المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب الصيد والذبائح - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٣

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ قَوْلَانِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مَوَانِعِ إِتْمَامِ الْحَجِّ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْهَدْيِ

- ‌كِتَابُ الضَّحَايَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصِلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْعَقِيقَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ النَّذْرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْبَيْعِ

- ‌بَابُ مَا يَصِحُّ بِهِ الْبَيْعُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْبُيُوعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ خِيَارِ النَّقِيصَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَصِفَةُ الْقَبْضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ بَابِ [

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ [وَتَحَالُفِهِمَا]

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: ‌كتاب الصيد والذبائح

‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

الْحَيَوَانُ الْمَأْكُولُ، إِنْمَا يَصِيرُ مُذَكَّى بِأَحَدِ طَرِيقَيْنِ. أَحَدُهُمَا: الذَّبْحُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ، وَذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: الْعَقْرُ الْمُزْهِقُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ، وَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ. ثُمَّ الذَّبْحُ وَالْعَقْرُ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ:

الْأَوَّلُ: الذَّابِحُ، وَالْعَاقِرُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا. وَتَحِلُّ ذَبِيحَةُ الْكِتَابِيِّ، سَوَاءً فِيهِ مَا يَسْتَحِلُّهُ الْكِتَابِيُّ، وَمَا لَا. وَحَقِيقَةُ الْكِتَابِيِّ تَأْتِي فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. تَعَالَى. وَفِي ذَبِيحَةِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْكِتَابِيِّ وَالْمَجُوسِيَّةِ، قَوْلَانِ، كَمُنَاكَحَتِهِ، وَالْمُنَاكَحَةُ وَالذَّبِيحَةُ، لَا يَفْتَرِقَانِ، إِلَّا أَنَّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ، تَحِلُّ ذَبِيحَتُهَا دُونَ مُنَاكَحَتِهَا. وَلَوْ صَادَ مَجُوسِيٌّ سَمَكَةً، حَلَّتْ؛ لِأَنَّ مِيتَتَهَا حَلَالٌ. وَكَمَا تَحْرُمُ ذَبِيحَةُ الْمَجُوسِيِّ، وَالْوَثَنِيِّ، وَالْمُرْتَدِّ، وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَا كِتَابَ لَهُ، يَحْرُمُ صَيْدُهُ بِسَهْمٍ، أَوْ كَلْبٍ. وَيَحْرُمُ مَا يُشَارِكُ فِيهِ مُسْلِمًا. فَلَوْ أَمَرَّا سِكِّينًا عَلَى حَلْقِ شَاةٍ، أَوْ قَطَعَ هَذَا بَعْضَ الْحُلْقُومِ، وَهَذَا بَعْضَهُ، أَوْ قَتَلَا صَيْدًا بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ، فَهُوَ حَرَامٌ. وَلَوْ رَمَيَا سَهْمَيْنِ، أَوْ أَرْسَلَا كَلْبَيْنِ، فَإِنْ سَبْقَ سَهْمُ الْمُسْلِمِ أَوْ كَلْبُهُ، فَقَتَلَ الصَّيْدَ، أَوْ أَنْهَاهُ إِلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، حَلَّ، كَمَا لَوْ ذَبَحَ مُسْلِمٌ شَاةً، ثُمَّ قَدَّهَا الْمَجُوسِيُّ. وَإِنْ سَبَقَ مَا أَرْسَلَهُ الْمَجُوسِيُّ، أَوْ جَرَحَاهُ مَعًا، أَوْ مُرَتَّبًا، وَلَمْ يَذْفُفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، فَهَلَكَ بِهِمَا، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَيُّهُمَا قَتَلَهُ، فَحَرَامٌ.

وَقَالَ صَاحِبُ «الْبَحْرِ» : مَتَى اشْتَرَكَا فِي إِمْسَاكِهِ وَعَقْرِهِ، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا، وَانْفَرَدَ وَاحِدٌ بِالْآخَرِ، أَوِ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِأَحَدِهِمَا، فَحَرَامٌ. وَلَوْ كَانَ لِمُسْلِمٍ كَلْبَانِ مُعَلَّمٌ وَغَيْرُهُ،

ص: 237

أَوْ مُعَلَّمَانِ، ذَهَبَ أَحَدُهُمَا بِلَا إِرْسَالٍ، فَقَتَلَا صَيْدًا، فَكَاشْتِرَاكِ كَلْبَيِ الْمُسْلِمِ وَالْمَجُوسِيِّ. وَلَوْ هَرَبَ الصَّيْدُ مِنْ كَلْبِ الْمُسْلِمِ، فَعَارَضَهُ كَلْبُ مَجُوسِيٍّ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَقَتَلَهُ كَلْبُ الْمُسْلِمِ، حَلَّ، كَمَا لَوْ ذَبَحَ الْمُسْلِمُ شَاةً أَمْسَكَهَا مَجُوسِيٌّ. وَلَوْ جَرَحَهُ مُسْلِمٌ أَوَّلًا، ثُمَّ قَتَلَهُ مَجُوسِيٌّ، أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا غَيْرَ مُذَفَّفٍ، وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ، فَحَرَامٌ. فَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ أَثْخَنَهُ بِجِرَاحَتِهِ، فَقَدْ مَلَكَهُ. وَيُلْزِمُ الْمَجُوسِيَّ قِيمَتَهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَهُ بِجَعْلِهِ مَيْتَةً. وَيَحِلُّ مَا اصْطَادَهُ الْمُسْلِمُ بِكَلْبِ الْمَجُوسِيِّ، كَالذَّبْحِ بِسِكِّينِهِ.

قُلْتُ: لَوْ أَكْرَهَ مَجُوسِيٌّ مُسْلِمًا عَلَى ذَبْحِ شَاةٍ، أَوْ مُحْرِمٌ حَلَالًا عَلَى ذَبْحِ صَيْدٍ، فَذَبَحَ، حَلَّ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْقَتْلِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

تَحِلُّ ذَبِيحَةُ الصَّبِيِّ الْمُمَيَّزِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَفِي غَيْرِ الْمُمَيَّزِ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ، قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: الْحِلُّ، كَمَنْ قَطَعَ حَلْقَ شَاةٍ يَظُنُّهُ خَشَبَةً. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، كَنَائِمٍ بِيَدِهِ سِكِّينٌ وَقَعَتْ عَلَى حُلْقُومِ شَاةٍ. وَصَحَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَجَمَاعَةٌ الثَّانِي. وَقَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» بِالْحِلِّ.

قُلْتُ: الْأَظْهَرُ: الْحِلُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» : فَإِنْ كَانَ لِلْمَجْنُونِ أَدْنَى تَمْيِيزٍ، وَلِلسَّكْرَانِ قَصْدٌ، حَلَّ قَطْعًا. وَتَحِلُّ ذَبِيحَةُ الْأَعْمَى قَطْعًا لَكِنْ تُكْرَهُ. وَفِي صَيْدِهِ بِالْكَلْبِ وَالرَّمْيِ، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يَحِلُّ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِهِ. وَقِيلَ: عَكْسُهُ. وَالْأَشْبَهُ: أَنَّ الْخِلَافَ مُخَصَّصٌ بِمَا إِذَا أَخْبَرَهُ بَصِيرُ الصَّيْدِ، فَأَرْسَلَ السَّهْمَ أَوِ الْكَلْبَ. وَكَذَا

ص: 238

صَوَّرَهَا فِي «التَّهْذِيبِ» ، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ جَمَاعَةٌ، وَيَجْرِيَانِ فِي اصْطِيَادِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ بِالْكَلْبِ وَالسَّهْمِ. وَقِيلَ: يَخْتَصَّانِ بِالْكَلْبِ، وَقَطَعَ بِالْحِلِّ فِي السَّهْمِ كَالذَّبْحِ.

فَرْعٌ

الْأَخْرَسُ، إِنْ كَانَ لَهُ إِشَارَةٌ مَفْهُومَةٌ، حَلَّتْ ذَبِيحَتُهُ، وَإِلَّا، فَكَالْمَجْنُونِ، قَالَهُ فِي «التَّهْذِيبِ» : وَلْتَكُنْ سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ: الْجَزْمُ بِحِلِّ ذَبِيحَةِ الْأَخْرَسِ الَّذِي لَا يَفْهَمُ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الرُّكْنُ الثَّانِي: الذَّبِيحُ.

الْحَيَوَانُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ.

الْأَوَّلُ: مَا لَا يُؤْكَلُ. وَالثَّانِي: مَأْكُولٌ يَحِلُّ مَيِّتُهُ. وَالثَّالِثُ: مَأْكُولٌ لَا يَحِلُّ مَيِّتُهُ. فَالْأَوَّلُ: ذَبْحُهُ كَمَوْتِهِ. وَالثَّانِي: كَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى ذَبْحِهِ. وَهَلْ يَحِلُّ أَكْلُ السَّمَكِ الصِّغَارِ إِذَا شُوَيَتْ وَلَمْ يُشَقَّ جَوْفُهَا وَيُخْرَجْ مَا فِيهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَجْهُ الْجَوَازِ: عُسْرُ تَتَبُّعِهَا، وَعَلَى الْمُسَامَحَةِ بِهَا جَرَى الْأَوَّلُونَ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: بِهَذَا أُفْتِيَ، وَرَجِيعُهَا طَاهِرٌ عِنْدِي، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ. وَلَوْ وُجِدَتْ سَمَكَةٌ فِي جَوْفِ سَمَكَةٍ، فَهِيَ حَلَالٌ، كَمَا لَوْ مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوِ ابْتَلَعَتْ طَائِرًا فَوُجِدَ مَيِّتًا فِي جَوْفِهَا، لَا يَحِلُّ. وَلَوْ تَقَطَّعَتِ السَّمَكَةُ فِي جَوْفِ سَمَكَةٍ، وَتَغَيَّرَ لَوْنُهَا، لَمْ تَحِلَّ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهَا كَالرَّوْثِ وَالْقَيْءِ. وَيُكْرَهُ ذَبْحُ السَّمَكِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَبِيرًا يَطُولُ بَقَاؤُهُ، فَيُسْتَحَبُّ ذَبْحُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، إِرَاحَةً لَهُ. وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ لِيَمُوتَ بِنَفْسِهِ. وَلَوِ ابْتَلَعَ سَمَكَةً حَيَّةً، أَوْ قَطَعَ فَلْقَةً مِنْهَا، لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْأَصَحِّ، لَكِنْ يُكْرَهُ.

قُلْتُ: وَطَرَدُوا الْوَجْهَيْنِ فِي الْجَرَادِ. وَلَوْ ذَبَحَ مَجُوسِيٌّ سَمَكَةً، حَلَّتْ. وَلَوْ

ص: 239

قَلَى السَّمَكَ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَطَرْحَهُ فِي الزَّيْتِ الْمَغْلِيِّ وَهُوَ يَضْطَرِبٌ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لَا يَحِلُّ فِعْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ. وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى اخْتِيَارِهِ فِي ابْتِلَاعِ السَّمَكَةِ حَيَّةً: أَنَّهُ حَرَامٌ. وَعَلَى إِبَاحَةِ ذَلِكَ، يُبَاحُ هَذَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

أَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: فَضَرْبَانِ، مَقْدُورٌ عَلَى ذَبْحِهِ، وَمُتَوَحِّشٌ. فَالْمَقْدُورُ عَلَيْهِ: لَا يَحِلُّ إِلَّا بِالذَّبْحِ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَةِ، كَمَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ، وَسَوَاءٌ الْإِنْسِيُّ وَالْوَحْشِيُّ إِذَا ظَفِرَ بِهِ. وَأَمَّا الْمُتَوَحِّشُ، كَالصَّيْدِ، فَجَمِيعُ أَجْزَائِهِ مَذْبَحٌ مَا دَامَ مُتَوَحِّشًا. فَلَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ، أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ جَارِحَةً، فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ وَمَاتَ، حَلَّ بِالْإِجْمَاعِ. وَلَوْ تَوَحَّشَ إِنْسِيٌّ، بِأَنْ نَدَّ بَعِيرٌ، أَوْ شَرَدَتْ شَاةٌ، فَهُوَ كَالصَّيْدِ، يَحِلُّ بِالرَّمْيِ إِلَى غَيْرِ مَذْبَحِهِ، وَبِإِرْسَالِ الْكَلْبِ عَلَيْهِ. وَلَوْ تَرَدَّى بَعِيرِ فِي بِئْرٍ، وَلَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ حُلْقُومِهِ، فَهُوَ كَالْبَعِيرِ النَّادِّ فِي حِلِّهِ بِالرَّمْيِ. وَهَلْ يَحِلُّ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ صَاحِبِ «الْبَحْرِ» : التَّحْرِيمُ، وَاخْتَارَ الْبَصْرِيُّونَ الْحِلَّ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ: تَحْرِيمُهُ. وَصَحَّحَهُ أَيْضًا الشَّاشِيُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّوَحُّشِ مُجَرَّدَ الْإِفْلَاتِ، بَلْ مَتَى تَيَسَّرَ اللُّحُوقُ بِعَدْوٍ، أَوِ اسْتِعَانَةٍ بِمَنْ مَسَكَ الدَّابَّةَ، فَلَيْسَ ذَلِكَ تُوحُّشَا، وَلَا يَحِلُّ إِلَّا بِالذَّبْحِ فِي الْمَذْبَحِ. وَلَوْ تَحَقَّقَ الشُّرُودُ، وَحَصَلَ الْعَجْزُ فِي الْحَالِ، فَقَدْ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ: أَنَّ الْبَعِيرَ كَالصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ الذَّبْحَ فِي الْحَالِ، فَتَكْلِيفُهُ الصَّبْرُ إِلَى الْقُدْرَةِ، يَشُقُّ عَلَيْهِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالظَّاهِرُ عِنْدِي: أَنَّهُ لَا يُلْحَقَ بِالصَّيْدِ بِذَلِكَ، لِأَنَّهَا حَالَةٌ عَارِضَةٌ قَرِيبَةُ الزَّوَالِ، لَكِنْ لَوْ كَانَ الصَّبْرُ وَالطَّلَبُ يُؤَدِّي إِلَى مَهْلَكَةٍ أَوْ مَسْبَعَةٍ، فَهُوَ حِينَئِذٍ كَالصَّيْدِ. وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إِلَى مَوْضِعِ لُصُوصٍ وَغُصَّابٍ مُتَرَصِّدِينَ، فَوَجْهَانِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ تَصَرُّفَهُمْ وَإِتْلَافَهُمْ مُتَدَارَكٌ بِالضَّمَانِ. وَالْمَذْهَبُ: مَا قَدَّمْنَاهُ عَنِ الْأَصْحَابِ. ثُمَّ فِي كَيْفِيَّةِ الْجُرْحِ الْمُفِيدِ لِلْحِلِّ فِي النَّادِّ وَالْمُتَرَدِّي، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا وَبِهِ أَجَابَ الْأَكْثَرُونَ:

ص: 240