الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسع وتسعين وخمسمائة
في ليلة السبت سلخ المحرم ماجت [1] النجوم في السماء شرقا وغربا، وتطايرت كالجراد المنتشر يمينا وشمالا، ودام [2] ذلك إلى الفجر، وانزعج الخلق، وضجّوا بالدعاء، ولم يعهد مثل ذلك إلّا عام البعث. قاله السيوطي في «حسن المحاضرة» [3] .
وفيها توفي أبو علي بن أشنانة [4] الحسن بن إبراهيم بن منصور الفرغاني ثم البغدادي الصوفي. روى عن ابن الحصين وغيره، وتوفي في صفر.
وفيها أبو محمد بن عليّان عبد الله بن محمد بن عبد القاهر الحربي [5] . روى عن ابن الحصين وجماعة، وتغيّر من السوداء في آخر عمره مديدة.
وفيها أبو الفتح القاشاني إسماعيل بن محمد بن محمد بن يوسف بن محمد بن الخليل المرّوذي الحافظ ابن أبي نصر. كان عالما فاضلا حافظا من المكثرين.
[1] في «آ» و «ط» : «هاجت» وما أثبته من «حسن المحاضرة» و «مرآة الجنان» .
[2]
في «آ» و «ط» : «وأقام» والتصحيح من «حسن المحاضرة» و «مرآة الجنان» .
[3]
(2/ 293) وفي «مرآة الجنان» (3/ 496) : «ولم يعهد ذلك إلا عند ظهور نبينا صلى الله عليه وسلم» وذلك ما أراده السّيوطي أيضا من قوله عام البعث- يعني بعثته صلى الله عليه وسلم.
[4]
في «آ» و «ط» : «شنانة» والتصحيح من «العبر» (4/ 307) .
[5]
انظر «العبر» (4/ 307) .
قال ابن ناصر الدّين في «بديعته» [1] :
ثمّ الفتى إسماعيل ذا القاشاني
…
ثبت صدوق طيّب اللّسان
وفيها أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد [2] بن الصقّال الطيبي ثم البغدادي الأزجي [3] الفقيه الحنبلي، مفتي العراق، ويلقب موفق الدّين.
ولد في خامس عشري شوال سنة خمس وعشرين وخمسمائة، وسمع من ابن الطّلّاية، وابن ناصر، وأبي بكر بن الزّاغوني، وغيرهم. وقرأ الفقه على القاضي أبي يعلى الصغير، وأبي حكيم النّهرواني، وقيل: وعلى ابن المنّي أيضا. وبرع في الفقه مذهبا وخلافا وجدلا، وأتقن علم الفرائض والحساب، وكتب خطّا حسنا، وأفتى ودرّس وناظر، وكان من أكابر العدول وشهود الحضرة وأعيان المفتين المعتمد على أقوالهم في المحافل والمجالس، متين الديانة، حسن المعاشرة، طيب المفاكهة. وسمع منه القطيعي، وروى عنه ابن الدّبيثي، والحافظ الضياء، وابن النجار. وتوفي يوم الاثنين ثاني ذي الحجّة، ودفن بباب حرب.
وهو منسوب إلى الطّيب: بلدة قديمة بين واسط والأهواز [4] وينسب إليها الطّيبي شارح «الكشاف» أيضا.
وفيها أبو بكر مجد الدّين عبيد الله بن علي بن نصر بن حمرة بن
[1] في «بديعة البيان عن موت الأعيان» (23) مصورة المكتبة الأحمدية بحلب.
[2]
كذا في «آ» و «ط» : «إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الصقال» وفي «التكملة» :
«إبراهيم بن محمد بن أحمد بن الصقال» وفي «الوافي بالوفيات» : «إبراهيم بن محمد بن الصقال» .
[3]
انظر «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 467) و «الوافي بالوفيات» (6/ 137- 138) و «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 440- 442) .
[4]
انظر «معجم البلدان» (4/ 52- 53) .
علي بن عبيد الله البغدادي التيمي [1] ، المعروف بابن المرستانية [2] الفقيه الحنبلي الأديب المحدّث المؤرخ. كان يذكر أنه من ولد أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه، ويذكر نسبا متصلا إليه، وذكر أنه ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، وسمع الحديث من أبي المظفّر بن الشبلي، وابن البطي، وابن بندار، وشهدة، وغيرهم. وقرأ كثيرا على المشايخ المتأخرين بعدهم، وحصّل الأصول، وعني بهذا الفنّ، وتفقّه في المذهب، وصنّف كتابا سمّاه «ديوان الإسلام في تاريخ دار السلام» قسّمه ثلاثمائة وستين كتابا، وله غير ذلك.
قال ابن النجار: كان قد قرأ كثيرا من علم الطب، والمنطق، والفلسفة، وكانت بينه وبين عبيد الله بن يونس صداقة، فلما أفضت [3] إليه الوزارة اختصّ به وقوي جاهه، وبنى دارا بدرب الشاكرية وسمّاها دار العلم، وجعل فيها [4] خزانة كتب وأوقفها على طلاب العلم، ورتب ناظرا على أوقاف المارستان العضدي، فلم تحمد سيرته، فقبض عليه وسجن في المارستان مدة مع المجانين مسلسلا وبيعت داره [5] دار العلم بما فيها من الكتب مع سائر أمواله وأطلق فصار يطبب الناس ويدور على المرضى في منازلهم، وصادف قبولا في ذلك فأثرى وعاد إلى حالة حسنة، وحصّل كتبا كثيرة، وكان القبض عليه بعد عزل ابن يونس والقبض عليه، وتتبع أصحابه.
وفي تلك الفتنة كانت محنة ابن الجوزي أيضا. وبالغ ابن النجار في الحطّ عليه بسبب ادعائه النسب إلى أبي بكر الصّدّيق ونسبه إلى أنه روى عن
[1] تحرفت في «ط» إلى «التميمي» .
[2]
انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 442- 446) .
[3]
في «ط» : «أفضيت» .
[4]
في «آ» و «ط» : «وحصل فيه» وما أثبته من «ذيل طبقات الحنابلة» .
[5]
لفظة «داره» لم ترد في «ذيل طبقات الحنابلة» الذي بين يدي.
مشايخ لم يدركهم واختلق طباقا على الكتب بخطوط مجهولة تشهد بكذبه وتزويره. قاله ابن رجب ثم انتصر له.
وفيها زين الدّين أبو الحسن علي بن إبراهيم بن نجا بن غنائم الأنصاري الدّمشقي الفقيه الحنبلي الواعظ المفسر المعروف بابن نجية [1] نزيل مصر، سبط الشيخ أبي الفرج الشيرازي الجيلي.
ولد بدمشق سنة ثمان وخمسمائة فيما ذكره ابن نقطة، والمنذري، وغيرهما، وقال ابن الحنبلي: سنة عشر، وسمع بدمشق من أبي الحسن علي ابن أحمد بن قيس، وسمع درس خاله شرف الإسلام عبد الوهاب، وتفقّه، وسمع التفسير، وأحب الوعظ، وغلب عليه واشتغل به [2] .
قال ناصح الدّين: قال لي حفّظني خالي مجلس وعظ وعمري يومئذ عشر سنين، ثم نصب لي كرسيا في داره، وأحضر لي جماعة، وقال: تكلّم، فتكلمت، فبكى. قال: وكان ذلك المجلس يذكره وهو ابن تسعين سنة، وكان بطيء النسيان، يعظ بالعربية وغيرها، بعثه نور الدّين الشهيد رسولا إلى بغداد سنة أربع وستين وخلع عليه خلعة سوداء، فكان يلبسها في الأعياد، وسمع هناك الحديث من سعد الخير ابن محمد الأنصاري، وصاهره على ابنته فاطمة ونقلها معه إلى مصر، وسمع من غيره ببغداد، واجتمع بالشيخ عبد القادر [3] وغيره من الأكابر.
وقال سبط ابن الجوزي: كان ابن نجية قد اقتنى أموالا عظيمة، وتنعم تنعما زائدا، بحيث أنه كان في داره عشرون جارية للفراش تساوي كل جارية ألف دينار، وأما الأطعمة فكان يعمل في داره ما لا يعمل في دور الملوك،
وتعطيه الملوك والخلفاء أموالا عظيمة كثيرة. قال: ومع هذا مات فقيرا، كفّنه بعض أصحابه.
وذكر ابن الحنبلي: أن ابن نجا المذكور ضاق صدره في عمره من دين عليه وأن الملك العزيز عثمان لما عرف ذلك أعطاه ما يزيد على أربعة آلاف دينار مصرية. قال: وقال لي: ما احتجت في عمري إلّا مرتين.
وقال ناصح الدّين: قال لي والدي زين الدّين- أي صاحب الترجمة- أنا أسعد بدعاء والدتي، كانت صالحة حافظة، تعرف التفسير. قال زين الدّين: كنا نسمع من خالي التفسير ثم أجيء إليها فتقول: أيش فسّر أخي اليوم، فأقول: سورة كذا وكذا، فتقول: ذكر قول فلان، ذكر الشيء الفلاني؟ فأقول: لا، فتقول: ترك هذا، وكانت تحفظ كتاب «الجواهر» .
مجلدة تأليف والدها.
وسمع من ابن نجية خلق، منهم الحافظ عبد الغني [1] ، وابن خليل، والضياء المقدسي، وجماعات، وأجاز للمنذري وغيره، وتوفي في شهر رمضان ودفن في سفح المقطم.
وفيها عبد الوهّاب الحنفي أبو محمد بن النحّاس، المعروف بالبدر [2] .
قال ابن العديم: تفقّه وبرع في المذهب [3] ، وأفتى، وكان مجيدا في مناظرته، فريدا في محاورته، ناظر الفحول الواردين من وراء النهر وخراسان.
قدم القاهرة ودرّس بالسيوفيّة، ومات بها. قاله في «حسن المحاضرة» .
[1] يعني المقدسي.
[2]
في «آ» و «ط» : «المجرد» والتصحيح من «الجواهر المضية في طبقات الحنفية» (2/ 488) .
و «حسن المحاضرة» (1/ 464) .
[3]
في «الجواهر المضية» : «وبرع في الفقه» .
وفيها علي بن حمزة أبو الحسن البغدادي الكاتب [1] حاجب باب النوبيّ. حدّث بمصر عن ابن الحصين، وتوفي في شعبان.
وفيها غياث الدّين الغوري سلطان غزنة أبو الفتح محمد بن سام بن حسين [2] ملك جليل عادل [3] محبّب إلى رعيته، كثير المعروف والصدقات، تفرّد بالممالك بعده أخوه السلطان شهاب الدّين.
وفيها ابن الشّهرزوري، قاضي القضاة، أبو الفضائل القاسم بن يحيى ابن أخي قاضي الشام كمال الدّين [4] ولي قضاء الشام بعد عمه قليلا، ثم لما تملّك العادل سار إلى بغداد، فولي بها القضاء والمدارس والأوقاف، وارتفع شأنه عند الناصر لدين الله إلى الغاية، ثم إنه خاف الدوائر فاستعفى، وتوجّه إلى الموصل، ثم قدم حماة، فولي قضاءها فعيب عليه ذلك، وكان جوادا ممدّحا، له شعر جيد ورواية عن السّلفيّ. توفي بحماة في رجب عن خمس وستين سنة، وحمل إلى دمشق فدفن بها.
وفيها الزّاهد أبو عبد الله القرشي محمد بن أحمد بن إبراهيم الأندلسي [5] الصوفي أحد العارفين وأصحاب الكرامات والأحوال. نزل بيت المقدس وبه توفي عن خمس وخمسين سنة، وقبره مقصود بالزيارة.
وفيها أبو بكر بن أبي جمرة محمد بن أحمد بن عبد الملك الأموي مولاهم القرشي [6] المالكي القاضي، أحد أئمة المذهب. عرض «المدونة» .
على والده، وله منه إجازة كما لأبيه إجازة من أبي عمرو الدّاني، وأجاز له أبو
[1] انظر «العبر» (4/ 308) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 396- 397) .
[2]
انظر «العبر» (4/ 308) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 320- 322) .
[3]
تحرفت في «آ» و «ط» إلى «عال» والتصحيح من «العبر» .
[4]
انظر «العبر» (4/ 308) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 393) .
[5]
انظر «العبر» (4/ 309) و «النجوم الزاهرة» (6/ 184) .
[6]
انظر «العبر» (4/ 309) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 398- 399) .
بحر بن العاص، وأفتى ستين سنة، وولي قضاء مرسية وشاطبة دفعات، وصنّف التصانيف، وكان أسند من بقي بالأندلس، توفي في المحرم.
وفيها الغزنوي الفقيه بهاء الدّين أبو الفضل محمد بن يوسف الحنفي [1] المقرئ. روى عن قاضي المارستان وطائفة، وقرأ القراءات على سبط الخيّاط، قرأ عليه بطرق «المنهج» السخاويّ [2] وغيره، ودرّس المذهب، وتوفي بالقاهرة في ربيع الأول.
وفيها أبو عبد الله محمد بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن عبد الباقي ابن العكبري البغدادي الظّفري [3]- نسبة إلى الظّفريّة محلّة ببغداد [4]- الفقيه الحنبلي المحدّث الواعظ.
قال ابن النجار: جارنا بالظّفريّة. حفظ القرآن في صباه، وقرأه بالرّوايات على أبي بكر بن الباقلاني الواسطي وغيره، وتفقّه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وقرأ العربية على أبي البركات الأنباري، وابن الخشّاب، وصحب شيخنا أبا الفرج بن الجوزي، وقرأ عليه شيئا من مصنفاته في الوعظ وغيره، وسمع الحديث من أبي العبّاس أحمد بن محمد بن المرقّعاتي، وشهدة الكاتبة، وخلق كثير، وكان يجلس للوعظ ثم انقطع ببيته لا يخرج إلّا إلى الجمعة والجماعة، وكان يكثر الجلوس في المقابر. سمعت منه، وكان يسمع بقراءتي على مشايخنا، وكان صدوقا متدينا عفيفا، قليل المخالطة للناس، محبا للخلوة. وقال: ذكر أن مولده في سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، وتوفي ليلة الاثنين ثامن عشر جمادى الأولى.
[1] انظر «العبر» (4/ 309- 310) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 579) .
[2]
في «ط» : «للسخاوي» .
[3]
انظر «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 456) و «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 435- 436) .
[4]
انظر «معجم البلدان» (4/ 61) .
وفيها ابن المعطوش [1] مسند العراق أبو طاهر، المبارك بن المبارك ابن هبة الله الحريمي العطّار.
ولد سنة سبع وخمسمائة، وسمع من أبي علي بن المهدي، وأبي الغنائم بن المهتدي بالله، وبه ختم حديثهما، وسمع «المسند» كله ورواه، وتوفي في عاشر جمادى الأولى.
وفيها البرهان الحنفي أبو الموفق مسعود بن شجاع الأموي الدمشقي [2] مدرس النّورية والخاتونية، وقاضي العسكر. كان صدرا معظما مفتيا رأسا في المذهب. ارتحل إلى بخارى، وتفقّه هناك وعمّر دهرا. توفي في جمادى الآخرة وله تسع وثمانون سنة، وكان لا تغسل له فرجية بل يهبها ويلبس جديدة.
وفيها ابن الطّفيل أبو يعقوب يوسف بن هبة الله بن محمود الدمشقي [3] الصّوفي، شيخ صالح، له عناية بالرواية. رحل إلى بغداد، وسمع من أبي الفضل الأرموي، وابن ناصر، وطبقتهما، وأسمع ابنه عبد الرّحيم من السّلفي.
وفيها أبو بكر جمال الدّين محمد بن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن منصور المقدسي [4] الزاهد، أخو البهاء عبد الرحمن الآتي ذكره إن شاء الله تعالى.
ولد سنة ثلاث وستين وخمسمائة، وسمع الحديث بدمشق، ودخل مع
[1] في «آ» و «ط» : «أبو المعطوس» وهو خطأ، والتصحيح من «العبر» (4/ 310) و «سير أعلام النبلاء» (21/ 400) .
[2]
انظر «العبر» (4/ 310) و «مرآة الجنان» (3/ 496) .
[3]
انظر «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 457) و «العبر» (4/ 310) .
[4]
انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (1/ 442) .
أخيه بغداد وسمع بها وأقام بها مدة، واشتغل وحصّل فنونا من العلم ثم عاد.
وكان فقيها ورعا زاهدا، كثير الخشية والخوف من الله تعالى، حتّى كان يعرف بالزّاهد، وكان يبالغ في الطهارة وأمّ بدمشق بمسجد دار البطيخ، وهو مسجد السلاطين، وحجّ في آخر عمره، ثم توجّه إلى القدس، فأدركه أجله بنابلس.
قاله ابن رجب.