الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي «الْمُخْتَصَرِ» . وَالثَّانِي: سَبْعُ حَصَيَاتٍ لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَطْ، وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ: وَنَقَلُوهُ عَنْ نَصِّهِ، وَجَعَلُوهُ بَيَانًا لِمَا أَطْلَقَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ. وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: يُسْتَحَبُّ الْأَخْذُ لِلْجَمِيعِ، لَكِنْ لِيَوْمِ النَّحْرِ أَشَدُّ. ثُمَّ قَالَ الْجُمْهُورُ: يَتَزَوَّدُوا الْحَصَى بِاللَّيْلِ. وَفِي «التَّهْذِيبِ» : يَتَزَوَّدُوهَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ.
فَصْلٌ
فِي الدَّفْعِ إِلَى مِنًى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ
ثُمَّ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، يَدْفَعُونَ إِلَى مِنًى. فَإِذَا انْتَهَوْا إِلَى قُزَحَ، وَهُوَ جَبَلُ مُزْدَلِفَةَ، وَقَفُوا فَذَكَرُوا اللَّهَ تَعَالَى وَدَعَوْا إِلَى الْأَسْفَارِ مُسْتَقْبِلِينَ الْكَعْبَةَ. وَلَوْ وَقَفُوا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ، حَصَلَ أَصْلُ هَذِهِ السُّنَّةِ، لَكِنَّ أَفْضَلَهُ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَلَوْ فَاتَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ، لَمْ تُجْبَرْ بِدَمٍ كَسَائِرِ الْهَيْئَاتِ. فَإِذَا أَسَفَرُوا، سَارُوا إِلَى مِنًى وَعَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً، أَسْرَعَ. فَإِذَا بَلَغُوا وَادِيَ مُحَسِّرٍ، اسْتُحِبَّ لِلرَّاكِبِ تَحْرِيكُ دَابَّتِهِ، وَلِلْمَاشِي الْإِسْرَاعُ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يُسْرِعُ الْمَاشِي، وَهُوَ ضَعِيفٌ شَاذٌّ. ثُمَّ يَسِيرُونَ وَعَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَيَصِلُونَ مِنًى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَيَرْمُونَ سَبْعَ حَصَيَاتٍ إِلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَهِيَ أَسْفَلُ الْجَبَلِ مُرْتَفِعَةٌ عَنِ الْجَادَّةِ، عَلَى يَمِينِ السَّائِرِ إِلَى مَكَّةَ، وَلَا يَنْزِلُ الرَّاكِبُونَ حَتَّى يَرْمُوا. وَالسُّنَّةُ أَنْ يُكَبِّرَ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَقْطَعَ التَّلْبِيَةَ إِذَا بَدَأَ بِالرَّمْيِ. وَقَالَ الْقَفَّالُ: إِذَا رَحَلُوا مِنْ مُزْدَلِفَةَ، خَلَطُوا التَّلْبِيَةَ بِالتَّكْبِيرِ فِي مَسِيرِهِمْ.
فَإِذَا افْتَتَحُوا الرَّمْيَ مَحَّضُوا التَّكْبِيرَ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَمْ أَرَ هَذَا لِغَيْرِهِ. فَإِذَا رَمَى نَحَرَ إِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، ثُمَّ حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ. فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ دَخَلَ مَكَّةَ وَطَافَ طَوَافَ
الْإِفَاضَةِ، وَهُوَ الرُّكْنُ. وَسَعَى بَعْدَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى مِنًى لِلْمَبِيتِ بِهَا وَالرَّمْيِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ.
فَرْعٌ
الْحَلْقُ فِي وَقْتِهِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فِيهِ قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ، وَلَيْسَ بِنُسُكٍ. وَأَظْهَرُهُمَا: أَنَّهُ نُسُكٌ، وَهُوَ رُكْنٌ لَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ. حَتَّى لَوْ كَانَتْ بِرَأْسِهِ عِلَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ بِسَبَبِهَا التَّعَرُّضُ لِلشَّعْرِ صَبَرَ إِلَى الْإِمْكَانِ، وَلَا يَفْدِي بِخِلَافِ مَنْ لَا شَعْرَ عَلَى رَأْسِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِالْحَلْقِ بَعْدَ نَبَاتِهِ؛ لِأَنَّ النُّسُكَ حَلْقُ شَعْرٍ يَشْتَمِلُ الْإِحْرَامُ عَلَيْهِ. وَيَقُومُ التَّقْصِيرُ مَقَامَ الْحَلْقِ، لَكِنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ. وَالْمَرْأَةُ لَا تُؤْمَرُ بِالْحَلْقِ، بَلْ تُقَصِّرُ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ تَقْصِيرُهَا بِقَدْرِ أُنْمُلَةٍ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِ رَأْسِهَا. وَيَخْتَصُّ الْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ بِشَعْرِ الرَّأْسِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِحَلْقِ الشِّقِّ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ، وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، وَأَنْ يَدْفِنَ شَعْرَهُ. وَالْأَفْضَلُ، أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ جَمِيعَ الرَّأْسِ. وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ حَلْقُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ أَوْ تَقْصِيرُهَا. وَلَنَا وَجْهٌ بَعِيدٌ: أَنَّ الْفِدْيَةَ تَكْمُلُ فِي الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ فِي الْحَلْقِ الْمَحْظُورِ، وَذَلِكَ الْوَجْهُ عَائِدٌ فِي حُصُولِ النُّسُكِ بِحَلْقِ الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ. وَلَوْ حَلَقَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ فِي دُفْعَاتٍ، أَوْ أَخَذَ مِنْ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ شَيْئًا، ثُمَّ عَادَ ثَانِيًا فَأَخَذَ مِنْهَا، ثُمَّ عَادَ ثَالِثًا وَأَخَذَ مِنْهَا، فَإِنْ كَمَّلْنَا الْفِدْيَةَ بِهَا، لَوْ كَانَ مَحْظُورًا حَصَلَ [بِهِ] النُّسُكُ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِذَا قَصَّرَ، فَسَوَاءٌ أَخَذَ مِمَّا يُحَاذِي الرَّأْسَ أَوْ مِمَّا اسْتَرْسَلَ عَنْهُ، وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ: لَا يُجْزِئُ الْمُسْتَرْسِلُ. وَلَا يَتَعَيَّنُ لِلْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ آلَةٌ، بَلْ حُكْمُ