الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ
يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُ صَيْدٍ ذَبَحَهُ الْحَلَالُ إِذَا لَمْ يَصِدْهُ لَهُ، وَلَا
[كَانَ] بِدَلَالَتِهِ أَوْ إِعَانَتِهِ، وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ قَطْعًا.
فَصْلٌ
صَيْدُ حَرَمِ مَكَّةَ حَرَامٌ عَلَى الْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ. وَبَيَانُ الْمُحْرِمِ مِنْهُ وَمَا يَجِبُ بِهِ الْجَزَاءُ وَقَدْرُ الْجَزَاءِ، يُقَاسُ بِمَا سَبَقَ فِي صَيْدِ الْإِحْرَامِ. وَلَوْ أَدْخَلَ حَلَالٌ الْحَرَمَ صَيْدًا مَمْلُوكًا، كَانَ لَهُ إِمْسَاكُهُ وَذَبْحُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ كَالنَّعَمِ؛ لِأَنَّهُ صَيْدُ حِلٍ. وَلَوْ رَمَى مِنَ الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ، أَوْ مِنَ الْحَرَمِ صَيْدًا فِي الْحِلِّ، أَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا فِي الصُّورَتَيْنِ، أَوْ رَمَى صَيْدًا بَعْضُهُ فِي الْحِلِّ وَبَعْضُهُ فِي الْحَرَمِ - وَالِاعْتِبَارُ بِقَوَائِمِهِ لَا بِالرَّأْسِ - أَوْ رَمَى حَلَالٌ إِلَى صَيْدٍ فَأَحْرَمَ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ، أَوْ رَمَى مُحْرِمٌ إِلَيْهِ، فَتَحَلَّلَ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ، لَزِمَهُ الضَّمَانُ فِي كُلِّ ذَلِكَ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ، فِيمَا إِذَا كَانَ بَعْضُهُ فِي الْحَرَمِ، هُوَ الْأَصَحُّ. وَذَكَرَ الْجُرْجَانِيُّ فِي الْمُعَايَاةِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: لَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ حَرَمِيًّا. وَالثَّانِي: إِنْ كَانَ أَكْثَرُهُ فِي الْحَرَمِ، ضَمِنَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهُ فِي الْحِلِّ، فَلَا. وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ خَارِجًا مِنَ الْحَرَمِ إِلَى الْحِلِّ، ضَمِنَهُ، وَإِنْ كَانَ عَكْسُهُ، فَلَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ رَمَى مِنَ الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحِلِّ، فَقَطَعَ السَّهْمُ فِي مُرُورِهِ هَوَاءَ الْحَرَمِ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَضْمَنُ، كَمَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا فِي الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ، فَتَخَطَّى طَرَفَ الْحَرَمِ، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ. وَأَصَحُّهُمَا: يَضْمَنُ، بِخِلَافِ الْكَلْبِ؛ لِأَنَّ لِلْكَلْبِ اخْتِيَارًا، بِخِلَافِ السَّهْمِ.
وَلِهَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ: لَوْ رَمَى صَيْدًا فِي الْحِلِّ فَعَدَا الصَّيْدُ، فَدَخَلَ الْحَرَمَ، فَأَصَابَهُ السَّهْمُ، وَجَبَ الضَّمَانُ. وَبِمِثْلِهِ، لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا، لَا يَجِبُ. وَلَوْ رَمَى صَيْدًا فِي الْحِلِّ فَلَمْ يُصِبْهُ، وَأَصَابَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ، وَجَبَ الضَّمَانُ. وَبِمِثْلِهِ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا، لَا يَجِبُ. ثُمَّ فِي مَسْأَلَةِ إِرْسَالِ الْكَلْبِ وَتَخَطِّيهِ طَرَفَ الْحَرَمِ، إِنَّمَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ إِذَا كَانَ لِلصَّيْدِ مَفَرٌّ آخَرُ. فَأَمَّا إِذَا تَعَيَّنَ دُخُولُهُ الْحَرَمَ عِنْدَ الْهَرَبِ، فَيَجِبُ الضَّمَانُ قَطْعًا، سَوَاءٌ كَانَ الْمُرْسِلُ عَالِمًا بِالْحَالِ، أَوْ جَاهِلًا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ الْجَاهِلُ.
فَرْعٌ
لَوْ أَخَذَ حَمَامَةً فِي الْحِلِّ، أَوْ أَتْلَفَهَا، فَهَلَكَ فَرْخُهَا فِي الْحَرَمِ، ضَمِنَهُ، وَلَا يَضْمَنُهَا. وَلَوْ أَخَذَ الْحَمَامَةَ مِنَ الْحَرَمِ، أَوْ قَتَلَهَا، فَهَلَكَ فَرْخُهَا فِي الْحِلِّ، ضَمِنَ الْحَمَامَةَ وَالْفَرْخَ جَمِيعًا، كَمَا لَوْ رَمَى مِنَ الْحَرَمِ إِلَى الْحِلِّ. وَلَوْ نَفَّرَ صَيْدًا حَرَمِيًّا، عَامِدًا، أَوْ غَيْرَ عَامِدٍ، تَعَرَّضَ لِلضَّمَانِ. حَتَّى لَوْ مَاتَ بِسَبَبِ التَّنْفِيرِ بِصَدْمَةٍ، أَوْ أَخْذِ سَبْعٍ، لَزِمَهُ الضَّمَانُ. وَكَذَا لَوْ دَخَلَ الْحِلَّ فَقَتَلَهُ حَلَالٌ، فَعَلَى الْمُنَفِّرِ الضَّمَانُ. بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ، فَإِنَّ الْجَزَاءَ عَلَيْهِ، تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ.