الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا
(67)
وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68)
أكد أنه لَا يستطيع صبرا على ما يقع منه؛ لأنه أوتي علم الوقائع في صورها الظاهرة، ونتائجها المعروفة، وأكد أنه لَا يستطيع الصبر، بـ " إنْ "، و " لن "، والآية بعدها:
(وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا).
وقوله: (لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا)، أي في صحبتي صبرا؛ لأنك ستجد غرائب بالنسبة لك، ولا تصبر على أمر لم تحط به خبرا، الإحاطة بالخبر العلم به في واقعه ونتائجه، وأنت ستعلم الواقع. ولا تعلم نتيجة هذا الواقع التي لَا يعلمها إلا اللَّه تعالى وقد علمني بعضه سبحانه، وأحاط بالأمر، أي كان عالما به، كقوله تعالى:(. . . أَحَاطَ بِكل شَيْءٍ عِلْمًا)، وأحاط به خُبْرًا معناه أحاط متصلا به خبرا، بالاختبار والمعاينة، ومؤدى هذا الكلام أنه يقول لموسى عليهما السلام إنك لَا تعلم إلا ما تختبره وتعاينه، ولا تعلم نتائج الأعمال الظاهرة التي يقدرها اللَّه سبحانه وتعالى في علمه المكنون.
وعَدَه موسى عليه السلام بالصبر تعليما لكل ذي حاجة أن يكون في طاعة من يحتاج إليه إذا كان في الخير:
(قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا
(69)
السين لتأكيد ما يقع في المستقبل، وهنا نجد كلام كليم اللَّه موسى اشتمل على ثلاثة أمور: أمران فيهما الطاعة، وأمر فيه التعليق على مشيئة اللَّه:
الأمر الأول - وعده بالصبر، فقال:(سَتَجِدُنِي)، أي إني منفذ ما طلبت، وستجد ما طلبت وهو الصبر قائما، على أنه وصف مستمر، ولذا قال:(سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا).
الأمر الثاني - أنه تأدب بتأدب تعلق على المشيئة، كما أمر اللَّه نبيه محمدا فقال:(وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ) فهذا تأديب اللَّه تعالى لأنبيائه وعباده الصالحين.