الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرآن عن حية موسى التعبيرات الثلاثة، فقال تعالى:(فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مبِين)، وقال تعالى:. . . (فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ. . .)، ويظهر أنها كانت تكون على حسب المقامات، فعندما التقى بسحرة فرعون كانت ثعبانا كبيرا يلقف ما يأفكون، ويظهر أن المفاجأة التي اعترت موسى عليه السلام إنما هي من انقلاب الخشب الجامد إلى حية تسعى، والسعي هو المشي السريع، ومن ذلك السعي بين الصفا والمروة، فكانت المفاجأة من الانقلاب حية، وأنها تسير سيرا سريعا شديدا، ويظهر أنه من فرط المفاجأة ولى مدبرا ولم يعقب، كما قال تعالى في آية أخرى قد تلوناها من قبل، وقد ناداه ربه (. . . يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ. . .)، وهنا قال له تعالى:
(قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى
(21)
ما كان لموسى وهو مضطرب بسبب المفاجأة، لهذا الانقلاب أن يمد يده إليها ليأخذها إلا بعد الاطمئنان، وقرار النفس، ولذا قرن سبحانه وتعالى الأمر بأخذها بالنهي عن الخوف لتقر نفسه وتطمئن، وبين له أن ما أزعجك من الانقلاب زائل، ولذا قال عز من قائل:(سَنُعِيدُهَا سِيرتَهَا الأُولَى)، حيث كنت تستخدمها في التوكؤ عليها والهش على غنمك والمآرب الأخرى التي كنت تنتفع بها، والسيرة اسم هيئة على وزن " فِعْلَة " بكسر الفاء، أي سنعيدها على الهيئة التي كنت تستخدمها فيها قارا مطمئنا، وقد ذكر الزمخشري ثلاثة وجوه " سيرة " أولها أنها ظرف، وثانيها أنها مفعول ثانٍ لـ " أعاد "، لأن عاد أصلها متعدية بنفسها من قولهم عاد المريض يعوده، فإذا جاءت همزة التعدية صار يتعدى لمفعولين، والثالث وهو الذي رجحه وقد ذكره بقوله:" ووجه ثالث حسن وهو أن (سَنعِيدُهَا)، مستقلا بنفسه غير متعلق بـ (سِيرَتَهَا) بمعنى أنها أنشئت أول ما أنشئت عصى، ثم ذهبت وبطلت بالقلب حية فسنعيدها بعد ذهابها كما أنشئت أولا، ونصب (سِيرَتَهَا) بفعل مضمر أي تسير سيرتها الأولى "، جملة هذا ما قاله الزمخشري وما كان لنا أن نسير في هذا التوجيه الإعرابي، ولتمام القول فيه أنه على هذا الإعراب الأخير تكون (سِيرَتَهَا) مع الفعل المحذوف جملة حالية، وقبل أن نترك القول في الآية الكريمة نقول: إن " سيرة " فعل