الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَجِّ إِحْرَامًا مُطْلَقًا، فَالْمَذْهَبُ، وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ: أَنَّهُ [لَا] يَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ بِعُمْرَةٍ. وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هَذَا.
وَالثَّانِي: وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنِ الْخُضَرِيِّ: يَنْعَقِدُ مُبْهَمًا. فَإِذَا دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ، صَرَفَهُ إِلَى مَا شَاءَ مِنْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ قِرَانٍ.
فَصْلٌ
فِي الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ
أَمَّا الْمُقِيمُ بِمَكَّةَ مَكِّيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، فَفِي مِيقَاتِهِ لِلْحَجِّ وَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَفْسُ مَكَّةَ. وَالثَّانِي: مَكَّةُ وَسَائِرُ الْحَرَمِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ فَارَقَ بُنْيَانَ مَكَّةَ وَأَحْرَمَ فِي الْحَرَمِ، فَهُوَ مُسِيءٌ يَلْزَمُهُ الدَّمُ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ كَمُجَاوَزَةِ سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ.
وَعَلَى الثَّانِي: حَيْثُ أَحْرَمَ فِي الْحَرَمِ، فَلَا إِسَاءَةَ. أَمَّا إِذَا أَحْرَمَ خَارِجَ الْحَرَمِ، فَمُسِيءٌ قَطْعًا، فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ، إِلَّا أَنْ يَعُودَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إِلَى مَكَّةَ عَلَى الْأَصَحِّ أَوِ الْحَرَمِ عَلَى الثَّانِي.
ثُمَّ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ، جَازَ. وَفِي الْأَفْضَلِ: قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَهَيَّأَ لِلْإِحْرَامِ، وَيُحْرِمَ مِنَ الْمَسْجِدِ قَرِيبًا مِنَ الْبَيْتِ.
وَأَظْهَرُهُمَا: الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ بَابِ دَارِهِ، وَيَأْتِيَ الْمَسْجِدَ مُحْرِمًا. وَأَمَّا غَيْرُ الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ، فَتَارَةً يَكُونُ مَسْكَنُهُ فَوْقَ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ، وَيُسَمَّى هَذَا الْأُفُقِيَّ، وَتَارَةً يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ.
وَالْمَوَاقِيتُ الشَّرْعِيَّةُ خَمْسَةٌ.
أَحَدُهَا: ذُو الْحُلَيْفَةِ، وَهُوَ مِيقَاتُ مَنْ تَوَجَّهَ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ عَلَى نَحْوِ عَشْرِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ.
الثَّانِي: الْجُحْفَةُ، مِيقَاتُ الْمُتَوَجِّهِينَ مِنَ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ.
الثَّالِثُ: يَلَمْلَمُ، وَقِيلَ: أَلَمْلَمُ، مِيقَاتُ الْمُتَوَجِّهِينَ مِنَ الْيَمَنِ.
الرَّابِعُ: قَرْنٌ، وَهُوَ مِيقَاتُ الْمُتَوَجِّهِينَ مِنْ نَجْدِ الْيَمَنِ، وَنَجِدِ الْحِجَازَ.
وَالْخَامِسُ: ذَاتُ عِرْقٍ، مِيقَاتُ الْمُتَوَجِّهِينَ مِنَ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ.
وَالْمُرَادُ بِقَوْلِنَا: يَلَمْلَمُ مِيقَاتُ الْيَمَنِ، أَيْ: مِيقَاتُ تِهَامَتِهِ، فَإِنَّ الْيَمَنَ يَشْمَلُ نَجْدًا وَتِهَامَةَ.
وَالْأَرْبَعَةُ الْأُولَى نَصَّ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِلَا خِلَافٍ. وَفِي ذَاتِ عِرْقٍ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا وَإِلَيْهِ مَالَ الْأَكْثَرُونَ: أَنَّهُ مَنْصُوصٌ كَالْأَرْبَعَةِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه. وَالْأَفْضَلُ فِي حَقِّ أَهْلِ الْعِرَاقِ: أَنْ يُحْرِمُوا مِنَ الْعَقِيقِ وَهُوَ وَادٍ وَرَاءَ ذَاتِ عِرْقٍ مِمَّا يَلِي الْمَشْرِقَ.
فَرْعٌ
إِذَا انْتَهَى الْأُفُقِيُّ إِلَى الْمِيقَاتِ وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةِ أَوِ الْقِرَانَ، حَرُمَ عَلَيْهِ مُجَاوَزَتُهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ. فَإِنْ جَاوَزَهُ، فَهُوَ مُسِيءٌ وَيَأْتِي حُكْمُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، أَمْ مِنْ غَيْرِهَا كَالشَّامِيِّ يَمُرُّ بِمِيقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.
فَرْعٌ
إِذَا مَرَّ الْأُفُقِيُّ بِالْمِيقَاتِ غَيْرَ مُرِيدٍ نُسُكًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى قَصْدِ التَّوَجُّهِ إِلَى مَكَّةَ، ثُمَّ عَنَّ لَهُ قَصْدُ النُّسُكِ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ، فَمِيقَاتُهُ حَيْثُ عَنَّ لَهُ. وَإِنْ كَانَ عَلَى قَصْدِ التَّوَجُّهِ إِلَى مَكَّةَ لِحَاجَةٍ، فَعَنَّ لَهُ النُّسُكُ بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: مَنْ أَرَادَ دُخُولَ الْحَرَمِ لِحَاجَةٍ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ، فَهَذَا يَأْثَمُ بِمُجَاوَزَتِهِ غَيْرَ مُحْرِمٍ، وَهُوَ كَمَنْ جَاوَزَهُ غَيْرَ مُحْرِمٍ عَلَى قَصْدِ النُّسُكِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَلْزَمُهُ، فَهَذَا كَمَنْ جَاوَزَ غَيْرَ قَاصِدٍ دُخُولَ مَكَّةَ.
فَرْعٌ
مَنْ مَسْكَنُهُ بَيْنَ الْمِيقَاتِ وَمَكَّةَ، فَمِيقَاتُهُ الْقَرْيَةُ الَّتِي يَسْكُنُهَا، أَوِ الْحِلَّةُ الَّتِي يَنْزِلُهَا الْبَدَوِيُّ.
فَرْعٌ
يُسْتَحَبُّ لِمَنْ يُحْرِمُ مِنْ مِيقَاتٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ مِنْ قَرْيَتِهِ، أَوْ حِلَّتِهِ، أَنْ يُحْرِمَ مِنْ طَرَفِهِ الْأَبْعَدِ مِنْ مَكَّةَ. فَلَوْ أَحْرَمَ مِنَ الطَّرَفِ الْآخَرِ جَازَ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِ. وَالِاعْتِبَارُ بِالْمَوَاقِيتِ الشَّرْعِيَّةِ، بِتِلْكَ الْمَوَاضِعِ، لَا بِالْقُرَى وَالْأَبْنِيَةِ، فَلَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ لَوْ خَرِبَ بَعْضُهَا، وَنُقِلَتِ الْعِمَارَةُ إِلَى مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْهُ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ الِاسْمِ.
فَرْعٌ
لَوْ سَلَكَ الْبَحْرَ أَوْ طَرِيقًا فِي الْبَرِّ لَا يَنْتَهِي إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْمَوَاقِيتِ الْمُعَيَّنَةِ، فَمِيقَاتُهُ مُحَاذَاةُ الْمُعَيَّنِ. فَإِنِ اشْتَبَهَ تَحَرَّى. وَطَرِيقُ الِاحْتِيَاطِ لَا يَخْفَى. وَلَوْ حَاذَى مِيقَاتَيْنِ طَرِيقُهُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الْمَسَافَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَمِيقَاتُهُ مَا يُحَاذِيهِمَا. وَإِنْ تَفَاوَتَا فِيهَا، وَتَسَاوَيَا فِي الْمَسَافَةِ إِلَى طَرِيقِهِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَتَخَيَّرُ، إِنْ شَاءَ أَحْرَمَ مِنَ الْمُحَاذِي لِأَبْعَدِ الْمِيقَاتَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ لِأَقْرَبِهِمَا. وَأَصَحُّهُمَا: يَتَعَيَّنُ مُحَاذَاةُ أَبْعَدِهِمَا. وَقَدْ يُتَصَوَّرُ فِي هَذَا الْقِسْمِ مُحَاذَاةُ مِيقَاتَيْنِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَذَلِكَ بِانْحِرَافِ أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ وَالْتِوَائِهِ، أَوْ لَوْ عَوْرَةً وَغَيْرَهَا، فَيُحْرِمُ مِنَ الْمُحَاذَاةِ. وَهَلْ هُوَ مَنْسُوبٌ