الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحِنْطَةَ فِي سُنْبُلِهَا مَعَ الْأَرْضِ، فَطَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: يَبْطُلُ فِي الْجَوْزِ وَالْحِنْطَةِ. وَفِي الشَّجَرَةِ وَالْأَرْضِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَأَصَحُّهُمَا: الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ فِي الْجَمِيعِ، لِلْجَهْلِ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ، وَتَعَذُّرِ التَّوْزِيعِ. وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا مَبْذُورَةً مَعَ الْبَذْرِ، فَقِيلَ: يَصِحُّ فِي الْبَذْرِ أَيْضًا تَبَعًا لِلْأَرْضِ. وَالْمَذْهَبُ: بُطْلَانُ الْبَيْعِ فِيهِ. ثُمَّ فِي الْأَرْضِ الطَّرِيقَانِ. وَمَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ فِي الْأَرْضِ لَا يَذْهَبُ إِلَى التَّوْزِيعِ، بَلْ يُوجِبُ جَمِيعَ الثَّمَنِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِأَخْذِ جَمِيعِ الثَّمَنِ.
فَصْلٌ
لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُحَاقَلَةِ، وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ الْحِنْطَةَ فِي سُنْبُلِهَا بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنَ الْحِنْطَةِ. وَلِبُطْلَانِهِ عِلَّتَانِ. إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ بَيْعُ حِنْطَةٍ وَتَبْنٍ بِحِنْطَةٍ، وَذَلِكَ رِبًا. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ بَيْعُ حِنْطَةٍ فِي سُنْبُلِهَا. فَلَوْ بَاعَ شَعِيرًا فِي سُنْبُلِهِ بِحِنْطَةٍ خَالِصَةٍ، وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ بَاعَ زَرْعًا قَبْلَ ظُهُورِ الْحَبِّ بِحَبٍّ، جَازَ ; لِأَنَّ الْحَشِيشَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ.
فَصْلٌ
قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ بَيْعُ الْعَرَايَا، فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ رُطَبَ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ بِاعْتِبَارِ الْخَرْصِ بِقَدْرِ كَيْلِهَا مِنَ التَّمْرِ، وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِالْخَرْصِ. وَيُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ بِتَسْلِيمِ التَّمْرِ إِلَى الْبَائِعِ بِالْكَيْلِ، وَتَخْلِيَةِ الْبَائِعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّخْلَةِ. فَإِنْ كَانَ التَّمْرُ غَائِبًا عَنْهُمَا، أَوْ كَانَا غَائِبَيْنِ عَنِ النَّخْلِ، فَأَحْضَرَاهُ أَوْ حَضَرَا عِنْدَ النَّخْلِ، جَازَ. ثُمَّ إِنْ لَمْ يَظْهَرْ تَفَاوُتٌ بَيْنَ التَّمْرِ الْمَجْعُولِ عِوَضًا، وَبَيْنَ مَا فِي الرُّطَبِ مِنَ التَّمْرِ، بِأَنْ أُكِيلَ الرُّطَبُ فِي الْحَالِ، فَذَاكَ. وَإِنْ ظَهَرَ، نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ قَدْرُ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ، لَمْ يَضُرَّ. وَإِنْ
كَانَ أَكْثَرَ، فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ. وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ: يَصِحُّ فِي قَدْرِ الْقَلِيلِ مِنَ الْكَثِيرِ، وَلِمُشْتَرِي الْكَثِيرِ الْخِيَارُ.
وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَرَايَا فِي الْعِنَبِ كَالرُّطَبِ، وَلَا يَجُوزُ فِي سَائِرِ الثِّمَارِ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَيَجُوزُ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقِ مِنَ التَّمْرِ، لَا فِيمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسَةِ قَطْعًا، وَلَا فِي خَمْسَةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ. هَذَا إِذَا بَاعَ فِي صَفْقَةٍ. فَلَوْ بَاعَ قَدْرًا كَثِيرًا فِي صَفَقَاتٍ لَا تَزِيدُ كُلُّ وَاحِدَةٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، جَازَ. وَكَذَا لَوْ بَاعَ فِي صَفْقَةٍ لِرَجُلَيْنِ بِحَيْثُ يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ الْقَدْرُ الْجَائِزُ. فَلَوْ بَاعَ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ، فَوَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ كَبَيْعِ رَجُلٍ لِرَجُلَيْنِ. وَالثَّانِي: كَبَيْعِهِ لِرَجُلٍ صَفْقَةً. وَلَوْ بَاعَ رَجُلَانِ لِرَجُلَيْنِ صَفْقَةً، لَمْ يَجُزْ فِيمَا زَادَ عَلَى عَشْرَةِ أَوْسُقٍ، وَيَجُوزُ فِيمَا دُونَ الْعَشْرَةِ. وَفِي الْعَشْرَةِ الْقَوْلَانِ.
قُلْتُ: وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كَانَتِ الْعُقُودُ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ. حَتَّى لَوْ بَاعَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ أَلْفَ وَسَقٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ بِصَفَقَاتٍ، كُلُّ [وَاحِدَةٍ] دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، جَازَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا فِي بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، فَلَوْ بَاعَ رُطَبًا عَلَى النَّخْلِ، بِرُطَبٍ عَلَى النَّخْلِ خَرْصًا فِيهِمَا، أَوْ بِرُطَبٍ عَلَى الْأَرْضِ كَيْلًا فِيهِ، فَأَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: لَا يَجُوزُ، قَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ. وَالثَّانِي: يَجُوزُ، قَالَهُ ابْنُ خَيْرَانَ. وَالثَّالِثُ: إِنِ اخْتَلَفَ نَوْعُهُمَا جَازَ، وَإِلَّا فَلَا، قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ. وَالرَّابِعُ: جَرَيَانُ هَذَا التَّفْصِيلِ إِنْ كَانَا عَلَى النَّخْلِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَجُزْ، حُكِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. وَلَوْ بَاعَ الرُّطَبَ بِالرُّطَبِ عَلَى الْأَرْضِ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ الْقَفَّالُ: فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ؛ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ الْبَيْعُ وَهُمَا عَلَى النَّخْلِ، وَاحْتُمِلَتْ جَهَالَةُ الْخَرْصِ، فَالْجَوَازُ مَعَ تَحَقُّقِ الْمُسَاوَاةِ بِالْكَيْلِ أُولَى.