الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النِّكَاحِ الْقَوْلَانِ. فَإِنْ صَحَّحْنَا، وُزِّعَ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِلَّا وَجَبَ فِي النِّكَاحِ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَلَوْ جَمَعَ بَيْعًا وَكِتَابَةً، فَقَالَ لِعَبْدِهِ: كَاتَبْتُكَ عَلَى نَجْمَيْنِ، وَبِعْتُكَ [ثَوْبِي] هَذَا جَمِيعًا بِأَلْفٍ، فَإِنْ حَكَمْنَا بِالْبُطْلَانِ فِي الصُّوَرِ السَّابِقَةِ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَفِي الْكِتَابَةِ الْقَوْلَانِ.
فَصْلٌ
مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ فِي مَسَائِلِ الْبَابِ، إِذَا اتَّحَدَتِ الصَّفْقَةُ دُونَ مَا إِذَا تَعَدَّدَتْ حَتَّى لَوْ بَاعَ مَالَهُ فِي صَفْقَةٍ، وَمَالَ غَيْرِهِ فِي صَفْقَةٍ أُخْرَى، صَحَّ فِي مَالِهِ بِلَا خِلَافٍ. وَأَمَّا بَيَانُ تَعَدُّدِهَا وَاتِّحَادِهَا، فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ: إِذَا سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّيْئَيْنِ ثَمَنًا مُفَصَّلًا، فَقَالَ: بِعْتُكَ هَذَا بِكَذَا، وَهَذَا بِكَذَا، فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي كَذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيلِ، فَهُمَا عَقْدَانِ مُتَعَدِّدَانِ. وَلَوْ جَمَعَ الْمُشْتَرِي فِي الْقَبُولِ، فَقَالَ: قَبِلْتُ فِيهِمَا، فَكَذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِيجَابِ. فَإِذَا وَقَعَ مُفَسَّرًا، فَكَذَلِكَ الْقَبُولُ. وَقِيلَ: إِنَّ الصَّفْقَةَ مُتَّحِدَةٌ، وَهُوَ شَاذٌّ وَتَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ أَيْضًا بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ وَإِنِ اتَّحَدَ الْمُشْتَرِي وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ، كَمَا إِذَا بَاعَ رَجُلَانِ عَبْدًا لِرَجُلٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً. وَهَلْ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي، مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلَانِ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا؟ فَقَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: تَتَعَدَّدُ كَالْبَائِعِ. وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَانٍ عَلَى الْإِيجَابِ السَّابِقِ، فَالنَّظَرُ إِلَى مَنْ أَوْجَبَ الْعَقْدَ. وَلِلتَّعَدُّدِ وَالِاتِّحَادِ فَوَائِدُ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا.
مِنْهَا: إِذَا حَكَمْنَا بِالتَّعَدُّدِ، فَوَزَنَ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ نَصِيبَهُ مِنَ الثَّمَنِ، لَزِمَ الْبَائِعَ تَسْلِيمُ قِسْطِهِ مِنَ الْمَبِيعِ بِتَسْلِيمِ الْمُشَاعِ. وَإِنْ قُلْنَا بِالِاتِّحَادِ، لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُ شَيْءٍ إِلَى أَحَدِهِمَا وَإِنْ وَزَنَ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ، حَتَّى يَزِنَ الْآخَرُ؛ لِثُبُوتِ حَقِّ الْحَبْسِ، كَمَا لَوِ اتَّحَدَ الْمُشْتَرِي وَسَلَّمَ بَعْضَ الثَّمَنِ، لَا يُسَلِّمُ إِلَيْهِ قِسْطَهُ مِنَ الْمَبِيعِ. وَفِيهِ وَجْهٌ: أَنَّهُ يُسَلِّمُ إِلَيْهِ الْقِسْطَ إِذَا كَانَ مِمَّا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ، وَهُوَ شَاذٌّ.
وَمِنْهَا: إِذَا قُلْنَا بِالتَّعَدُّدِ فَخَاطَبَ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ فَقَالَ: بِعْتُكُمَا هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ، فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ، أَوْ قَالَ مَالِكَا عَبْدٍ لِرَجُلٍ: بِعْنَاكَ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ، فَقَبِلَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ بِخَمْسِمِائَةٍ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ.
فَرْعٌ:
إِذَا وَكَّلَ رَجُلَانِ رَجُلًا فِي الْبَيْعِ أَوِ الشِّرَاءِ وَقُلْنَا: الصَّفْقَةُ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ وَكَّلَ رَجُلَيْنِ فِي الْبَيْعِ أَوِ الشِّرَاءِ، فَهَلِ الِاعْتِبَارُ فِي تَرَدُّدِ الْعَقْدِ وَاتِّحَادِهِ بِالْعَاقِدِ، أَوِ الْمَعْقُودِ لَهُ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَاقِدِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ رُؤْيَتُهُ دُونَ رُؤْيَةِ الْمُوَكِّلِ، وَخِيَارَ الْمَجْلِسِ يَتَعَلَّقُ بِهِ دُونَ الْمُوَكِّلِ. وَالثَّانِي: الِاعْتِبَارُ بِالْمَعْقُودِ لَهُ، قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ، وَالْخُضَرِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ فِي «الْوَجِيزِ» ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ. وَالثَّالِثُ: الِاعْتِبَارُ فِي طَرَفِ الْبَيْعِ بِالْمَعْقُودِ لَهُ، وَفِي الشِّرَاءِ بِالْعَاقِدِ، قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَقْدَ يَتِمُّ فِي الشِّرَاءِ بِالْمُبَاشِرِ دُونَ الْمَعْقُودِ لَهُ. وَلِهَذَا لَوْ أَنْكَرَ الْمَعْقُودُ لَهُ الْإِذْنَ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَقَعَ الْعَقْدُ لِلْمُبَاشِرِ، بِخِلَافِ طَرَفِ الْبَيْعِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا الْفَرْقُ فِيمَا إِذَا كَانَ التَّوْكِيلُ بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ. فَإِنْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِثَوْبٍ مُعَيَّنٍ، فَهُوَ كَالتَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ. وَالرَّابِعُ: الِاعْتِبَارُ فِي جَانِبِ الشِّرَاءِ بِالْمُوَكِّلِ وَفِي الْبَيْعِ بِهِمَا جَمِيعًا، فَأَيُّهُمَا تَعَدَّدَ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ اعْتِبَارًا بِالشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ، فَإِنَّ الْعَقْدَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُوَكِّلِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ، وَلَا يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْوَكِيلِ.
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْأَوْجَهِ مَسَائِلُ.
مِنْهَا: لَوِ اشْتَرَى شَيْئًا بِوَكَالَةِ رَجُلَيْنِ، فَخَرَجَ مَعِيبًا، فَإِنِ اعْتَبَرْنَا الْعَاقِدَ، فَلَيْسَ لِأَحَدِ الْمُوَكِّلَيْنِ إِفْرَادُ نَصِيبِهِ بِالرَّدِّ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى وَمَاتَ عَنِ ابْنَيْنِ وَخَرَجَ مَعِيبًا، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا إِفْرَادُ نَصِيبِهِ [بِالرَّدِّ] . وَهَلْ لِأَحَدِ الْمُوَكِّلَيْنِ وَالِابْنَيْنِ أَخْذُ