الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى مَا إِذَا أَفْرَدَ مَاءَ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ بِالْبَيْعِ، فَإِنْ بَاعَهُ مَعَ الْأَرْضِ، بِأَنْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ شُرْبِهَا مِنَ الْمَاءِ فِي نَهْرٍ أَوْ وَادٍ، صَحَّ، وَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا. وَكَذَا إِذَا كَانَ الْمَاءُ فِي إِنَاءٍ أَوْ حَوْضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مُجْتَمِعًا، فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ مُفْرَدًا وَتَابِعًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ
إِذَا جَمَعَ شَيْئَيْنِ فِي صَفْقَةٍ، فَهُوَ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ.
وَالثَّانِي: فِي عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيِ الْحُكْمِ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلَهُ حَالَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقَعَ التَّفْرِيقُ فِي الِابْتِدَاءِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَقَعَ فِي الِانْتِهَاءِ.
فَالْحَالُ الْأَوَّلُ: يُنْظَرُ، إِنْ جَمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ هُوَ جَمْعٌ، بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْجَمِيعِ، كَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ أُخْتَيْنِ، أَوْ خَمْسِ نِسْوَةٍ فِي عَقْدِ نِكَاحٍ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَابِلٌ لِمَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَقْدِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ بِأَنْ جَمَعَ بَيْنَ عَيْنَيْنِ فِي الْبَيْعِ، صَحَّ الْعَقْدُ فِيهِمَا. ثُمَّ إِنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ، أَوْ مِنْ جِنْسٍ، لَكِنَّهُمَا مُخْتَلِفَا الْقِيمَةِ كَعَبْدَيْنِ، وُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ. وَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَمُتَّفِقِي الْقِيمَةِ كَقَفِيزَيْ حِنْطَةٍ وَاحِدَةٍ، وُزِّعَ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ. وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَابِلًا لِذَلِكَ الْعَقْدِ، كَمَنْ بَاعَ خَمْرًا وَمَيْتَةً، فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا قَابِلًا فَالَّذِي هُوَ غَيْرُ قَابِلٍ قِسْمَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُتَقَوَّمًا، كَمَنْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ صَفْقَةً وَاحِدَةً، فَفِي
صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي عَبْدِهِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: يَصِحُّ، وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ. وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ. وَفِي عِلَّتِهِ وَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ.
أَحَدُهُمَا: الْجَمْعُ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ. وَالثَّانِي: جَهَالَةُ الْعِوَضِ الَّذِي يُقَابِلُ الْحَلَالَ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ مُتَقَوَّمًا، وَهُوَ نَوْعَانِ.
أَحَدُهُمَا: يَتَأَتَّى تَقْدِيرُ التَّقْوِيمِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ تَغَيُّرِ الْخِلْقَةِ، كَمَنْ بَاعَ حُرًّا وَعَبْدًا، فَالْحُرُّ غَيْرُ مُتَقَوَّمٍ، لَكِنْ يُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ رَقِيقًا. وَفِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْفَسَادِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْقَوْلَانِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِالْحَالِ. فَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَالْوَجْهُ: الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ. وَلَوْ بَاعَ عَبْدَهُ وَمُكَاتَبَهُ، أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَقَوَّمَانِ بِدَلِيلِ الْإِتْلَافِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَتَأَتَّى تَقْدِيرُ تَقْوِيمِهِ مِنْ غَيْرِ فَرْضِ تَغَيُّرِ الْخِلْقَةِ، كَمَنْ بَاعَ خَلًّا وَخَمْرًا، أَوْ مُذَكَّاةً وَمَيْتَةً، أَوْ شَاةً وَخِنْزِيرًا، فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي الْخَلِّ وَالْمُذَكَّاةِ وَالشَّاةِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الْعَبْدِ مَعَ الْحُرِّ، وَأَوْلَى بِالْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّقْوِيمِ مِنَ التَّقْدِيرِ بِغَيْرِهِ، وَلَا يَكُونُ الْمُقَوَّمُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْعَقْدِ. وَلَوْ رَهَنَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ، أَوْ حُرًّا وَعَبْدًا، أَوْ وَهَبَهُمَا، فَإِنْ صَحَّحْنَا الْبَيْعَ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى الْعِلَّتَيْنِ. وَلَوْ زَوَّجَ أُخْتَهُ وَأَجْنَبِيَّةً، أَوْ مُسْلِمَةً وَمَجُوسِيَّةً، فَكَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ. الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَقَعَ التَّفْرِيقُ فِي الِانْتِهَاءِ، وَهُوَ قِسْمَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ اخْتِيَارِيًّا، كَمَنِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ، فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِمَا، انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِي التَّالِفِ، وَفِي الْبَاقِي طَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي جَمْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ. وَأَصَحُّهُمَا: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ؛ لِعَدَمِ الْعِلَّتَيْنِ. وَلَوْ تَفَرَّقَا فِي السَّلَمِ وَبَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ غَيْرُ مَقْبُوضٍ، أَوْ فِي
الصَّرْفِ وَبَعْضُ الْعِوَضِ غَيْرُ مَقْبُوضٍ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي غَيْرِ الْمَقْبُوضِ. وَفِي الْبَاقِي الطَّرِيقَانِ. فَلَوْ قَبَضَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ وَتَلِفَ الْآخَرُ فِي يَدِ الْبَائِعِ، تَرَتَّبَ الِانْفِسَاخُ فِي الْمَقْبُوضِ عَلَى الصُّوَرِ السَّابِقَةِ، وَهَذِهِ أَوْلَى بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ؛ لِتَأَكُّدِ الْعَقْدِ فِيهِ بِانْتِقَالِ الضَّمَانِ إِلَى الْمُشْتَرِي. هَذَا إِنْ كَانَ الْمَقْبُوضُ بَاقِيًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي. فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ تَلِفَ الْآخَرُ فِي يَدِ الْبَائِعِ، فَالْقَوْلُ بِالِانْفِسَاخِ أَضْعَفُ؛ لِتَلَفِهِ عَلَى ضَمَانِهِ. وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ، فَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ؟ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، وَيَرُدُّ قِيمَتَهُ. وَالثَّانِي: لَا، وَعَلَيْهِ حِصَّتُهُ مِنَ الثَّمَنِ. وَلَوِ اكْتَرَى دَارًا وَسَكَنَهَا بَعْضَ الْمُدَّةِ، ثُمَّ انْهَدَمَتْ، انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَيُخَرَّجُ فِي الْمَاضِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَقْبُوضِ التَّالِفِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَنْفَسِخُ، فَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا فَسْخَ، فَعَلَيْهِ مِنَ الْمُسَمَّى مَا يُقَابِلُ الْمَاضِيَ. وَإِنْ قُلْنَا بِالْفَسْخِ، وَفُسِخَ، فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْمَاضِي. وَلَوِ انْقَطَعَ بَعْضُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ وَالْبَاقِي مَقْبُوضٌ، أَوْ غَيْرُ مَقْبُوضٍ، وَقُلْنَا: لَوِ انْقَطَعَ الْكُلُّ، يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ، انْفَسَخَ فِي الْمُنْقَطِعِ. وَفِي الْبَاقِي الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا تَلِفَ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِمَا. فَإِذَا قُلْنَا: لَا يَنْفَسِخُ، فَلَهُ الْفَسْخُ. فَإِنْ أَجَازَ، فَعَلَيْهِ حِصَّتُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ. وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَوِ انْقَطَعَ الْكُلُّ لَمْ يَنْفَسِخِ الْعَقْدُ، فَالْمُسَلِّمُ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ فَسَخَ الْعَقْدَ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهُ فِي الْكُلِّ. وَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ فِي الْقَدْرِ الْمُنْقَطِعِ وَالْإِجَازَةُ فِي الْبَاقِي؟ قَوْلَانِ، بِنَاءً عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْقِسْمِ الَّذِي يَلِيهِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ اخْتِيَارِيًّا، كَمَنِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً، فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا، فَهَلْ لَهُ إِفْرَادُهُ بِالرَّدِّ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَيْسَ لَهُ، وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ. وَالْقَوْلَانِ فِي الْعَبْدَيْنِ وَكُلِّ شَيْئَيْنِ لَا تَتَّصِلُ مَنْفَعَةُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ. فَأَمَّا فِي زَوْجَيْ خُفٍّ وَمِصْرَاعَيْ بَابٍ وَنَحْوِهِمَا، فَلَا يَجُوزُ الْإِفْرَادُ قَطْعًا. وَشَذَّ بَعْضُهُمْ، فَطَرَدَ الْقَوْلَيْنِ، وَلَا فَرْقَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَتَّفِقَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ
أَوْ قَبْلَهُ. فَإِنْ لَمْ نُجَوِّزِ الْإِفْرَادَ، فَقَالَ: رَدَدْتُ الْمَعِيبَ، فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ رَدًّا لَهُمَا؟ أَصَحُّهُمَا: لَا، بَلْ هُوَ لَغْوٌ. وَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِإِفْرَادِهِ، جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِذَا جَوَّزْنَا الْإِفْرَادَ فَرَدَّهُ، اسْتَرَدَّ قِسْطَهُ مِنَ الثَّمَنِ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، لَوْ أَرَادَ رَدَّ السَّلِيمِ وَالْمَعِيبِ جَمِيعًا فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ وَجَدَ الْعَيْبَ بِالْعَبْدَيْنِ مَعًا، وَأَرَادَ إِفْرَادَ أَحَدِهِمَا بِالرَّدِّ، جَرَى الْقَوْلَانِ. وَلَوْ تَلِفَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ أَوْ بَاعَهُ، وَوَجَدَ بِالْبَاقِي عَيْبًا، فَفِي إِفْرَادِهِ بِالرَّدِّ قَوْلَانِ مُرَتَّبَانِ، وَأَوْلَى بِالْجَوَازِ؛ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِمَا. فَإِنْ جَوَّزْنَا الْإِفْرَادَ، رَدَّ الْبَاقِيَ وَاسْتَرَدَّ مِنَ الثَّمَنِ حِصَّتَهُ. وَطَرِيقُ التَّوْزِيعِ: تَقْدِيرُ الْعَبْدَيْنِ سَلِيمَيْنِ، وَتَقْوِيمُهُمَا، وَتَقْسِيطُ الْمُسَمَّى عَلَى الْقِيمَتَيْنِ. فَلَوِ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ التَّالِفِ، فَادَّعَى الْمُشْتَرِي مَا يَقْتَضِي زِيَادَةَ الْمَرْجُوعِ بِهِ عَلَى مَا اعْتَرَفَ بِهِ الْبَائِعُ، فَالْأَظْهَرُ: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مِلْكُهُ، فَلَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ إِلَّا مَا اعْتَرَفَ بِهِ. وَإِنْ لَمْ نُجَوِّزِ الْإِفْرَادَ، فَوَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا فَسْخَ لَهُ، وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ أَعْظَمُ مِنَ الْعَيْبِ. وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الرَّدِّ. فَعَلَى هَذَا، إِنِ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ التَّالِفِ عَادَ الْقَوْلَانِ. وَهَلِ النَّظَرُ فِي قِيمَةِ التَّالِفِ إِلَى يَوْمِ الْعَقْدِ، أَوْ يَوْمِ الْقَبْضِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي سَيَأْتِي فِي مَعْرِفَةِ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَضُمُّ قِيمَةَ التَّالِفِ إِلَى الْبَاقِي، وَيَرُدُّهُمَا وَيَفْسَخُ الْعَقْدَ. فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ التَّالِفِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. وَفِيهِ وَجْهٌ شَاذٌّ: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ؛ لِئَلَّا تُزَالَ يَدُهُ عَمَّا لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ.
فَرْعٌ:
لَوْ بَاعَ شَيْئًا يَتَوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى أَجْزَائِهِ، بَعْضُهُ لَهُ كَعَبْدٍ، أَوْ صَاعِ حِنْطَةٍ لَهُ نِصْفُهَا، أَوْ صَاعَيْ حِنْطَةٍ لَهُ أَحَدُهُمَا، صَفْقَةً وَاحِدَةً، تَرَتَّبَ عَلَى مَا إِذَا بَاعَ عَبْدَيْنِ
أَحَدُهُمَا لَهُ. فَإِنْ قُلْنَا: يَصِحُّ هُنَاكَ فِي مِلْكِهِ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ. إِنْ عَلَّلْنَا بِالْجَمْعِ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ، لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ عَلَّلْنَا بِالْجَهَالَةِ صَحَّ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ الْمَمْلُوكِ مَعْلُومَةٌ. وَلَوْ بَاعَ جَمِيعَ الثِّمَارِ وَفِيهَا الزَّكَاةُ، فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ؟ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ «الزَّكَاةِ» . فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ فَالتَّرْتِيبُ فِي الْبَاقِي كَمَا ذَكَرْنَا فِيمَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ نِصْفُهُ. وَلَوْ بَاعَ أَرْبَعِينَ شَاةً فِيهَا وَاجِبُ الزَّكَاةِ، وَقُلْنَا: لَا يَصِحُّ بَيْعُ قَدْرِ الزَّكَاةِ، فَالتَّرْتِيبُ فِي الْبَاقِي كَمَا سَبَقَ فِيمَنْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ.
فَرْعٌ:
وَمِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ لَوْ مَلَكَ زَيْدٌ عَبْدًا، وَعَمْرٌو آخَرَ، فَبَاعَاهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً بِثَمَنٍ وَاحِدٍ، فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ قَوْلَانِ. وَكَذَا لَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ لَهُ لِرَجُلَيْنِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ، إِنْ عَلَّلْنَا بِالْجَمْعِ بَيْنَ حَلَالٍ وَحَرَامٍ صَحَّ، وَإِنْ عَلَّلْنَا بِالْجَهَالَةِ فَلَا؛ لِأَنَّ حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مَجْهُولَةٌ. وَلَوْ بَاعَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ وَسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنًا، فَقَالَ: بِعْتُكَ هَذَا بِمِائَةٍ، وَهَذَا بِخَمْسِينَ، فَإِنْ عَلَّلْنَا بِالْجَمْعِ فَسَدَ، وَإِنْ عَلَّلْنَا بِالْجَهَالَةِ صَحَّ فِي عَبْدِهِ، كَذَا قَالَهُ فِي «التَّتِمَّةِ» . وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: سَنَذْكُرُ أَنَّ تَفْصِيلَ الثَّمَنِ مِنْ أَسْبَابِ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ، وَإِنْ تَعَدَّدَ وَجَبَ الْقَضَاءُ بِالصِّحَّةِ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ.
فَرْعٌ:
اعْلَمْ أَنَّ طَائِفَةً مِنَ الْأَصْحَابِ تَوَسَّطُوا بَيْنَ قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَقَالُوا: الْأَصَحُّ الصِّحَّةُ فِي الْمَمْلُوكِ إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يَتَوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى أَجْزَائِهِ. وَالْأَصَحُّ الْفَسَادُ إِنْ كَانَ مِمَّا يَتَوَزَّعُ عَلَى قِيمَتِهِ. وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: الْأَصَحُّ الصِّحَّةُ فِي الْقِسْمَيْنِ.