المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لَهُ مُقَدِّمَةٌ. فَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا لَمْ يَحْضِرْ - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٣

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ قَوْلَانِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مَوَانِعِ إِتْمَامِ الْحَجِّ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْهَدْيِ

- ‌كِتَابُ الضَّحَايَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْعَقِيقَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ النَّذْرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌بَابُ مَا يَصِحُّ بِهِ الْبَيْعُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْبُيُوعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ خِيَارِ النَّقِيصَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَصِفَةُ الْقَبْضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ بَابِ [

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ [وَتَحَالُفِهِمَا]

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لَهُ مُقَدِّمَةٌ. فَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا لَمْ يَحْضِرْ

‌فَصْلٌ

فِي الْوُقُوفِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

لَهُ مُقَدِّمَةٌ.

فَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا لَمْ يَحْضِرْ بِنَفْسِهِ الْحَجَّ أَنْ يُنَصِّبَ أَمِيرًا عَلَى الْحَجِيجِ، فَيُطِيعُونَهُ فِيمَا يَنُوبُهُمْ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْحَجِيجِ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ. فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا، أَقَامَ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى أَنْ يَخْرُجَ إِلَى عَرَفَةَ. وَمَنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا طَافَ وَسَعَى وَحَلَقَ، فَيَحِلُّ مِنْ عُمْرَتِهِ، ثُمَّ يُهِلُّ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ عَلَى مَا سَبَقَ فِي صُورَةِ التَّمَتُّعِ، وَكَذَا يَفْعَلُ الْمُقِيمُ بِمَكَّةَ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَوْ مَنْصُوبِهِ أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ خُطْبَةً وَاحِدَةً، يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْغُدُوِّ فِيهَا إِلَى مِنًى، وَيُخْبِرُهُمْ بِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنَ الْمَنَاسِكِ، وَيَأْمُرُ الْمُتَمَتِّعِينَ أَنْ يَطُوفُوا لِلْوَدَاعِ قَبْلَ الْخُرُوجِ. وَلَوْ كَانَ السَّابِعُ يَوْمَ جُمُعَةٍ، خَطَبَ لَهَا وَصَلَّاهَا، ثُمَّ خَطَبَ هَذِهِ الْخُطْبَةَ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا التَّأْخِيرُ عَنِ الصَّلَاةِ. ثُمَّ يَخْرُجُ بِهِمْ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ، وَهُوَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ إِلَى مِنًى، وَيَكُونُ خُرُوجُهُمْ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، بِحَيْثُ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ بِمِنًى، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ.

وَفِي قَوْلٍ: يُصَلُّونَ الظُّهْرَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ، فَإِنْ كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ يَوْمَ جُمُعَةٍ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَخْرُجُوا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى حَيْثُ لَا تُصَلَّى الْجُمُعَةُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ كَمَا سَبَقَ، وَهُمْ لَا يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ بِمِنًى. وَكَذَا لَوْ كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، لَا يُصَلُّونَهَا، لَأَنَّ الْجُمُعَةَ شَرْطُهَا دَارُ الْإِقَامَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: فَإِنْ بُنِيَ بِهَا قَرْيَةٌ، وَاسْتَوْطَنَهَا أَرْبَعُونَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ، أَقَامُوا الْجُمُعَةَ وَالنَّاسُ مَعَهُمْ. فَإِذَا خَرَجُوا إِلَى مِنًى، صَلَّوْا بِهَا الصَّلَوَاتِ مَعَ الْإِمَامِ، وَبَاتُوا بِهَا. وَهَذَا الْمَبِيتُ سُنَّةٌ، وَلَيْسَ بِنُسُكٍ مَجْبُورٍ بِالدَّمِ. فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى ثَبِيرٍ سَارُوا إِلَى

ص: 92

عَرَفَاتٍ. فَإِذَا وَصَلُوا نَمِرَةَ، ضُرِبَتْ بِهَا قُبَّةُ الْإِمَامِ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، ذَهَبَ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ [إِلَى] مَسْجِدِ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم فَيَخْطُبُ فِيهِ الْإِمَامُ خُطْبَتَيْنِ، يُبَيِّنُ لَهُمْ فِي الْأُولَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنَ الْمَنَاسِكِ، وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى إِكْثَارِ الدُّعَاءِ وَالتَّهْلِيلِ بِالْمَوْقِفِ، وَيُخَفِّفُ هَذِهِ الْخُطْبَةَ، لَكِنْ لَا يَبْلُغُ تَخْفِيفُهَا تَخْفِيفَ الثَّانِيَةِ. وَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا، جَلَسَ بِقَدْرِ سُورَةِ (الْإِخْلَاصِ) ثُمَّ يَقُومُ إِلَى الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ، وَيَأْخُذُ الْمُؤَذِّنُ فِي الْأَذَانِ، وَيُخَفِّفُ الْخُطْبَةَ بِحَيْثُ يَفْرَغُ مِنْهَا مَعَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ مِنَ الْإِقَامَةِ.

وَقِيلَ: مَعَ فَرَاغِهِ مِنَ الْأَذَانِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ: مَعَ فَرَاغِهِ مِنَ الْأَذَانِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ الظُّهْرَ، ثُمَّ يُقِيمُ الْمُؤَذِّنُ فَيُصَلِّي بِهِمُ الْعَصْرَ جَمْعًا. فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُسَافِرًا، فَالسُّنَّةُ لَهُ الْقَصْرُ، وَلَا يَقْصُرُ الْمَكِّيُّونَ وَالْمُقِيمُونَ حَوْلَهَا. فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَالَ: أَتِمُّوا يَا أَهْلَ مَكَّةَ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفَرٌ. وَهَلْ يَخْتَصُّ الْجَمْعُ بِالْمُسَافِرِينَ مِنَ الْحَجِيجِ، أَمْ يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ؟ فِيهِ كَلَامٌ تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ. وَأَشَارَ جَمَاعَةٌ: إِلَى أَنَّهُ يَخْطُبُ وَيُصَلِّي بِنَمِرَةَ. وَصَرَّحَ الْجُمْهُورُ: بِأَنَّهُ يَخْطُبُ وَيُصَلِّي بِمَسْجِدِ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم كَمَا سَبَقَ.

فَرْعٌ

فِي الْحَجِّ أَرْبَعُ خُطَبٍ مَسْنُونَةٍ

إِحْدَاهَا: بِمَكَّةَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ. وَالثَّانِيَةُ: يَوْمَ عَرَفَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا. وَالثَّالِثَةُ: يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى. وَالرَّابِعَةُ: يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ بِمِنًى. وَيُخْبِرُهُمْ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ بِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنَ الْمَنَاسِكِ وَأَحْكَامِهَا إِلَى الْخُطْبَةِ الْأُخْرَى، وَكُلُّهُنَّ أَفْرَادٌ، [وَ] بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ إِلَّا يَوْمَ عَرَفَةَ، فَإِنَّهَا خُطْبَتَانِ، وَقَبْلَ الصَّلَاةِ.

ص: 93

فَرْعٌ

ثُمَّ بَعْدَ الصَّلَاتَيْنِ يَذْهَبُونَ إِلَى الْمَوْقِفِ. وَالسُّنَّةُ أَنْ يَقِفُوا عِنْدَ الصَّخْرَاتِ، وَيَسْتَقْبِلُوا الْكَعْبَةَ - وَالْوُقُوفُ رَاكِبًا أَفْضَلُ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَالثَّانِي: هُوَ وَالْمَاشِي سَوَاءٌ - وَيَذْكُرُوا اللَّهَ تَعَالَى وَيَدْعُوهُ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَيُكْثِرُوا التَّهْلِيلَ فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، دَفَعُوا مِنْ عَرَفَاتٍ مُنْصَرِفِينَ إِلَى مُزْدَلِفَةَ - وَيُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ لِيُصَلُّوهَا مَعَ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَيَذْهَبُوا بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ. فَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً أَسْرَعَ. فَإِذَا وَصَلُوا الْمُزْدَلِفَةَ، جَمَعَ بِهِمُ الْإِمَامُ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. وَحُكْمُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ سَبَقَ فِي بَابِ الْأَذَانِ.

وَلَوِ انْفَرَدَ بَعْضُهُمْ بِالْجَمْعِ بِعَرَفَةَ، أَوْ بِمُزْدَلِفَةَ، أَوْ صَلَّى إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ، وَالْأُخْرَى وَحْدَهُ، جَازَ. وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ بِعَرَفَةَ، وَفِي الطَّرِيقِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: وَلَا يَتَنَفَّلُونَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِذَا جَمَعُوا، وَلَا عَلَى أَثَرِهِمَا. فَأَمَّا بَيْنَهُمَا، فَلِمُرَاعَاةِ الْمُوَالَاةِ. وَأَمَّا عَلَى أَثَرِهِمَا، فَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: لَا يَتَنَفَّلُ الْإِمَامُ، لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ. فَلَوِ اشْتَغَلَ بِالنَّفْلِ، لَاقْتَدَى بِهِ النَّاسُ، وَانْقَطَعُوا عَنِ الْمَنَاسِكِ. وَأَمَّا الْمَأْمُومُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: لَا يَتَنَفَّلُ كَالْإِمَامِ. وَالثَّانِي: الْأَمْرُ وَاسِعٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَتْبُوعٍ. هَذَا فِي النَّافِلَةِ دُونَ الرَّوَاتِبِ. ثُمَّ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، أَطْلَقُوا الْقَوْلَ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاتَيْنِ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ. وَقِيلَ: يُؤَخِّرُهُمَا مَا لَمْ يُخْشَ فَوْتُ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِلْعِشَاءِ. فَإِنْ خَافَهُ، لَمْ يُؤَخِّرْ، بَلْ يَجْمَعُ بِالنَّاسِ فِي الطَّرِيقِ. وَالسُّنَّةُ: أَنْ يَنْصَرِفُوا مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ عَنْ طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ، وَهُوَ الطَّرِيقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ.

ص: 94

فَرْعٌ

مِنْ مَكَّةَ إِلَى مِنًى فَرْسَخَانِ. وَمُزْدَلِفَةُ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ مِنًى وَعَرَفَاتٍ، مِنْهَا إِلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَرْسَخٌ.

قُلْتُ: الْمُخْتَارُ: أَنَّ الْمَسَافَةَ بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى، فَرْسَخٌ فَقَطْ. كَذَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ الْمُحَقِّقِينَ، مِنْهُمُ الْأَزْرَقِيُّ، وَغَيْرُهُ مِمَّنْ لَا يُحْصَى. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَرْعٌ

فِي بَيَانِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

الْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْحُضُورُ بِعَرَفَةَ لَحْظَةً، بِشَرْطِ كَوْنِهِ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ، سَوَاءٌ حَضَرَهَا وَوَقَفَ، أَوْ مَرَّ بِهَا. وَفِي وَجْهٍ: لَا يَكْفِي الْمُرُورُ الْمُجَرَّدُ، وَهُوَ شَاذٌّ. وَلَوْ حَضَرَ بِهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا عَرَفَةٌ، أَوْ حَضَرَ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَوْ نَائِمًا، أَوْ دَخَلَهَا قَبْلَ وَقْتِ الْوُقُوفِ، وَنَامَ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ، أَجْزَأَهُ عَلَى الصَّحِيحِ.

وَفِي الْجَمِيعِ وَجْهٌ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ. قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كُلَّ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ يَجِبُ إِفْرَادُهُ بِالنِّيَّةِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: لَا يَصِحُّ وُقُوفُ مُغْمًى عَلَيْهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَلَوْ حَضَرَ فِي طَلَبِ غَرِيمٍ، أَوْ دَابَّةٍ شَارِدَةٍ أَجْزَأَهُ قَطْعًا، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ الْخِلَافَ السَّابِقَ فِي صَرْفِ الطَّوَافِ إِلَى جِهَةٍ أُخْرَى. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الطَّوَافَ قُرْبَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، قَالَ: وَلَا يَمْتَنِعُ طَرْدُ الْخِلَافِ. وَلَوْ حَضَرَ مَجْنُونٌ، لَمْ يُجْزِئْهُ، قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : لَكِنْ يَقَعُ نَفْلًا، كَحَجِّ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ. وَمِنْهُمْ مَنْ طَرَدَ فِي الْجُنُونِ الْوَجْهَ الْمَنْقُولَ فِي الْإِغْمَاءِ.

ص: 95

فَرْعٌ

فِي أَيِّ مَوْضِعٍ وَقَفَ مِنْ عَرَفَةَ، أَجْزَأَهُ. وَأَمَّا حَدُّ عَرَفَةَ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ -: هِيَ مَا جَاوَزَ حَدَّ عُرَنَةَ - بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبَعْدَهَا نُونٌ - إِلَى الْجِبَالِ الْمُقَابِلَةِ مِمَّا يَلِي بَسَاتِينَ ابْنِ عَامِرٍ، وَلَيْسَ وَادِي عُرَنَةَ مِنْ عَرَفَاتٍ، وَهُوَ عَلَى مُنْقَطَعِ عَرَفَاتٍ مِمَّا يَلِي مِنًى، وَمَسْجِدُ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم صَدْرُهُ مِنْ عُرَنَةَ، وَآخِرُهُ مِنْ عَرَفَاتٍ. وَيُمَيِّزُ بَيْنَهُمَا صَخَرَاتٌ كِبَارٌ فُرِشَتْ هُنَاكَ، فَمَنْ وَقَفَ فِي صَدْرِهِ، فَلَيْسَ بِوَاقِفٍ فِي عَرَفَاتٍ. قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : وَهُنَاكَ يَقِفُ الْإِمَامُ لِلْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ. وَأَمَّا نَمِرَةُ، فَقَالَ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» وَطَائِفَةٌ: هِيَ مِنْ عَرَفَاتٍ. وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَيْسَتْ مِنْ عَرَفَاتٍ، بَلْ بِقُرْبِهَا وَجَبَلُ الرَّحْمَةِ فِي وَسَطِ عَرْصَةِ عَرَفَاتٍ، وَمَوْقِفُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهُ مَعْرُوفٌ.

قُلْتُ: الصَّوَابُ: أَنَّ نَمِرَةَ، لَيْسَتْ مِنْ عَرَفَاتٍ. وَأَمَّا مَسْجِدُ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَرَفَةَ، فَلَعَلَّهُ زِيدَ بَعْدَهُ فِي آخِرِهِ. وَبَيْنَ هَذَا الْمَسْجِدِ وَمَوْقِفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالصَّخَرَاتِ نَحْوُ مِيلٍ. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَيُطِيفُ بِمُنْعَرَجَاتِ عَرَفَاتٍ جِبَالٌ وُجُوهُهَا الْمُقْبِلَةُ مِنْ عَرَفَةَ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

ص: 96

فَرْعٌ

وَقْتُ الْوُقُوفِ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَلَنَا وَجْهٌ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْوُقُوفِ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَبَعْدَ مُضِيِّ زَمَانِ إِمْكَانِ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَهَذَا شَاذٌّ ضَعِيفٌ جِدًّا. فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الْوُقُوفِ لَيْلًا صَحَّ حَجُّهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: فِي صِحَّتِهِ قَوْلَانِ. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الْوُقُوفِ نَهَارًا، وَأَفَاضَ قَبْلَ الْغُرُوبِ. صَحَّ وُقُوفُهُ بِلَا خِلَافٍ. ثُمَّ إِنْ عَادَ إِلَى عَرَفَةَ وَبَقِيَ بِهَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَلَا دَمَ. وَإِنْ لَمْ يَعُدْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ أَرَاقَ دَمًا. وَهَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ طُرُقٍ. أَصَحُّهَا: عَلَى قَوْلَيْنِ. أَظْهَرُهُمَا: مُسْتَحَبٌّ. وَالثَّانِي: وَاجِبٌ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: مُسْتَحَبٌّ قَطْعًا. وَالثَّالِثُ: إِنْ أَفَاضَ مَعَ الْإِمَامِ، فَمَعْذُورٌ، وَإِلَّا فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْوُجُوبِ فَعَادَ لَيْلًا، فَلَا دَمَ عَلَى الْأَصَحِّ.

فَرْعٌ

إِذَا غَلِطَ الْحُجَّاجُ، فَوَقَفُوا فِي غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِمَّا أَنْ يَغْلَطُوا بِالتَّأْخِيرِ، وَإِمَّا بِالتَّقْدِيمِ.

الْحَالُ الْأَوَّلُ:

[إِنْ غَلِطُوا] بِالتَّأْخِيرِ فَوَقَفُوا فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، أَجْزَأَهُمْ، وَتَمَّ حَجُّهُمْ، وَلَا قَضَاءَ. هَذَا إِذَا كَانَ الْحَجِيجُ عَلَى الْعَادَةِ. فَإِنْ قَلُّوا أَوْ جَاءَتْ شِرْذِمَةٌ يَوْمَ النَّحْرِ فَظَنَّتْ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَأَنَّ النَّاسَ قَدْ أَفَاضُوا، فَوَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: يُدْرِكُونَ وَلَا قَضَاءَ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا يُدْرِكُونَ، فَيَجِبُ الْقَضَاءُ. وَإِذَا لَمْ يَجِبِ الْقَضَاءُ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَبَيَّنَ الْحَالُ بَعْدَ يَوْمِ الْوُقُوفِ، أَوْ فِي حَالِ الْوُقُوفِ.

ص: 97