الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِخَرَزِهِ بِشَعْرِ الْخِنْزِيرِ، فَغَسَلَ سَبْعًا إِحْدَاهُنَّ بِتُرَابٍ، طَهَّرَ ظَاهِرَهُ دُونَ بَاطِنِهِ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْخَرَزِ. وَقِيلَ: كَانَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ يُصَلِّي فِي الْخُفِّ النَّوَافِلَ دُونَ الْفَرَائِضِ، فَرَاجَعَهُ الْقَفَّالُ فِيهِ، فَقَالَ: الْأَمْرُ إِذَا ضَاقَ اتَّسَعَ، أَشَارَ إِلَى كَثْرَةِ النَّوَافِلِ.
قُلْتُ: بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَيَتَعَذَّرُ أَوْ يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، فَعُفِيَ عَنْهُ مُطْلَقًا. وَإِنَّمَا كَانَ لَا يُصَلِّي فِيهِ الْفَرِيضَةَ احْتِيَاطًا لَهَا، وَإِلَّا فَمُقْتَضَى قَوْلِهِ الْعَفْوُ فِيهِمَا. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالنَّفْلِ فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْتُهُ، أَنَّ الْقَفَّالَ قَالَ فِي شَرْحِهِ «التَّلْخِيصِ» : سَأَلْتُ أَبَا زَيْدٍ عَنِ الْخُفِّ يُخَرَّزُ بِشَعْرِ الْخِنْزِيرِ، هَلْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ؟ فَقَالَ: الْأَمْرُ إِذَا ضَاقَ اتَّسَعَ، قَالَ الْقَفَّالُ: مُرَادُهُ أَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إِلَى الْخَرْزِ بِهِ، فَلِلضَّرُورَةِ جَوَّزْنَا ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْأَطْعِمَةِ
إِحْدَاهَا: قَالَ الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ: وَرَدَتْ أَخْبَارٌ فِي النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ الطِّينِ، وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ نَحْكُمَ بِالتَّحْرِيمِ إِنْ ظَهَرَتِ الْمَضَرَّةُ فِيهِ.
قُلْتُ: قَطَعَ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» وَغَيْرُهُ بِتَحْرِيمِ أَكْلِ التُّرَابِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّانِيَةُ: يُكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الطَّعَامِ الْحَلَالِ فَوْقَ شِبَعِهِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَعِيبَ
الطَّعَامَ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أَسْفَلِ الصَّحْفَةِ، وَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْفَرَاغِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا اسْتَضَافَ مُسْلِمٌ لَا اضْطِرَارَ بِهِ مُسْلِمًا، اسْتُحِبَّ لَهُ ضِيَافَتُهُ، وَلَا تَجِبُ. وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْبَابِ، مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.
الرَّابِعَةُ: مَنْ مَرَّ بِثَمَرِ غَيْرِهِ أَوْ زَرْعِهِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ، وَلَا يَأْكُلَ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُضْطَرًّا، فَيَأْكُلَ وَيَضْمَنَ. وَحُكْمُ الثِّمَارِ السَّاقِطَةِ مِنَ الْأَشْجَارِ حُكْمُ سَائِرِ الثِّمَارِ إِنْ كَانَتْ دَاخِلَ الْجِدَارِ. فَإِنْ كَانَتْ خَارِجَهُ، فَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِإِبَاحَتِهَا، فَإِنْ جَرَتْ بِذَلِكَ، فَهَلْ تَجْرِي الْعَادَةُ الْمُطَّرِدَةُ مَجْرَى الْإِبَاحَةِ؟ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: تَجْرِي. وَالْمُخْتَارُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُ الْإِنْسَانِ مِنْ طَعَامِ قَرِيبِهِ وَصَدِيقِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ تَشَكَّكَ، فَحَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ. وَيُسْتَحَبُّ تَرْكُ التَّبَسُّطِ فِي الْأَطْعِمَةِ الْمُبَاحَةِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ السَّلَفِ، هَذَا إِذَا لَمْ تَدْعُ إِلَيْهِ حَاجَةٌ، كَقِرَى الضَّيْفِ، وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى الْعِيَالِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَعْرُوفَةِ. وَالسُّنَّةُ: اخْتِيَارُ الْحُلْوِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ، وَتَكْثِيرُ الْأَيْدِي عَلَى الطَّعَامِ، وَالتَّسْمِيَةُ فِي أَوَّلِهِ. فَإِنْ نَسِيَ وَتَرَكَهَا فِي أَوَّلِهِ، أَتَى بِهَا فِي أَثْنَاءِ الْأَكْلِ. وَيُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ بِهَا لِيُذَكِّرَ غَيْرَهُ، وَيُسْتَحَبُّ الْحَدِيثُ الْحَسَنُ عَلَى الْأَكْلِ، وَقَدْ بَقِيَتْ آدَابٌ تَتَعَلَّقُ بِالْأَكْلِ، أَخَّرْتُهَا إِلَى بَابِ الْوَلِيمَةِ لِكَوْنِهِ أَلْيَقَ بِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.