الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أُمْضِيَ الْعَقْدُ، وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ فَسْخُهُ. وَالثَّانِي: يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ أَلْفٌ آخَرُ. وَالثَّالِثُ: يَجِبُ الثَّمَنُ فِي كَسْبِ الْعَبْدِ. وَالرَّابِعُ: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ. فَإِذَا قُلْنَا: عَلَى السَّيِّدِ أَلْفٌ آخَرُ، فَهَلْ يَتَصَرَّفُ الْعَبْدُ فِيهِ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ، أَمْ يُشْتَرَطُ إِذْنٌ جَدِيدٌ؟ وَجْهَانِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَإِنَّمَا يُطَالِبُ بِالْأَلْفِ الْجَدِيدِ الْبَائِعَ دُونَ الْعَبْدِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى أَلْفٍ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ، وَأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيمَا يُسَلِّمُهُ الْبَائِعُ. وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْوَجْهَيْنِ، فِيمَا لَوِ ارْتَفَعَ الْعَقْدُ بِسَبَبٍ وَرَجَعَ الْأَلْفُ.
قُلْتُ: قَالَ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» : لَوِ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ شَيْئًا بِعَرَضٍ، فَتَلَفَ الشَّيْءُ ثُمَّ خَرَجَ الْعَرَضُ مُسْتَحِقًّا، فَالْقِيمَةُ فِي كَسْبِهِ أَمْ عَلَى السَّيِّدِ؟ وَجْهَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
دُيُونُ مُعَامَلَاتِ الْمَأْذُونِ، تُؤَدَّى مِمَّا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ، سَوَاءٌ الْأَرْبَاحُ الْحَاصِلَةُ بِتِجَارَتِهِ وَرَأْسُ الْمَالِ. وَهَلْ تُؤَدَّى مِنْ أَكْسَابِهِ بِغَيْرِ التِّجَارَةِ كَالِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا، كَسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ. وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ. كَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَهْرُ وَمُؤَنُ النِّكَاحِ، ثُمَّ مَا فَضَلَ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ إِلَى أَنْ يَعْتِقَ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَلَا بِذِمَّةِ السَّيِّدِ قَطْعًا، وَلَا بِمَا يَكْسِبُهُ الْمَأْذُونُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِذَا بَاعَهُ السَّيِّدُ أَوْ أَعْتَقَهُ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي قَضَاءِ دُيُونِهِ مِمَّا يَكْسِبُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِيمَا كَسَبَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ. وَلَوْ كَانَ لِلْمَأْذُونِ
[لَهَا] أَوْلَادٌ، لَمْ يَتَعَلَّقِ الدَّيْنُ بِهِمْ. وَلَوْ أَتْلَفَ السَّيِّدُ مَا فِي يَدِ الْمَأْذُونِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ، لَزِمَهُ مَا أَتْلَفَ بِقَدْرِ الدَّيْنِ. وَلَوْ قَتَلَهُ السَّيِّدُ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ مَالٌ، لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ الدُّيُونِ.
فَرْعٌ
لَوْ تَصَرَّفَ السَّيِّدُ فِيمَا فِي يَدِ الْمَأْذُونِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إِعْتَاقٍ، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَأْذُونِ، جَازَ. وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ: يُشْتَرَطُ أَنْ يُقَدِّمَ عَلَيْهِ حَجْرًا. وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَقَدْ سَبَقَ حُكْمُ تَصَرُّفِهِ.
فَرْعٌ
لَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ مُطْلَقًا، وَلَمْ يُعَيِّنْ مَالًا، فَعَنْ أَبِي طَاهِرٍ الزِّيَادَيِّ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا الْإِذْنُ. وَعَنْ غَيْرِهِ: أَنَّهُ يَصِحُّ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِي أَنْوَاعِ أَمْوَالِهِ. وَقَدْ بَقِيَتْ مِنْ أَحْكَامِ الْمَأْذُونِ مَسَائِلُ مَذْكُورَةٌ فِي مَوْضِعِهَا.
قُلْتُ: قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : لَوْ جُنِيَ عَلَى الْمَأْذُونِ، أَوْ كَانَتْ أَمَةً فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، لَا تُقْضَى دُيُونُ التِّجَارَةِ مِنَ الْأَرْشِ وَالْمَهْرِ. وَلَوِ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ
[بِغَيْرِ إِذْنِهِ]، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَظْهَرِ. فَإِنْ قُلْنَا: يَصِحُّ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ، عَتَقَ عَلَى الْمَوْلَى. وَإِنْ كَانَ دَيْنٌ، فَفِي عِتْقِهِ قَوْلَانِ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى بِإِذْنِ الْمَوْلَى. وَإِنِ اشْتَرَى بِإِذْنِهِ صَحَّ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ، عَتَقَ. وَإِنْ كَانَ فَقَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَعْتِقُ. وَالثَّانِي: يَعْتِقُ وَيَغْرُمُ قِيمَتَهُ لِلْغُرَمَاءِ. وَلَوْ مَاتَ الْمَأْذُونُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ مُؤَجَّلَةٌ، وَفِي يَدِهِ أَمْوَالٌ، حَلَّتِ الْمُؤَجَّلَةُ، كَمَا تَحِلُّ بِمَوْتِ الْحُرِّ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي الْفَتَاوَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.