الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونعود على عَجَل إلى الكلام في معنى الآية الكريمة، إن السحرة بعد أن أفزعتهم مقولة موسى، وبيان عاقبة قولهم إن حادوا عن الحق وآثروا أن ينطقوا على هوى فرعون حتى يتبين لهم الحق،
(قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى
(63)
.
ضربوا على نغمة فرعون ابتداء منجاة بأنفسهم من بطشه، والنفس الإنسانية دائما مأسورة بالأمر الحاضر مؤجلة القابل إلى ميقاته، وكذلك كان هؤلاء (وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى)، " الباء " هنا للتعدية والمعنى ليذهبا طريقتكم، وجيء بالباء لتقوية التعدية أي ليذهبا أي إذهاب بطريقتكم المثلى، أي دينكم الأمثل وكل معتقد يعتقد في دينه أنه الأمثل في الأديان، وإن كان ضلالا في ضلال.
ويظهر أنه كان الخلاف مستحكما ولكن أخفوه، ولذا قالوا.
(فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى
(64)
الفاء للسببية، أي بسبب أنهم أرادوا بسحرهم أن يخرجاكم من أرضكم، ويذهبا بطريقتكم المثلى، وهو أمر جامع متفق عليه، فأجمعوا كيدكم أي اعتزموه، وأقدموا مجتمعين غير متفرقين، وائتوا إلى موسى صفا لَا خلل فيه ولا افْتراق ولا تنازع، واتفقوا على أمور ثلاثة:
أولها: إجماع كيدهم، وهو تدبيرهم، ادخلوا الحومة مجمعين على تدبير واحد غير متفرقين فإن الإجماع وحده قوة، والفرقة ضعف وعجز، ولا تنازعوا فتفشلوا.
وثانيها: أن يأتوا موسى صفا واحدا لَا ثلمة فيه ولا افتراق، فإن ذلك يزرع في نفسه الهيبة منكم، قالوا ذلك وكأنهم مقدمون على ميدان قتال.
والأمر الثالث: أنهم اتفقوا راغبين في الاستعلاء وأخذ الأجر من فرعون والاستعلاء بعزته الفرعونية وكبريائه الغاشمة، ولذا قالوا:(وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ منِ استَعْلَى)، أي فاز برضا فرعون من استعلى على خصمه، والسين والتاء للطلب، أي