الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد جاء النص من بعد ذلك:
(وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى
(75)
الضمير في (يَأْتِهِ) يعود إلى ربه، ويتضمن معنى الإقرار بالربوبية، والخلق وإنشاء الإنسان، وفي ذلك رد فرعون واستهانة به، وهو الذي كان يقول أنا ربكم الأعلى. و (مُؤْمِنًا) أي مذعنا خاضعا للحق مستقيم النفس والعمل، ولذا قال من بعد (قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ)، والصالحات الأعمال الصالحة التي تنشر العدل والحق وتقيم النفع وتدفع الفساد في الأرض، وتحفظ للإنسان كرامته، وتدفع عنه المهانة وتسوي بينه وبين الناس، وقد ذكر سبحانه وتعالى جزاءهم فقال:(فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى)" الفاء " في جواب الشرط، والإشارة إلى هؤلاء متصفين بالإيمان والصلاح، والقصد إلى الأعمال الصالحة النافعة غير المفسدة، (لَهُمُ الدَّرَجَاتُ)، وهي الارتقاء في السمو والارتفاع، و (الْعُلَى) جمع " عُلْيَا " وهي مؤنث " أعلى "، أي الدرجات المرتفعة التي ما فوقها ارتفاع، فلا يرفع المؤمنين أن يرضى عنهم فرعون، وهو بشر دونهم؛ لأنهم أطهار وهو مجرم آثم ظالم غشيه الشر وأرداه، فلعنه الله ومن يتشبه به وإن كانوا دونه قوة واقتدارا، ولكنها الغطرسة الحمقاء.
وقد بين سبحانه هذه الدرجات العُلى، فقال سبحانه:
(جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى
(76)
(جَنَّاتُ عَدْنٍ) أي إقامة، وهي إقامة مريحة (فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16)، وفي ذلك تبكيت لفرعون بأنهم ينالون بعملهم الصالح خيرا مما فيه، وإذا كان يقول معتزا بغير الله تعالى:(. . . أَلَيْسَ لِي مُلْك مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَار تَجْرِي مِن تحْتِي. . .)، فأولئك البررة الأتقياء تجري من تحتهم الأنهار في جنات عدن، وإن هذه الجنات يخلدون فيها ويستمرون، وفيها النعم غير مقطوعة ولا ممنوعة (وَذَلِكَ جَزَاءُ مَن تَزَكَّى)، الإشارة إلى هذا النعيم المقيم جزاء من تطهر من الظلم والمعاصي، ولم يَسِرْ وراء الأوهام الفاسدة.