الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى أن الصلة هي السبب في الجزاء، فالإيمان والعمل الصالح هما سبب الجزاء العظيم؛ إذ الإيمان لتطهير القلب وعزيمة النفس، والبعد عن كل أدران الشرك، والعمل الصالح يتضمن القيام بكل ما أمر اللَّه به، والانتهاء عن كل ما نهى اللَّه تعالى عنه، لَا فرق بين صغيرة وكبيرة إلا اللمم، فإن اللَّه تعالى يغفره رحمة بعبادة، ويتضمن أيضا القيام بكل عمل صالح فيه نفع للإنسان، ويتضمن الفضائل الإنسانية التي يكمل بها الإنسان.
والجزاء ذكره تعالى يقول:
(كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا)، اللام للاختصاص، أي أنهم مختصون بها، وهي لهم كما لمالك في مالك وذلك يدل على تأكيد الجزاء. و (الْفِرْدَوْسِ) لفظ غير عربي يراد به الحدائق الغنَّاء، وفردوس الجنة أعلاها مكانا، وأوسطها شأنا، وجمعها للدلالة على كثرة فضلها، وتنوع خيرها وتعدده، و (نزلًا)، أي إقامة ثابتة ينزلون فيها راضين بطيب الإقامة وهدوء المثوى. وأنها إقامة هادئة طيبة، وهي مساكن، ومعنى ثابتة دائمة مستمرة؛ ولذا قال تعالى:
(خَالِدِينَ فِيهَا
…
(108)
أي مقيمينِ فيها إقامة دائمة، ولا يجدون أفضل منها ينتقلون إليه؛ ولذا قال تعالى:(لا يبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا)، أي لَا يطلبون مريدين مبتغين عنها تحوُّلا وانتقاء، فهم ينعمون فيها بنعمة الدوام والبقاء وعدم الإزعاج بالانتقال منها، والنعمة الثانية بلوغ الغاية في الراحة والاطمئنان فلا يبغون حولا، بل ينعمون فيها بنعمة الرضا بها، وأنهم لَا يجدون خيرا منها.
وإن هذا من فضل اللَّه، وهو تقديره وعلمه المحيط، وقد وسع كل شيء علما، فهو شامل الوجود كله؛ ولذا قال تعالى:
(قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا
(109)
الخطاب في (قُل) للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يتضمن أمر اللَّه تعالى لنبيه بأن يعلمهم إحاطة علم اللَّه تعالى بكل شيء ولا يغيب عن علمه مثقال ذرة في السماء والأرض، و (كلمات اللَّه تعالى) هي تصوير لعلمه الذي لَا يحصى ولا يحد، فهذه الآية أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يصور علمه بأنه غير متناه، فلا يحده حد، فالكلمات