الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا
(125)
يسأل ربه لم حشرتني أعمى، عاجزا عن الدفاع، وقد عميت عن الدليل، ولم أعرف وجهه مع أنني كنت في الدنيا أبصر القول ومراميه، وأجادل، - وأخاصم، وأنازل وأقاوم، والآن أنا مستسلم لمن يقودني كالأعمى، ونادى بـ (رَبِّ) معترفا بأنه خالقه وبارئه، وقد كان من قبل يشرك بربه في العبادة، ويضل ضلالا بعيدا.
فيرِد الله تعالى بلسان الملائكة أو بإلهام الله تعالى الحق له:
(كَذَلكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وكَذَلِكَ الْيَوْمَ تنسَى
(126)
كهذا الإيتاء والحشر أعمى لَا تستطيع القيام بحجة في وقت حاجتك إليها - أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا، أي أنه في مقابل نسيانك آيات الله تعالى، وتركك إياها كانت غشية العمى عليك وعجزك عن الحجة، وكذلك الذي تركت به آيات الله تنسى أنت في شخصك وتهمل وتلقى فيما تستحق من عذاب أليم.
وقال تعالى:
(وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى
(127)
ذكر الله تعالى عقوبتين لمن أعرض عن ذكر ربه أي عن الداعي لذكر ربه، أولاهما: المعيشة الضنك، أي الضيقة التي تضيق فيها النفوس وتطوع للمطامع التي لَا تنال، وإن نيلت طلبت غيرها، وقد بين ابن كثير في تفسيره كيف كان الخلو من اليقين يجعل المعيشة ضنكا، قال ابن كثير في معنى الضنك:" أى ضنكا في الدنيا فلا طمأنينة ولا انشراح صدر بل صدره ضيق حرج لضلاله، وإن تنعم ظاهره، ولبس ما شاء وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء فإن قلبه لم يخلص إلى اليقين والهدى فهو في قلق وحيرة وشك فلا يزال في ريبة يتردد، فهذا من ضنك المعيشة ".
هذه هي العقوبة الأولى وقد أشرنا إليها من قبل، أما العقوبة الثانية، فقد أشار سبحانه وتعالى إليها بقوله عز من قائل:(وَنَحْشرهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) وذكرنا أن العجز هو عن الحجة والبرهان، حيث يجب الإدلاء بها، فهو عجز في موضع