الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبادته وحده، فلا يعبدون معه غيره، ولو كان الله الرحمن الرحيم، متأثرين في ذلك بقول السامري لهم: إن هذا إلهكم وإله موسى.
وقد ذكروا النهاية التي إليها ينتهي ضلالهم: (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا موسَى).
هكذا كان هارون موحدا غير ممالئ، وما كان لنبي أن يعتنق غير التوحيد، ولا أن يمالئ المشركين، ولكنها التوراة التي في أيدي اليهود جميعا لعنهم الله تقرر أنه مالأهم وعبده كما عبدوه، وتلك فرية على نبي الله تليق بقوم مفترين، ولا تليق بكتاب منسوب لله تعالى، ولكن النصارى واليهود يؤمنون بذلك.
جاء موسى غضبان أسفا، ووجه اللوم ابتداء إلى أخيه يحسب أنه قصر في التوجيه والإرشاد، وما قصَّر، وكان كما يظهر من قوله أنه كان يرى أن يتبعه إلى المكان الذي ذهب إليه، ورأى هارون أن يبقى معهم، ويكرر إرشادهم، ويرقب حالهم:
(قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا
(92)
أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) خاطب موسى ردءه وأخاه هارون بتعاطف، فناداه باسمه نداء الأخوة المحبة الأليفة، (مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا) لهذا الضلال المأفون الأحمق، و " إذ " للظرف الماضي أي: ما منعك وقت ضلالهم
(أَلَّا تَتَبِعَنِ)، قالوا:" لا " زائدة، ونحن لَا نرى في القرآن حرفا زائدًا، فهو كلام الله تعالى المنزه عن الزيادة، بل كل كلمة في موضعها، ونقول: إن المنع بمعنى الحماية، ومنه مكان منيع وحصن منيع. وفلان ذا منعة، أي حماية.
وبتخريج النص السامي على هذا المعنى يكون كلام موسى لأخيه: ما منعك ألا تتبعني، ما الذي جعلك ذا منعة وحماية على ألا تتبعني، ويكون المعنى العام للنص ما النصير لك جعلك منيعا على ألا تتبعني، كأنه يقول له: إنك معاوني وناصري، فلماذا لَا تتبعني؛ أصرت ذا قوة تحميك وتمنعك، وتجعلك منفصلا عني، وأنت لي ردء ومعاون غير ممانع، ولذا أردف هذا بقوله:(أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي)" الفاء " لترتيب ما بعدها على ما قبلها، أي فباعتمادك وحمايتك من غيري عصيت أمري، وقد قال الأصفهاني في مفرداته: ويقال المنع في الحماية، ومنه مكان منيع، وفلان