، وَتَضَرَّرَ الْمُشْتَرِي بِبَقَاءِ الثِّمَارِ لِامْتِصَاصِهَا رُطُوبَةَ الشَّجَرِ، أُجْبِرَ عَلَى السَّقْيِ أَوِ الْقَطْعِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ السَّقْيُ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ.

قُلْتُ: هَذَانِ الْقَوْلَانِ فِيمَا إِذَا كَانَ لِلْبَائِعِ نَفْعٌ فِي تَرْكِ الثَّمَرَةِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجَبَ الْقَطْعُ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَصَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

اللَّفْظُ السَّادِسُ: الثِّمَارُ، وَهِيَ تُبَاعُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَقَبْلَهُ.

الْحَالَةُ الْأُولَى: إِذَا بِيعَتْ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، جَازَ مُطْلَقًا، وَبِشَرْطِ إِبْقَائِهَا إِلَى وَقْتِ الْجِدَادِ، وَبِشَرْطِ الْقَطْعِ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْأُصُولُ لِلْبَائِعِ، أَمْ لِلْمُشْتَرِي، أَمْ لِغَيْرِهِمَا. فَإِنْ أَطْلَقَ، فَلَهُ الْإِبْقَاءُ إِلَى وَقْتِ الْجِدَادِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الثِّمَارِ بَعْدَ الصَّلَاحِ مَعَ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهَا. الثَّانِيَةُ: إِذَا بِيعَتْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، فَإِمَّا أَنْ تُبَاعَ مُفْرَدَةً عَنِ الشَّجَرِ، وَإِمَّا مَعَهُ.

الضَّرْبُ الْأَوَّلُ: الْمُفْرَدَةُ. وَلِلْأَشْجَارِ صُورَتَانِ. إِحْدَاهُمَا: أَنْ تَكُونَ لِلْبَائِعِ [الْغَلَّةُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي] أَوْ لِغَيْرِهِمَا. فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الثِّمَارِ مُطْلَقًا، وَلَا بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ، وَيَجُوزُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ بِالْإِجْمَاعِ. وَلَوْ كَانَتِ الْكُرُومُ فِي بِلَادٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ بِحَيْثُ لَا تَنْتَهِي ثِمَارُهَا إِلَى الْحَلَاوَةِ، وَاعْتَادَ أَهْلُهَا قَطْعَ الْحِصْرِمِ، فَوَجْهَانِ. قَالَ الْقَفَّالُ: يَجُوزُ بَيْعُهَا بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ، وَيَكُونُ الْمُعْتَادُ كَالْمَشْرُوطِ. وَمَنَعَ الْأَكْثَرُونَ ذَلِكَ. وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ جَرَتْ عَادَةُ قَوْمٍ بِانْتِفَاعِ الْمُرْتَهِنِ

ص: 555

بِالْمَرْهُونِ، حَتَّى تُنَزَّلَ عَادَتُهُمْ عَلَى رَأْيِ مُنَزِّلِهِ شَرْطَ الِانْتِفَاعِ، وَيُحْكَمُ بِفَسَادِ الرَّهْنِ. وَلَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهِ. فَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى تَرْكِهِ، فَلَا بَأْسَ، وَيَكُونُ بُدُوُّ الصَّلَاحِ، كَكِبَرِ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ. وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، إِذَا كَانَ الْمَقْطُوعُ مُنْتَفَعًا بِهِ، كَالْحِصْرِمِ وَاللَّوْزِ وَنَحْوِهِمَا. فَأَمَّا مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ، كَالْجَوْزِ وَالْكُمَّثْرَى، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَيْضًا.

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ الْأَشْجَارُ لِلْمُشْتَرِي، بِأَنْ يَبِيعَ إِنْسَانًا شَجَرَةً، وَتَبْقَى الثَّمَرَةُ لَهُ، ثُمَّ يَبِيعَهُ الثَّمَرَةَ، أَوْ يُوصِي لِإِنْسَانٍ بِالثَّمَرَةِ فَيَبِيعُهَا لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ، فَفِي اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ، وَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: يُشْتَرَطُ، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ هُنَا، بَلْ لَهُ الْإِبْقَاءُ، إِذْ لَا مَعْنَى لِتَكْلِيفِهِ قَطْعَ ثِمَارِهِ عَنْ أَشْجَارِهِ وَلَوْ بَاعَ شَجَرَةً عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ مُؤَبَّرَةٌ، فَبَقِيَتْ لِلْبَائِعِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى شَرْطِ الْقَطْعِ ; لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الشَّجَرَةُ، وَهِيَ غَيْرُ مُتَعَرِّضَةٍ لِلْعَاهَاتِ، وَالثَّمَرَةُ مَمْلُوكَةٌ لَهُ بِحُكْمِ الدَّوَامِ. وَلَوْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ، فَاسْتَثْنَاهَا لِنَفْسِهِ، فَفِي وُجُوبِ شَرْطِ الْقَطْعِ وَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا: لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِدَامَةٌ لِمِلْكِهَا. فَعَلَى هَذَا، لَهُ الْإِبْقَاءُ إِلَى وَقْتِ الْجِدَادِ. وَلَوْ صَرَّحَ بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ، جَازَ. وَالثَّانِي: يَجِبُ، وَلَا يَصِحُّ التَّصْرِيحُ بِالْإِبْقَاءِ.

قُلْتُ: قَالَ الْإِمَامُ: إِذَا قُلْنَا: يَجِبُ شَرْطُ الْقَطْعِ، فَأَطْلَقَ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَاطِلٌ، وَالثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي. قَالَ: وَهَذَا مُشْكِلٌ، فَإِنَّ صَرْفَ الثَّمَرَةِ إِلَيْهِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِاسْتِثْنَائِهَا مُحَالٌ. قَالَ: فَالْوَجْهُ عَدُّ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُطْلَقِ شَرْطًا فَاسِدًا مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ فِي الْأَشْجَارِ، كَاسْتِثْنَاءِ الْحَمْلِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ مَعَ الشَّجَرِ، فَيَجُوزُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ، بَلْ لَا يَجُوزُ شَرْطُ الْقَطْعِ.

قُلْتُ: لَوْ قَطَعَ شَجَرَةً عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ ثُمَّ بَاعَ الثَّمَرَةَ وَهِيَ عَلَيْهَا، جَازَ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ ; لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَبْقَى عَلَيْهَا، فَيَصِيرُ كَشَرْطِ الْقَطْعِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 556

فَرْعٌ

لَا يُشْتَرَطُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ شَرْطِ الْقَطْعِ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي كُلِّ عُنْقُودٍ، بَلْ إِذَا بَاعَ ثَمَرَةَ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ بَدَا الصَّلَاحُ فِي بَعْضِهَا، صَحَّ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ. وَلَوْ بَاعَ ثِمَارَ أَشْجَارٍ بَدَا الصَّلَاحُ فِي بَعْضِهَا، نُظِرَ، إِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ، لَمْ يُغَيِّرْ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي جِنْسِ حُكْمِ جِنْسٍ آخَرَ. فَلَوْ بَاعَ رُطَبًا وَعِنَبًا بَدَا الصَّلَاحُ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَجَبَ شَرْطُ الْقَطْعِ فِي الْآخَرِ. وَإِنِ اتَّحَدَ الْجِنْسُ، فَالْكَلَامُ فِي اتِّحَادِ الْبُسْتَانِ وَتَعَدُّدِهِ. وَإِذَا اتَّحَدَ، فَفِي بَيْعِهَا صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِفْرَادُ مَا لَمْ يَبْدُ فِيهِ الصَّلَاحُ بِالْبَيْعِ. وَحُكْمُ الْأَقْسَامِ كُلِّهَا عَلَى مَا سَبَقَ فِي التَّأْبِيرِ بِلَا فَرْقٍ، حَتَّى أَنَّ الْأَصَحَّ: أَنَّهُ لَا تَبَعِيَّةَ عِنْدَ الْإِفْرَادِ، وَأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِ النَّوْعِ، وَأَنَّهُ لَا يَتْبَعُ بُسْتَانٌ بُسْتَانًا. وَلَوْ بَدَا الصَّلَاحُ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْبَائِعِ، وَلَمْ يَبْدُ فِي مِلْكِهِ، فَإِنْ كَانَا فِي بُسْتَانَيْنِ، فَلَا عِبْرَةَ بِهِ قَطْعًا، وَكَذَا إِنْ كَانَا فِي بُسْتَانٍ وَاحِدٍ عَلَى الْأَصَحِّ. وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ أُبِّرَ مِلْكُ غَيْرِ الْبَائِعِ فِي بُسْتَانٍ وَاحِدٍ. وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْمَبِيعِ حُكْمُ الْمُؤَبَّرِ.

فَرْعٌ

يَحْصُلُ بُدُوُّ الصَّلَاحِ بِظُهُورِ النُّضْجِ، وَمَبَادِئِ الْحَلَاوَةِ، وَزَوَالِ الْعُفُوصَةِ أَوِ الْحُمُوضَةِ الْمُفْرِطَتَيْنِ، وَذَلِكَ فِيمَا لَا يَتَلَوُّنُ، بِأَنْ يَتَمَوُّهَ وَيَلِينَ، وَفِيمَا يَتَلَوُّنُ، بِأَنْ يَحْمَرَّ

ص: 557

أَوْ يَصْفَرَّ أَوْ يَسُودَّ، وَهَذِهِ الْأَوْصَافُ وَإِنْ عُرِفَ بِهَا بُدُوُّ الصَّلَاحِ، فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهَا شَرْطًا فِيهِ ; لِأَنَّ الْقِثَّاءَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهَا، بَلْ يُسْتَطَابُ أَكْلُهُ صَغِيرًا وَكَبِيرًا. وَإِنَّمَا بُدُوُّ صَلَاحِهِ، أَنْ يَكْبُرَ بِحَيْثُ يُجْنَى فِي الْغَالِبِ وَيُؤْكَلُ، وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ فِي الصِّغَرِ عَلَى النُّدُورِ. وَكَذَا الزَّرْعُ، لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهَا، وَبُدُوُّ صَلَاحِهِ بِاشْتِدَادِ الْحَبِ. قَالَ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» : بَيْعُ أَوْرَاقِ الْفِرْصَادِ قَبْلَ تَنَاهِيهَا، لَا يَجُوزُ إِلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ، وَبَعْدَهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَبِشَرْطِ الْقَطْعِ. وَالْعِبَارَةُ الشَّامِلَةُ أَنْ يُقَالَ: بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، ضَرُورَتُهَا إِلَى الصِّفَةِ الَّتِي تُطْلَبُ غَالِبًا لِكَوْنِهَا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ.

فَرْعٌ

بَيْعُ الْبِطِّيخِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، لَا يَصْحُّ

[مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ] ، فَإِنْ بَدَا الصَّلَاحُ فِي كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ يَخَافُ خُرُوجَ غَيْرِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ، فَإِنْ شَرَطَ فَلَمْ يَقْطَعْ حَتَّى اخْتَلَطَ، فَفِي انْفِسَاخِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ يَأْتِي نَظِيرُهُمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ خُرُوجَ غَيْرِهِ، جَازَ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ. هَذَا إِذَا أَفْرَدَ الْبِطِّيخَ بِالْبَيْعِ، وَوَرَاءَهُ حَالَتَانِ.

إِحْدَاهُمَا: لَوْ أَفْرَدَ أُصُولَهُ بِالْبَيْعِ، قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ: يَجُوزُ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى شَرْطِ الْقَطْعِ إِذَا لَمْ يَخَفِ الِاخْتِلَاطَ. ثُمَّ الْحَمْلُ الْمَوْجُودُ يَبْقَى لِلْبَائِعِ، وَمَا يَحْدُثُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرَى. وَإِنْ خِيفَ اخْتِلَاطُ الْحِمْلَيْنِ، فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ. فَإِنْ شَرَطَ، فَلَمْ يَتَّفِقْ حَتَّى وَقَعَ الِاخْتِلَاطُ، فَطَرِيقَانِ سَنَذْكُرُهُمَا فِي نَظِيرِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَوْ بَاعَ الْأُصُولَ قَبْلَ خُرُوجِ الْحَمْلِ، فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ وَالْقَلْعِ، كَالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ. وَإِذَا شَرَطَ، ثُمَّ اتَّفَقَ بَقَاؤُهُ حَتَّى خَرَجَ الْحَمْلُ، فَهُوَ لِلْمُشْتَرَى.

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: بَاعَ الْبِطِّيخَ مَعَ أُصُولِهِ، قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ

ص: 558

شَرْطِ الْقَطْعِ ; لِأَنَّ الْبِطِّيخَ مَعَ أُصُولِهِ مُتَعَرِّضٌ لِلْعَاهَةِ، بِخِلَافِ الشَّجَرَةِ مَعَ الثَّمَرَةِ. فَلَوْ بَاعَ الْبِطِّيخَ مَعَ الْأَرْضِ، اسْتُغْنِيَ عَنْ شَرْطِ الْقَطْعِ، وَالْأَرْضُ كَالشَّجَرِ. وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَحْدَهَا إِذَا لَمْ يَخَفِ الِاخْتِلَاطَ، أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَى شَرْطِ الْقَطْعِ. وَالْبَاذِنْجَانُ وَنَحْوُهُ، كَالْبِطِّيخِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ.

فَرْعٌ

لِابْنِ الْحَدَّادِ

لَوْ بَاعَ نِصْفَ الثِّمَارِ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ مَشَاعًا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، لَمْ يَصِحَّ. وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَفْتَقِرُ إِلَى شَرْطِ الْقَطْعِ، وَلَا يُمْكِنُ قَطْعُ النِّصْفِ إِلَّا بِقَطْعِ الْكُلِّ، فَيَتَضَرَّرُ الْبَائِعُ بِقَطْعِ غَيْرِ الْمَبِيعِ، فَأَشْبَهَ مَا إِذَا بَاعَ نِصْفًا مُعَيَّنًا مِنْ سَيْفٍ. وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ قَطْعَ النِّصْفِ لَا يُمْكِنُ إِلَّا بِقَطْعِ الْجَمِيعِ، إِنَّمَا يَسْتَمِرُّ بِتَقْدِيرِ دَوَامِ الْإِشَاعَةِ وَامْتِنَاعِ الْقِسْمَةِ. أَمَّا إِذَا جَوَّزْنَا قِسْمَةَ الثِّمَارِ الرَّطْبَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا إِفْرَازٌ، فَيُمْكِنُ قَطْعُ النِّصْفِ مِنْ غَيْرِ قَطْعِ الْجَمِيعِ، بِأَنْ يُقَسَّمَ أَوَّلًا، فَلْيَكُنْ مَنْعُ الْبَيْعِ مَبْنِيًّا عَلَى الْقَوْلِ بِامْتِنَاعِ الْقِسْمَةِ، لَا مُطْلَقًا، وَعَلَى هَذَا يَدُلُّ كَلَامُ ابْنِ الْحَدَّادِ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَلَوْ بَاعَ نَصْفَهَا مَعَ نِصْفِ النَّخْلِ، صَحَّ وَكَانَتِ الثِّمَارُ تَابِعَةً. وَلَوْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ لِوَاحِدٍ، وَالشَّجَرَةُ لِآخَرَ، فَبَاعَ صَاحِبُ الثَّمَرَةِ صَاحِبَ الشَّجَرَةِ نِصْفَهَا، فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ هُنَا. وَلَوْ كَانَتِ الْأَشْجَارُ وَالثِّمَارُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنَ الثَّمَرَةِ، لَمْ يَصِحَّ. وَلَوِ اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنَ الثَّمَرَةِ بِنَصِيبِهِ مِنَ الشَّجَرِ، لَمْ يَجُزْ مُطْلَقًا، وَيَجُوزُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ ; لِأَنَّ جُمْلَةَ الثِّمَارِ تَصِيرُ لِمُشْتَرِي الثَّمَرَةِ، وَجُمْلَةَ الشَّجَرِ لِلْآخَرِ، وَيَلْزَمُ مُشْتَرِيَ الثَّمَرَةِ قَطْعُ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ بِهَذِهِ الْمُعَامَلَةِ الْتَزَمَ قَطْعَ النِّصْفِ الْمُشْتَرَى، وَتَفْرِيغَ الْأَشْجَارِ لِصَاحِبِهِ. وَبَيْعُ الشَّجَرَةِ عَلَى أَنْ يُفَرِّغَهَا الْبَائِعُ، جَائِزٌ. وَكَذَا

ص: 559

لَوْ كَانَتِ الْأَشْجَارُ لِأَحَدِهِمَا، وَالثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا، فَاشْتَرَى صَاحِبُ الشَّجَرِ نَصِيبَ صَاحِبِهِ مِنَ الثَّمَرِ بِنِصْفِ الشَّجَرِ عَلَى شَرْطِ الْقَطْعِ، جَازَ.

فَرْعٌ

لَا يَصِحُّ بَيْعُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ إِلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ. فَإِنْ بَاعَهُ مَعَ الْأَرْضِ، جَازَ تَبَعًا. وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبُقُولِ فِي الْأَرْضِ دُونَ الْأَرْضِ إِلَّا بِشَرْطِ

[الْقِطَعِ أَوِ الْقِلْعِ] ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُجَزُّ مِرَارًا، أَوْ لَا يُجَزُّ إِلَّا مَرَّةً، هَكَذَا نَقَلَهُ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرُهُ فِي الْبُقُولِ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: بَيْعُ أُصُولِ الْبُقُولِ لَا يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، إِذْ لَا تَتَعَرَّضُ لِلْآفَةِ. وَبِيعُ الزَّرْعِ بَعْدَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ كَبَيْعِ الثَّمَرِ بَعْدَ صَلَاحِهِ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى شَرْطِ الْقَطْعِ.

فَرْعٌ

يُشْتَرَطُ ظُهُورُ الْمَقْصُودِ. فَإِذَا بَاعَ ثَمَرَةً لَا كِمَامَ لَهَا، كَالتِّينِ وَالْعِنَبِ وَالْكُمَّثْرَى، جَازَ، سَوَاءٌ بَاعَهَا عَلَى الشَّجَرَةِ، أَوْ عَلَى الْأَرْضِ. وَلَوْ بَاعَ الشَّعِيرَ أَوِ السُّلْتَ مَعَ سُنْبُلِهِ، جَازَ بَعْدَ الْحَصَادِ وَقَبْلَهُ ; لِأَنَّ حَبَّاتِهِ ظَاهِرَةٌ. وَلَوْ كَانَتْ لِلثَّمَرِ أَوِ لِلْحَبِّ كِمَامٌ لَا يُزَالُ إِلَّا عِنْدَ الْأَكْلِ، كَالرُّمَّانِ وَالْعَلَسِ، فَكَمِثْلٍ.

وَأَمَّا مَا لَهُ كِمَامَانِ يُزَالُ أَحَدُهُمَا، وَيَبْقَى الْآخَرُ إِلَى وَقْتِ الْأَكْلِ، كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْرَانِجِ، فَيَجُوزُ بَيْعُهُ فِي الْقِشْرِ الْأَسْفَلِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْأَعْلَى، لَا عَلَى الشَّجَرِ، وَلَا عَلَى الْأَرْضِ. وَفِي قَوْلٍ: يَجُوزُ فِي الْقِشْرِ الْأَعْلَى مَا دَامَ رَطْبًا. وَبِيعُ الْبَاقِلَاءِ فِي الْقِشْرِ الْأَعْلَى، فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ. وَادَّعَى إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، أَنَّ الظَّاهِرَ فِيهِ الصِّحَّةُ ; لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه، أَمَرَ أَنْ يُشْتَرَى لَهُ الْبَاقِلَاءُ الرَّطْبُ.

ص: 560

قُلْتُ: الْمَنْصُوصُ فِي «الْأُمِّ» : أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. قَالَ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرُهُ: هُوَ الْأَصَحُّ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ «التَّنْبِيهِ» . هَذَا إِذَا كَانَ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالْبَاقِلَاءُ رَطْبًا. فَإِنْ بَقِيَ فِي قِشْرِهِ الْأَعْلَى، فَيَبِسَ، لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَجْهًا وَاحِدًا إِذَا لَمْ نُجَوِّزْ بَيْعَ الْغَائِبِ، كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَصَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرُهُمَا. وَحَكَى فِيهِ صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» وَجْهًا: أَنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ أَبْطَلْنَا

[بَيْعَ] الْغَائِبِ. وَيَصِحُّ بَيْعُ طَلْعِ النَّخْلِ مَعَ قِشْرِهِ فِي الْأَصَحِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا مَا لَا يُرَى حَبُّهُ فِي سُنْبُلِهِ، كَالْحِنْطَةِ، وَالْعَدَسِ، وَالسِّمْسِمِ، فَمَا دَامَ فِي سُنْبُلِهِ، لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُفْرَدًا عَنْ سُنْبُلِهِ قَطْعًا، وَلَا مَعَهُ عَلَى الْجَدِيدِ الْأَظْهَرِ، كَبَيْعِ تُرَابِ الصَّاغَةِ، وَكَبَيْعِ الْحِنْطَةِ فِي تَبْنِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ

[قَطْعًا] . وَفِي الْأُرْزِ، طَرِيقَانِ. الْمَذْهَبُ: أَنَّهُ كَالشَّعِيرِ، فَيَصِحُّ بَيْعُهُ فِي سُنْبُلِهِ. وَقِيلَ: كَالْحِنْطَةِ. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْجَزَرِ، وَالثُّومِ، وَالْبَصَلِ، وَالْفِجْلِ، وَالسَّلْقِ فِي الْأَرْضِ، لِتَسَتُّرِ مَقْصُودِهَا. وَيَجُوزُ بَيْعُ أَوْرَاقِهَا الظَّاهِرَةِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ. وَيَجُوزُ بَيْعُ الْقُنَّبِيطِ فِي الْأَرْضِ، لِظُهُورِهِ، وَكَذَا نَوْعٌ مِنَ السَّلْجَمِ يَكُونُ ظَاهِرًا. وَيَجُوزُ بَيْعُ اللَّوْزِ فِي الْقِشْرِ الْأَعْلَى قَبْلَ انْعِقَادِ الْأَسْفَلِ؛ لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ كُلُّهُ كَالتُّفَّاحِ. وَهَلِ الْمَنْعُ فِي صُوَرِ الْفَرْعِ مَقْطُوعٌ بِهِ، أَمْ مُفَرَّعٌ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ الْغَائِبِ؟

قَالَ الْإِمَامُ: هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ. فَإِنْ جَوَّزْنَا بَيْعَ الْغَائِبِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِهَا. وَفِي «التَّهْذِيبِ» : أَنَّ الْمَنْعَ فِي بَيْعِ الْجَزَرِ وَنَحْوِهِ فِي الْأَرْضِ، لَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَيْهِ ; لِأَنَّ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ يُمْكِنُ رَدُّ الْمَبِيعِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ بِصِفَتِهِ، وَهُنَا لَا يُمْكِنُ.

قُلْتُ: هَذَا أَصَحُّ، وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ. وَنَقَلَ عَنْ بَعْضِهِمْ كَقَوْلِ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي الْجَزَرِ وَنَحْوِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَنْعِ، فَبَاعَ الْجَوْزَ مَثَلًا فِي الْقِشْرِ الْأَعْلَى مَعَ الشَّجَرَةِ، أَوْ بَاعَ

ص: 561