الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" أو " الواو عاطفة ومقامها التقديم وأُخرت، لأن الاستفهام له الصدارة، والاستفهام هنا إنكاري بمعنى إنكار الواقع، وإنكار الواقع توبيخ، أي: أيقول ذلك، ولا يذكر أنه خلق ولم يكُ شيئا، فهو توبيخ على هذا النسيان الذي ينسى أصله، وكيف تكوَّن، ولا ينسيه إلا الشيطان، وأظهر الإنسان، وكان مساق القول ألا يظهر، وذلك لانصباب التوبيخ عليه، ولتأكيد النسيان الذي هو طبيعة في الحياة الإنسانية، إذ هي تنسى ما يغيب عنها ولا تذكر، ولقد قال اللَّه تعالى في مساق التوبيخ:(أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا)، أي لَا وجود له، ولا شك أن الخلق من غير صورة وابتداء الإنشاء من طين وتصويره نطفة فعلقة فمضغة مخلقة وغير مخلقة. . أصعب من إعادته مصورا يمر على هذه الأدوار التكوينية، بل كان بمجرد قوله كن فيكون، وبمجرد النفخ في الصور، وقد قال تعالى:(. . . كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) وإن جمع الأجزاء المتناثرة أقل صعوبة من إنشائها وإبداعها، قال تعالى:(قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ. . .).
ولقد أكد اللَّه البعث بالقسم برب الوجود مضافا إلى سيد الوجود، فقال:
(فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا
(68)
أقسم بذاته العلية الكريمة مضافا إلى نبيه، بيانا لإعزازه وإعلانه وتكريمه، وكان القسم بالذات العلية بعنوان الربوبية الكالئة الحامية المتصلة بالإنسان، وبأكرم إنسان وهو محمد صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك إشارة إلى أن البعث من الربوبية، فهو كما أنشأكم وكلأكم ورباكم يبعثكم، فهو لم يخلقكم عبثا، و " الفاء " هنا للتعقيب على التوبيخ بتأكيد الأمر الذي قرره وقدره وأنكروه بل استنكروه، و " اللام " في قوله تعالى:(لَنَحْشُرَنَّهُمْ) لام القسم الواقعة في جوابه، ولذا أكد بنون التوكيد الثقيلة، و " الواو " واو المعية في قوله تعالى:(وَالشَّيَاطِينَ)، أي أنهم يحشرون معهم، وهم الذين أضلوهم، وجعلوهم بالأوهام التي بُثَّت فيهم يعبدون الأوثان.