الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعقلا لأنها تعبد ممن هو خير منها خلقا وتكوينا، وكان التأفف أيضا ممن يعبدونها؛ لأنهم حطوا عقولهم عن مستوى التفكير، بل عن مستوى الإنسانية المدركة التي تقدر الأشياء وتعرف النافع والضار؛ ولذا قال عنه عز من قائل:
(أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ
(67)
(أُفٍّ) جاء في مفردات الراغب: " أصل الأف كل مستقذر من وسخ وقلامة ظفر، وما يجري مجراهما، ويقال لكل مستخف استقذارا له "، فمعنى (أُفٍّ لكُمْ) استقذار لكم ولما تعبدون والاستقذار هنا معنوي، لقول الله:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا. . .)، وكذا الأمر في أحجارهم فهي مستقذرة يتأفف منها كما تأفف من عابديها، وختم سبحانه وتعالى الآية بقوله تعالى:(أَفَلا تَعْقِلُونَ) الاستفهام هنا لإنكار الوقوع أي بمعنى النفي مع التوبيخ وتحريض على التفكير والتعقل، وألا يطرحوا عقولهم وراء ظهورهم.
وإن المعرض عن الحق كلما جاء الدليل أعرض ونأى بجانبه ويزداد لجاجة في باطله، هذا إبراهيم الخليل عليه السلام قد حطم أصنامهم، ورأوها جذاذا حطاما، وتبين أن هؤلاء لَا ينطقون، وكان حقا عليهم أن يذعنوا للحق إذ جاءهم، ولكنهم لجوا في الفتنة والضلال وعتوا عتوا كبيرا، وأرادوا إحراق الناطق بالحق.
(قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ
(68)
أخذوا الأمر أمر ممانعة ومغالبة، وهو وحده والله معه، والحق بحججه يصرخ به في أوساطه لَا يباليهم؛ لأنه يبالي الله وحده، ولا يبالي أحدا سواه، وهم بتماثيلهم وعددهم وقوتهم المادية الغاشمة وملكهم الغاشم، فلما حطم إبراهيم - بتأييد الله تعالى ومعونته - أصنامهم حسبوا بقانون المغالبة أنه غلب أصنامهم، فلابد أن ينتصروا لها، ولابد أن ينصروها كأنها شيء يحس ويغالب ويغلب، وكذلك سولت لهم أنفسهم، وكذلك يدخل الضلال العقول، ويذهب برشدها.
(قَالُوا حَرِّفوهُ) التحريق المبالغة في الإحراق وإكثار حطبه، وقد جعلوا ذلك