المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

حَجٍّ، أَوْ قِرَانٍ. فَإِنْ صَرَفَهُ إِلَى الْحَجِّ قَبْلَ الْأَشْهُرِ، كَانَ - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٣

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ قَوْلَانِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مَوَانِعِ إِتْمَامِ الْحَجِّ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْهَدْيِ

- ‌كِتَابُ الضَّحَايَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْعَقِيقَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ النَّذْرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌بَابُ مَا يَصِحُّ بِهِ الْبَيْعُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْبُيُوعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ خِيَارِ النَّقِيصَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَصِفَةُ الْقَبْضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ بَابِ [

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ [وَتَحَالُفِهِمَا]

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: حَجٍّ، أَوْ قِرَانٍ. فَإِنْ صَرَفَهُ إِلَى الْحَجِّ قَبْلَ الْأَشْهُرِ، كَانَ

حَجٍّ، أَوْ قِرَانٍ. فَإِنْ صَرَفَهُ إِلَى الْحَجِّ قَبْلَ الْأَشْهُرِ، كَانَ كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ الْأَشْهُرِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ.

فَرْعٌ

هَلِ الْأَفْضَلُ إِطْلَاقُ الْإِحْرَامِ، أَمْ تَعْيِينُهُ؟ قَوْلَانِ. قَالَ فِي «الْإِمْلَاءِ» : الْإِطْلَاقُ أَفْضَلُ. وَفِي «الْأُمِّ» : التَّعْيِينُ أَفْضَلُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ.

فَعَلَى هَذَا، هَلْ يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ فِي تَلْبِيَتِهِ بِمَا عَيَّنَهُ؟ وَجْهَانِ. الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ: لَا بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى النِّيَّةِ. وَالثَّانِي: يُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنِ النِّسْيَانِ.

‌فَصْلٌ

إِذَا أَحْرَمَ عَمْرٌو بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ جَازَ. ثُمَّ لِزَيْدٍ أَحْوَالٌ.

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا، وَيُمْكِنُ مَعْرِفَةُ مَا أَحْرَمَ بِهِ، فَيَنْعَقِدُ لِعَمْرٍو مِثْلُ إِحْرَامِهِ، إِنْ كَانَ حَجًّا فَحَجٌّ، وَإِنْ كَانَ عُمْرَةً فَعُمْرَةٌ، وَإِنْ كَانَ قِرَانًا فَقِرَانٌ.

قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ بِنِيَّةِ التَّمَتُّعِ كَانَ عَمْرٌو مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ التَّمَتُّعُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَإِنْ كَانَ مُطْلِقًا انْعَقَدَ إِحْرَامُ عَمْرٍو مُطْلِقًا أَيْضًا، وَيَتَخَيَّرُ كَمَا يَتَخَيَّرُ زَيْدٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّرْفُ إِلَى مَا يُصْرَفُ إِلَيْهِ زَيْدٌ. وَحُكِيَ وَجْهٌ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ. قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : إِلَّا إِذَا أَرَادَ إِحْرَامًا كَإِحْرَامِ زَيْدٍ بَعْدَ تَعْيِينِهِ. وَإِنْ كَانَ إِحْرَامُ زَيْدٍ فَاسِدًا، فَهَلْ يَنْعَقِدُ إِحْرَامُ عَمْرٍو مُطْلَقًا، أَمْ لَا يَنْعَقِدُ أَصْلًا؟ وَجْهَانِ.

ص: 60

قُلْتُ: الْأَصَحُّ: انْعِقَادُهُ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَهَذَانَ الْوَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ نَذَرَ صَلَاةً فَاسِدَةً، هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ بِصَلَاةٍ صَحِيحَةٍ، أَمْ لَا يَنْعَقِدُ؟ وَالْأَصَحُّ: لَا يَنْعَقِدُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ أَحْرَمَ مُطْلَقًا، ثُمَّ عَيَّنَهُ قَبْلَ إِحْرَامِ عَمْرٍو، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَنْعَقِدُ إِحْرَامُ عَمْرٍو مُطْلَقًا. وَالثَّانِي: مُعَيَّنًا، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ زِيدٌ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَكُونُ عَمْرٌو مُعْتَمِرًا، وَعَلَى الثَّانِي: قَارِنًا، وَالْوَجْهَانِ فِيمَا إِذَا لَمْ يَخْطُرْ لَهُ التَّشْبِيهُ بِإِحْرَامِ زَيْدٍ فِي الْحَالِ، وَلَا فِي أَوَّلِهِ، فَإِنْ خَطَرَ التَّشْبِيهُ بِأَوَّلِهِ أَوْ بِالْحَالِ، فَالِاعْتِبَارُ بِمَا خَطَرَ بِلَا خِلَافٍ. وَلَوْ أَخْبَرَهُ زَيْدٌ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ خِلَافُهُ، فَهَلْ يَعْمَلُ بِخَبَرِهِ، أَوْ بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِهِ؟ وَجْهَانِ.

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: بِخَبَرِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَلَوْ قَالَ لَهُ: أَحْرَمْتُ بِالْعُمْرَةِ، فَعَمِلَ بِقَوْلِهِ، فَبَانَ أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ، فَقَدْ بَانَ أَنَّ إِحْرَامَ عَمْرٍو كَانَ مُنْعَقِدًا بِحَجٍّ. فَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ، تَحَلَّلَ وَأَرَاقَ دَمًا. وَهَلِ الدَّمُ فِي مَالِهِ، أَوْ مَالِ زَيْدٍ، لِلتَّغْرِيرِ؟ وَجْهَانِ.

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: فِي مَالِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ زَيْدٌ مُحْرِمًا أَصْلًا، فَيُنْظَرُ إِنْ كَانَ عَمْرٌو جَاهِلًا بِهِ انْعَقَدَ إِحْرَامُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ جَزَمَ بِالْإِحْرَامِ. وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ، بِأَنْ عَلِمَ مَوْتَهُ، فَطَرِيقَانِ. الْمَذْهَبُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ: أَنَّهُ يَنْعَقِدُ إِحْرَامُ عَمْرٍو مُطْلَقًا. وَالثَّانِي: عَلَى الْوَجْهَيْنِ. أَصَحُّهُمَا: هَذَا. وَالثَّانِي: لَا يَنْعَقِدُ أَصْلًا، كَمَا لَوْ قَالَ: إِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا، فَقَدْ أَحْرَمْتُ، فَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا. وَالصَّوَابُ: الْأَوَّلُ. وَيُخَالِفُ قَوْلَهُ: إِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا، فَإِنَّهُ تَعْلِيقٌ لِأَصْلِ الْإِحْرَامِ. فَلِهَذَا يَقُولُ: إِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا، فَهَذَا الْمُعَلَّقُ مُحْرِمٌ، وَإِلَّا فَلَا.

ص: 61

وَأَمَّا هُنَا فَأَصْلُ الْإِحْرَامِ مَحْزُومٌ بِهِ. وَاحْتَجُّوا لِلْمَذْهَبِ بِصُورَتَيْنِ نُصَّ عَلَيْهِمَا فِي «الْأُمِّ» .

أَحَدُهُمَا: لَوِ اسْتَأْجَرَهُ رَجُلَانِ لِيَحُجَّ عَنْهُمَا، فَأَحْرَمَ عَنْهُمَا، لَمْ يَنْعَقِدْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَانْعَقَدَ عَنِ الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مُتَعَذَّرٌ، فَلَغَتِ الْإِضَافَةُ، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ، أَمْ عَلَى الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَى إِجَارَتَيِ الْعَيْنِ فَاسِدَةً إِلَّا أَنَّ الْإِحْرَامَ عَنْ غَيْرِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ الْإِجَارَةِ.

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: لَوِ اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ لِيَحُجَّ عَنْهُ، فَأَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنِ الْمُسْتَأْجِرِ لَغَتِ الْإِضَافَتَانِ، وَبَقِيَ الْإِحْرَامُ لِلْأَجِيرِ. فَلَمَّا لَغَتِ الْإِضَافَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَبَقِيَ أَصْلُ الْإِحْرَامِ، جَازَ أَنْ يَلْغُوَ هُنَا التَّشْبِيهَ، وَيَبْقَى أَصْلُ الْإِحْرَامِ.

الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ زَيْدٌ مُحْرِمًا وَتَتَعَذَّرُ مُرَاجَعَتُهُ، لِجُنُونٍ، أَوْ غَيْبَةٍ، أَوْ مَوْتٍ. وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُقَدِّمَةٌ، وَهِيَ لَوْ أَحْرَمَ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ، ثُمَّ نَسِيَهُ، قَالَ فِي الْقَدِيمِ: أُحِبُّ أَنْ يَقْرِنَ. وَإِنْ تَحَرَّى، رَجَوْتُ أَنْ يُجْزِئَهُ. وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ: هُوَ قَارِنٌ. وَلِلْأَصْحَابِ فِيهِ طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِجَوَازِ التَّحَرِّي. وَتَأْوِيلُ الْجَدِيدِ عَلَى مَا إِذَا شَكَّ، هَلْ أَحْرَمَ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ، أَمْ قَرَنَ؟ وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ: أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى قَوْلَيْنِ. الْقَدِيمُ: جَوَازُ التَّحَرِّي، وَيَعْمَلُ بِظَنِّهِ. وَالْجَدِيدُ: لَا يَتَحَرَّى. فَإِنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ فَتَحَرَّى، مَضَى فِيمَا ظَنَّهُ مِنَ النُّسُكَيْنِ، وَأَجْزَأَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُهُ الشَّكُّ. وَفَائِدَةُ التَّحَرِّي: الْخَلَاصُ مِنَ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا شَاذٌّ ضَعِيفٌ. وَإِنْ قُلْنَا بِالْجَدِيدِ، فَلِلشَّكِّ صُورَتَانِ.

إِحْدَاهُمَا: أَنْ يُعَرِّضَ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ، فَلَفْظُ النَّصِّ: أَنَّهُ قَارِنٌ. وَقَالَ الْأَصْحَابُ: مَعْنَاهُ: أَنْ يَنْوِيَ الْقِرَانَ، وَيَجْعَلَ نَفْسَهُ قَارِنًا. وَحُكِيَ قَوْلٌ أَنَّهُ يَصِيرُ قَارِنًا بِلَا نِيَّةٍ، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ. ثُمَّ إِذَا نَوَى الْقِرَانَ وَأَتَى بِالْأَعْمَالِ،

ص: 62

تَحَلَّلَ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ عَنِ الْحَجِّ بِيَقِينٍ، وَأَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ، لَمْ يَضُرَّ تَجْدِيدُ الْعُمْرَةِ بَعْدَهُ، سَوَاءٌ قُلْنَا: يَصِحُّ إِدْخَالُهَا عَلَيْهِ، أَمْ لَا. وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ، فَإِدْخَالُ الْحَجِّ عَلَيْهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي أَعْمَالِهَا، جَائِزٌ. وَأَمَّا الْعُمْرَةُ، فَإِنْ جَوَّزْنَا إِدْخَالَهَا عَلَى الْحَجِّ، أَجْزَأَتْهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا تُجْزِئُهُ، لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ الْعُمْرَةِ. وَالثَّانِي: تُجْزِئُهُ، قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ.

وَيَكُونُ الِاشْتِبَاهُ عُذْرًا فِي جَوَازِ تَأْخِيرِهَا. فَإِنْ قُلْنَا: تُجْزِئُ، لَزِمَهُ دَمُ الْقِرَانِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا تُجْزِئُهُ الْعُمْرَةُ، لَمْ يَجِبِ الدَّمُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَوْلُنَا: يَجْعَلُ نَفْسَهُ قَارِنًا، لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الْإِلْزَامِ.

قَالَ الْإِمَامُ: لَمْ يَذْكُرِ الشَّافِعِيُّ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - الْقِرَانَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، بَلْ ذَكَرَهُ عَلَى أَنَّهُ لِيَسْتَفِيدَ مِنْهُ الشَّاكُّ التَّحَلُّلَ مَعَ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنَ النُّسُكَيْنِ. فَلَوِ اقْتَصَرَ بَعْدَ النِّسْيَانِ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، وَأَتَى بِأَعْمَالِهِ حَصَلَ التَّحَلُّلَ قَطْعًا، وَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ عَنِ الْحَجِّ، وَلَا تَبْرَأُ عَنِ الْعُمْرَةِ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ ابْتِدَاءً بِالْحَجِّ. وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ: لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ، وَأَتَى بِأَعْمَالِ الْقِرَانِ، حَصَلَ التَّحَلُّلُ، وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنَ الْعُمْرَةِ إِنْ جَوَّزْنَا إِدْخَالَهَا عَلَى الْحَجِّ، وَلَا تَبْرَأُ عَنِ الْحَجِّ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ ابْتِدَاءً وَلَمْ يُغَيِّرْهَا. وَلَوْ لَمْ يُجَدِّدْ إِحْرَامًا بَعْدَ النِّسْيَانِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِعَمَلِ الْحَجِّ، حَصَلَ التَّحَلُّلُ، وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنَ النُّسُكَيْنِ، لِشَكِّهِ فِيمَا أَتَى بِهِ. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى عَمَلِ الْعُمْرَةِ، لَمْ يَحْصُلِ التَّحَلُّلُ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَلَمْ يُتِمَّ أَعْمَالَهُ.

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: [أَنْ] يَعْرِضَ الشَّكُّ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَلَهُ أَحْوَالٌ.

أَحَدُهَا: أَنْ يَعْرِضَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَقَبْلَ الطَّوَافِ، فَإِذَا نَوَى الْقِرَانَ، فَيُجْزِئُهُ الْحَجُّ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِهِ، فَذَاكَ. وَإِنْ كَانَ بِالْعُمْرَةِ، فَقَدْ أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا قَبْلَ الطَّوَافِ

ص: 63

، وَذَلِكَ جَائِزٌ. وَلَا تُجْزِئُهُ الْعُمْرَةُ إِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ إِدْخَالُهَا عَلَى الْحَجِّ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي التَّحَلُّلِ. وَهَذَا الْحَالُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إِذَا كَانَ وَقْتُ الْوُقُوفِ بَاقِيًا عِنْدَ مَصِيرِهِ قَارِنًا ثُمَّ وَقَفَ ثَانِيًا، وَإِلَّا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ، فَلَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ الْوُقُوفُ عَنِ الْحَجِّ.

الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَعْرِضَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ الْوُقُوفِ، فَإِذَا نَوَى الْقِرَانَ، وَأَتَى بِأَفْعَالِ الْقَارِنِ لَمْ يُجْزِئْهُ الْحَجُّ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ، فَيَمْتَنِعُ إِدْخَالُ الْحَجِّ عَلَيْهَا بَعْدَ الطَّوَافِ.

وَأَمَّا الْعُمْرَةُ، فَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِ إِدْخَالِهَا عَلَى الْحَجِّ بَعْدَ الطَّوَافِ، أَجْزَأَتْهُ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَذَكَرَ ابْنُ الْحَدَّادِ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنَّهُ يُتِمُّ أَعْمَالَ الْعُمْرَةِ، بِأَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتِي الطَّوَافِ، وَيَسْعَى، وَيَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ، ثُمَّ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ، وَيَأْتِيَ بِأَعْمَالِهِ. فَإِذَا فَعَلَ هَذَا صَحَّ حَجُّهُ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ، لَمْ يَضُرَّ تَجْدِيدُ إِحْرَامِهِ. وَإِنْ كَانَ بِالْعُمْرَةِ، فَقَدْ تَمَتَّعَ، وَلَا تَصِحُّ عُمْرَتُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ، وَلَا تَدَخُلُ الْعُمْرَةُ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَنْوِ الْقِرَانَ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ، وَصَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» وَالْأَكْثَرُونَ: إِنْ فَعَلَ هَذَا، فَالْجَوَابُ مَا ذَكَرَهُ. لَكِنْ لَوِ اسْتَفْتَانَا، لَمْ نُفْتِهِ بِهِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَلْقُ يَقَعُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ. وَهَذَا كَمَا لَوِ ابْتَلَعَتْ دَجَاجَةُ إِنْسَانٍ جَوْهَرَةً لِغَيْرِهِ، لَا يُفْتَى صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ بِذَبْحِهَا وَأَخْذِ الْجَوْهَرَةِ. فَلَوْ ذَبَحَ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا قَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهَا حَيَّةً وَمَذْبُوحَةً، وَكَذَا لَوْ تَقَابَلَتْ دَابَّتَانِ لِشَخْصَيْنِ عَلَى شَاهِقٍ، وَتَعَذَّرَ مُرُورُهُمَا، لَا يُفْتَى أَحَدُهُمَا بِإِهْلَاكِ دَابَّةِ الْآخَرِ، لَكِنْ لَوْ فَعَلَ خَلَّصَ دَابَّتَهُ، وَلَزِمَهُ قِيمَةُ دَابَّةِ صَاحِبِهِ، وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْحَدَّادِ. وَوَجَّهَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: بِأَنَّ الْحَلْقَ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ يُبَاحُ بِالْعُذْرِ، كَمَنَ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ، فَضَرَرُ الِاشْتِبَاهِ لَوْ لَمْ يَحْلِقْ أَكْثَرُ فَإِنَّهُ يَفُوتُ الْحَجُّ، وَسَوَاءٌ أَفْتَيْنَاهُ بِمَا قَالَهُ

ص: 64

ابْنُ الْحَدَّادِ، أَمْ لَمْ نُفْتِهِ، فَفَعَلَ لَزِمَهُ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ، فَقَدْ حَلَقَ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ، وَإِنْ كَانَ بِعُمْرَةٍ، فَقَدْ تَمَتَّعَ، فَيُرِيقُ دَمًا عَنِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَلَا يُعَيِّنُ الْجِهَةَ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ. فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا يَجِدُ دَمًا وَلَا طَعَامًا صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ كَصَوْمِ الْمُتَمَتِّعِ. فَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ دَمَ الْمُتَمَتِّعِ، فَذَاكَ وَإِنْ كَانَ دَمَ الْحَلْقِ أَجْزَأَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، الْبَاقِي تَطَوُّعٌ. وَلَا يُعَيِّنَ الْجِهَةَ فِي صَوْمِ الثَّلَاثَةِ، وَيَجُوزُ تَعْيِينُ التَّمَتُّعِ فِي صَوْمِ السَّبْعَةِ. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى صَوْمِ ثَلَاثَةٍ، هَلْ تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ؟ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ: أَنَّهُ لَا تَبْرَأُ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْرَأَ، وَعَبَّرَ الْغَزَالِيُّ فِي «الْوَسِيطِ» عَنْ هَذَيْنِ بِوَجْهَيْنِ. وَيُجْزِئُهُ الصَّوْمُ مَعَ وُجُودِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلطَّعَامِ فِي التَّمَتُّعِ. وَفِدْيَةُ الْحَلْقِ عَلَى التَّخْيِيرِ. وَلَوْ أَطْعَمَ، هَلْ تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ؟ فِيهِ كَلَامَا الشَّيْخِ وَالْإِمَامِ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا اسْتَجْمَعَ الرَّجُلُ شُرُوطَ وُجُوبِ دَمِ التَّمَتُّعِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَجْمِعْهَا، كَالْمَكِّيِّ، لَمْ يَجِبِ الدَّمُ؛ لِأَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ مَفْقُودٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحَلْقِ. وَإِذَا جُوِّزَ أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُهُ أَوَّلًا بِالْقِرَانِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ آخَرُ مَعَ الدَّمِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ.

الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَعْرِضَ الشَّكُّ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ. فَإِنْ أَتَى بِبَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ، لَمْ يَحْصُلْ لَهُ حَجٌّ وَلَا عُمْرَةٌ. أَمَّا الْحَجُّ، فَلِجَوَازِ أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ، فَلَا يَنْفَعُهُ الْوُقُوفُ. وَأَمَّا الْعُمْرَةُ، فَلِجَوَازِ أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ، وَلَمْ يُدْخِلْ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ. فَإِنْ نَوَى الْقِرَانَ، وَلَبَّى، وَأَتَى بِأَعْمَالِ الْقِرَانِ، فَإِجْزَاءُ الْعُمْرَةِ يُبْنَى عَلَى أَنَّهَا هَلْ تَدْخُلُ عَلَى الْحَجِّ بَعْدَ الْوُقُوفِ؟ ثُمَّ قِيَاسُ الْمَذْكُورِ فِي الْحَالِ السَّابِقِ. ثُمَّ لَوْ أَتَمَّ أَعْمَالَ الْعُمْرَةِ، وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ، وَأَتَى بِأَعْمَالِهِ مَعَ الْوُقُوفِ، أَجْزَأَهُ الْحَجُّ، وَعَلَيْهِ دَمٌ كَمَا سَبَقَ. وَلَوْ أَتَمَّ أَعْمَالَ الْحَجِّ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَأَتَى بِأَعْمَالِهَا، أَجْزَأَتْهُ الْعُمْرَةُ.

ص: 65

فَرْعٌ

لَوْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَطَافَ لِلْحَجِّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ، لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ ذَلِكَ، وَلَا سَعْيُهُ بَعْدَهُ، وَبَانَ أَنَّ حَلْقَهُ وَقَعَ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ وَيَصِيرُ بِإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ مُدْخِلًا الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ قَبْلَ الطَّوَافِ، فَيَصِيرُ قَارِنًا، وَيُجْزِئُهُ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ فِي الْحَجِّ عَنِ الْحَجِّ، وَعَلَيْهِ دَمَانِ، دَمُ الْقِرَانِ، وَدَمُ الْحَلْقِ. وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا فِي طَوَافِ الْحَجِّ، تَوَضَّأَ وَأَعَادَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا دَمُ التَّمَتُّعِ إِذَا اسْتُجْمِعَتْ شُرُوطُهُ. فَلَوْ شَكَّ فِي أَيِّ الطَّوَافَيْنِ كَانَ حَدَثُهُ، فَعَلَيْهِ إِعَادَةُ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ. فَإِذَا أَعَادَهُمَا، صَحَّ حَجُّهُ وَعُمْرَتُهُ، وَعَلَيْهِ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ قَارِنٌ أَوْ مُتَمَتِّعٌ، وَيَنْوِي بِإِرَاقَتِهِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، وَلَا تُعَيَّنُ الْجِهَةُ. وَكَذَا لَوْ لَمْ يَجِدِ الدَّمَ فَصَامَ. وَالِاحْتِيَاطُ: أَنْ يُرِيقَ دَمًا آخَرَ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حَالِقٌ قَبْلَ الْوَقْتِ. فَلَوْ لَمْ يَحْلِقْ فِي الْعُمْرَةِ، وَقُلْنَا: الْحَلْقُ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ، فَلَا حَاجَةَ إِلَيْهِ. وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ تَبَيُّنِ الْحَدَثِ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ، إِلَّا دَمٌ وَاحِدٌ. وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، لَكِنْ جَامَعَ بَعْدَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُفَرَّعُ عَلَى أَصْلَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: جِمَاعُ النَّاسِي، هَلْ يُفْسِدُ النُّسُكَ وَيَجِبُ الْفِدْيَةُ كَالْعَمْدِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ.

الثَّانِي: إِذَا أَفْسَدَ الْعُمْرَةَ بِجِمَاعٍ، ثُمَّ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَيْهَا، هَلْ يَدْخُلُ وَيَصِيرُ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: يَصِيرُ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَالشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ. فَعَلَى هَذَا، هَلْ يَكُونُ الْحَجُّ صَحِيحًا مُجْزِئًا؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، لِأَنَّ الْمُفْسِدَ مُتَقَدِّمٌ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا. فَعَلَى هَذَا، هَلْ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا، أَوْ صَحِيحًا ثُمَّ يَفْسُدُ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَنْعَقِدُ صَحِيحًا ثُمَّ يَفْسُدُ،

ص: 66

كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مُجَامِعًا. وَأَصَحُّهُمَا: يَنْعَقِدُ فَاسِدًا. وَلَوِ انْعَقَدَ صَحِيحًا، لَمْ يَفْسُدْ، إِذْ لَمْ يُوجَدْ بَعْدَ انْعِقَادِهِ مُفْسِدٌ. فَإِنْ قُلْنَا: يَنْعَقِدُ فَاسِدًا، أَوْ صَحِيحًا ثُمَّ يَفْسُدُ، مَضَى فِي النُّسُكَيْنِ وَقَضَاهُمَا. وَإِنْ قُلْنَا: يَنْعَقِدُ صَحِيحًا وَلَا يَفْسُدُ، قَضَى الْعُمْرَةَ دُونَ الْحَجِّ. وَعَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ: يَلْزَمُهُ دَمُ الْقِرَانِ، وَلَا يَجِبُ لِلْإِفْسَادِ إِلَّا بَدَنَةٌ وَاحِدَةٌ، كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ. وَحَكَى الْإِمَامُ: وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ، إِذَا حَكَمْنَا بِانْعِقَادِ حَجِّهِ فَاسِدًا. أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ أُخْرَى لِفَسَادِ الْحَجِّ. وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ الْبَدَنَةُ لِلْعُمْرَةِ، وَشَاةٌ لِلْحَجِّ، كَمَا لَوْ جَامَعَ، ثُمَّ جَامَعَ.

إِذَا عَرَفْتَ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ، فَانْظُرْ، إِنْ كَانَ الْحَدَثُ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ، فَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ فَاسِدَانِ، وَالْجِمَاعُ وَاقِعٌ قَبْلَ التَّحَلُّلِ، لَكِنْ لَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ، فَهَلْ يَكُونُ كَالنَّاسِي؟ فِيهِ طَرِيقَانِ.

أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ. وَالثَّانِي: لَا. فَإِنْ لَمْ تَفْسُدِ الْعُمْرَةُ بِهِ، صَارَ قَارِنَا وَعَلَيْهِ دَمٌ لِلْقِرَانِ، وَدَمٌ لِلْحَلْقِ قَبْلَ وَقْتِهِ إِنْ كَانَ حَلَقَ كَمَا سَبَقَ. وَإِنْ أَفْسَدْنَا الْعُمْرَةَ، فَعَلَيْهِ لِلْإِفْسَادِ بَدَنَةٌ، وَلِلْحَلْقِ شَاةٌ.

وَإِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، فَقَدْ أَدْخَلَهُ عَلَى عُمْرَةٍ فَاسِدَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ، فَهُوَ فِي عُمْرَتِهِ كَمَا كَانَ، فَيَتَحَلَّلُ مِنْهَا وَيَقْضِيهَا. وَإِنْ دَخَلَ وَقُلْنَا بِفَسَادِ الْحَجِّ، فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ لِلْإِفْسَادِ، وَدَمٌ لِلْحَلْقِ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَدَمٌ لِلْقِرَانِ، وَيَمْضِي فِي فَاسِدِهِمَا ثُمَّ يَقْضِيهِمَا. وَإِنْ قَالَ: كَانَ الْحَدَثُ قَبْلَ طَوَافِ الْحَجِّ، فَعَلَيْهِ إِعَادَةُ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَقَدْ صَحَّ نُسُكَاهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا دَمُ التَّمَتُّعِ. وَإِنْ قَالَ: لَا أَدْرِي فِي أَيِّ الطَّوَافَيْنِ كَانَ، أَخَذَ فِي كُلِّ حُكْمٍ بِالْيَقِينِ، فَلَا يَتَحَلَّلُ مَا لَمْ يُعِدِ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ حَدَثَهُ كَانَ فِي طَوَافِ الْحَجِّ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، إِنْ كَانَا وَاجِبَيْنِ عَلَيْهِ، لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُحْدِثًا

ص: 67

فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ، وَتَأْثِيرُ الْجِمَاعِ فِي إِفْسَادِ النُّسُكَيْنِ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِالشَّكِّ. وَإِنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا فَلَا قَضَاءَ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا فَسَادَ، وَعَلَيْهِ دَمٌ إِمَّا لِلتَّمَتُّعِ إِنْ كَانَ الْحَدَثُ فِي [طَوَافِ] الْحَجِّ. وَإِمَّا لِلْحَلْقِ إِنْ كَانَ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ. وَلَا تَلْزَمُهُ الْبَدَنَةُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يُفْسِدِ الْعُمْرَةَ، لَكِنَّ الِاحْتِيَاطَ ذَبْحُ بَدَنَةٍ وَشَاةٍ إِذَا جَوَّزْنَا إِدْخَالَ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ الْفَاسِدَةِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَارَ قَارِنًا بِذَلِكَ. هَذَا آخِرُ الْمُقَدِّمَةِ.

فَإِذَا تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ إِحْرَامِ زَيْدٍ، فَطَرِيقَانِ.

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ عَمْرٌو كَمَنْ نَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ. وَفِيهِ الْقَوْلَانِ: الْقَدِيمُ وَالْجَدِيدُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَا يَتَحَرَّى بِحَالٍ، بَلْ يَنْوِ الْقِرَانَ. وَحَكَوْهُ عَنْ نَصِّهِ فِي الْقَدِيمِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّكَّ فِي مَسْأَلَةِ النِّسْيَانِ وَقَعَ فِي فِعْلِهِ، فَلَهُ سَبِيلٌ إِلَى التَّحَرِّي، بِخِلَافِ إِحْرَامِ زَيْدٍ.

فَرْعٌ

هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ لِزَيْدٍ، هُوَ فِيمَا إِذَا أَحْرَمَ عَمْرٌو فِي الْحَالِ بِإِحْرَامٍ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ. أَمَّا لَوْ عَلَّقَ إِحْرَامَهُ فَقَالَ: إِذَا أَحْرَمَ زَيْدٌ، فَأَنَا مُحْرِمٌ، فَلَا يَصِحُّ إِحْرَامُهُ، كَمَا لَوْ قَالَ: إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، فَأَنَا مُحْرِمٌ. هَكَذَا نَقَلَهُ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرُهُ. وَنَقَلَ فِي الْمُعْتَمَدِ فِي صِحَّةِ الْإِحْرَامِ الْمُعَلَّقِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَنَحْوِهِ وَجْهَيْنِ. وَقِيَاسُ تَجْوِيزِ تَعْلِيقِ أَصْلِ الْإِحْرَامِ بِإِحْرَامِ الْغَيْرِ تَجْوِيزُ هَذَا؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَوْجُودٌ فِي الْحَالَيْنِ إِلَّا أَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ بِمُسْتَقْبَلٍ، وَذَلِكَ تَعْلِيقٌ بِحَاضِرٍ، وَمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ مِنَ الْعُقُودِ، يَقْبَلُهُمَا جَمِيعًا.

ص: 68