الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَانِعُ السَّادِسُ: الدَّيْنُ. فَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ وَهُوَ مُوسِرٌ، يَجُوزُ لِمُسْتَحِقِّ الدَّيْنِ مَنْعُهُ مِنَ الْخُرُوجِ وَحَبْسُهُ. فَإِنْ أَحْرَمَ، فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ كَمَا سَبَقَ، بَلْ عَلَيْهِ قَضَاءُ الدَّيْنِ وَالْمُضِيُّ فِيهِ. وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَلَا مُطَالَبَةَ وَلَا مَنْعَ، وَكَذَا لَا مَنْعَ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَخْرُجَ حَتَّى يُوَكِّلَ مَنْ يَقْضِي الدَّيْنَ عِنْدَ حُلُولِهِ.
فَصْلٌ
إِذَا تَحَلَّلَ الْمُحْصِرُ، فَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ تَطَوُّعًا، فَلَا قَضَاءَ، وَإِلَّا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِرًّا كَحِجَّةِ الْإِسْلَامِ فِيمَا بَعْدَ السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ سِنِّيِ الْإِمْكَانِ، وَكَالْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ، فَهُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ. ثُمَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ نَفْيِ الْقَضَاءِ، هُوَ فِي الْحَصْرِ الْعَامِّ. فَأَمَّا الْخَاصُّ، فَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ كَالْعَامِّ. وَقِيلَ: يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ.
فَرْعٌ
لَوْ صُدَّ عَنْ طَرِيقٍ، وَهُنَاكَ طَرِيقٌ آخَرُ، نُظِرَ، إِنْ تَمَكَّنَ مِنْ سُلُوكِهِ، بِأَنْ وَجَدَ شَرَائِطَ الِاسْتِطَاعَةِ فِيهِ، لَزِمَهُ سُلُوكُهُ، سَوَاءً طَالَ هَذَا الطَّرِيقُ، أَمْ قَصُرَ، سَوَاءً رَجَا الْإِدْرَاكَ، أَمْ خَافَ الْفَوَاتَ، أَمْ تَيَقَّنَهُ، بِأَنْ أُحْصِرَ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَهُوَ بِالْعِرَاقِ مَثَلًا، فَيَجِبُ الْمُضِيُّ وَالتَّحَلُّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ، وَلَا يَجُوزُ التَّحَلُّلُ بِحَالٍ، وَإِذَا سَلَكَهُ كَمَا أَمَرْنَاهُ، فَفَاتَهُ الْحَجُّ لِطُولِ الطَّرِيقِ الثَّانِي، أَوْ خُشُونَتِهِ، أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يَحْصُلُ الْفَوَاتُ بِسَبَبِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ عَلَى الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّهُ
مُحْصَرٌ، وَلِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ. وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ كَمَا لَوْ سَلَكَهُ ابْتِدَاءً فَفَاتَهُ بِضَلَالِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ. وَلَوِ اسْتَوَى الطَّرِيقَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَجَبَ الْقَضَاءُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ فَوَاتٌ مَحْضٌ. وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ سُلُوكِ الطَّرِيقِ الْآخَرِ، فَهُوَ كَالصَّدِّ الْمُطْلَقِ. وَلَوْ أُحْصِرَ، فَصَابَرَ الْإِحْرَامَ مُتَوَقِّعًا زَوَالَهُ، فَفَاتَهُ الْحَجُّ، وَالْإِحْصَارُ دَائِمٌ، تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ، وَفِي الْقَضَاءِ، طَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ فَاتَهُ لِطُولِ الطَّرِيقِ الثَّانِي. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ، فَإِنَّهُ تَسَبَّبَ بِالْمُصَابَرَةِ فِي الْفَوَاتِ.
فَرْعٌ
لَا فَرْقَ فِي جَوَازِ التَّحَلُّلِ بِالْإِحْصَارِ بَيْنَ أَنْ يَتَّفِقَ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا بَيْنَ الْإِحْصَارِ عَنِ الْبَيْتِ فَقَطْ، أَوْ عَنِ الْمَوْقِفِ فَقَطْ، أَوْ عَنْهُمَا. ثُمَّ إِنْ كَانَ قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَأَقَامَ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى أَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ التَّحَلُّلُ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، لَزِمَهُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْهَدْيُ، لِلْفَوَاتِ. وَإِنْ لَمْ يَزُلِ الْحَصْرُ، تَحَلَّلَ بِالْهَدْيِ، وَعَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاءِ هَدْيَانِ. أَحَدُهُمَا: لِلْفَوَاتِ، وَالْآخَرُ: لِلتَّحَلُّلِ. وَإِنْ كَانَ الْإِحْصَارُ بَعْدَ الْوُقُوفِ، فَإِنْ تَحَلَّلَ، فَذَاكَ. وَهَلْ يَجُوزُ الْبِنَاءُ لَوِ انْكَشَفَ الْإِحْصَارُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. الْجَدِيدُ: لَا يَجُوزُ، وَالْقَدِيمُ: يَجُوزُ. وَيُحْرِمُ إِحْرَامًا نَاقِصًا وَيَأْتِي بِبَقِيَّةِ الْأَعْمَالِ. وَعَلَى هَذَا، لَوْ لَمْ يَبِنْ مَعَ الْإِمْكَانِ، وَجَبَ الْقَضَاءُ. وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ. وَإِنْ لَمْ يَتَحَلَّلْ حَتَّى فَاتَهُ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ، فَهُوَ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى وُجُوبِ الدَّمِ لِفَوَاتِهِمَا، كَغَيْرِ الْمُحْصَرِ. وَبِمَاذَا يَتَحَلَّلُ؟ بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ، أَمْ لَا؟ وَأَنَّ فَوَاتَ زَمَنِ الرَّمْيِ كَالرَّمْيِ، أَمْ لَا؟ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُمَا. فَإِنْ قُلْنَا: فَوَاتُ وَقْتِ الرَّمْيِ كَالرَّمْيِ، وَقُلْنَا: الْحَلْقُ نُسُكٌ، حَلْقٌ وَتَحَلُّلُ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ بِنُسُكٍ، حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِمُضِيِّ زَمَنِ الرَّمْيِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، فَالطَّوَافُ بَاقٍ عَلَيْهِ. فَمَتَى أَمْكَنَهُ طَافَ، فَيَتِمُّ حِجُّهُ. ثُمَّ إِذَا تَحَلَّلَ بِالْإِحْصَارِ الْوَاقِعِ بَعْدَ