الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والدَّرَك: اللحاق، أي لَا تخاف أن يلحقوك، والدرك بالسكون والفتح الإدراك الحسي، وهو الوصول إليك واللحاق بك، ولا تخشى بأسه، فأنت في أمن الله تعالى الذي لَا يُدرك، مَن هو في أمنه و " لا " هنا للنفي لَا للنهي، فالمعنى ليس من شأنك أن تخاف اللحاق بك، ولا تخشى بعد اليوم بطش فرعون وقومه، والجملتان حاليتان، وإن من يكون في أمان الله لَا يخاف أحدا ولا يخشاه، ولقد بين الله تعالى أن فرعون منعهم وحاول اللحاق بهم، ولكنه لقي حتفه في هذا اللحاق، ولذا قال تعالى:
(فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ
(78)
يقال تبع وأتبع بمعنى تبع كما في لحق، وألحق، والمعنى وتبعهم فرعون مصاحبا جنوده وقد أرسل إليهم يدعوهم معه قائلا: إن هؤلاء لشرذمة قليلون، وأنهم لنا لغائظون - اجتمع بكل ما عنده من جند قوي تجبر بهم وعاند، فتبع موسى الذي جمع بني إسرائيل فكان جمع الأقوياء، وراء جمع الضعفاء، ولكن كان الله مع الضعفاء، فرعون وجنده وراء موسى وبني إسرائيل، ويحسب المغرور أن البحر حاجزهم، ولكن رب السماوات والأرض، ورب البحار والأنهار، شق البحر لهم، فضرب موسى البحر بعصاه فانفلق، وكان كل فرق كالطود العظيم، كان البحر الذي يكون الناس فيه كدود على عود اثني عشر فرقا كان لكل جماعة طريقا، وتبع كل أناس إمامهم، فرأى المغرور الطريق بين يديه يبسا كما هو بين أيدي بني إسرائيل، وقد ضل هو وجنده، حتى إذا تم دخولهم انطبق عليهم البحر، وهذا معنى قوله تعالى:(فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيهُمْ) أي غطاهم من البحر ما غطاهم، وهذا من الإيجاز المعجز، وصاروا في البحر، فلما أدركه الغرق قال:(. . . آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ. . .)، والإبهام هنا لتذهب فيه النفس بالخيال كل مذهب، وكل خيال فيه دون الحقيقة لأن جندا بأكمله، كان يتجبر به فرعون ويستعلي ويغتر وقد جمعه كله بإرادته، قد ألقاه فرعون في البحر إلقاء، ولذا قال تعالى من بعد: