الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِهِ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ إِلَّا بِالنَّشْرِ، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ. كَذَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى طَبَقَاتِهِمْ مَعَ جَعْلِهِمْ بَيْعَ الثَّوْبِ الْمَطْوِيِّ مِنْ صُوَرِ بَيْعِ الْغَائِبِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْأَئِمَّةُ لِهَذَا الْإِشْكَالِ إِلَّا مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: ذَكَرَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَصْحِيحِ بَيْعِ الْغَائِبِ. وَالثَّانِي: قَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» وَغَيْرُهُ: إِنْ كَانَ مَطْوِيًّا عَلَى أَكْثَرِ مِنْ طَاقَيْنِ، لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ إِنْ لَمْ نُجَوِّزْ بَيْعَ الْغَائِبِ. وَإِنْ كَانَ مَطْوِيًّا عَلَى طَاقَيْنِ، صَحَّ؛ لِأَنَّهُ يَرَى جَمِيعَ الثَّوْبِ مِنْ جَانِبَيْهِ، وَهَذَا حَسَنٌ، لَكِنَّ الْمَطْوِيَّ عَلَى طَاقَيْنِ، لَا يَرَى مِنْ جَانِبَيْهِ إِلَّا أَحَدَ وَجْهَيِ الثَّوْبِ، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ سَبَقَ. وَوَرَاءَ هَذَا تَصْوِيرَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَفْرِضَ رُؤْيَةَ الثَّوْبِ قَبْلَ الطَّيِّ، وَالطَّيُّ قَبْلَ الْبَيْعِ. وَالثَّانِي: أَنَّ مَا نَقَصَ بِالنَّشْرِ مَرَّةً، يَنْقُصُ بِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ. فَلَوْ نُشِرَ مَرَّةً، وَبِيعَ وَأُعِيدَ طَيُّهُ، ثُمَّ نَشَرَهُ الْمُشْتَرِي فَزَادَ النَّقْصُ بِهِ، انْتَظَمَ التَّصْوِيرُ.
فَصْلٌ
الْمَبِيعُ فِي الصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ، إِنْ كَانَ شَيْئَيْنِ، بِأَنِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَخَرَجَا مَعِيبَيْنِ، فَلَهُ رَدُّهُمَا، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا. وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ بَعْضِهِ إِنْ كَانَ الْبَاقِي بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ، لِمَا فِيهِ مِنَ التَّشْقِيصِ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ، جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي زَائِلًا عَنْ مِلْكِهِ، بِأَنْ عَرَفَ الْعَيْبَ بَعْدَ بَيْعِ بَعْضِ الْمَبِيعِ، فَفِي رَدِّ الْبَاقِي طَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: عَلَى قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
وَأَصَحُّهُمَا: الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ، كَمَا لَوْ كَانَ بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ.
فَعَلَى هَذَا، هَلْ يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ؟ أَمَّا لِلْقَدْرِ الْمَبِيعِ، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا فِيمَا إِذَا بَاعَ الْكُلَّ. وَأَمَّا لِلْقَدْرِ الْبَاقِي، فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: يَرْجِعُ، لِتَعْذُرِ الرَّدِّ، وَلَا يَنْتَظِرُ عَوْدَ الزَّائِلِ لِيَرُدَّ الْجَمِيعَ، كَمَا لَا يَنْتَظِرُ زَوَالَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ. وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ وَبَاعَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ وَلَمْ
نُجَوِّزْ رَدَّ الْبَاقِي، هَلْ يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ؟ وَلَوِ اشْتَرَى عَبْدًا وَمَاتَ وَخَلَّفَ ابْنَيْنِ، فَوَجَدَا بِهِ عَيْبًا، فَالْأَصَحُّ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْحَدَّادِ: لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالرَّدِّ ; لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ مُتَّحِدَةً. وَلِهَذَا لَوْ سَلَّمَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ نِصْفَ الثَّمَنِ، لَمْ يَلْزَمِ الْبَائِعَ تَسْلِيمُ النِّصْفِ إِلَيْهِ. وَالثَّانِي: يَنْفَرِدُ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ جَمِيعَ مَا مَلَكَ.
هَذَا كُلُّهُ إِذَا اتَّحَدَ الْعَاقِدَانِ، أَمَّا إِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلَيْنِ عَبْدًا وَخَرَجَ مَعِيبًا، فَلَهُ أَنْ يُفْرِدَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا بِالرَّدِّ ; لِأَنَّ تَعَدُّدَ الْبَائِعِ يُوجِبُ تَعَدُّدَ الْعَقْدِ. وَلَوِ اشْتَرَى رَجُلَانِ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ فَقَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: أَنَّ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ جَمِيعَ مَا مَلَكَ، فَإِنْ جَوَّزْنَا الِانْفِرَادَ فَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا، فَهَلْ تَبْطُلُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا وَيَخْلُصُ لِلْمُمْسِكِ مَا أَمْسَكَ، وَلِلرَّادِّ مَا اسْتَرَدَّ، أَمْ تَبْقَى الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا فِيمَا أَمْسَكَ وَاسْتَرَدَّ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ. وَإِنْ مَنَعْنَا الِانْفِرَادَ فَذَاكَ فِيمَا يَنْقُصُ بِالتَّبْعِيضِ. أَمَّا مَا لَا يَنْقُصُ، كَالْحُبُوبِ، فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ ضَرَرُ التَّبْعِيضِ، أَوِ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ؟ وَلَوْ أَرَادَ الْمَمْنُوعُ مِنَ الرَّدِّ الْأَرْشَ، قَالَ الْإِمَامُ: إِنْ حَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ إِمْكَانِ رَدِّ نَصِيبَ الْآخَرِ، بِأَنْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ، فَلَهُ أَخْذُ الْأَرْشِ، وَإِلَّا نُظِرَ، فَإِنْ رَضِيَ صَاحِبُهُ بِالْعَيْبِ، بُنِيَ عَلَى أَنَّهُ لَوِ اشْتَرَى نَصِيبَ صَاحِبِهِ وَضَمَّهُ إِلَى نَصِيبِهِ، وَأَرَادَ الْكُلَّ وَالرُّجُوعَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، هَلْ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ النَّعْلِ؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ. إِنْ قُلْنَا: لَا، أَخَذَ الْأَرْشَ. وَإِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ تَوَقُّعٌ بَعِيدٌ. وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ غَائِبًا لَا يَعْرِفُ الْحَالَ، فَفِي الْأَرْشِ وَجْهَانِ بِسَبَبِ الْحَيْلُولَةِ النَّاجِزَةِ. وَلَوِ اشْتَرَى رَجُلَانِ عَبْدًا مِنْ رَجُلَيْنِ، كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُشْتَرِيًا رُبُعَ الْعَبْدِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْبَائِعَيْنِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ رَدُّ الرُّبُعِ إِلَى أَحَدِهِمَا. وَلَوِ اشْتَرَى ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ، كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مُشْتَرِيًا تُسُعَ الْعَبْدِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْبَائِعِينَ. وَلَوِ اشْتَرَى رَجُلَانِ، عَبْدَيْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ، فَقَدِ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ رُبُعَ كُلِّ عَبْدٍ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ رَدُّ جَمِيعِ مَا اشْتَرَى مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ. وَلَوْ رَدَّ رُبُعَ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَحْدَهُ، فَفِيهِ قَوْلَا التَّفْرِيقِ.