الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سببه العداوة، وقد أكد النهي بنون التوكيد الثقيلة، وبأن الخروج من الجنة، وأنه يترتب عليه الشقاء، وهنا ملاحظة بيانية، وهو أن النهي كان لهما، ولكن ذكر الشقاء لآدم، ونقول إن الشقاء أيضا لهما، ولكن ذكر آدم وحده، لأن آدم يشقى شقاءين، شقاؤه هو الذي يقع فيه، وشقاؤه إذ يشقى به؛ لأن الرجال يتحملون التبعات عن أنفسهم وعن النساء؛ لأنهم قوامون عليهم، فأوجدت هذا القوامة تبعات عليهم أكثر، وفي طبيعة النساء اليوم تحميل الرجال التبعة حتى على أخطائهن وحدهن.
بين له تعالى المتعة في الجنة، وهو أنه لَا يتحمل تبعات أي أمر، ولا تكليف، فقال تعالى:
(إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى
(118)
وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119)
بين الله سبحانه وتعالى بهاتين الآيتين أن في الجنة كل ما يطمع فيه الإنسان من حياة هينة فيها كل مرافق قوامه الآدمي من أكل وكسوة، وشرب، وإقامة، وفي ذلك إشارة إلى ما يجب أن يطلبه الإنسان، فإذا كُفيَ هذا فقد أوتي الدنيا بحذافيرها، فإن وراء المطامع الأخرى من جاه وسلطان وتحكم المصارع، كما قال على كرم الله وجهه: مصارع الرجال تحت بروق المطامع.
وقوله تعالى: (وَلَا تَضْحَى) أي لَا تبرز، وقد ورد عن ابن عمر أنه رأى رجلا مستظلا عن الشمس قال: اضْحَ لمن أحرمت له (1)، فضحى بمعنى برز للشمس، ولا يضحى بمعنى لَا يبرز لهَا بأن يسكن في كن لَا يبرز فيها له، أي في مسكن، والمعنى على ذلك أنك تجد كفايتك في الحياة فتجد الطعام الذي تأكله، واللباس الذي يقيك العري، والماء الذي تشربه، والسكن الذي يؤويك وحسبك ذلك وكفى، وقد قال البيضاوي في هذا النص القرآني الكريم: إنه بيان وتذكير لما له في الجنة من أسباب الكفاية، وأقطاب الكفاف التي هي الشبع والري والكسوة والسكن، مستغنيا عن اكتسابها، والسعي في تحصيل أغراض ما عسى ينقطع ويزول منها بذكر نقائضها ليطرق بأصناف الشقوة الحذر عنها.
(1) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن 11/ 252.