الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ
لَوِ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، ثُمَّ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، فَإِنْ تَمَّ الْعَقْدُ وَقُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ مَوْقُوفٌ، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْبَائِعِ، وَقَعَ. وَإِنْ فَسَخَ وَقُلْنَا: لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ، وَقَعَ. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْمُشْتَرِي، فَوَجْهَانِ. وَلَيْسَ لَهُ الْوَطْءُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَطَأُ بِالْمِلْكِ أَوْ بِالزَّوْجِيَّةِ؟ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ. وَفِي وَجْهٍ: لَهُ الْوَطْءُ.
فَصْلٌ
فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ في البيع في زمن الخيار
لَا يَخْفَى مَا يَحْصُلَانِ بِهِ مِنَ الْأَلْفَاظِ، كَقَوْلِ الْبَائِعِ: فَسَخْتُ الْبَيْعَ، أَوِ اسْتَرْجَعْتُ الْمَبِيعَ، أَوْ رَدَدْتُ الثَّمَنَ. وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ: قَوْلُ الْبَائِعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ: لَا أَبِيعُ حَتَّى يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ، وَقَوْلُ الْمُشْتَرِي: لَا أَفْعَلُ، فَسْخٌ، وَكَذَا قَوْلُ الْمُشْتَرِي: لَا أَشْتَرِي حَتَّى تُنْقِصَ لِي مِنَ الثَّمَنِ، وَقَوْلُ الْبَائِعِ: لَا أَفْعَلُ، وَكَذَا طَلَبُ الْبَائِعِ حُلُولَ الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ، وَطَلَبُ الْمُشْتَرِي تَأْجِيلَ الثَّمَنِ الْحَالِّ.
فَرْعٌ
إِذَا كَانَ لِلْبَائِعِ خِيَارٌ، فَوَطْؤُهُ الْمَبِيعَةَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، فَسْخٌ عَلَى الصَّحِيحِ، لِإِشْعَارِهِ بِاخْتِيَارِ الْإِمْسَاكِ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يَكُونُ فَسْخًا. وَفِي وَجْهٍ: إِنَّمَا يَكُونُ
فَسَخًا إِذَا نَوَى بِهِ الْفَسْخَ. فَعَلَى الصَّحِيحِ، لَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، أَوْ لَمَسَ بِشَهْوَةٍ، لَا يَكُونُ فَسَخًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَذَا الرُّكُوبُ وَالِاسْتِخْدَامُ. وَقَطَعَ فِي «التَّهْذِيبِ» بِأَنَّ الْجَمِيعَ فَسْخٌ.
فَرْعٌ
إِعْتَاقُ الْبَائِعِ إِنْ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ، فَسْخٌ بِلَا خِلَافٍ. وَفِي بَيْعِهِ، وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ فَسْخٌ. فَعَلَى هَذَا، فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ الْمَأْتِيِّ بِهِ، وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ، كَالْعِتْقِ. وَيَجْرِي هَذَا الْخِلَافُ فِي الْإِجَارَةِ وَالتَّزْوِيجِ، وَكَذَا فِي الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ إِنِ اتَّصَلَ بِهِمَا الْقَبْضُ، وَسَوَاءٌ وَهَبَ لِمَنْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الرُّجُوعِ فِي هِبَتِهِ، أَوْ يَتَمَكَّنُ، كَوَلَدِهِ. فَإِنْ تَجَرَّدَ الرَّهْنُ وَالْهِبَةُ عَنِ الْقَبْضِ، فَهُوَ كَالْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَرْعٌ
إِذَا عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَطَأُ الْجَارِيَةَ، وَسَكَتَ عَلَيْهِ، هَلْ يَكُونُ مُجِيزًا؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: لَا، كَمَا لَوْ سَكَتَ عَلَى بَيْعِهِ وَإِجَارَتِهِ، وَكَمَا لَوْ سَكَتَ عَلَى وَطْءِ أَمَتِهِ، لَا يَسْقُطُ بِهِ الْمَهْرُ. وَلَوْ وَطِئَ بِالْإِذْنِ حَصَلَتِ الْإِجَازَةُ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُشْتَرِي مَهْرٌ وَلَاً قِيمَةُ وَلَدٍ، وَثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ قَطْعًا. وَمَا سَبَقَ فِي الْفَصْلِ الْمَاضِي مَفْرُوضٌ فِيمَا إِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْبَائِعُ فِي الْوَطْءِ وَلَا عَلِمَ بِهِ.
فَرْعٌ
وَطْءُ الْمُشْتَرِي، هَلْ هُوَ إِجَازَةٌ مِنْهُ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَإِعْتَاقُهُ إِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ نَفَذَ وَحَصَلَتِ الْإِجَازَةُ فِي الطَّرَفَيْنِ، وَإِلَّا فَفِي نُفُوذِهِ مَا سَبَقَ. فَإِنْ نَفَذَ حَصَلَتِ الْإِجَازَةُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الْحُصُولُ، لِدَلَالَتِهِ عَلَى اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَيَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ أَعْتَقَ وَهُوَ يَعْلَمُ عَدَمَ نُفُوذِهِ، لَمْ يَكُنْ إِجَازَةً قَطْعًا. وَإِنْ بَاعَ، أَوْ وَقَفَ، أَوْ وَهَبَ وَأُقْبِضَ بِغَيْرِ إِذَنِ الْبَائِعِ لَمْ يَنْفُذْ قَطْعًا، وَلَكِنْ يَكُونُ إِجَازَةً عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ بَاشَرَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ، أَوْ بَاعَ لِلْبَائِعِ نَفْسِهِ، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، يَلْزَمُ الْبَيْعُ، وَيَسْقُطُ الْخِيَارُ. وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ: أَنَّا إِذَا لَمْ نُنْفِذْهَا، كَانَ سُقُوطُ الْخِيَارِ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ فِي طَحْنِ الْحِنْطَةِ الْمَبِيعَةِ، فَطَحَنَهَا، كَانَ مُجِيزًا. وَمُجَرَّدُ الْإِذْنِ فِي هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ، لَا يَكُونُ إِجَازَةً مِنَ الْبَائِعِ، حَتَّى لَوْ رَجَعَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ، كَانَ عَلَى خِيَارِهِ، ذَكَرَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ.
فَرْعٌ
فِي الْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ وَالْإِذْنِ وَالتَّوْكِيلِ فِيهِ وَجْهَانِ وَكَذَا فِي الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ دُونَ الْقَبْضِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا كُلَّهَا فَسْخٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، وَإِجَازَةٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهَا لَيْسَتْ فَسْخًا، وَلَا إِجَازَةً. وَلَوْ بَاعَ الْمَبِيعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، قَالَ الْإِمَامُ: إِنْ قُلْنَا: لَا يَزُولُ مِلْكُ الْبَائِعِ، فَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْهِبَةِ الْخَالِيَةِ مِنَ الْقَبْضِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَزُولُ، فَفِيهِ احْتِمَالٌ؛ لِأَنَّهُ أَبْقَى لِنَفْسِهِ مُسْتَدْرَكًا.
فَرْعٌ
اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ، ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا مَعًا، نُظِرَ، إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا، عَتَقَتِ الْجَارِيَةُ، بِنَاءً عَلَى مَا سَبَقَ أَنَّ إِعْتَاقَ الْبَائِعِ نَافِذٌ مُتَضَمِّنٌ لِلْفَسْخِ، وَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى وَإِنْ جَعَلْنَا الْمِلْكَ فِيهِ لِمُشْتَرِيهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ إِبْطَالِ حَقِّ صَاحِبِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِنَفَاذِ إِعْتَاقِ الْمُشْتَرَى، تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي، يَعْتِقُ الْعَبْدُ، وَلَا تَعْتِقُ الْجَارِيَةُ.
وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِمُشْتَرِي الْعَبْدِ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا: يَعْتِقُ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ إِجَازَةٌ. وَالْأَصْلُ: اسْتِمْرَارُ الْعَقْدِ. وَالثَّانِي: تَعْتِقُ الْجَارِيَةُ ; لِأَنَّ عِتْقَهَا فَسْخٌ، فَقُدِّمَ عَلَى الْإِجَازَةِ. وَلِهَذَا لَوْ فَسَخَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَأَجَازَ الْآخَرُ، قُدِّمَ الْفَسْخُ. وَالثَّالِثُ: لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِبَائِعِ الْعَبْدِ وَحْدَهُ، فَالْمُعْتِقُ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْعَبْدِ مُشْتَرٍ، وَالْخِيَارُ لِصَاحِبِهِ، وَبِالْإِضَافَةِ إِلَى الْجَارِيَةِ بَائِعٌ. وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِي إِعْتَاقِهِمَا وَالَّذِي يُفْتَى بِهِ: أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ الْعِتْقُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْحَالِ. فَإِنْ فَسَخَ صَاحِبُهُ، نَفَذَ فِي الْجَارِيَةِ، وَإِلَّا فَفِي الْعَبْدِ. وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَأَعْتَقَهُمَا مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ، فَقِسِ الْحُكْمَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَقُلْ: إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا، عَتَقَ الْعَبْدُ دُونَ الْجَارِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ كَانَ لِلْمُعْتِقِ وَحْدَهُ، فَعَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ. فِي الْأَوَّلِ: يُعْتَقُ الْعَبْدُ، وَفِي الثَّانِي: الْجَارِيَةُ، وَلَا يَخْفَى الثَّالِثُ.