المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والوصف الثاني أنه عربي فلا يعد قرآنا ما ليس بعربي، - زهرة التفاسير - جـ ٩

[محمد أبو زهرة]

فهرس الكتاب

- ‌(سُورَةُ الْكَهْفِ)

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌(4)

- ‌(5)

- ‌(6)

- ‌(7)

- ‌(8)

- ‌(10)

- ‌(13)

- ‌(14)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(18)

- ‌(19)

- ‌(20)

- ‌(21)

- ‌(22)

- ‌(23)

- ‌(24)

- ‌(26)

- ‌(27)

- ‌(29)

- ‌(31)

- ‌(34)

- ‌(35)

- ‌(36)

- ‌(37)

- ‌(38)

- ‌(42)

- ‌(43)

- ‌(44)

- ‌(45)

- ‌(46)

- ‌(47)

- ‌(48)

- ‌(49)

- ‌(50)

- ‌(51)

- ‌(52)

- ‌(53)

- ‌(54)

- ‌(55)

- ‌(56)

- ‌(57)

- ‌(58)

- ‌(59)

- ‌(60)

- ‌(61)

- ‌(62)

- ‌(63)

- ‌(64)

- ‌(66)

- ‌(67)

- ‌(69)

- ‌(70)

- ‌(71)

- ‌(72)

- ‌(73)

- ‌(74)

- ‌(76)

- ‌(77)

- ‌(78)

- ‌(79)

- ‌(80)

- ‌(81)

- ‌(82)

- ‌(83)

- ‌(84)

- ‌(85)

- ‌(86)

- ‌(88)

- ‌(89)

- ‌(91)

- ‌(92)

- ‌(93)

- ‌(95)

- ‌(96)

- ‌(97)

- ‌(98)

- ‌(101)

- ‌(102)

- ‌(103)

- ‌(104)

- ‌(105)

- ‌(106)

- ‌(108)

- ‌(109)

- ‌(110)

- ‌(سُورَةُ مَرْيَمَ)

- ‌(2)

- ‌(4)

- ‌(5)

- ‌(6)

- ‌(7)

- ‌(8)

- ‌(9)

- ‌(10)

- ‌(11)

- ‌(12)

- ‌(13)

- ‌(14)

- ‌(15)

- ‌(16)

- ‌(17)

- ‌(18)

- ‌(19)

- ‌(20)

- ‌(21)

- ‌(22)

- ‌(23)

- ‌(25)

- ‌(26)

- ‌(27)

- ‌(28)

- ‌(29)

- ‌(31)

- ‌(32)

- ‌(33)

- ‌(34)

- ‌(35)

- ‌(36)

- ‌(37)

- ‌(38)

- ‌(39)

- ‌(40)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(44)

- ‌(46)

- ‌(47)

- ‌(48)

- ‌(49)

- ‌(50)

- ‌(52)

- ‌(53)

- ‌(55)

- ‌(56)

- ‌(57)

- ‌(58)

- ‌(59)

- ‌(60)

- ‌(61)

- ‌(62)

- ‌(63)

- ‌(64)

- ‌(65)

- ‌(66)

- ‌(67)

- ‌(68)

- ‌(69)

- ‌(70)

- ‌(71)

- ‌(73)

- ‌(74)

- ‌(75)

- ‌(76)

- ‌(77)

- ‌(78)

- ‌(79)

- ‌(80)

- ‌(81)

- ‌(82)

- ‌(84)

- ‌(85)

- ‌(86)

- ‌(88)

- ‌(89)

- ‌(90)

- ‌(92)

- ‌(93)

- ‌(94)

- ‌(95)

- ‌(96)

- ‌(97)

- ‌(98)

- ‌(سُورَةُ طه)

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌(4)

- ‌(5)

- ‌(6)

- ‌(7)

- ‌(8)

- ‌(10)

- ‌(11)

- ‌(12)

- ‌(13)

- ‌(14)

- ‌(15)

- ‌(16)

- ‌(19)

- ‌(20)

- ‌(21)

- ‌(22)

- ‌(23)

- ‌(24)

- ‌(26)

- ‌(27)

- ‌(28)

- ‌(29)

- ‌(35)

- ‌(36)

- ‌(38)

- ‌(39)

- ‌(40)

- ‌(41)

- ‌(42)

- ‌(44)

- ‌(45)

- ‌(46)

- ‌(47)

- ‌(48)

- ‌(49)

- ‌(50)

- ‌(51)

- ‌(52)

- ‌(53)

- ‌(54)

- ‌(56)

- ‌(57)

- ‌(58)

- ‌(59)

- ‌(60)

- ‌(61)

- ‌(62)

- ‌(63)

- ‌(64)

- ‌(66)

- ‌(67)

- ‌(68)

- ‌(69)

- ‌(70)

- ‌(72)

- ‌(73)

- ‌(74)

- ‌(75)

- ‌(76)

- ‌(78)

- ‌(79)

- ‌(80)

- ‌(81)

- ‌(82)

- ‌(83)

- ‌(84)

- ‌(85)

- ‌(86)

- ‌(87)

- ‌(88)

- ‌(89)

- ‌(91)

- ‌(92)

- ‌(94)

- ‌(96)

- ‌(97)

- ‌(99)

- ‌(100)

- ‌(101)

- ‌(102)

- ‌(103)

- ‌(104)

- ‌(106)

- ‌(108)

- ‌(109)

- ‌(110)

- ‌(111)

- ‌(113)

- ‌(114)

- ‌(116)

- ‌(117)

- ‌(118)

- ‌(120)

- ‌(122)

- ‌(123)

- ‌(125)

- ‌(126)

- ‌(127)

- ‌(129)

- ‌(131)

- ‌(132)

- ‌(133)

- ‌(134)

- ‌(135)

- ‌(سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ)

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌(4)

- ‌(5)

- ‌(6)

- ‌(7)

- ‌(8)

- ‌(9)

- ‌(10)

- ‌(11)

- ‌(13)

- ‌(15)

- ‌(17)

- ‌(18)

- ‌(19)

- ‌(20)

- ‌(21)

- ‌(22)

- ‌(23)

- ‌(24)

- ‌(26)

- ‌(27)

- ‌(28)

- ‌(29)

- ‌(31)

- ‌(32)

- ‌(33)

- ‌(35)

- ‌(36)

- ‌(37)

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(44)

- ‌(45)

- ‌(46)

- ‌(47)

- ‌(48)

- ‌(49)

- ‌(50)

- ‌(51)

- ‌(52)

- ‌(53)

- ‌(54)

- ‌(55)

- ‌(56)

- ‌(57)

- ‌(58)

- ‌(59)

- ‌(60)

- ‌(61)

- ‌(62)

- ‌(63)

- ‌(64)

- ‌(65)

- ‌(66)

- ‌(67)

- ‌(68)

- ‌(69)

- ‌(70)

- ‌(72)

- ‌(73)

- ‌(75)

- ‌(77)

- ‌(78)

- ‌(79)

- ‌(80)

- ‌(81)

- ‌(82)

- ‌(83)

- ‌(84)

- ‌(85)

- ‌(86)

- ‌(88)

- ‌(90)

- ‌(91)

- ‌(92)

- ‌(93)

- ‌(94)

- ‌(95)

- ‌(97)

- ‌(98)

- ‌(99)

- ‌(100)

- ‌(102)

- ‌(104)

- ‌(106)

- ‌(107)

- ‌(108)

- ‌(109)

- ‌(110)

- ‌(111)

- ‌(سُورَةُ الْحَجِّ)

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌(4)

- ‌(6)

- ‌(7)

- ‌(9)

- ‌(10)

- ‌(11)

- ‌(12)

- ‌(13)

- ‌(14)

- ‌(15)

- ‌(16)

- ‌(17)

- ‌(18)

- ‌(19)

- ‌(20)

- ‌(21)

- ‌(22)

- ‌(24)

- ‌(25)

- ‌(27)

- ‌(28)

- ‌(29)

- ‌(30)

- ‌(31)

- ‌(32)

- ‌(33)

- ‌(34)

- ‌(37)

- ‌(39)

- ‌(40)

- ‌(41)

- ‌(42)

- ‌(44)

- ‌(45)

- ‌(46)

- ‌(47)

- ‌(48)

- ‌(49)

- ‌(50)

- ‌(51)

- ‌(53)

- ‌(54)

- ‌(55)

- ‌(56)

- ‌(57)

- ‌(58)

- ‌(59)

- ‌(61)

- ‌(62)

- ‌(63)

- ‌(64)

- ‌(65)

- ‌(66)

- ‌(67)

- ‌(68)

- ‌(69)

- ‌(70)

- ‌(71)

- ‌(73)

- ‌(74)

- ‌(75)

- ‌(76)

- ‌(77)

- ‌(سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ)

الفصل: والوصف الثاني أنه عربي فلا يعد قرآنا ما ليس بعربي،

والوصف الثاني أنه عربي فلا يعد قرآنا ما ليس بعربي، فترجمة القرآن لَا تعد قرآنا بل إنه لَا يمكن ترجمته قط كما قرر العلماء، وكما هو الحق في ذاته، وإذا كان قد رُوي عن أبي حنيفة أنه أجاز قراءة الفاتحة بالفارسية فذلك على أنها دعاء لَا على أن الترجمة قرآن، ولذا لَا تجب سجدة التلاوة بقراءة الترجمة، ومع ذلك فالرواية الصحيحة أنه رجح ذلك، والله أعلم.

وقال تعالى في شأن القرآن وصفا ثالثا، وهو تصريف الوعيد فيه، من ذكر القصص الذي فيه المثلاث، وما نزل بالعصاة، وفيه ذكر يوم القيامة، وما يكون فيه من عقاب وحساب، وفي ذكر الحق في ذاته، وبيان كماله، وكمال من يتحلى به.

و (الْوَعِيدِ) هو الإنذار، وتصريف الإنذار الإتيان به بأساليب مختلفة، كما أشرنا من بيان هول يوم القيامة، أو قصص الماضين، وفيه عبرة لأولي الأبصار، وهول القيامة، والتنبيه للآيات المختلفة الدالة على قدرة الله العلي.

وقال تعالى: (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكرًا)، أي صرفنا من الوعيد بطرق البيان المختلفة الصادقة ليكونوا في حال من يرجى تقواهم وإذعانهم للحق، وتصديقهم له، ويتقون بذلك عذاب جهنم وإغضاب الله تعالى. وينالون رضوانه وهو أعظم الثواب، أو يحدث هذا التصريف لهم ذكرا يذكرهم بعذاب العاصين، ويكون لهم نذيرا، وقد أسندت التقوى إليهم؛ لأنها أمر نفسي يتجهون إليه بعد قيام الدليل، وأما من لم يتعظ فالقرآن يحدث لهم ذكرا وإنذارا ولقد قال تعالى:

ص: 4794

(فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ‌

(114)

قال تعالى: (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ)، الفاء للإفصاح عن شرط مقدر تقديره: إذا كان قد أنزل القرآن وصرف من الوعيد ليتقي من يتقي ولينذر من لم يتعظ، فإن هذا يدل على علوه وكمال حكمته. (تعالى) معناها بلغ في العلو أعلاه، وقد تعالى في ذاته وصفاته فليس كمثله شيء، وهو منزه عن الحوادث ومتصف بصفات الجلال والكمال، وهو الملك النافذ الأمر في خلقه، والمبدع لهذا الوجود

ص: 4794

الذي لَا سلطان لأحد سواه، وكل سلطان لأحد في الأرض مضطرب ينتهي إلى زوال، ومحاسب عما يفعل، ومجزي على عمله، وتدبيره وفكره العملي، فالله هو الملك الحق الثابت الذي لَا يكون فوقه أحد، وهو العدل الذي يقدر كل شيء حق قدره.

هذا هو الله خالق السماوات والأرض وما بينهما، وهو الذي يملك ميزان هذا الوجود:(إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ).

ولقد ذكر سبحانه نزول القرآن فقال عز من قائل: (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وحْيهُ).

كان النبي صلى الله عليه وسلم يساوق الأمين جبريل في قراءته عندما يوحى إليه بالقرآن فنهاه

الله تعالى عن ذلك، وقال هذا النص السامي له تعليما عند تلقي القرآن الكريم، وقوله تعالى:(مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُه)، أي من قبل أن ينتهي وحيه إليك ويحكم بترتيله وتلاوته، حتى ينقله إلى أمته مرتلا فيتوارثوه مرتلا، وذلك كقوله تعالى: في سورة القيامة: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)، وقرءاته الثانية معناها تلاوته وترتيله، كما قال تعالى:(. . . وَرَتِّلِ الْقُرانَ تَرْتِيلًا)، وكما قال تعالى:(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32).

هذا تعليم من الله تعالى لنبيه في أمر يتعلق بمعجزته الكبرى ليتحقق حفظ الله تعالى كما وعد، (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، وقد نبه سبحانه نبيه إلى ذلك العلم، وأمره بأن يطلب الزيادة في العلم؛ لأن كمال الإنسان في العلم وطلب الزيادة فيه فقال:(وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يطلب الزيادة في العلم بالضراعة إليه سبحانه، وبالسعي في طلبه، قال الزمخشري في هذا المقام: " هذا الأمر متضمن للتواضع لله تعالى، والشكر له عندما علم من ترتيب

ص: 4795

التعليم أي علمتني يا رب الطيفة في بابالتعليم، وأدبا جميلا ما كان عندي فزدني علما إلى علم، فإن لك في كل شيء حكمة وعلما، قيل: ما أمر الله تعالى رسوله بطلب الزيادة في شيء إلا في العلم ".

* * *

نسيان آدم وعزمه

(وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)

* * *

هذا وصف الله للطبيعة الإنسانية أنها تنسى، وأنها إذا لم تذكَّر بشرع من الله يقوي الإرادة برجاء الثواب وخوف العقاب، لَا تكون للإنسان عزيمة، وآدم أبو

ص: 4796

البشرية في هذا الوقت الذي نسب الله تعالى إليه أنه نسي، ولم يجد له عزما، كان وهو على الفطرة الأولى التي لم يكن فيها شرائع مدونة قد جاء بها رسل، ولم يكن قد تسلط عليه إبليس اللعين، وتسلط على ذريته، وكل هذا التسلط منه على ذرية آدم بعد أن هبط من الجنة إلى الأرض.

ص: 4797

(وَلَقَدْ عَهِدْنَا إلَى آدَمَ مِن قَبْلُ)، أي من قبل الشرائع والرسل، أي من قبل أن يقع، والمعنى عهد الله تعالى لآدم قبل أن يوسوس إليه الشيطان، وهذا العهد هو أمر الله وتكليفه، وإن لم يكن في دار تكليف، وكل أمر من الله تعالى هو عهد بين العبد وربه، وذلك العهد هو قوله تعالى:(. . . وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)، ولقد بين الله تعالى أن ذلك عهد مؤكد، وقد أكده سبحانه بـ (اللام)، وبـ (قد)، وبإضافة العهد إليه سبحانه وتعالى، وأنه وثق على آدم أشد توثيق، ولقد ذكر سبحانه وتعالى وصفين لآدم أحدهما إيجابي، والثاني سلبي، أما الأول فهو النسيان فقد قال:(فَنَسِيَ)(الفاء) للعطف.

ونسي منصبة على العهد، أي فنسي العهد، ووقع في المحظور الذي حذره منه، وليس ذلك ما يكون غضاضة على آدم، لأن الله تعالى يصف الطبع الإنساني، وأنه يعرض له النسيان وتعرض له الغفلة، وما يقع في ما ينهى عنه إلا وهو ناسٍ غافل، الأمر الثاني، وهو السلبي ذكره سبحانه وتعالى بقوله:(وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا)، أي عزيمة صادقة تحزم أموره وتقطعها، وعبر سبحانه بهذا القول:(وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) في الأمر الواقع، والله تعالى يعلم به من قبل أن يقع، فقد قدر الله تعالى كل ذلك. وعلم ما وقع قبل وقوعه فكيف يقول:(وَلَمْ نجِدْ لَهُ عَزْمًا) وهو الذي خلقه وصوره وقدره، ونقول: إنه وجده واقعا، وهو يعلم علما أزليا لأنه هو الذي خلق وصور.

وإن إبليس وذريته يجيئون إلى ذرية آدم، من نسيانهم وغفلتهم، ونقص عزيمتهم، كما جاء إبليس اللعين إلى أبي الإنسانية من جهة نسيانه، وأنه لم يكن له عزم مانع، فليحذر الناس بعد أن جاءتهم الشرائع من وسوسة إبليس وذريته.

ص: 4797