الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتكون قاعا صفصفا، ووضح سبحانه وتعالى
(لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا) التعوج. والأمْتُ: التلال الصغيرة، أي تصير الأرض بعد نسف جبالها مستوية لا انخفاض فيها ولا ارتفاع، ويفسر ابن عباس العوج بالميل، والأمت الأثر، وروي عنه أنه قال العوج الوادي والأمت الرابية، وكلها معانٍ متقاربة، وتنتهي جميعها إلى أن الأرض تصير مستوية على نسق واحد، لَا تعرف فيها واديا ولا رابية، ولا جبلا ولا تلا، فكل ما كان من فروق تفرق بين أجزائها تزول وتبقى شيئا واحدا، وذلك تمهيد لزوال كل الفروق الذي تكون بين الأشخاص إلا أن يكون عملا صالحا، فإنه يعلي صاحبه، أو عملا سيئًا فإنه يحطه ويرديه.
ويجب أن ننبه هنا إلى أمر ذكره الزمخشري فإنه قرر أن (العِوَج) بكسر العين يكون في المعنويات أو ما لَا يعرف إلا بالنظر والمقايسات، و " العَوج " بفتح العين ما يكون في الحسيات، ولكنه عبر هنا بما يدل على المعنويات؛ وذلك ليكون النفي شاملا لكل ما يكون علوا، ولو كان العلو لَا يعرف بالنظر المجرد، بل يعرف بالقياس وميزان الماء، فهذا العوج وإن كان في الحسيات لم يعرف بالمقاييس والموازين العقلية.
قال تعالى:
(يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا
(108)
أي يومئذ وقت نسف الجبال وأن تكون الأرض قد استوت، ليس بها بناء، ولا ديار ولا حجر ولا مدر، ولا قيعان ملساء، ولا نبات ولا شجر ولا عوج ولا أمت، في هذا اليوم وفي ذلك الوقت يدعو الداعي فتكون الإجابة من غير اعوجاج كما أن الدعوة لَا اعوجاج فيها، فالضمير في (لَهُ) يعود إلى الداعي، والداعي هو مَلَك وُكلَ إليه أمر دعوة الخلق التي يكون بها البعث ويستجيب لها الجميع من غير تلكؤ مسارعين مستجيبين، ونفي العوج عن الداعي باعتبار أن دعوته مستقيمة لَا استثناء فيه، وعن المدعوين أيضا باعتبار أن استجابتهم مستقيمة، لَا عوج فيها ويستجيبون سائرين في خط مستقيم لَا التواء فيه، فالدعوة حاسمة والاستجابة لا عصيان فيها، (وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ) أي خضعت وبدت فيها الاستكانة والخضوع