الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(يَنبَغِي) فعل مطاوعة من بغى، أي طلب بشدة لحاجته، وفعل المطاوعة كما ذكرنا هو الفعل بمعالجة، ومحاولة، وذلك لَا يكون من اللَّه سبحانه وتعالى، وذكر وصف الرحمن جل جلاله، لأنه كما ذكرنا ينافي وصف الرحمة للعالمين؛ ولذا قال تعالى في وصفه بالرحمة للعالمين وأنها تعمهم، ولا يخص بعضهم، ولا يكون ولد بالولادة لأنه لَا صاحبة، ولا بالتبني لأنه ليس من جنسه:
(إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا
(93)
لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94)
روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" قَالَ اللَّهُ: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي، كَمَا بَدَأَنِي، وَلَيْسَ أَوَّلُ الخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا وَأَنَا الأَحَدُ الصَّمَدُ، لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفْئًا أَحَدٌ "(1)، ولذا ما كان ينبغي أن يكون للرحمن ولدا؛ لأنه تطاول على مقام الألوهية من قائليه، لأن العباد جميعا بالنسبة له على سواء، وعيسى عليه السلام عبد اللَّه ورسوله. وكما قال تعالى:(لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ. . .). و (إنْ) في قوله تعالى: (إِن كُلُّ من فِي السَّمَاوَاتِ) نافية، أي ما كل من في السماوات والأرض إلا آتيه عبدا خاضعا خانعا للَّه سبحانه وتعالى، قائما بالعبودية، فالجميع خاضع له خضوع العبيد الأحياء وغير الأحياء، (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ من فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ. . .).
وقوله تعالى: (إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا)، إلا آتيه مقبلا على اللَّه تعالى إقبال العبد في خضوع وخنوع، خضوع العابد للمعبود، وهو اللَّه جل جلاله. ويقول الإمام الزمخشري في تفسير هذه الآية: والمعنى ما من معبود لهم في السماوات
(1) رواه البخاري: تفسير القرآن - لَا ينون أحد، أي واحد (4592) عن أبي هريرة رضي الله عنه. كما رواه النسائي وأحمد.