الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِشَيْءٍ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ مِنَ الرَّمْيِ وَغَيْرِهِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ سَعَى، فَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: وُجُوبُ إِعَادَتِهِ. وَحَكَى الْإِمَامُ فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَقَالَ: الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ.
فَرْعٌ
يَجِبُ عَلَى الْقَارِنِ دَمٌ كَدَمِ التَّمَتُّعِ، وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ قَوْلًا قَدِيمًا: أَنَّهُ يَجِبُ بَدَنَةٌ.
فَصْلٌ
أَمَّا الْمُتَمَتِّعُ، فَهُوَ الَّذِي يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ، وَيَدْخُلُ مَكَّةَ وَيَفْرَغُ مِنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ يُنْشِئُ الْحَجَّ مِنْ مَكَّةَ، سُمِّيَ مُتَمَتِّعًا لِاسْتِمْتَاعِهِ بِمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ جَمِيعُ الْمَحْظُورَاتِ، إِذَا تَحَلَّلَ مِنَ الْعُمْرَةِ سَوَاءٌ سَاقَ هَدْيًا، أَمْ لَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ. وَلِوُجُوبِ الدَّمِ شُرُوطٌ.
أَحَدُهَا: أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَهُمْ مَنْ مَسْكَنُهُ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنَ الْحَرَمِ. وَقِيلَ: مِنْ نَفْسِ مَكَّةَ. فَإِنْ كَانَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ، فَلَيْسَ بِحَاضِرِهِ. فَإِنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنَانِ، أَحَدُهُمَا فِي حَدِّ الْقُرْبِ، وَالْآخَرُ بَعِيدٌ، فَإِنْ كَانَ مُقَامُهُ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ، فَالْحُكْمُ لَهُ. فَإِنِ اسْتَوَى مُقَامُهُ بِهِمَا وَكَانَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ فِي أَحَدِهِمَا دَائِمًا أَوْ أَكْثَرَ، فَالْحُكْمُ لَهُ. فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ، وَكَانَ عَزْمُهُ الرُّجُوعَ إِلَى أَحَدِهِمَا، فَالْحُكْمُ لَهُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْمٌ، فَالْحُكْمُ لِلَّذِي خَرَجَ مِنْهُ. وَلَوِ اسْتَوْطَنَ غَرِيبٌ مَكَّةَ، فَهُوَ حَاضِرٌ. وَإِنِ اسْتَوْطَنَ مَكِّيٌّ الْعِرَاقَ، فَغَيْرُ حَاضِرٍ. وَلَوْ قَصَدَ الْغَرِيبُ مَكَّةَ فَدَخَلَهَا مُتَمَتِّعًا نَاوِيًا الْإِقَامَةَ بِهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ النُّسُكَيْنِ، أَوْ مِنَ الْعُمْرَةِ، أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِهَا بَعْدَ مَا اعْتَمَرَ، فَلَيْسَ بِحَاضِرٍ، فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ.
فَرْعٌ
ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ رحمه الله مَسْأَلَةً، وَهِيَ مِنْ مَوَاضِعِ التَّوَقُّفِ، وَلَمْ أَجِدْهَا لِغَيْرِهِ بَعْدَ الْبَحْثِ. قَالَ: وَالْأُفُقِيُّ إِذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ النُّسُكَ، فَاعْتَمَرَ عَقِبَ دُخُولِهِ مَكَّةَ، ثُمَّ حَجَّ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا، إِذْ صَارَ مِنَ الْحَاضِرِينَ، إِذْ لَيْسَ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَصْدُ الْإِقَامَةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَتَعَلَّقُ بِالْخِلَافِ فِي أَنَّ مَنْ قَصَدَ مَكَّةَ هَلْ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَمْ لَا؟ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنِ اعْتِبَارِ اشْتِرَاطِ الْإِقَامَةِ، يُنَازِعُهُ فِيهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ وَنَقْلُهُمْ عَنْ نَصِّهِ فِي «الْإِمْلَاءِ» وَالْقَدِيمِ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِ الْإِقَامَةِ، بَلْ فِي اعْتِبَارِ الِاسْتِيطَانِ. وَفِي النِّهَايَةِ وَالْوَسِيطِ حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي صُورَةٍ تُدَانِي هَذِهِ. وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ جَاوَزَ الْغَرِيبُ الْمِيقَاتَ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ نُسُكًا، وَلَا دُخُولَ الْحَرَمِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ بِقُرْبِ مَكَّةَ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَاعْتَمَرَ مِنْهُ وَحَجَّ بَعْدَهَا عَلَى صُورَةِ التَّمَتُّعِ، هَلْ يَلْزَمُهُ الدَّمُ؟ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ: لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ بَدَا لَهُ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْحَاضِرِ. وَأَصَحُّهُمَا: يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَتْ صُورَةُ التَّمَتُّعِ، وَهُوَ غَيْرُ مَعْدُودٍ مِنَ الْحَاضِرِينَ.
قُلْتُ: الْمُخْتَارُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْغَزَالِيُّ أَوَّلًا: أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ لَيْسَ بِحَاضِرٍ، بَلْ يَلْزَمُهُ الدَّمُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
لَا يَجِبُ عَلَى حَاضِرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ دَمُ الْقِرَانِ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ. هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وَجْهًا: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ. وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيًّا عَلَى وَجْهَيْنِ نَقَلَهُمَا صَاحِبُ الْعُدَّةِ فِي أَنَّ دَمَ الْقِرَانِ، دَمُ جَبْرٍ، أَمْ دَمُ نُسُكٍ؟ الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ: أَنَّهُ دَمُ جَبْرٍ.
فَرْعٌ
هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمَكِّيِّ إِذَا قَرَنَ، إِنْشَاءُ الْإِحْرَامِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ كَمَا لَوْ أَفْرَدَ الْعُمْرَةَ، أَمْ يَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ جَوْفِ مَكَّةَ، إِدْرَاجًا لِلْعُمْرَةِ تَحْتَ الْحَجِّ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي. وَيَجْرِيَانِ فِي الْأُفُقِيِّ إِذَا كَانَ بِمَكَّةَ وَأَرَادَ الْقِرَانَ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. فَلَوْ أَحْرَمَ وَفَرَغَ مِنْهَا قَبْلَ أَشْهُرِهِ، ثُمَّ حَجَّ، لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّمُ. فَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ أَشْهُرِهِ، وَأَتَى بِجَمِيعِ أَفْعَالِهَا فِي أَشْهُرِهِ، ثُمَّ حَجَّ فَقَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: نَصُّهُ فِي الْأُمِّ: لَا دَمَ. وَالثَّانِي: نَصُّهُ فِي «الْقَدِيمِ» وَ «الْإِمْلَاءِ» : يَجِبُ الدَّمُ. وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: لَيْسَتْ عَلَى قَوْلَيْنِ، بَلْ عَلَى حَالَيْنِ. إِنْ أَقَامَ بِالْمِيقَاتِ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ حَتَّى دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ، أَوْ عَادَ إِلَيْهِ فِي الْأَشْهُرِ مُحْرِمًا بِهَا وَجَبَ الدَّمُ. وَإِنْ جَاوَزَهُ قَبْلَ الْأَشْهُرِ وَلَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ، فَلَا دَمَ. وَلَوْ سَبَقَ الْإِحْرَامُ بِهَا وَبَعْضِ أَعْمَالِهَا فِي أَشْهُرِهِ، فَالْخِلَافُ مُرَتَّبٌ إِنْ لَمْ نُوجِبْ إِذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ إِلَّا الْإِحْرَامُ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. الْأَصَحُّ: لَا يَجِبُ. وَإِذَا لَمْ نُوجِبْ دَمَ الْمُتَمَتِّعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، فَفِي وُجُوبِ دَمِ الْإِسَاءَةِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا، لِأَنَّ الْمُسِيءَ مَنْ يَنْتَهِي إِلَى الْمِيقَاتِ عَلَى قَصْدِ النُّسُكِ وَيُجَاوِزُهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ، وَهَذَا جَاوَزَ مُحْرِمًا.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ تَقَعَ الْعُمْرَةُ وَالْحَجُّ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ. فَلَوِ اعْتَمَرَ ثُمَّ حَجَّ فِي السَّنَةِ الْقَابِلَةِ، فَلَا دَمَ، سَوَاءٌ أَقَامَ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ حَجَّ، أَوْ رَجَعَ وَعَادَ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى الْمِيقَاتِ، بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ نَفْسِ مَكَّةَ وَاسْتَمَرَّ. فَلَوْ عَادَ إِلَى الْمِيقَاتِ الَّذِي أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ، أَوْ إِلَى مَسَافَةٍ مِثْلِهِ
وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَلَا دَمَ. وَلَوْ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا، فَفِي سُقُوطِهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِيمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ مُحْرِمًا. وَلَوْ عَادَ إِلَى مِيقَاتٍ أَقْرَبَ مِنْهُ إِلَى مَكَّةَ مِنْ مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ، بِأَنْ كَانَ مِيقَاتُ عُمْرَتِهِ الْجُحْفَةَ فَعَادَ إِلَى ذَاتِ عِرْقٍ، فَهَلْ هُوَ كَالْعَوْدِ إِلَى مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ؟ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا وَعَلَيْهِ دَمٌ. وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعٍ لَيْسَ سَاكِنُوهُ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ وَالْمُعْتَبَرِينَ.
فَرْعٌ
لَوْ دَخَلَ الْقَارِنُ مَكَّةَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِيقَاتِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا دَمَ، نُصَّ عَلَيْهِ فِي «الْإِمْلَاءِ» وَصَحَّحَهُ الْحَنَّاطِيُّ. وَقَالَ الْإِمَامُ: إِنْ قُلْنَا: الْمُتَمَتِّعُ إِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ، لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا، فَوَجْهَانِ وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْمَ الْقِرَانِ لَا يَزُولُ بِالْعَوْدِ، بِخِلَافِ التَّمَتُّعِ. الشَّرْطُ الْخَامِسُ: مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَهُوَ أَنَّهُ، هَلْ يُشْتَرَطُ وُقُوعُ النُّسُكَيْنِ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ؟ وَجْهَانِ. قَالَ الْخُضَرِيُّ: يُشْتَرَطُ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا يُشْتَرَطُ.
وَيُتَصَوَّرُ فَوَاتُ هَذَا الشَّرْطِ فِي صُوَرٍ. إِحْدَاهَا: أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ شَخْصٌ لِحَجٍّ، وَآخَرُ لِعُمْرَةٍ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا لِعُمْرَةٍ، فَيَفْرَغَ ثُمَّ يَحُجَّ لِنَفْسِهِ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا لِحَجٍّ فَيَعْتَمِرَ عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ يَحُجَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ. فَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ، فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ نِصْفَ دَمِ التَّمَتُّعِ عَلَى مَنْ يَقَعُ لَهُ الْحَجُّ، وَنِصْفَهُ عَلَى مَنْ تَقَعُ لَهُ الْعُمْرَةُ. وَلَيْسَ هَذَا الْإِطْلَاقُ عَلَى ظَاهِرِهِ، بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَفْصِيلٍ ذَكَرَهُ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» .
أَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَقَالَ: إِنْ أَذِنَا فِي التَّمَتُّعِ، فَالدَّمُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْأَجِيرِ. وَعَلَى قِيَاسِهِ: إِنْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، فَالنِّصْفُ عَلَى الْآذِنِ، وَالنِّصْفُ عَلَى الْأَجِيرِ. وَأَمَّا فِي الصُّورَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ، فَقَالَ: إِنْ أَذِنَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي التَّمَتُّعِ، فَالدَّمُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، وَإِلَّا، فَالْجَمِيعُ عَلَى الْأَجِيرِ.
وَاعْلَمْ بَعْدَ هَذَا أُمُورًا.
أَحَدُهَا: أَنَّ إِيجَابَ الدَّمِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرَيْنَ، أَوْ أَحَدِهِمَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ أَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى الْأَجِيرِ بِكُلِّ حَالٍ. الثَّانِي: إِذَا لَمْ يَأْذَنِ الْمُسْتَأْجِرَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، أَوِ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الثَّالِثَةِ، وَكَانَ مِيقَاتُ الْبَلَدِ مُعَيَّنًا فِي الْإِجَارَةِ، أَوْ نَزَّلْنَا الْمُطْلَقَ عَلَيْهِ، لَزِمَهُ مَعَ دَمِ التَّمَتُّعِ دَمُ الْإِسَاءَةِ لِمُجَاوَزَةِ مِيقَاتِ نُسُكِهِ.
الثَّالِثُ: إِذَا أَوْجَبْنَا الدَّمَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرَيْنِ فَكَانَا مُعْسِرَيْنِ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ، لَكِنَّ صَوْمَ التَّمَتُّعِ بَعْضُهُ فِي الْحَجِّ، وَبَعْضُهُ فِي الرُّجُوعِ، وَهُمَا لَمْ يُبَاشِرَا حَجًّا. وَقَدْ قَدَّمْنَا - فِي فُرُوعِ الْإِجَارَةِ فِيمَنِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَقْرِنَ فَقَرَنَ أَوْ لِيَتَمَتَّعَ فَتَمَتَّعَ، وَكَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مُعْسِرًا، وَقُلْنَا: الدَّمُ عَلَيْهِ - خِلَافًا بَيْنَ صَاحِبَيِ «التَّهْذِيبِ» وَ «التَّتِمَّةِ» . فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ صَاحِبِ «التَّهْذِيبِ» : الصَّوْمُ عَلَى الْأَجِيرِ. وَعَلَى قِيَاسِ صَاحِبِ «التَّتِمَّةِ» : هُوَ كَمَا لَوْ عَجَزَ الْمُتَمَتِّعُ عَنِ الْهَدْيِ وَالصَّوْمِ جَمِيعًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَصُمْ فِي الْحَجِّ، كَيْفَ يَقْضِي؟ فَإِذَا أَوْجَبْنَا التَّفْرِيقَ، فَتَفْرِيقُ الْخَمْسَةِ بِنِسْبَةِ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ، يُبَعِّضُ الْقِسْمَيْنِ فَيَكْمُلَانِ، وَيَصُومُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتَّةَ أَيَّامٍ، وَقِسْ عَلَى هَذَا. أَمَّا إِذَا أَوْجَبْنَا الدَّمَ فِي الصُّورَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ عَلَى الْأَجِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ، وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ
الْخُضَرِيِّ، فَإِذَا اعْتَمَرَ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ، ثُمَّ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ، فَفِي كَوْنِهِ مُسِيئًا، الْخِلَافُ السَّابِقُ فِيمَنِ اعْتَمَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ مَكَّةَ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ هُنَا: أَنَّهُ مُسِيءٌ، لِإِمْكَانِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ حِينَ حَضَرَ الْمِيقَاتَ. قَالَ الْإِمَامُ: فَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّمُ، فَفَوَاتُ هَذَا الشَّرْطِ لَا يُؤَثِّرُ إِلَّا فِي فَوَاتِ فَضِيلَةِ التَّمَتُّعِ عَلَى قَوْلِنَا: إِنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ الْإِفْرَادِ. وَإِنْ أَلْزَمْنَاهُ الدَّمَ، فَلَهُ أَثَرَانِ.
أَحَدُهُمَا: هَذَا. وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ لَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إِلَى الْمِيقَاتِ. وَإِنْ عَادَ وَأَحْرَمَ مِنْهُ، سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ بِلَا خِلَافٍ. وَالْمُسِيءُ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ. وَإِذَا عَادَ، فَفِي سُقُوطِ الدَّمِ عَنْهُ خِلَافٌ. وَأَيْضًا، فَالدَّمَانِ يَخْتَلِفُ بَدَلُهُمَا.
الشَّرْطُ السَّادِسُ: مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَهُوَ نِيَّةُ التَّمَتُّعِ. وَالْأَصَحُّ: أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ، كَمَا لَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْقِرَانِ. فَإِنْ شَرَطْنَاهَا فَفِي وَقْتِهَا أَوْجُهٌ.
أَحَدُهَا: حَالَةُ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ. وَالثَّانِي: مَا لَمْ يَفْرَغْ مِنَ الْعُمْرَةِ. وَالثَّالِثُ: مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الْحَجِّ.
الشَّرْطُ السَّابِعُ: أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مِنَ الْمِيقَاتِ. فَلَوْ جَاوَزَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِهَا، فَالْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ، لَكِنْ يَلْزَمُهُ دَمُ الْإِسَاءَةِ، فَأَخَذَ بِإِطْلَاقِ هَذَا النَّصِّ آخَرُونَ. وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: هَذَا إِذَا كَانَ الْبَاقِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. فَإِنْ بَقِيَتْ مَسَافَةُ الْقَصْرِ، فَعَلَيْهِ الدَّمَانِ جَمِيعًا.
الشَّرْطُ الثَّامِنُ: مُخْتَلَفٌ فِيهِ. حُكِيَ عَنِ ابْنِ خَيْرَانَ: اشْتِرَاطُ وُقُوعِ النُّسُكَيْنِ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ، وَخَالَفَهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ.