الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(نَحْن نَرْزقكَ) وإنما الأمر أمر إصلاحكم، وخلاصكم من أعلاق الأرض، ولهذا قال تعالى:(وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)، أي والأمر الذي يعقب هذا الأمر بالصلاة، والاصطبار عليها هو للتقوى المهذبة للنفوس الواقية لها من شرور إبليس وعداوته، والتقوى صفة المتقين، وإذا كانت العاقبة لهذه الصفة فهي عاقبة لهم بوجود مجتمع طاهر نقي.
أخذ يبين بعد ذلك إنكار المنكرين، وهو أنهم يحسبون أن محمدا لم يأت بآية تدل على صدقه:
(وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى
(133)
الواو واصلة بين هذه الآية، وما كان من المشركين وإسرافهم في أمرهم وكفرهم بربهم، وحسبوا أنه لم تأتهم آية شاهدة على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يأتهم بمثل عصا موسى، ولم يبرئ الأكمه والأبرص، ولم يغرقهم كما أغرق قوم نوح وقوم فرعون.
(وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ)" لَوْلَا " هنا معناها " هلا، الدالة على الحث والتحريض، ويتضمن هذا أنهم ينكرون وجود هذه الآية، وقد رد الله تعالى إنكارهم فقال: (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى) سمى القرآن (بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى)، وهي كتب النبيين السابقين من توراة وإنجيل وزبور، وما جاء به إبراهيم وإسماعيل وغيرهم من النبيين والصديقين، وهذه البينة هي القرآن، وكان بينتها لأنه الكتاب الخالد الباقي الذي يحمل في نفسه دليل حجيته، وهو حجة لنفسه، ولكل النبيين الذين سبقوه؛ لأنه معجزة باقية، وهو المسجل لكل المعجزات السابقة، لأنها كانت أحداثا ستنقضي بوقتها، أما القرآن فهو معجزة باقية تتحدت الأجيال كلها أن يأتوا بمثله فهو معجزة المعجزات، وهو سجلها الخالد الباقي، روي في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: " ما من نبي إلا أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله تعالى إلى وأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة " (1) وليس أتباع عيسى وموسى هم الذين سموا اليهود، وسموا أنفسهم
(1) متفق عليه وقد سبق تخريجه بلفظه.