الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22).
وربما يكون من الممكن أن نقول: إن الضمير يعود إلى العابد والمعبود، فكِلا الفريقين يكفر بالآخر ويكون عليه ضدا، واللَّه أعلم بمراده، ويقول الله تعالى في إغراء الشياطين:
(أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83) فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84)
هذا بيان لتمكين اللَّه الشياطين من الكافرين باستفزازهم وتهييجهم للشر،
(أَلَمْ تَرَ) الاستفهام إنكاري بمعنى النفي، وفيه تنبيه إلى تمكن الشياطين، ونفي النفي إثبات، والاستفهام الذي بمعنى النفي داخل على منفي بـ " لَم "، والمعنى قد أرسلنا الشياطين، أي مكناهم من الكافرين يغوونهم، (تَؤُزُّهُمْ)، أي تستفزهم وتهيجهم إلى الشر تهييجا شديدا، وإن ذلك يزيل عجب النبي صلى الله عليه وسلم من إصرار الكافرين على كفرهم واستهزائهم بالنبي صلى الله عليه وسلم، واجتماعهم على الباطل ورد الحق، فاللَّه سبحانه بين أن ذلك من تسليط الشياطين عليهم تستفزهم، وتهيجهم إلى الشر ليستحقوا نقمة اللَّه كاملة وسخطه عليهم، وأنه سبحانه وتعالى لهم بالمرصاد، لا يزكيهم، وأنه يَعُدُّ عليهم ما يفعلون عَدًّا، وكلما أمعنوا في شرهم كان عليهم العذاب بمقدار إمعانهم، ولذا قال تعالى:
(فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا
(84)
" الفاء " لبيان أن ما قبلها سبب لما بعدها، أي أن اللَّه تعالى أراد لهم ذلك؛ لأنهم اختاروا لأنفسم أن يكونوا عبدة الشيطان فهو يستفزهم دائما، يرتكبون شرا بعد شر حتى يصلوا إلى أقصى الغاية فيه ويبتغوه، وكله محسوب عليهم معدود عدا، (إِنَّمَا) أداة قصر، أي إنما يفعل ذلك ليعد عليهم عدا، وكلما أكثروا كان العذاب على قدر مما يرتكبون. وفهم بعض المفسرين أن عَدَّهُ عَدًّا يدل على القلة، ونحن نقول: إن القلة بالنسبة لِلَّهِ تعالى، لَا أنه قليل في ذاته، ومعنى (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ) لَا تطلبهم في عجل من أمرهم إنهم آتون إليك يوم