الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّتْفِ، وَالْإِحْرَاقِ، وَالْأَخْذِ بِالْمُوسَى أَوِ النَّوْرَةِ أَوِ الْمِقَصَّيْنِ وَاحِدٌ. وَمَنْ لَا شَعْرَ عَلَى رَأْسِهِ، لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إِمْرَارُ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: وَلَوْ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ أَوْ شَعْرِ لِحْيَتِهِ شَيْئًا كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ. وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ، فِيمَنْ لَمْ يَلْتَزِمِ الْحَلْقَ. أَمَّا مَنْ نَذَرَ الْحَلْقَ فِي وَقْتِهِ يَلْزَمُهُ وَلَا يُجْزِئُهُ التَّقْصِيرُ، وَلَا النَّتْفُ وَالْإِحْرَاقُ. وَفِي اسْتِئْصَالِ الشَّعْرِ بِالْمِقَصَّيْنِ وَإِمْرَارِ الْمُوسَى مِنْ غَيْرِ اسْتِئْصَالٍ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ، وَالظَّاهِرُ: الْمَنْعُ، لِعَدَمِ اسْمِ الْحَلْقِ. وَلَوْ لَبَّدَ رَأْسَهُ فِي الْإِحْرَامِ، فَهَلْ هُوَ كَالنَّذْرِ؟ قَوْلَانِ. الْجَدِيدُ: لَا. وَفِي وَجْهٍ غَرِيبٍ: لَا يَلْزَمُ الْحَلْقُ بِالنَّذْرِ إِذَا لَمْ نَجْعَلْهُ نُسُكًا.
فَرْعٌ
وَقْتُ حَلْقِ الْمُعْتَمِرِ، إِذَا فَرَغَ مِنَ السَّعْيِ. فَلَوْ جَامَعَ بَعْدَ السَّعْيِ وَقَبْلَ الْحَلْقِ، فَسَدَتْ عُمْرَتُهُ إِذَا قُلْنَا: الْحَلْقُ نُسُكٌ؛ لِوُقُوعِ جِمَاعِهِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ.
فَصْلٌ
أَعْمَالُ الْحَجِّ يَوْمَ النَّحْرِ أَرْبَعَةٌ كَمَا سَبَقَ، وَهِيَ: رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَالذَّبْحُ، وَالْحَلْقُ، وَالطَّوَافُ، وَهَذَا يُسَمَّى: طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَالزِّيَارَةِ، وَالرُّكْنِ، وَقَدْ يُسَمَّى أَيْضًا: طَوَافَ الصَّدْرِ، وَالْأَشْهَرُ: أَنَّ طَوَافَ الصَّدْرِ طَوَافُ الْوَدَاعِ. وَتَرْتِيبُ الْأَرْبَعَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، بَلْ مَسْنُونٌ. فَلَوْ طَافَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ، أَوْ ذَبَحَ فِي وَقْتِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ، فَلَا بَأْسَ، وَلَا فِدْيَةَ. وَلَوْ حَلَقَ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ. فَإِنْ قُلْنَا: الْحَلْقُ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ، لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ. وَإِذَا أَتَى بِالطَّوَافِ قَبْلَ الرَّمْيِ، أَوْ بِالْحَلْقِ، وَقُلْنَا: نُسُكٌ، قَطَعَ التَّلْبِيَةَ
بِشُرُوعِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ. وَكَذَا الْمُعْتَمِرُ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ بِأَخْذِهِ فِي الطَّوَافِ. وَيُسْتَحَبُّ فِي هَذِهِ الْأَعْمَالِ: أَنْ يَرْمِيَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، ثُمَّ يَأْتِيَ بِبَاقِيهَا، فَيَقْطَعَ الطَّوَافَ فِي ضَحْوَةٍ، وَيَدْخُلُ وَقْتُ جَمِيعِهَا بِانْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ. وَمَتَى يَخْرُجُ؟ أَمَّا الرَّمْيُ: فَيَمْتَدُّ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ يَوْمَ النَّحْرِ. وَهَلْ يَمْتَدُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا. وَأَمَّا الذَّبْحُ، فَالْهَدْيُ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ، لَكِنْ يَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ. بِخِلَافِ الضَّحَايَا، فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَا تَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ.
قُلْتُ: كَذَا جَزَمَ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ هُنَا: بِأَنَّ الْهَدَايَا لَا تَخْتَصُّ بِزَمَنٍ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهَا كَالْأُضْحِيَةِ، تَخْتَصُّ بِالْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ. وَقَدْ ذَكَرَهُ هُوَ عَلَى الصَّوَابِ فِي بَابِ الْهَدْيِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَرِيبًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَأَمَّا الْحَلْقُ وَالطَّوَافُ، فَلَا يَتَوَقَّتُ أَحَدُهُمَا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَطُوفَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ. فَإِنْ طَافَ لِلْوَدَاعِ وَخَرَجَ [وَقَعَ] عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، وَإِنْ خَرَجَ وَلَمْ يَطُفْ أَصْلًا، لَمْ تَحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ. ثُمَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ: لَا يَتَوَقَّتُ آخِرُ الطَّوَافِ، وَأَنَّهُ لَا يَصِيرُ قَضَاءً. وَفِي «التَّتِمَّةِ» : أَنَّهُ إِذَا تَأَخَّرَ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، صَارَ قَضَاءً.
فَرْعٌ
لِلْحَجِّ تَحَلُّلَانِ، وَلِلْعُمْرَةِ تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ. قَالَ الْأَصْحَابُ: لِأَنَّ الْحَجَّ يَطُولُ زَمَنُهُ، وَتَكْثُرُ أَعْمَالُهُ. بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ، فَأُبِيحَ بَعْضُ مُحَرَّمَاتِهِ فِي وَقْتٍ، وَبَعْضُهَا فِي وَقْتٍ. ثُمَّ أَسْبَابُ تَحَلُّلِ الْحَجِّ: الرَّمْيُ، وَالطَّوَافُ، وَالْحَلْقُ إِنْ قُلْنَا: هُوَ نُسُكٌ، وَإِلَّا فَالرَّمْيُ وَالطَّوَافُ. إِنْ قُلْنَا: لَيْسَ بِنُسُكٍ، حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِأَحَدِهِمَا، وَالتَّحَلُّلُ الثَّانِي بِالْآخَرِ، وَإِلَّا حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ مِنَ الثَّلَاثَةِ، إِمَّا الرَّمْيُ