الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُمْ أَنْ يَنْفِرُوا مَعَ النَّاسِ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَفِي وَجْهٍ: لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ. وَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَالرِّعَاءُ بِمِنًى لَزِمَهُمُ الْمَبِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَالرَّمْيُ مِنَ الْغَدِ، وَلِأَهْلِ السِّقَايَةِ أَنْ يَنْفِرُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ بِاللَّيْلِ بِخِلَافِ الرَّعْيِ. وَرُخْصَةُ أَهِلِ السِّقَايَةِ، لَا تَخْتَصُّ بِالْعَبَّاسِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَفِي وَجْهٍ: تَخْتَصُّ بِهِمْ، وَفِي وَجْهٍ: تَخْتَصُّ بِبَنِي هَاشِمٍ. وَلَوْ أَحْدَثَتْ سِقَايَةُ الْحَاجِّ، فَلِلْمُقِيمِ بِسَبَبِهَا تَرْكُ الْمَبِيتِ، قَالَهُ فِي «التَّهْذِيبِ» . وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ لَهُ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: قَوْلُهُ فِي «التَّهْذِيبِ» . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَمِنَ الْمَعْذُورِينَ مَنِ انْتَهَى إِلَى عَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، وَاشْتَغَلَ بِالْوُقُوفِ عَنْ مَبِيتِ الْمُزْدَلِفَةِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْمَبِيتِ الْمُتَفَرِّغُونَ. وَلَوْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى مَكَّةَ، وَطَافَ لِلْإِفَاضَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَفَاتَهُ الْمَبِيتُ، قَالَ الْقَفَّالُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِاشْتِغَالِهِ بِالطَّوَافِ. وَقَالَ الْإِمَامُ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ. وَمِنَ الْمَعْذُورِينَ مَنْ لَهُ مَالٌ يَخَافُ ضَيَاعَهُ. وَلَوِ اشْتَغَلَ بِالْمَبِيتِ، أَوْ لَهُ مَرِيضٌ يَحْتَاجُ إِلَى تَعَهُّدِهِ، أَوْ يَطْلُبُ آبِقًا، أَوْ يَشْتَغِلُ بِأَمْرٍ آخَرَ يَخَافُ فَوْتَهُ فَفِي هَؤُلَاءِ وَجْهَانِ. الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ بِتَرْكِ الْمَبِيتِ، وَلَهُمْ أَنْ يَنْفِرُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ.
فَصْلٌ
فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّمْيِ إِذَا فَرَغَ الْحُجَّاجُ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، عَادُوا إِلَى مِنًى وَصَلَّوْا بِهَا الظُّهْرَ، وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ بِهَا بَعْدَ الظُّهْرِ خُطْبَةً، وَيُعَلِّمُهُمْ فِيهَا سُنَّةَ الرَّمْيِ وَالْإِفَاضَةِ، لِيَتَدَارَكَ مَنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَيُعَلِّمُهُمْ رَمْيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَحُكْمَ الْمَبِيتِ، وَالرُّخْصَةَ
لِلْمَعْذُورِينَ. وَفِي وَجْهٍ: تَكُونُ هَذِهِ الْخُطْبَةُ بِمَكَّةَ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهَا بِمِنًى. وَيَخْطُبُ بِهِمْ فِي الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَيُعَلِّمُهُمْ جَوَازَ النَّفْرِ فِيهِ. وَيُوَدِّعُهُمْ، وَيَأْمُرُهُمْ بِخَتْمِ الْحَجِّ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَجْمُوعَ الرَّمْيِ سَبْعُونَ حَصَاةً. لِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ سَبْعَةٌ. وَلِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ إِلَى الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ، لِكُلِّ جَمْرَةٍ سَبْعٌ. وَمَنْ أَرَادَ النَّفْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَلَهُ ذَلِكَ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، وَرَمْيُ الْغَدِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ. وَمَنْ لَمْ يَنْفِرْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ لَزِمَهُ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، وَرَمْيُ يَوْمِهَا. وَلَوِ ارْتَحَلَ فَغَرَبَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ مِنْ مِنًى، فَلَهُ النَّفْرُ وَلَوْ غَرَبَتْ وَهُوَ فِي شُغْلِ الِارْتِحَالِ، أَوْ نَفَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَعَادَ لِشُغْلٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ بَعْدَهُ جَازَ النَّفْرُ عَلَى الْأَصَحِّ.
قُلْتُ: فَلَوْ تَبَرَّعَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِالْمَبِيتِ، لَمْ يَلْزَمْهُ الرَّمْيُ فِي الْغَدِ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رحمه الله. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَمَنْ نَفَرَ وَقَدْ بَقِيَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الْحَصَى الَّتِي تَزَوَّدَهَا، طَرَحَهَا أَوْ دَفَعَهَا إِلَى غَيْرِهِ. قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَلَمْ يُؤْثَرْ شَيْءٌ فِيمَا يَعْتَادُهُ النَّاسُ مِنْ دَفْنِهَا. أَمَّا وَقْتُ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ، فَسَبَقَ، وَأَمَّا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، فَيَدْخُلُ بِزَوَالِ الشَّمْسِ، وَيَبْقَى إِلَى غُرُوبِهَا. وَهَلْ يَمْتَدُّ إِلَى الْفَجْرِ؟ أَمَّا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَلَا، لِخُرُوجِ وَقْتِ الْمَنَاسِكِ، وَأَمَّا الْيَوْمَانِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يَمْتَدُّ.
فَرْعٌ
الْيَوْمُ الْأَوَّلُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، يُسَمَّى: يَوْمَ الْقَرِّ - بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ - لِأَنَّهُمْ قَارُّونَ بِمِنًى. وَالْيَوْمُ الثَّانِي: النَّفْرُ الْأَوَّلُ. وَالثَّالِثُ: النَّفْرُ الثَّانِي. فَإِذَا تَرَكَ رَمْيَ يَوْمِ الْقَرِّ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، هَلْ يَتَدَارَكُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوِ الثَّالِثِ؟ أَوْ تَرَكَ رَمْيَ الثَّانِي، أَوْ رَمْيَ الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، هَلْ يَتَدَارَكُ فِي الثَّالِثِ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَتَدَارَكُ فِي بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ، فَهَلْ يَتَدَارَكُ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَهُ مِنْ لَيَالِي التَّشْرِيقِ؟ وَجْهَانِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ: أَنَّ وَقْتَهُ لَا يَمْتَدُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّدَارُكِ، فَتَدَارَكَ فَهَلْ هُوَ أَدَاءٌ، أَمْ قَضَاءٌ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: أَدَاءٌ، كَأَهْلِ السِّقَايَةِ وَالرِّعَاءِ. فَإِنْ قُلْنَا: أَدَاءٌ، فَجُمْلَةُ أَيَّامِ مِنًى فِي حُكْمِ الْوَقْتِ الْوَاحِدِ، فَكُلُّ يَوْمٍ لِلْقَدْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَقْتُ اخْتِيَارٍ، كَأَوْقَاتِ الِاخْتِيَارِ لِلصَّلَوَاتِ. وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ رَمْيِ يَوْمِ التَّدَارُكِ عَلَى الزَّوَالِ. وَنَقَلَ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَمْتَنِعُ تَقْدِيمُ رَمْيِ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ، لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ وَقْتَهُ يَتَّسِعُ مِنْ جِهَةِ الْآخِرِ دُونَ الْأَوَّلِ، فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ.
قُلْتُ: الصَّوَابُ: الْجَزْمُ بِمَنْعِ التَّقْدِيمِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ تَصْرِيحًا وَمَفْهُومًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَإِذَا قُلْنَا: إِنَّهُ قَضَاءٌ، فَتَوْزِيعُ الْأَقْدَارِ الْمُعَيَّنَةِ عَلَى الْأَيَّامِ مُسْتَحَقٌّ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى تَقْدِيمِ رَمْيِ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ، وَلَا إِلَى تَقْدِيمِهِ عَلَى الزَّوَالِ. وَهَلْ يَجُوزُ بِاللَّيْلِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَتَوَقَّتُ. وَالثَّانِي: لَا لِأَنَّ الرَّمْيَ عِبَادَةُ النَّهَارِ كَالصَّوْمِ. وَهَلْ يَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الرَّمْيِ الْمَتْرُوكِ وَرَمِي يَوْمِ
التَّدَارُكِ؟ قَوْلَانِ، وَيُقَالُ: وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ كَالتَّرْتِيبِ فِي الْمَكَانِ، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْمُتَدَارَكَ قَضَاءٌ، أَمْ أَدَاءٌ؟ إِنْ قُلْنَا: أَدَاءٌ، وَجَبَ التَّرْتِيبُ، وَإِلَّا فَلَا. فَإِنْ لَمْ نُوجِبِ التَّرْتِيبَ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْعُذْرِ كَالرِّعَاءِ؟ وَجْهَانِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: نَظِيرُهُ أَنَّ مَنْ فَاتَتْهُ الظُّهْرُ لَا يَلْزَمُهُ تَرْتِيبٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ. وَلَوْ أَخَّرَهَا لِلْجَمْعِ، فَوَجْهَانِ. وَلَوْ رَمَى إِلَى الْجَمَرَاتِ كُلِّهَا عَنِ الْيَوْمِ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ إِلَيْهَا عَنْ أَمْسِهِ أَجْزَأَهُ إِنْ لَمْ نُوجِبِ التَّرْتِيبَ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يُجْزِئُهُ وَيَقَعُ عَنِ الْقَضَاءِ.
وَالثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ أَصْلًا. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ صَرَفَ الرَّمْيَ إِلَى غَيْرِ النُّسُكِ، بِأَنْ رَمَى إِلَى شَخْصٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي الْجَمْرَةِ، فَفِي انْصِرَافِهِ عَنِ النُّسُكِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي صَرْفِ الطَّوَافِ. فَإِنْ لَمْ يَنْصَرِفْ وَقَعَ عَنْ أَمْسِهِ، وَلَغَا قَصْدُهُ. وَإِنِ انْصَرَفَ، فَإِنْ شَرَطْنَا التَّرْتِيبَ، لَمْ يُجْزِئْهُ أَصْلًا، وَإِلَّا أَجْزَأَهُ عَنْ يَوْمِهِ. وَلَوْ رَمَى إِلَى كُلِّ جَمْرَةٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ حَصَاةً، سَبْعًا عَنْ أَمْسِهِ، وَسَبْعًا عَنْ يَوْمِهِ، جَازَ إِنْ لَمْ نَعْتَبِرِ التَّرْتِيبَ، وَإِلَّا فَلَا. وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْمُخْتَصَرِ. هَذَا كُلُّهُ فِي رَمْيِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. أَمَّا إِذَا تَرَكَ رَمْيَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَفِي تَدَارُكِهِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ طَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِعَدَمِ التَّدَارُكِ لِلْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الرَّمْيَيْنِ قَدْرًا وَوَقْتًا وَحُكْمًا، فَإِنَّ رَمْيَ النَّحْرِ يُؤَثِّرُ فِي التَّحَلُّلِ.
فَرْعٌ
يُشْتَرَطُ فِي رَمْيِ التَّشْرِيقِ، التَّرْتِيبُ فِي الْمَكَانِ بِأَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ، ثُمَّ الْوُسْطَى، ثُمَّ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. وَلَا يُعْتَدُّ بِرَمْيِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَى، وَلَا بِالثَّالِثَةِ، قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَيَيْنِ. وَلَوْ تَرَكَ حَصَاةً وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيْنَ تَرَكَهَا جَعَلَهَا مِنَ الْأُولَى، فَرَمَى إِلَيْهَا حَصَاةً وَأَعَادَ الْأُخْرَيَيْنِ. وَفِي اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ، وَرَمَيَاتِ الْجَمْرَةِ الْوَاحِدَةِ، الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الطَّوَافِ.
فَرْعٌ
السُّنَّةُ أَنْ يَرْفَعَ يَدَهُ عِنْدَ الرَّمْيِ، وَأَنْ يَرْمِيَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَيَوْمَ النَّحْرِ مُسْتَدْبِرَهَا، وَأَنْ يَكُونَ نَازِلًا فِي رَمْيِ الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَرَاكِبًا فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ، فَيَرْمِي وَيَنْفِرُ عَقِيبَهُ كَمَا أَنَّهُ يَوْمَ النَّحْرِ يَرْمِي، ثُمَّ يَنْزِلُ، هَكَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ. وَنُصَّ عَلَيْهِ فِي «الْإِمْلَاءِ» . وَفِي «التَّتِمَّةِ» : أَنَّ الصَّحِيحَ تَرْكُ الرُّكُوبِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي فِي «التَّتِمَّةِ» لَيْسَ بِشَيْءٍ وَالصَّوَابُ: مَا تَقَدَّمَ. وَأَمَّا جَزْمُ الرَّافِعِيِّ، بِأَنَّهُ يَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَهُوَ وَجْهٌ، قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ. وَلَنَا وَجْهٌ: أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُهَا. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يَجْعَلُ الْقِبْلَةَ عَلَى يَسَارِهِ، وَعَرَفَاتٍ عَلَى يَمِينِهِ، وَيَسْتَقْبِلُ الْجَمْرَةَ، فَقَدْ ثَبَتَتْ فِيهِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَالسُّنَّةُ إِذَا رَمَى الْأُولَى أَنْ يَتَقَدَّمَ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُهُ حَصَى الرَّامِينَ، فَيَقِفُ مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ، وَيَدْعُو، وَيَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى طَوِيلًا قَدْرَ سُورَةِ (الْبَقَرَةِ) وَإِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا يَقِفُ إِذَا رَمَى الثَّالِثَةَ.
فَرْعٌ
لَوْ تَرَكَ رَمْيَ بَعْضِ الْأَيَّامِ وَقُلْنَا: يَتَدَارَكُ، فَتَدَارَكَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَفِي قَوْلٍ: يَجِبُ دَمٌ مَعَ التَّدَارُكِ، كَمَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ، يَقْضِي وَيَفْدِي. وَلَوْ نَفَرَ يَوْمَ النَّحْرِ، أَوْ يَوْمَ الْقَرِّ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ، ثُمَّ عَادَ
وَرَمَى قَبْلَ الْغُرُوبِ، أَجْزَأَهُ وَلَا دَمَ. وَلَوْ فَرَضَ ذَلِكَ يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ، فَكَذَا عَلَى الْأَصَحِّ.
وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ الدَّمُ؛ لِأَنَّ النَّفْرَ فِي هَذَا الْيَوْمِ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِذَا نَفَرَ فِيهِ، خَرَجَ عَنِ الْحَجِّ، فَلَا يَسْقُطُ الدَّمُ بِعَوْدِهِ. وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا يَتَدَارَكُ، أَوْ قُلْنَا بِهِ، فَلَمْ يَتَدَارَكْ وَجَبَ الدَّمُ، وَكَمْ قَدْرُهُ؟ فِيهِ صُوَرٌ. فَإِنْ تَرَكَ رَمْيَ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَالصُّورَةُ فِيمَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ رَمْيُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا: دَمٌ.
وَالثَّانِي: دَمَانِ. وَالثَّالِثُ: أَرْبَعَةُ دِمَاءٍ، وَهَذَا الْأَخِيرُ أَظْهَرُهَا عِنْدَ صَاحِبِ «التَّهْذِيبِ» . لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ: تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ. وَلَوْ تَرَكَ رَمْيَ يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ يَوْمًا مِنَ التَّشْرِيقِ، وَجَبَ دَمٌ. وَإِنْ تَرَكَ رَمْيَ بَعْضِ يَوْمٍ مِنَ التَّشْرِيقِ، فَفِيهِ طَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: الْجَمَرَاتُ الثَّلَاثُ كَالشَّعَرَاتِ الثَّلَاثِ، فَلَا يَكْمُلُ الدَّمُ فِي بَعْضِهَا. بَلْ إِنْ تَرَكَ جَمْرَةً، فَفِيهَا الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ، فِيمَنْ حَلَقَ شَعْرَةً. أَظْهَرُهَا: مُدٌّ. وَالثَّانِي: دِرْهَمٌ. وَالثَّالِثُ: ثُلُثُ دَمٍ. وَإِنْ تَرَكَ جَمْرَتَيْنِ، فَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ.
وَعَلَى هَذَا لَوْ تَرَكَ حَصَاةً مِنْ جَمْرَةٍ، قَالَ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» : إِنْ قُلْنَا: فِي الْجَمْرَةِ ثُلُثُ دَمٍ، فَفِي الْحَصَاةِ جُزْءٌ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ دَمٍ، وَإِنْ قُلْنَا: فِي الْجَمْرَةِ مُدٌّ أَوْ دِرْهَمٌ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ نُوجِبَ سُبْعَ مُدٍّ، أَوْ سُبْعَ دِرْهَمٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا نُبَعِّضَهُمَا.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: يَكْمُلُ الدَّمُ فِي وَظِيفَةِ الْجَمْرَةِ الْوَاحِدَةِ، كَمَا يَكْمُلُ فِي جَمْرَةِ النَّحْرِ. وَفِي الْحَصَاةِ وَالْحَصَاتَيْنِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْحَصَاةِ، أَوِ الْحَصَاتَيْنِ، مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
فَأَمَّا لَوْ تَرَكَهَا مِنَ الْجَمْرَةِ الْأَخِيرَةِ يَوْمَ الْقَرِّ، أَوِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَنْفِرْ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ التَّدَارُكِ وَرَمْيِ الْوَقْتِ، صَحَّ رَمْيُهُ، لَكِنَّهُ تَرَكَ حَصَاةً، فَفِيهِ الْخِلَافُ، وَإِلَّا فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي أَنَّ الرَّمْيَ بِنِيَّةِ الْيَوْمِ، هَلْ يَقَعُ عَنِ الْمَاضِي؟ إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، تَمَّ الْمَتْرُوكُ بِمَا أَتَى بِهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهُ، لَكِنَّهُ يَكُونُ
تَارِكًا لِلْجَمْرَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا كَانَ تَارِكًا رَمْيَ حَصَاةٍ وَوَظِيفَةَ يَوْمٍ، فَعَلَيْهِ دَمٌ إِنْ لَمْ نُفْرِدْ كُلَّ يَوْمٍ بِدَمٍ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ لِوَظِيفَةِ الْيَوْمِ دَمٌ. وَفِي مَا يَجِبُ لِتَرْكِ الْحَصَاةِ الْخِلَافُ. وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ إِحْدَى الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ كَانَ فَعَلَيْهِ دَمٌ، لِأَنَّ مَا بَعْدَهَا غَيْرُ صَحِيحٍ، لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ فِي الْمَكَانِ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا تَرَكَ بَعْضَ يَوْمٍ مِنَ التَّشْرِيقِ، فَإِنْ تَرَكَ بَعْضَ رَمْيِ النَّحْرِ، فَقَدْ أَلْحَقَهُ فِي «التَّهْذِيبِ» بِمَا إِذَا تَرَكَ مِنَ الْجَمْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنَ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ.
وَقَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : يَلْزَمُهُ دَمٌ وَلَوْ تَرَكَ حَصَاةً؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ، فَإِذَا تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا، لَمْ يَتَحَلَّلْ إِلَّا بِبَدَلٍ كَامِلٍ. وَحَكَى فِي النِّهَايَةِ وَجْهًا غَرِيبًا ضَعِيفًا: أَنَّ الدَّمَ يَكْمُلُ فِي حَصَاةٍ وَاحِدَةٍ مُطْلَقًا.
فَرْعٌ
قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : لَوْ تَرَكَ ثَلَاثَ حَصَيَاتٍ مِنْ جُمْلَةِ الْأَيَّامِ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهَا أَخَذَ بِالْأَسْوَأِ، وَهُوَ أَنَّهُ تَرَكَ حَصَاةً مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَحَصَاةً مِنَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى يَوْمَ الْقَرِّ، وَحَصَاةً مِنَ الْجَمْرَةِ الثَّانِيَةِ يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ. فَإِنْ لَمْ نَحْسِبْ مَا يَرْمِيهِ بِنِيَّةِ وَظِيفَةِ الْيَوْمِ عَنِ الْفَائِتِ، فَالْحَاصِلُ سِتُّ حَصَيَاتٍ مِنْ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ، سَوَاءٌ شَرَطْنَا التَّرْتِيبَ بَيْنَ التَّدَارُكِ وَرَمْيِ الْوَقْتِ أَمْ لَا. وَإِنْ حَسِبْنَاهُ، فَالْحَاصِلُ رَمْيُ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَحَدِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا غَيْرَ، سَوَاءٌ شَرَطْنَا التَّرْتِيبَ أَمْ لَا، وَدَلِيلُهُ يُعْرَفُ مِمَّا سَبَقَ مِنَ الْأُصُولِ.
فَرْعٌ
فِي بَيَانِ مَا يُرْمَى
شَرْطُهُ كَوْنُهُ حَجَرًا، فَيُجْزِئُ الْمَرْمَرُ، وَالْبِرَامُ، وَالْكَذَّانُ، وَسَائِرُ أَنْوَاعِ الْحَجَرِ. وَيُجْزِئُ حَجَرُ النَّوْرَةِ قَبْلَ أَنْ يُطْبَخَ وَيَصِيرَ نَوْرَةً. وَأَمَّا حَجَرُ الْحَدِيدِ، فَتَرَدَّدَ فِيهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ. وَالْمَذْهَبُ: جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُ حَجَرٌ فِي الْحَالِ إِلَّا أَنَّ فِيهِ حَدِيدًا كَامِنًا يُسْتَخْرَجُ بِالْعِلَاجِ وَفِي مَا تُتَّخَذُ مِنْهُ الْفُصُوصُ، كَالْفَيْرُوزَجِ، وَالْيَاقُوتِ، وَالْعَقِيقِ، وَالزُّمُرُّدِ، وَالْبَلُّورِ، وَالزَّبَرْجَدِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْإِجْزَاءُ؛ لِأَنَّهَا أَحْجَارٌ. وَلَا يُجْزِئُ اللُّؤْلُؤُ، وَمَا لَيْسَ بِحَجَرٍ مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ، كَالنَّوْرَةِ، وَالزَّرْنِيخِ، وَالْإِثْمِدِ، وَالْمَدَرِ، وَالْجَصِّ، وَالْجَوَاهِرِ الْمُنْطَبِعَةِ كَالتِّبْرَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. وَالسُّنَّةُ أَنْ يَرْمِيَ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ، وَهُوَ دُونُ الْأُنْمُلَةِ طُولًا وَعَرْضًا فِي قَدْرِ الْبَاقِلَاءِ، يَضَعُهُ عَلَى بَطْنِ الْإِبْهَامِ، وَيَرْمِيهِ بِرَأْسِ السَّبَّابَةِ. وَلَوْ رَمَى بِأَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ أَكْبَرَ، كُرِهَ وَأَجْزَأَهُ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْحَجَرُ طَاهِرًا.
قُلْتُ: جَزَمَ الْإِمَامُ الرِّفَاعِيُّ [رحمه الله] ، بِأَنْ يَرْمِيَهُ عَلَى هَيْئَةِ الْخَذْفِ فَيَضَعَهُ عَلَى بَطْنِ الْإِبْهَامِ، وَهَذَا وَجْهٌ ضَعِيفٌ. وَالصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ: أَنْ يَرْمِيَهُ عَلَى [غَيْرِ] هَيْئَةِ الْخَذْفِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
فِي حَقِيقَةِ الرَّمْيِ
الْوَاجِبُ، مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الرَّمْيِ. فَلَوْ وَضَعَ الْحَجَرَ فِي الْمَرْمَى، لَمْ يُعْتَدَّ
بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ الْمَرْمَى. فَلَوْ رَمَى فِي الْهَوَاءِ فَوَقَعَ فِي الْمَرْمَى، لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ. وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْحَجَرِ فِي الْمَرْمَى، فَلَا يَضُرُّ تَدَحْرُجُهُ وَخُرُوجُهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ فِيهِ. فَإِنْ شَكَّ فِي وُقُوعِهِ فِيهِ، فَقَوْلَانِ. الْجَدِيدُ: لَا يُجْزِئُهُ. وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الرَّامِي خَارِجَ الْجَمْرَةِ. فَلَوْ وَقَفَ فِي الطَّرَفِ، وَرَمَى إِلَى الطَّرَفِ الْآخَرِ جَازَ. وَلَوِ انْصَدَمَتِ الْحَصَاةُ الْمَرْمِيَّةُ بِالْأَرْضِ خَارِجَ الْجَمْرَةِ، أَوْ بِمَحْمِلٍ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ عُنُقِ بَعِيرٍ، أَوْ ثَوْبِ إِنْسَانٍ، ثُمَّ ارْتَدَتْ فَوَقَعَتْ فِي الْمَرْمَى، اعْتُدَّ بِهَا، لِحُصُولِهَا فِي الْمَرْمَى بِفِعْلِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَاوَنَةٍ.
وَلَوْ حَرَّكَ صَاحِبُ الْمَحْمِلِ الْمَحْمِلَ فَنَفَضَهَا، أَوْ صَاحِبُ الثَّوْبِ، أَوْ تَحَرَّكَ الْبَعِيرُ فَدَفَعَهَا فَوَقَعَتْ فِي الْمَرْمَى لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا. وَلَوْ وَقَعَتْ عَلَى الْمَحْمِلِ أَوْ عُنُقِ الْبَعِيرِ، ثُمَّ تَدَحْرَجَتْ إِلَى الْمَرْمَى، فَفِي الِاعْتِدَادِ بِهَا وَجْهَانِ. لَعَلَّ أَشْبَهَهُمَا الْمَنْعُ، لِاحْتِمَالِ تَأَثُّرِهَا بِهِ. وَلَوْ وَقَعَتْ فِي غَيْرِ الْمَرْمَى ثُمَّ تَدَحْرَجَتْ إِلَى الْمَرْمَى أَوْ رَدَّتْهَا الرِّيحُ إِلَيْهِ، فَوَجْهَانِ. قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : أَصَحُّهُمَا: الْإِجْزَاءُ لِحُصُولِهَا فِيهِ لَا بِفِعْلِ غَيْرِهِ. وَلَا يُجْزِئُ الرَّمْيُ عَنِ الْقَوْسِ، وَلَا الدَّفْعُ بِالرِّجْلِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْمِيَ الْحَصَيَاتِ فِي سَبْعِ دُفُعَاتٍ. فَلَوْ رَمَى حَصَاتَيْنِ أَوْ سَبْعًا دُفْعَةً، فَإِنْ وَقَعْنَ فِي الرَّمْيِ مَعًا، حُسِبَتْ وَاحِدَةً فَقَطْ، وَإِنْ تَرَتَّبَتْ فِي الْوُقُوعِ حُسِبَتْ وَاحِدَةً عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ أَتْبَعَ حَجْرًا حَجْرًا، وَوَقَعَتِ الْأُولَى قَبْلَ الثَّانِيَةِ، فَرَمْيَتَانِ. وَإِنْ تَسَاوَتَا، أَوْ وَقَعَتِ الثَّانِيَةُ قَبْلَ الْأُولَى، فَرَمْيَتَانِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ رَمَى بِحَجَرٍ قَدْ رَمَى بِهِ غَيْرُهُ، أَوْ رَمَى هُوَ بِهِ إِلَى جَمْرَةٍ أُخْرَى، أَوْ إِلَى هَذِهِ الْجَمْرَةِ فِي يَوْمٍ آخَرَ، جَازَ. وَإِنْ رَمَى بِهِ هُوَ تِلْكَ الْجَمْرَةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ، كَمَا لَوْ دَفَعَ إِلَى فَقِيرٍ مُدًّا فِي كَفَّارَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَدَفَعَهُ إِلَى آخَرَ، وَعَلَى هَذَا تَتَأَدَّى جَمِيعُ الرَّمْيَاتِ بِحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ.