الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله (لَهُ)" اللام " معناها لأجله وتكريما له، وعناية به واستجابة لدعائه، وكان زكريا ويحيى خيرا خالصا، وكذلك الأنبياء السابقون جميعا، ولذا قال تعالى في أوصافهم:(إِنَّهُم كانُوا يُسَارِعُونُ فِي الْخَيْرَاتِ) أن يتسارعون إلى الخيرات، كأنهم يتسابقون، وكانت التعدية بـ (فِي) للإشارة إلى أنهم يسارعون يسابق بعضهم بعضا في دائرة الخيرات لَا يخرجون عنها، فالخيرات أحاطت بهم إحاطة الدائرة، و (الْخَيْرَاتِ) الأعمال النافعة التي قصد بها وجه الله والعبادة الخالصة له سبحانه، (وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا)، الرغب معناه السعة، والمعنى يدعون ربهم في حال السعة والرخاء، والرهب الخوف مع الاضطراب والانزعاج، والمعنى يدعونه سبحانه وتعالى في حال رخائهم، وحال شدتهم وانزعاجهم، فهم يدعونه في كل الأحوال، لا كأولئك المشركين الذين يدعون الله في الشدة، فإذا ذهبت إذا هم يشركون، (وَكانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) أي خاضعين خائفين راجين الرحمة.
* * *
أفرد سبحانه قصص مريم وابنها فقال:
(وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ
(91)
عطف على ما سبق من النبيين، وهي مريم البتول التي اصطفاها ربها على نساء العالمين حتى قيل إنها نبي أُوحي إليها، وذكر الله تعالى أجل وصف للمرأة وأكمله، فقال:(أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا)، أي صانته وحفظته، وكانت هذه الصيانة ليكون فيه الوديعة التي أودعها الله تعالى فقال:(فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا) أي بسبب إحصانها لفرجها، وأنها طاهرة مطهرة اختارها الله تعالى ليودعها عيسى عبده ورسوله، و (رُوحِنَا) هو جبريل عليه السلام، فهو الذي نفخ فيها ولم ينفخ بظاهر الآية في فرجها، بل نفخ كما قال المفسرون:" فى بعض ثيابها "، وقد قال تعالى في
تصوير النفخ فقد قال الله تعالى: (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21).
هذا هو نفخ الله تعالى من روحه جبريل الروح القدس الأمين، وقال تعالى:(وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ) أي آية دالة على كمال قدرته، وأنه الفاعل المختار لا تقيده الأسباب والمسببات، بل هو فاعل مختار، فكانت أمه آية في خرق الأسباب، إذ حملت من غير بَعْلٍ، وكان ابنها آية إذ خلقه الله تعالى من غير أب كما خلق آدم من غير أب ولا أم.
* * *
تفرق الناس حول الرسالة الإلهية وهي واحدة
(إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93) فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ (94) وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95)
* * *
ذكر الله سبحانه وتعالى طائفة من الرسل الذين دعوا إلى الوحدانية، وإن إجابة الناس كانت واحد -، منهم مؤمنون وهم قليل، ومنهم كفروا وعاندوا وهم