الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ
لَوْ مَلَكَ الْمَاءَ بِالِاسْتِقَاءِ، ثُمَّ انْصَبَّ فِي نَهْرٍ، لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ مِنْهُ، وَلَا يَمْنَعُ النَّاسَ مِنَ الِاسْتِقَاءِ، وَهُوَ فِي حُكْمِ اخْتِلَاطِ الْمَحْصُورِ بِغَيْرِ مَحْصُورٍ.
قُلْتُ: وَلَوِ اخْتَلَطَ دِرْهَمٌ حَرَامٌ، أَوْ دِرْهَمٌ بِدَرَاهِمِهِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ، أَوْ دَهَنَ بِدُهْنٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي «الْإِحْيَاءِ» وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا: طَرِيقُهُ أَنْ يَ
فْصِلَ
قَدْرَ الْحَرَامِ فَيَصْرِفَهُ إِلَى الْجِهَةِ الَّتِي يُحِبُّ صَرْفَهُ إِلَيْهَا، وَيَبْقَى الْبَاقِي لَهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا أَرَادَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
فِي الِاشْتِرَاكِ وَالِازْدِحَامِ عَلَى الصَّيْدِ
وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ.
الْأَوَّلُ: أَنْ يَتَعَاقَبَ جُرْحَانِ مِنِ اثْنَيْنِ. فَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا إِنْ لَمْ يَكُنْ مُذَفَّفًا وَلَا مُزْمِنًا، بَلْ بَقِيَ عَلَى امْتِنَاعِهِ، وَكَانَ الثَّانِي مُذَفَّفًا أَوْ مُزْمِنًا، فَالصَّيْدُ لِلثَّانِي، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ بِجِرَاحَتِهِ. وَإِنْ كَانَ جُرْحُ الْأَوَّلِ مُذَفَّفًا، فَالصَّيْدُ لِلْأَوَّلِ، وَعَلَى الثَّانِي أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ. وَإِنْ كَانَ جُرْحُ الْأَوَّلِ مُزْمِنًا، فَلَهُ الصَّيْدُ بِهِ، وَيَنْظُرُ فِي الثَّانِي، فَإِنْ ذَفَّفَ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِّيءِ، فَهُوَ حَلَالٌ لِلْأَوَّلِ، وَعَلَى الثَّانِي مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَذْبُوحًا وَمُزْمِنًا. قَالَ الْإِمَامُ: وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّفَاوُتُ إِذَا كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فَإِنْ كَانَ مُتَأَلِّمًا، بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يُذْبَحْ لَهَلَكَ، فَمَا عِنْدِي أَنَّهُ يَنْقُصُ مِنْهُ بِالذَّبْحِ شَيْءٌ. وَإِنْ ذَفَّفَ الثَّانِي لَا بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِّيءِ، أَوْ لَمْ يُذَفَّفْ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ،
فَهُوَ مَيْتَةٌ. وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ رَمَى إِلَى صَيْدٍ فَأَزْمَنَهُ، ثُمَّ رَمَى إِلَيْهِ ثَانِيًا وَذَفَّفَ لَا بِقَطْعِ الْمَذْبَحِ، وَيَجِبُ عَلَى الثَّانِي كَمَالُ قِيمَةِ الصَّيْدِ مَجْرُوحًا إِنْ ذَفَّفَ. فَإِنْ جُرِحَ بِلَا تَذْفِيفٍ، وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ، فَفِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَلَامٌ لَهُ مُقَدِّمَةٌ نَذْكُرُهَا أَوَّلًا، وَهِيَ: إِذَا جَنَى رَجُلٌ عَلَى عَبْدٍ أَوْ بَهِيمَةٍ، أَوْ صَيْدٍ مَمْلُوكٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، جِرَاحَةً أَرْشُهَا دِينَارٌ، ثُمَّ جَرَحَهُ آخَرُ جِرَاحَةً أَرْشُهَا دِينَارٌ أَيْضًا، فَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ، فَفِيمَا يَلْزَمُ الْجَارِحِينَ، أَوْجُهٌ: أَحَدُهَا: يَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ، وَعَلَى الثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَنِصْفُ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَيْنِ سَرَيَا وَصَارَا قَتْلًا، فَلَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ جِنَايَتِهِ، قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَضَعَّفَهُ الْأَئِمَّةُ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَيَاعَ نِصْفِ دِينَارٍ عَلَى الْمَالِكِ. وَالثَّانِي، قَالَهُ الْمُزَنِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَالْقَفَّالُ: يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ.
وَعَلَى هَذَا لَوْ نَقَصَتْ جِنَايَةُ الْأَوَّلِ دِينَارًا، وَالثَّانِي دِينَارَيْنِ، لَزِمَ الْأَوَّلَ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ، وَالثَّانِي خَمْسَةٌ وَنِصْفٌ، وَلَوْ نَقَصَتْ جِنَايَةُ الْأَوَّلِ دِينَارَيْنِ، وَالثَّانِي دِينَارًا، انْعَكَسَ، فَيَلْزَمُ الْأَوَّلَ خَمْسَةٌ وَنِصْفٌ، وَالثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ. وَضَعَّفُوا هَذَا الْوَجْهَ؛ لِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُمَا مَعَ اخْتِلَافِ قِيمَتِهِ حَالَ جِنَايَتِهِمَا. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ، حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنِ الْقَفَّالِ أَيْضًا: يَلْزَمُ الْأَوَّلَ خَمْسَةٌ وَنِصْفٌ، وَالثَّانِي خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ كُلِّ وَاحِدٍ نَقَصَتْ دِينَارًا، ثُمَّ سُرَّتَا، وَالْأَرْشُ يَسْقُطُ إِذَا صَارَتِ الْجِنَايَةُ نَفْسًا، فَيَسْقُطُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْهُ نِصْفُ الْقَتْلِ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ، بِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُتْلِفِ. وَأَجَابَ الْقَفَّالُ، بِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ تَنْجَرُّ إِلَى إِيجَابِ زِيَادَةٍ، كَمَنْ قَطَعَ يَدَيْ عَبْدٍ فَقَتَلَهُ آخَرُ، وَأُجِيبَ عَنْهُ، بِأَنَّ قَاطِعَ الْيَدَيْنِ لَا شَرِكَةَ لَهُ فِي الْقَتْلِ، وَالْقَتْلُ يَقْطَعُ أَثَرَ الْقَتْلِ، وَيَقَعُ مَوْقِعَ الِانْدِمَالِ، وَهُنَا بِخِلَافِهِ.
وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ، قَالَ أَبُو الطِّيبِ بْنُ سَلَمَةَ: يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ جِنَايَتِهِ، وَنِصْفُ الْأَرْشِ، لَكِنْ لَا يَزِيدُ الْوَاجِبُ عَلَى الْقِيمَةِ، فَيَجْمَعُ مَا لَزِمَهُمَا تَقْدِيرًا، وَهُوَ عَشْرَةٌ وَنِصْفٌ، وَيُقَسِّمُ الْقَيِّمَةَ وَهِيَ عَشْرَةٌ عَلَى الْعَشْرَةِ وَالنِّصْفِ، لِيُرَاعِيَ التَّفَاوُتَ بَيْنَهُمَا، فَتُبْسَطُ أَنْصَافًا، فَتَكُونُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ، فَيَلْزَمُ الْأَوَّلَ
أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ عَشْرَةٍ، وَيَلْزَمُ الثَّانِي عَشْرَةٌ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ مِنْ عَشْرَةٍ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، لِإِفْرَادِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَنْ بَدَلِ النَّفْسِ. وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ، عَنْ صَاحِبِ «التَّقْرِيبِ» وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ: يَلْزَمُ الْأَوَّلَ خَمْسَةٌ وَنِصْفٌ، وَالثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَوِ انْفَرَدَ بِالْجُرْحِ وَالسِّرَايَةِ، لَزِمَهُ الْعَشْرَةُ، فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ إِلَّا مَا يَلْزَمُ الثَّانِي، وَالثَّانِي إِنْمَا جَنَى عَلَى نِصْفِ مَا يُسَاوِي تِسْعَةً، وَفِيهِ ضَعْفٌ أَيْضًا. وَالْوَجْهُ السَّادِسُ، قَالَهُ ابْنُ خَيْرَانَ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ «الْإِفْصَاحِ» ، وَأَطْبَقَ الْعِرَاقِيُّونَ عَلَى تَرْجِيحِهِ: أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، فَيَكُونُ تِسْعَةَ عَشَرَ، فَيَقْسِمُ عَلَيْهِ مَا فَوَّتَا وَهُوَ عَشْرَةٌ، فَيَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عَشْرَةٍ، وَعَلَى الثَّانِي تِسْعَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عَشْرَةٍ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الْجُنَاةُ ثَلَاثَةً، وَأَرْشُ كُلِّ جِنَايَةٍ دِينَارٌ وَالْقِيمَةُ عَشْرَةٌ، فَعَلَى طَرِيقَةِ الْمُزَنِيِّ: يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ: يَلْزَمُ الْأَوَّلَ أَرْبَعَةٌ، مِنْهَا ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ هِيَ ثُلْثُ الْقِيمَةِ، وَثُلُثَانِ وَهُمَا ثُلُثَا الْأَرْشِ. وَيَلْزَمُ الثَّانِي ثَلَاثَةٌ وَثُلُثَانِ، ثَلَاثَةٌ مِنْهَا ثُلُثُ الْقِيمَةِ يَوْمَ جِنَايَتِهِ، وَثُلُثَانِ هُمَا ثُلُثُ الْأَرْشِ، وَيَلْزَمُ الثَّالِثَ ثَلَاثَةٌ، مِنْهَا دِينَارَانِ وَثُلُثُ هِيَ ثُلُثُ الْقِيمَةِ يَوْمَ جِنَايَتِهِ، وَثُلُثَانِ هُمَا ثُلُثَا الْأَرْشِ، فَالْجُمْلَةُ عَشْرَةٌ وَثُلُثَانِ. وَعَلَى الْوَجْهِ الرَّابِعِ: تُوَزَّعُ الْعَشْرَةُ عَلَى عَشْرَةٍ وَثُلُثَيْنِ. وَعَلَى الْخَامِسِ: يَلْزَمُ الْأَوَّلَ أَرْبَعَةٌ وَثُلُثٌ، وَالثَّانِي ثَلَاثَةٌ، وَالثَّالِثَ دِينَارَانِ وَثُلُثَانِ. وَعَلَى السَّادِسِ: تُجْمَعُ الْقِيَمُ، فَتَكُونُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ، فَتُقَسَّمُ الْعَشْرَةُ عَلَيْهَا.
أَمَّا إِذَا جَرَحَ مَالِكُ الْعَبْدِ أَوِ الصَّيْدِ جِرَاحَةً، وَأَجْنَبِيٌّ أُخْرَى، فَيُنْظَرُ فِي جِنَايَةِ الْمَالِكِ، أَهِيَ الْأُولَى أَمِ الثَّانِيَةُ؟ وَتَخْرُجُ عَلَى الْأَوْجُهِ، فَتَسْقُطُ حِصَّتُهُ وَتَجِبُ حِصَّةُ الْأَجْنَبِيِّ. وَعَنِ الْقَاضِي أَبِي حَامِدٍ: أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْجِنَايَتَيْنِ عَلَى الْعَبْدِ، هُوَ فِيمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْجِنَايَةِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، فَإِنْ كَانَ، فَلَيْسَ الْعَبْدُ فِيهَا كَالْبَهِيمَةِ وَالصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ، حَتَّى لَوْ جَنَى عَلَى عَبْدٍ غَيْرِهِ جِنَايَةً لَيْسَ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ، فَنَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ عَشْرَةً، ثُمَّ جَنَى آخَرُ جِنَايَةً لَا أَرْشَ لَهَا، فَنَقَصَتْ عَشْرَةً أَيْضًا، وَمَاتَ الْعَبْدُ
مِنْهُمَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ، وَعَلَى الثَّانِي خَمْسُونَ يُدْفَعُ مِنْهَا خَمْسَةٌ إِلَى الْأَوَّلِ. قَالَ: فَلَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ عَبْدٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ، ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ يَدَهُ الْأُخْرَى، لَزِمَ الْأَوَّلَ نِصْفُ أَرْشِ الْيَدِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَنِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ جِنَايَتِهِ وَهُوَ خَمْسُونَ، وَلَزِمَ الثَّانِي نِصْفُ أَرْشِ الْيَدِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَنِصْفُ الْقِيمَةِ يَوْمَ جِنَايَتِهِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ، فَالْجُمْلَةُ مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ جَمِيعُهَا لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الَّتِي لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ وَاجِبُهَا عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ، كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ فَقَتَلَهُ آخَرُ.
هَذَا بَيَانُ الْمُقَدِّمَةِ. وَنَعُودُ إِلَى مَسْأَلَةِ الصَّيْدِ فَنَقُولُ: إِذَا جَرَحَ الثَّانِي جِرَاحَةً غَيْرَ مُذَفَّفَةٍ، وَمَاتَ الصَّيْدُ بِالْجُرْحَيْنِ، نُظِرَ، إِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ الْأَوَّلُ مِنْ ذَبْحِهِ، لَزِمَ الثَّانِي تَمَامُ قِيمَتِهِ مُزْمِنًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَيْتَةً بِفِعْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَرَحَ شَاةَ نَفْسِهِ، وَجَرَحَهَا آخَرُ وَمَاتَتْ، فَإِنْهُ لَا يَجِبُ عَلَى الثَّانِي إِلَّا نِصْفُ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْجُرْحَيْنِ هُنَاكَ حَرَامٌ، وَالْهَلَاكُ حَصَلَ بِهِمَا، وَهُنَا فِعْلُ الْأَوَّلِ اكْتِسَابٌ وَذَكَاةٌ. ثُمَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنْ يُقَالَ: إِذَا كَانَ الصَّيْدُ يُسَاوِي عَشْرَةً غَيْرَ مُزْمِنٍ، وَتِسْعَةً مُزْمِنًا، لَزِمَ الثَّانِي تِسْعَةٌ. وَاسْتَدْرَكَ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» فَقَالَ: فِعْلُ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِفْسَادًا، فَيُؤَثِّرُ فِي الذَّبْحِ وَحُصُولِ الزَّهُوقِ قَطْعًا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فَيُقَالُ: إِذَا كَانَ غَيْرَ مُزْمِنٍ يُسَاوِي عَشْرَةً، وَمُزْمِنًا تِسْعَةً، وَمَذْبُوحًا ثَمَانِيَةً، لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ، فَإِنَّ الدِّرْهَمَ أَثَّرَ فِي فَوَاتِهِ الْفِعْلَانِ، فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا. قَالَ الْإِمَامُ: وَلِلنَّظَرِ فِي هَذَا مَجَالٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْمُفْسِدُ يَقْطَعُ أَثَرَ فِعْلَيِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَالْأَصَحُّ: مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» . وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهِ فَذَبَحَهُ، لَزِمَ الثَّانِي أَرْشُ جِرَاحَتِهِ إِنْ نَقَصَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَذْبَحْهُ وَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا شَيْءَ عَلَى الثَّانِي سِوَى أَرْشُ النَّقْصِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الذَّبْحِ. وَأَصَحُّهُمَا: يَضْمَنُ زِيَادَةً عَلَى الْأَرْشِ، وَلَا يَكُونُ تَرْكُهُ الذَّبْحَ مُسْقِطًا لِلضَّمَانِ، كَمَا لَوْ جَرَحَ رَجُلٌ شَاتَهُ فَلَمْ يَذْبَحْهَا مَعَ التَّمَكُّنِ، لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ. فَعَلَى هَذَا فِيمَا يَضْمَنُ وَجْهَانِ، قَالَ الِاصْطَخْرِيُّ: كَمَالُ قِيمَتِهِ مُزْمِنًا، كَمَا لَوْ ذَفَّفَ، بِخِلَافِ مَا إِذَا جَرَحَ
عَبَدَهُ أَوْ شَاتَهُ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْفِعْلِ هُنَاكَ إِفْسَادٌ، وَالتَّحْرِيمُ حَصَلَ بِهِمَا، وَهُنَا الْأَوَّلُ إِصْلَاحٌ. وَالْأَصَحُّ وَقَوْلُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ: لَا يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ، بَلْ هُوَ كَمَنْ جَرَحَ عَبَدَهُ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ بِهِمَا، وَكِلَاهُمَا إِفْسَادٌ. أَمَّا الثَّانِي فَظَاهِرٌ. وَأَمَّا الْأَوَّلُ، فَلِأَنَّ تَرْكَ الذَّبْحِ مَعَ التَّمَكُّنِ، يَجْعَلُ الْجُرْحَ وَسَرَايَتَهُ إِفْسَادًا. وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يُوجَدِ الْجُرْحُ الثَّانِي فَتُرِكَ الذَّبْحُ، كَانَ الصَّيْدُ مَيْتَةً. فَعَلَى هَذَا تَجِيءُ الْأَوْجُهُ فِي كَيْفِيَّةِ التَّوْزِيعِ عَلَى الْجُرْحَيْنِ، فَحِصَّةُ الْأَوَّلِ تَسْقُطُ، وَحِصَّةُ الثَّانِي تَجِبُ.
الْحَالُ الثَّانِي: إِذَا وَقَعَ الْجُرْحَانِ مَعًا، نَظَرَ إِنْ تَسَاوِيَا فِي سَبَبِ الْمِلْكِ، فَالصَّيْدُ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مُذَفَّفًا، أَوْ مُزْمِنًا لَوِ انْفَرَدَ، أَوْ أَحَدُهُمَا مُزْمِنًا، وَالْآخَرُ مُذَفَّفًا، وَسَوَاءً تَفَاوَتَ الْجُرْحَانِ صَغِيرًا وَكَبِيرًا، أَوْ تَسَاوَيَا، أَوْ كَانَا فِي الْمَذْبَحِ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ أَحَدُهُمَا فِيهِ وَالْآخَرُ فِي غَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُذَفَّفًا، أَوْ مُزْمِنًا لَوِ انْفَرَدَ وَالْآخَرُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ، فَالصَّيْدُ لِمَنْ ذَفَّفَ أَوْ أَزْمَنَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرَحْ مِلْكَ الْغَيْرِ. وَلَوِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْإِزْمَانُ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا، فَالصَّيْدُ بَيْنَهُمَا فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَحِلَّ كُلُّ وَاحِدٍ الْآخَرَ تَوَرُّعًا. وَلَوْ عَلِمْنَا أَنَّ أَحَدَهُمَا مُذَفَّفٌ، وَشَكَكْنَا هَلْ لِلْآخَرِ أَثَرٌ فِي الْإِزْمَانِ وَالتَّذْفِيفِ أَمْ لَا؟ قَالَ الْقَفَّالُ: هُوَ بَيْنَهُمَا. فَقِيلَ لَهُ: لَوْ جَرَحَ رَجُلًا جِرَاحَةً مُذَفَّفَةً، وَجَرَحَهُ آخَرُ جِرَاحَةً لَا نَدْرِي أَهِيَ مُذَفَّفَةٌ أَمْ لَا؟ فَمَاتَ، فَقَالَ: يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا. قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا بَعِيدٌ، وَالْوَجْهُ تَخْصِيصُ الْقِصَاصِ بِصَاحِبِ الْمُذَفَّفَةِ. وَفِي الصَّيْدِ، يُسَلِّمُ نِصْفَهُ لِمَنْ جَرَحَهُ مُذَفَّفًا، وَيُوقِفُ نِصْفَهُ بَيْنَهُمَا إِلَى التَّصَالُحِ أَوْ تَبَيُّنِ الْحَالِ. فَإِنْ لَمْ يُتَوَقَّعْ بَيَانٌ، جَعَلَ النِّصْفَ الْآخَرَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
الْحَالُ الثَّالِثُ: إِذَا تَرَتَّبَ الْجُرْحَانِ، وَأَحَدُهُمَا مُزْمِنٌ لَوِ انْفَرَدَ، وَالْآخَرُ مُذَفَّفٌ وَارِدٌ عَلَى الْمَذْبَحِ، وَلَمْ يَعْرِفِ السَّابِقَ، فَالصَّيْدُ حَلَالٌ. فَإِنِ اخْتَلَفَا وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ جَرَحَهُ أَوَّلًا وَأَزْمَنَهُ، وَأَنَّهُ لَهُ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ تَحْلِيفُ الْآخَرِ. فَإِنْ حَلَفَا،
فَالصَّيْدُ بَيْنَهُمَا، وَلَا شَيْءَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، فَالصَّيْدُ لَهُ، وَلَهُ عَلَى النَّاكِلِ أَرْشُ مَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ. وَلَوْ تَرَتَّبَا، وَأَحَدُهُمَا مُزْمِنٌ، وَالْآخَرُ مُذَفَّفٌ فِي غَيْرِ الْمَذْبَحِ، وَلَمْ يُعْرَفِ السَّابِقُ، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّ الصَّيْدَ حَرَامٌ، لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ الْإِزْمَانِ، فَلَا يَحِلُّ بَعْدَهُ إِلَّا بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِّيءِ. وَقِيلَ: فِيهِ قَوْلَانِ، كَمَسْأَلَةِ الْإِنْمَاءِ السَّابِقَةِ. وَوَجْهُ الشَّبَهِ: اجْتِمَاعُ الْمُبِيحِ وَالْمُحَرِّمِ. وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُقَدَّمُ هُنَاكَ جُرْحٌ يُحَالُ عَلَيْهِ. فَإِنِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ أَزْمَنَهُ أَوَّلًا، وَأَنَّ الْآخَرَ أَفْسَدَهُ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ تَحْلِيفُ الْآخَرِ. فَإِنْ حَلِفَا فَذَاكَ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا، لَزِمَ النَّاكِلَ قِيمَتُهُ مُزْمِنًا. وَلَوْ قَالَ الْجَارِحُ أَوَّلًا: أَزْمَنْتُهُ أَنَا، ثُمَّ أَفْسَدْتَهُ بِقَتْلِكَ، فَعَلَيْكَ الْقِيمَةُ. وَقَالَ الثَّانِي: لَمْ تُزْمِنْهُ، بَلْ كَانَ عَلَى امْتِنَاعِهِ إِلَى أَنْ رَمْيَتُهُ فَأَزْمَنْتُهُ أَوْ ذَفَّفْتُهُ. فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى عَيْنِ جِرَاحَةِ الْأَوَّلِ، وَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يَبْقَى امْتِنَاعٌ مَعَهَا، كَكَسْرِ جَنَاحِهِ، وَكَسْرِ رِجْلِ الْمُمْتَنِعِ بَعَدْوِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَوَّلِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا، فَقَوْلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الِامْتِنَاعِ. فَإِنْ حَلَفَ، فَالصَّيْدُ لَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَ الْأَوَّلُ، وَاسْتَحَقَّ قِيمَتَهُ مَجْرُوحًا بِالْجِرَاحَةِ الْأُوْلَى، وَلَا يَحِلُّ الصَّيْدُ؛ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ بِزَعْمِهِ. وَهَلْ لِلثَّانِي أَكْلُهُ؟ وَجْهَانِ: قَالَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ: لَا؛ لِأَنَّ إِلْزَامَهُ الْقِيمَةَ حُكْمٌ بِأَنَّهُ مَيْتَةٌ. وَقِيلَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ فِي خُصُومَةِ الْآدَمِيِّ لَا تُغَيِّرُ الْحُكْمَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَلَوْ عَلِمْنَا أَنَّ الْجِرَاحَةَ الْمُذَفَّفَةَ سَابِقَةٌ عَلَى الَّتِي لَوِ انْفَرَدَتْ لَكَانَتْ مُزْمِنَةً، فَالصَّيْدُ حَلَالٌ. فَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ: أَنَا ذَفَّفْتُهُ، فَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ. فَإِنْ حَلَفَا، كَانَ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا، فَالصَّيْدُ لَهُ، وَعَلَى الْآخَرِ ضَمَانُ مَا نَقَصَ.
فَرْعٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي «الْمُخْتَصَرِ» : لَوْ رَمَاهُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي، وَلَمْ
يَدْرِ أَجَعَلَهُ الْأَوَّلُ مُمْتَنِعًا أَمْ لَا، جَعَلْنَاهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ فَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يُحَرَّمَ هَذَا الصَّيْدُ؛ لِاجْتِمَاعِ مَا يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ وَالتَّحْرِيمَ. وَبِتَقْدِيرِ الْحِلِّ، يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا، بَلْ لِمَنْ أَثْبَتَهُ. وَاخْتُلِفَ فِي الْجَوَابِ، فَقِيلَ: النَّصُّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا أَصَابَ الْمَذْبَحَ، فَيَحِلُّ، سَوَاءً أَصَابَهُ الْأَوَّلُ أَوِ الثَّانِي، أَوْ عَلَى مَا إِذَا رَمَيَاهُ وَلَمْ يَمُتْ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ أَحَدُهُمَا، فَذَكَّاهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِيهِ. وَإِنْمَا كَانَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ فِي أَيْدِيهِمَا. وَقَدْ يُجْعَلُ الشَّيْءُ لِاثْنَيْنِ، وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُهُ فِي الْبَاطِنِ لِأَحَدِهِمَا، كَمَنْ مَاتَ عَنِ ابْنَيْنِ، مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ. وَحَمَلَ أَبُو إِسْحَاقَ النَّصَّ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ: إِذَا رَمَيَاهُ مَاتَ، وَلَمْ يَدْرِ أَثَبَتَهُ الْأَوَّلُ، أَمِ الثَّانِي، كَانَ الْأَصْلُ بَقَاءَهُ عَلَى امْتِنَاعِهِ إِلَى أَنْ عَقَرَهُ الثَّانِي، فَيَكُونُ عَقْرُهُ ذَكَاةً، وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ الْإِثْبَاتِ مِنْ كِلَيْهِمَا وَلَا مِزْيَةَ. وَقِيلَ: فِي حِلِّهِ قَوْلَانِ كَمَسْأَلَةِ الْإِنْمَاءِ.
الْحَالُ الرَّابِعُ: إِذَا تَرَتَّبَ الْجُرْحَانِ وَحَصَلَ الْإِزْمَانُ بِمَجْمُوعِهِمَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ لَوِ انْفَرَدَ لَمْ يُزْمِنْ، فَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: أَنَّ الصَّيْدَ لِلثَّانِي. وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا، وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، فَإِنْ قُلْنَا: إِنْهُ لِلثَّانِي، أَوْ كَانَ الْجُرْحُ الثَّانِي مُزْمِنًا لَوِ انْفَرَدَ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ بِسَبَبِ جُرْحِهِ. فَلَوْ عَادَ بَعْدَ إِزْمَانِ الثَّانِي، وَجَرْحَهُ جِرَاحَةً أُخْرَى، نَظَرَ، إِنْ أَصَابَ الْمَذْبَحَ، فَهُوَ حَلَالٌ، وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ بِالذَّبْحِ، وَإِلَّا حُرِّمَ، وَعَلَيْهِ إِنْ ذَفَّفَ، قِيمَتُهُ مَجْرُوحًا بِجِرَاحَتِهِ الْأُولَى، وَجِرَاحَةِ الثَّانِي، وَكَذَا إِنْ لَمْ يُذَفِّفْ وَلَمْ يَتَمَكَّنِ الثَّانِي مِنْ ذَبْحِهِ، فَإِنْ تَمَكَّنَ وَتَرَكَ الذَّبْحَ، عَادَ الْخِلَافُ السَّابِقُ، فَعَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لَيْسَ عَلَى الْأَوَّلِ إِلَّا أَرْشُ الْجِرَاحَةِ الثَّانِيَةِ، لِتَقْصِيرِ الْمَالِكِ، وَعَلَى أَصَحِّهِمَا: لَا يُقْصَرُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ. وَعَلَى هَذَا، فَفِي وَجْهٍ: عَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ. وَخَرَّجَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ جَرَحَ عَبْدًا مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ فَجَرَحَهُ سَيِّدُهُ، ثُمَّ عَادَ الْأَوَّلُ وَجَرَحَهُ ثَانِيَةً وَمَاتَ مِنْهُمَا وَفِيمَا يَلْزَمُهُ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: ثُلُثُ الْقِيمَةِ. وَالثَّانِي: رَبُعُهَا، قَالَهُ الْقَفَّالُ. فَعَلَى هَذَا، يَجِبُ هُنَا رُبْعُ الْقِيمَةِ. وَعَنْ